السبت، 18 شوال 1445هـ| 2024/04/27م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
التوجهات الرأسمالية للبنك الدولي من أسباب شقاء البلاد والعباد

بسم الله الرحمن الرحيم

 

التوجهات الرأسمالية للبنك الدولي من أسباب شقاء البلاد والعباد

 

 

 

الخبر:

 

صدر مؤخرا تقرير البنك الدولي حول الوضع الاقتصادي بتونس، حيث قدّر أن البلاد تشهد انخفاضا حادا في نسبة النمو مقارنة بأغلب نظرائها على المستوى الإقليمي، فضلا عن معاناتها من بطء النمو وارتفاع نسبة التداين وسيؤدي تباطؤ النمو إلى ازدياد البطالة وارتفاع نسب الفقر. وأوصى التقرير بإعادة هيكلة المالية العمومية عبر الحد من كتلة الأجور وتحويل المساعدة الاجتماعية من الإعانات إلى التحويلات الأكثر استهدافاً، ومعالجة المخاطر المالية للمؤسسات العمومية، لتعبئة المزيد من الموارد للاستثمار العام.

 

التعليق:

 

تعتبر هذه الفترة من آخر كل سنة، أكثر الفترات نشاطاً لبعثات البنك الدولي في جميع بلدان العالم وخاصة منها المصنفة كبلدان نامية أو متخلفة.

 

ويعمل البنك الدولي على إضفاء الصبغة التشريعية لحبائله وأوامره من خلال دسّها في مشروع الميزانية وفرضها على الشعوب في شكل قوانين تطبق بالحديد والنار.

 

وفي هذا الإطار، جاء بيان البنك الدولي ملزما الحكومة على القيام بالإصلاحات المطلوبة منها، خلال الفترة القادمة، كإعادة هيكلة المؤسسات العمومية وخاصة عقلنة النفقات بالضغط المباشر على كتلة الأجور التي تستحوذ على نصف النفقات العمومية.

 

إن ما يزعمونه من عقلنة النفقات العمومية يتلخص أساسا في تقليص الاعتمادات الموجهة للقطاعات المجتمعية الحيوية كالتعليم والصحة والوظيفة العمومية أو على تقليص المعدات والخدمات الضرورية لعدد من المرافق العمومية الحيوية في الوقت الذي يسمح فيه بهامش واسع من التبذير في مجالات أخرى كثيرة.

 

هذه السياسة المتمثلة في تجميد مستوى المرتبات والأجور والحد من التوظيف العمومي، تعتبر المولد الحقيقي والسبب الأساسي لأغلب مشاكل الشعب. فقد عمقت هذه الوضعية انهيار القدرة الشرائية وتآكل الطبقة الوسطى بما أن أجور الموظفين وإن كانت تشكل أهم وأكبر بنود الإنفاق العمومي الجاري في الميزانية العامة، إلا أنها من ناحية أخرى تعتبر المصدر الأساسي لإنفاقهم، وبالتالي فإن تخفيضها من خلال تجميد الأجور والتوظيف سينعكس مباشرة في تخفيض القدرة الشرائية، مما يترتب عليه تأثير في الحركة التجارية والاستهلاك الداخلي.

 

كما أن الضغط على ميزانية المؤسسات العمومية والتوظيف العمومي يؤثر على جودة الخدمات، فكثيرا ما نسمع عن مدارس بدون مدرسين، وكذلك عن مستشفيات بدون أطباء أو بدون أدوية أو بدون معدات.

 

إذا فان ما يدعون أنها عقلنة هي في حقيقة الأمر كارثة على العباد والبلاد وهي نتيجة حتمية لجشع النظام الرأسمالي الباحث لشيطنة المؤسسات العمومية كي يحل محلها القطاع الخاص في مجالات التعليم والصحة والنقل.

 

وكما استنتج وزير المالية التونسي السابق حكيم بن حمودة (2012): "إن سياسات إجماع واشنطن [برامج صندوق النقد الدولي والبنك الدولي] تسببت في الإقصاء السياسي، وعدم الكفاءة الاقتصادية، وزيادة عدم المساواة. هذا الكوكتيل المتفجر هو قام ما بتغذية مشاعر الإحباط والغضب وكان مصدرا للثورات العربية".

 

وهنا نتساءل بعد تجربة أكثر من 40 سنة من توجيهات البنك الدولي، هل هذه التوصيات الملغومة المزعومة ساهمت في رقي البلاد والرفع بها إلى مستوى الدول المتقدمة أم أنها لا تتعدى أن تكون مظهرا آخر من مظاهر الاستعمار المتجدد، خصوصا وأننا نعيش وضعا شبيها بالفترة التي سبقت احتلال تونس في أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين من حيث ارتفاع حجم المديونية وهشاشة البنيات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وإفلاس تدبير الشؤون العامة؟

 

إذن تونس الآن في المفترق: الدولة تتبنى الرأسمالية والخصخصة كسياسة عامة، والشعب يعيش ضنك العيش وتأزم الأوضاع، هذا الوضع المتأزم، يستلزم من عامة الناس مناهضة الرأسمالية وأفكارها المتوحشة وتكثيف الجهود لقلع هذا النظام وتبني نظام الإسلام منهج حياة.

 

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

ممدوح بوعزيز

آخر تعديل علىالثلاثاء, 29 كانون الأول/ديسمبر 2020

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع