الجمعة، 10 شوال 1445هـ| 2024/04/19م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
اتفاقية احتلال الأردن عسكريا

بسم الله الرحمن الرحيم

 

اتفاقية احتلال الأردن عسكريا

 

 

 

الخبر:

 

نشرت الجريدة الرسمية في الأردن نص اتفاقية التعاون الدفاعي ‫بين عمان وواشنطن والتي بدأ سريانها الثلاثاء 23/3/2021، وكان قد تم توقيع الاتفاقية في 31 كانون الثاني/يناير الماضي، وأقرتها الحكومة في 17 شباط/فبراير الماضي، وقد صدرت الإرادة الملكية بالموافقة على الاتفاقية لتنشر في الجريدة الرسمية وتصبح سارية المفعول.

 

التعليق:

 

بالرغم من أن الاتفاقية تحمل عنوان التعاون الدفاعي فإن جميع موادها البالغة 19 مادة لم تأت على ذكر أي شكل من أشكال الدفاع عن الأردن أو (أمريكا من قِبل الأردن). ولم تأت على ذكر أي خطر يهدد الأردن ما يستدعي وجود قوات أمريكية لتدافع عنه. ولم تأت على ذكر أي التزامات أمريكية للأردن. فجميع مواد الاتفاقية جاءت لتؤكد التزام الأردن بتقديم كافة ما يلزم لتسهيل وتمكين الوجود العسكري الأمريكي في الأردن، وهي تشبه إلى حد كبير اتفاقيات الاحتلال الأمريكي لليابان وألمانيا وكوريا. والفرق أن تلك الاتفاقيات جاءت بعد حروب طاحنة ومنها نووية أدت إلى إجبار ألمانيا واليابان مثلا على توقيع اتفاقيات عسكرية مع أمريكا.

 

فقد جاءت مواد الاتفاقية التي تم عقدها مع الأردن تبين آلية تمكين أمريكا من احتلال الأردن عسكريا وبدون أي حرب عسكرية، أو التزام أمريكي أيا كان نوعه تجاه الأردن.

 

وفيما يلي مقتطفات تبين طبيعة معاهدة الاحتلال:

 

جاء في المادة (2): "يجوز لقوات الولايات المتحدة حيازة وحمل الأسلحة في الأراضي الأردنية أثناء تأدية مهامها الرسمية".

 

 وجاء في المادة (3): "يوفر الأردن لقوات الولايات المتحدة وأفراد الولايات المتحدة ومتعاقدي الولايات المتحدة وغيرهم... إمكانية الوصول إلى المرافق والمناطق المتفق عليها واستخدامها بدون عوائق للقيام بأنشطة تشمل الزيارات؛ والتدريب؛ والتمارين؛ والمناورات؛ والعبور... وإقامة الأفراد؛ والاتصالات؛ وتجميع ونشر القوات والمواد... والأنشطة الأخرى... ويجوز تخصيص مثل تلك المرافق للاستخدام الحصري من قِبل قوات الولايات المتحدة، كما ‫يوفر الأردن جميع المرافق والمناطق المتفق عليها للولايات المتحدة بدون إيجار أو تكاليف مشابهة".

 

ومكنت المادة (4) أمريكا من التمركز المسبق وتخزين المعدات والإمدادات والمواد المختلفة.

 

وأكدت المادة (6) حق الأمريكان بالدفاع عن أنفسهم دون التعرض لأي مسؤولية حيث ورد فيها "للقادة العسكريين للولايات المتحدة حق متأصل في الدفاع عن النفس ويجوز لهم الرد حسب الضرورة على أي تهديد أمني وشيك".

 

أما المادة (7) فقد أكدت حق قوات الولايات المتحدة وأفرادها بالدخول إلى الأراضي الأردنية والخروج منها ‫ولن يطلب الأردن منها جوازات سفر أو تأشيرات للدخول إلى الأراضي الأردنية والخروج منها.

 

...وهكذا جاءت جميع المواد تبين بكل صراحة أو وقاحة آلية الاحتلال التام والذي لا يعوقه أي معوق مطلقا ودون أية تكاليف أو التزامات مقابل هذ الاحتلال المشين.

 

لا يوجد أدنى شك أن هذه الاتفاقية ليست اتفاقية تعاون دفاعي، بل هي اتفاقية احتلال عسكري كامل. ولما كانت الاتفاقية جاءت دون مبررات ولا مقدمات ولا حرب أدت إلى استسلام الأردن، فما هو المبرر لمثل هذه الاتفاقية؟! وما هو الثمن الذي تم قبضه لتمرير هكذا اتفاقية تجعل السيادة المطلقة للجيش الأمريكي على النواحي العسكرية في الأردن؟ ومن الذي قبض الثمن؟ أي من هو الطرف الذي سلم الأردن هكذا وبكل بساطة لاحتلال خارجي؟ وما هو الثمن الذي قبضه لقاء كل ذلك؟ مثل هذه الأسئلة لم يتم طرحها في مجلس النواب الأردني ولم تتم الإجابة عليها من أي مسؤول في الأردن!

 

ولكن الإجابة في الحقيقة لا تحتاج إلى كلمات وتبريرات أحد. فالأردن منذ إنشائه وهو فاقد السيادة وفاقد المبرر السياسي لوجوده، ناهيك عن المبرر الشرعي. فبريطانيا أنشأت الأردن لفترة انتقالية ريثما يتم البت في موضوع فلسطين وكيان يهود وكيف سيكون ترتيب الكيان السياسي الذي يستوعب وجود كيان لليهود إما كاملا مستقلا أو جزءاً من كيان آخر. ولم يتم البت في هذا الأمر حتى الآن، وبالتالي بقي وضع الأردن منذ ذلك التاريخ انتقاليا. ومن يتولى إدارة الأردن يعلم هذا الواقع تمام العلم، وبالتالي لا يهمه من قريب أو بعيد سيادة الكيان أو خضوعه للحماية أو الاحتلال، فهو حارس مؤقت ليس أكثر. وقد بقي الكيان الأردني عمليا تحت الحماية البريطانية بموجب معاهدة الحماية التي تم إنهاؤها (وليس إلغاءها) عام 1956. والآن جاءت أمريكا وفرضت هيمنتها العسكرية على المقدرات العسكرية في الأردن. وهذه المقدرات العسكرية كان قد تم تسخيرها منذ إنشائها إلى حماية النظام في الأردن وتمكينه من إدارة شؤونه إلى أن يتم البت في أمر هذا الكيان نهائيا بناء على ما يتمخض عن قضية فلسطين وكيان يهود التي لا زالت تراوح مكانها. ولا شك أن الهيمنة العسكرية الأمريكية على المقدرات العسكرية الأردنية قد تفقدها المقدرة على تأدية دورها السابق والمحصور بحماية النظام، ما يجعل لأمريكا القدرة على التحكم بمستقبل النظام في الأردن سواء بالإبقاء عليه أو تغييره أو تغيير ولاءاته دون أن يكون للعسكر في الأردن المقدرة على حماية النظام.

 

فهل يدرك النظام في الأردن مدى خطورة الاتفاقية على وجوده وتبعيته؟ لا شك أنه يدرك ذلك تمام الإدراك فإن لم يكن إدراكا ذاتيا فلا أقل من معرفة أسياده في بريطانيا بمثل هذه الخطورة. ومن ثم فإن إقدامه على مثل هذه الاتفاقية لا يخلو من أحد احتمالات؛ أولها أن الأمر خارج عن إرادة الأردن ومقدرته على دفع الاتفاقية خاصة وأن الوجود العسكري الأمريكي في الدول المجاورة مثل العراق وسوريا أمر واقع، والأردن ليس عصيا ولا بعيدا عن ذلك. والثاني أن بريطانيا الحامي الأول للأردن تخلى عن حمايته وترك لأمريكا حرية التصرف فيه (وهذا احتمال بعيد). والثالث أن صاحب الصلاحية في ترتيب الاتفاقية وتوقيعها قبض ثمنا عاليا مقابل الاتفاقية. ولا يستبعد أن يكون الأمر هو مزيجاً من هذه الاحتمالات.

 

وختاما نذكّر بأنه:

مَنْ يَهُنْ يَسْهُلِ الهَوَانُ عَلَيهِ *** ما لجُرْحٍ بمَيّتٍ إيلامُ

 

والله تعالى يقول: ﴿بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً * الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ * أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ العِزَّةَ للَّهِ جَمِيعاً﴾ [النساء: 138-139]

 

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

د. محمد جيلاني

آخر تعديل علىالإثنين, 29 آذار/مارس 2021

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع