الخميس، 18 رمضان 1445هـ| 2024/03/28م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

سلسلة أجوبة العالم الجليل عطاء بن خليل أبو الرشتة أمير حزب التحرير

على أسئلة رواد صفحته على الفيسبوك "فقهي"

 

جواب سؤال

الزكاة في النقود الوَرقية

إلى ‎محمد يوسف‎

 

السؤال:

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

لما كانت الأصناف الستة التي ذكرت في الربا أسماء جامدة ولما أخذت الأوراق النقدية حكم الذهب والفضة عندما كانت مغطاة بالذهب والفضة، كان الحكم واضحاً، الآن الأوراق النقدية ليس لها غطاء ذهب أو فضة فهل يبقى الحكم كما هو، وكذلك في زكاة الأموال؟

أفيدونا جزاكم الله خيرا ومكن الله على أيديكم

 

الجواب:

 

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

لقد وضحنا هذا في كتاب الأموال - باب الزكاة في النقود الوَرقية:

 

[النقود الورقية هي الأوراق المالية التي تصدرها الدولة، وتجعلها نقداً وعملة لها، تُقوّم بها أثمان المشتريات، وأجرة الخدمات. وهذه النقود الورقية تكون زكاتها زكاة الذهب والفضة، وتجري عليها أحكام الزكاة بحسب واقعها، ويتمثل هذا الواقع في ثلاثة أنواع هي:

 

1- نقود ورقية نائبة، وهي أوراق نقدية تُصدرها الدولة التي تسير على نظام النقد المعدني، تُمثِّل كمية محددة من الذهب، أو الفضة، وتكون نائبة عنها في التداول، وتصرف بها عند الطلب. وهذه الأوراق النائبة تعتبر ذهباً أو فضة، لأنّها في أي وقت تستبدل بها، وتكون زكاتها زكاة الذهب والفضة، فإن كانت نائبة عن ذهب، وبلغت كمية ما تمثله من الذهب عشرين ديناراً - أي 85 غراماً - وهو نصاب الذهب، وجبت فيها الزكاة عندما يحول عليها الحول، ويجب فيها ربع العشر، وإن كانت نائبة عن فضة، وبلغت كميّة ما تمثّله من الفضة مائتي درهم - أي 595 غراماً - وهو نصاب الفضة، وجبت فيها الزكاة، عندما يحول عليها الحول، ويجب فيها ربع العشر. ودليل وجوب الزكاة فيها هو الأحاديث السابقة نفسها، الدالة على وجوب الزكاة في الذهب والفضة؛ لأنّها نائبة، ووكيلة عن الذهب والفضة، والنائب والوكيل يأخذ حكم الأصيل.

 

2- نقود ورقية وثيقة، وهي أوراق نقدية تصدرها الدولة، أو أحد البنوك الموثوقة الذي تخوله الدولة حق الإصدار، ويكون لها غطاء معين من الذهب أو الفضة بنسبة معينة، دون قيمة هذه الأوراق الاسمية، محفوظ لدى الدولة، أو البنك الذي أصدرها ضماناً لها، ويتعهد المصدر لها بدفع قيمتها من الذهب، أو الفضة، المغطاة به لحاملها عند الطلب، ويكون غطاؤها ليس كاملاً، بل بنسبة معينة من قيمتها، قد تكون ثلاثة أرباع، أو ثلثين، أو نصفاً، أو بنسبة مئوية أخرى معينة.

 

وهذه الأوراق الوثيقة تعتبر النسبة المغطّاة منها أوراقاً نائبة، ذهباً أو فضة، لأنّها في أي وقت تستبدل بهما، وتكون زكاتها زكاة الذهب والفضة، فإن كانت مغطّاة بذهب، وكان غطاؤها نصف قيمتها الاسمية مثلاً، وجبت فيها الزكاة إذا بلغت أربعين ديناراً، وحال عليها الحول، وتكون زكاتها ديناراً من جنسها، فإن لم تبلغ الأربعين ديناراً، فلا زكاة فيها؛ لأنّها تكون أقل من النصاب.

 

وإن كانت مغطاة بالفضة، وكان غطاؤها نصف قيمتها الاسمية مثلاً، وجبت فيها الزكاة إذا بلغت أربعمائة درهم، وحال عليها الحول، وتكون زكاتها عشرة دراهم من جنسها، فإن نقصت عن الأربعمائة درهم، فلا زكاة فيها؛ لأنّها تكون أقل من نصاب الفضة.

 

ودليل وجوب الزكاة فيها هو الأحاديث الدالة نفسها على وجوب الزكاة في الذهب والفضة؛ لأنّها نائبة ووكيلة عن الذهب والفضة، في المقدار المغطّى من قيمتها الاسمية، والذي وجبت فيه الزكاة، والنائب والوكيل يأخذ حكم الأصيل.

 

3- نقود ورقيّة إلزامية، وهي أوراق نقدية، تصدرها الدولة بقانون، وتطرحها للتداول، وتجعلها نقوداً صالحة لأنّ تكون أثماناً للأشياء، وأجرة للخدمات والمنافع، ولكنها لا تصرف بذهب ولا فضة، وليست مغطاة بذهب، ولا فضّة، ولا يضمنها احتياطي من ذهب، أو فضة، أو أوراق عملة مغطاة، وليس لهذه الأوراق النقدية إلا قيمة قانونية.

 

ولكن لما كانت هذه الأوراق الإلزامية، قد اصطلح على جعلها نقداً وأثماناً للأشياء، وأجرة للمنافع والخدمات، وبها يشترى الذهب والفضة، كما يشترى بها سائر العروض والأعيان، فإنها تكون قد تحققت فيها النقدية والثمنية، المتحققتان في الذهب والفضة، المضروبتين دنانير ودراهم.

 

وذلك لأن النصوص الواردة في زكاة الذهب والفضة قسمان: الأول أدلة تنص على زكاة الذهب والفضة كأسماء جنس، أي في أعيان الذهب والفضة، وهي أسماء جامدة لا تصلح للتعليل، فلا يقاس عليها، لذلك لا زكاة في المعادن الأخرى كالحديد والنحاس.. وغيرها. روى أبو هريرة أن الرسول ﷺ قال: «... وَمَا مِنْ صَاحِبِ ذَهَب وَلَا فِضَّةٍ، لَا يُؤَدِّي مِنْهَا حَقَّهَا، إِلَّا إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، صُفِّحَتْ لَهُ صَفَائِحُ مِنْ نَارٍ...» رواه الخمسة إلا الترمذي. ففي هذا الحديث، ورد لفظ (ذهب، وفضة) وهي أسماء جامدة لا تعلل.

والثاني: أدلة تنص على زكاة الذهب والفضة، كنقد يتعامل به الناس أثماناً وأجوراً، وهذه الأدلة يستنبط منها علة، وهي النقدية، فتقاس عليها أوراق النقد الإلزامية، لتحقق هذه العلة فيها، وتطبق عليها أحكام زكاة النقد، بحساب ما تساويه في السوق من الذهب، أو الفضة. عن علي بن أبي طالب عن النبي ﷺ قال: «إذَا كَانَتْ لَك مِائَتَا دِرْهَمٍ، وَحَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ، فَفِيهَا خَمْسَةُ دَرَاهِمَ، وَلَيْسَ عَلَيْك شَيْءٌ - يَعْنِي فِي الذَّهَبِ - حَتَّى يَكُونَ لَك عِشْرُونَ دِينَاراً، فَإِذَا كَانَتْ لَك عِشْرُونَ دِينَاراً، وَحَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ، فَفِيهَا نِصْفُ دِينَارٍ» رواه أبو داود. كما ورد عن علي قوله: «في كل عشرين ديناراً نصف دينار، وفي كل أربعين ديناراً دينار». وعن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «.. فَهَاتُوا صَدَقَةَ الرِّقَةِ مِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ دِرْهَماً دِرْهَماً، وَلَيْسَ فِي تِسْعِينَ وَمِائَةٍ شَيْءٌ، فَإِذَا بَلَغَتْ مِائَتَيْنِ فَفِيهَا خَمْسَةُ دَرَاهِمَ» رواه البخاري وأحمد. كما روى عبد الرحمن الأنصاري في كتاب رسول الله ﷺ، وكتاب عمر في الصدقة: «... والورِق لا يؤخذ منه شيء حتى يبلغ مئتي درهم» رواه أبو عبيد.

 

كل هذه الأحاديث دلت على النقدية والثمنية؛ لأن ألفاظ الرِّقة مع قرينة «فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ دِرْهَماً»، والورِق، والدينار، والدرهم، ألفاظ تطلق على الذهب والفضة المضروبتين والمسكوكتين، أي التي هي نقود وأثمان، والتعبير بهذه الألفاظ يدل على أن النقدية والثّمنية مرادة من هذه الأحاديث، وبها تعلَّقت كثير من الأحكام الشرعية، كالزكاة، والديات، والكفارات، والقطع من السرقة، وغيرها من الأحكام.

 

وبما أن الأوراق الإلزامية قد تحققّت فيها هذه النقدية والثمنية، فتكون مشمولة بأحاديث وجوب الزكاة في النقدين الذهب والفضة، فتجب فيها الزكاة، كما تجب في الذهب والفضة، وتقدّر بالذهب والفضة. فمن كان عنده مبلغ من هذه الأوراق الإلزامية يساوي قيمة عشرين ديناراً ذهباً - أي 85 غراماً ذهباً - وهو نصاب الذهب، أو كان عنده مبلغ يساوي قيمة 200 درهم فضة - أي 595 غراماً فضة - وحال عليه الحول، وجبت عليه الزكاة فيه، ووجب عليه إخراج ربع عشره.

 

ويُزكّى عن الذهب بالذهب، وبالأوراق النائبة، والأوراق الوثيقة، ويُزكّى عن الفضة بالفضة، وبالأوراق النائبة والوثيقة، كما يُجزئ أن يزكّى عن الذهب بالفضة، وبالأوراق الإلزامية، وعن الفضة بالذهب، وبالأوراق الإلزامية؛ لأنّها جميعها نقود وأثمان، فيُجزئ بعضها عن بعض، ويجوز إخراج بعضها عن بعض لتحقّق الغرض في ذلك. وقد مرّ في باب زكاة الزروع والثمار أدلّة أخذ القيمة بدل عين المال الذي وجبت فيه الزكاة]

 

وكما ترى فإن الأوراق الإلزامية تتحقق فيها العلة (النقدية والثمنية) ولهذا تجب فيها الزكاة إذا بلغت قيمتها النصاب وحال عليها الحول، وهذا يعني أن المسلم الذي يعيش في دولة لا تتخذ الذهب والفضة نقدا لها كما يوجب ذلك الشرع، بل تتخذ النقد الورقي الإلزامي نقداً لها، هذا المسلم عليه أن يزكي أمواله الورقية النقدية إذا بلغت قيمتها النصاب وحال عليها الحول بالنسبة نفسها التي يزكى بها الذهب والفضة كنقد.

 

آمل أن يكون في هذا الجواب الكفاية، والله أعلم وأحكم.) انتهى

 

                      

أخوكم عطاء بن خليل أبو الرشتة

 

27 رمضان 1443هـ

الموافق 2022/04/28م

 

رابط الجواب من صفحة الأمير (حفظه الله) على : الفيسبوك

رابط الجواب من صفحة الأمير (حفظه الله): ويب

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع