اعلموا أيها المسلمون
- نشر في ثقافية
- قيم الموضوع
- قراءة: 353 مرات
يا أهل القوة!
إنكم أنتم من يخشاهم الغرب الكافر ومن لف لفهم. فهم يدركون قوة روحكم القتالية الإسلامية، فسارعوا لتُحضِّروا أنفسكم للالتحاق بركب الشهداء والمنتصرين، من الذين قاتلوا الكفار على مر العصور، رافعين كلمة لا اله إلا الله محمد رسول الله في شهر رمضان. إن شهرَ رمضان شهرُ الانتصارات حيث انتصر الرسول صلى الله عليه وسلم) على قريش في معركة بدر في شهر رمضان، كما فتح مكة في شهر رمضان، وانتصر المسلمون في رمضان على الصليبيين في حطين، وانتصروا على التتار في عين جالوت. لقد كانت هذه الانتصارات في ظل قيادة الدولة الإسلامية، حيث هزم المسلمون قوى الكفر وجعلوا الحكم بالإسلام النظام المهيمن، وبعون الله سبحانه وتعالى تضاعفت قوى المسلمين وبث في قلوب أعدائهم الرعب. فسارعوا إلى إعطاء حزب التحرير النصرة كي نقيم دولة الخلافة، ويبدأ عصر الأمة الإسلامية.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} محمد7
وَصَلِّ اللَّهُمَّ عَلَىْ سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ وَعَلَىْ آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ
وَالسَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ
نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
جاء في فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني بتصرف في " باب تعجيل الإفطار"
حدثنا عبدُ الله بنُ يوسفَ أخبرنا مالكٌ عن أبي حازمٍ عن سهلِ بنِ سعدٍ أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا يزال الناسُ بخيرٍ ما عَجَّلوا الفِطْر".
أيها الإخوة الكرام:
إن ممّا يطلبه الحديثُ تعجيلَ الإفطارِ للصائم، فهذه سنةٌ إذا تحقَّقَ غُروبُ الشمسِ، يقول الله تعالى: " وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْر " سورة البقرة الآيةُ 187، ويقول عليه الصلاة والسلام: "لا تزال أمتي على سنتي، ما لم تنتظرْ بفِطرِها النجومَ". وهناك أحاديثُ أخرى تبينُ أيضا، أن التبكيرَ بالإفطارِ من سنةِ الرسولِ صلى الله عليه وسلم.
إلا أن العادةَ قد جرت في عصرِنا الراهن، بأن نتناول طعام الإفطار، إذا أذن المؤذن لصلاة المغرب، كما أن العادةَ جرت أيضا بأنْ يُؤَخَّرَ رَفْعُ أذانِ المغربِ قليلاً عَقِبَ غِيابِ الشمس، وهذا يجعلُ الصائمين يؤخرون الإفطارَ عن موعدِهِ، فهذا التأخيرُ مُخالفٌ للسنة النبوية، فعلى الصائمين أن يتثبتوا من المدةِ التي يُؤخِّر فيها المؤذنون أذانَ المغربِ فيتلافَوْها تحقيقاً لأمرِ رسولِ الله صلى اللهُ عليه وسلم بتعجيلِ الفطرِ، ولو أدى ذلك بهم إلى أن يفطروا قبلَ رَفْعِ الأَذانِ، بشرطِ أن يتحقَّقوا من غِيابِ الشمسِ. فالسنة النبوية أحقُّ وأولى بالإتباع مما جرت به عادة الناس في أيامنا هذه.
ويدلُّنا الحديثُ الشريفُ أيضاً على ضرورةِ التزامِ أمرِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، الذي بَلَّغَنا إياهُ عن اللهِ تعالى، فليس لأحدٍ أنْ يقولَ: زيادةُ الخيرِ خيرٌ، فيؤخِّرَ الفطْرَ، لأنَّ الخيرَ لا يعلمُهُ إلاّ اللهُ سبحانه وتعالى، فنمسِكُ عن الطعام والشرابِ حينَ تبيُّنِ الخيطِ الأبيضِ من الخيطِ الأسودِ من الفجرِ كما أمرَ الله تعالى، ونُفطِرُ بدخولِ الليلِ، بغِيابِ الشمسِ. وننفِّذُ أمرَ اللهِ سبحانَه وتعالى على وجهِهِ الذي أرادَه اللهُ، ولا نجعلُ لعقولِناً مدخلاً سوى فهمِ النصّ.
وهنا أيضاً لا بدَّ من التنبُّهِ إلى ضرورةِ دخولٍ جزءٍ يسيرٍ من الليل، تحقيقاً لأمرِ اللهِ سبحانه: (ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ) فإن الليلَ هو غايةُ الصيامِ، ولا بدَّ من دخولِ جزءٍ من الغايةِ في الْمُغَيَّا لتحقيق الأمر، كما هو مُقَرَّرٌ في علمِ الأصولِ، كمثلِ دخولِ المرافقِ في غَسلِ اليدينِ في الوضوء، لوجود حرف الغاية المكانية(إلى) في قوله تعالى: (وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ)، لكنَّ الغايةَ في الآيةِ موضعِ حديثِنا غايةٌ زمانية، وهي دخولُ بعضِ الليلِ ثم الإفطار.
الإخوة الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أيها المسلمون:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:
أيها المؤمنون:
قال الله تعالى: (من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه * ومن ضل فإنما يضل عليها * ولا تزر وازرة وزر أخرى* وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا). (الإسراء 15)
خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان في أحسن صورة, وكرمه وفضله على كثير من خلقه, ووهب له العقل الذي به يعقل الأشياء, وبه يفكر ويميز الخير من الشر, والحق من الباطل, والنافع من الضار, والهدى من الضلال. وقد جعل الله سبحانه وتعالى في الإنسان قابلية الهدى أو الضلال. والله سبحانه يثيب المهتدي, ويجعل جزاءه الجنة لأنه اختار الهدى على الضلال, ويعاقب الضال, ويجعـل جزاءه النار لأنه اختار الضلال على الهدى.
فإذا اختار الإنسان لنفسه الهداية نجا من عذاب النار, وإذا اختار الضلال فإنه سيهوي فيها, وهذا معنى قوله تعالى: (من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه* ومن ضل فإنما يضل عليها ). (الإسراء 15) فما معنى الهدى؟ وما معنى الضلال في لغتنا العربية؟ وهل للهدى والضلال معنى في الاصطلاح الشرعي؟
للإجابة عن هذه التساؤلات نقول: الهدى لغة معناه الرشاد. نقول: هدى خالد عامرا. أي دله وأرشده إلى العمل الصالح الذي يرضي الله تعالى, أو إلى العمل النافع والمفيد الذي ينفع صاحبه في الدنيا أو في الآخرة أو فيهما معا.
والضلال لغة هو ضد الهدى والرشاد. نقول: ضل سعي فلان. أي عمل عملا فذهب هباء, ولم يعد عليه نفعه. أما الهداية شرعا فهي الاهتداء إلى الإسلام. وأما الضلال شرعا فهو الانحراف عن الإسلام والابتعاد عنه. هذا وإن العمل الصالح يعود خيره وثوابه على فاعله, والعمل السيئ يعود شره وإثمه على فاعله. قال تعالى: (من عمل صالحا فلنفسه * ومن أساء فعليها * وما ربك بظلام للعبيد ). (فصلت 46)
الهداية شرعا هي الاهتداء إلى الإسلام, والضلال شرعا هو الانحراف عن الإسلام والابتعاد عنه. فمن أراد الهداية وفقه الله إليها, كما وفق نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم عندما كان يتفكر في غار حراء, قال تعالى: (وإن اهتديت فبما يوحي إلي ربي ). (سبأ 50) ومن أراد الضلال خذله الله تعالى, ولم يوفقه للهداية, كما فعل مع عدو الله فرعون, ومع أبي لهب.
أيها المؤمنون:
وقد أراد الله تعالى بكم خيرا مرتين؛ لأنكم اخترتم الهداية: مرة حين يسر لكم دراسة هذا الدين الحنيف, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين". ومرة حين هداكم للإيمان. قال تعالى: (وقالوا الحمد للـه الذي هدانا لهـذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا اللـه). (الأعراف 43)
واعلموا أن من أطاع الله تعالى فقد اهتدى, ومن أطاع الشيطان فقد ضل وغوى, واعلموا أيضـا أن طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم هي طاعة لله تعالى, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى, قيل: ومن يأبى يا رسول الله؟ قال: من أطاعني دخل الجنة, ومن عصاني فقد أبى".
فإذا اختار الإنسان الضلال فإن الله تعالى لا يوفقه للهداية, وإذا اختار الإنسان الهداية فإنه يكون قد اختارها بهداية الله تعالى وتوفيقه, ويكون الله تعالى قد يسر له أسبابها. قال تعالى:(الذي خلقني فهو يهدين ). (الشعراء 78) وقال تعالى: (واللـه يقول الحق وهو يهدي السبيل ). (الأحزاب 4)
لذا ينبغي على المسلم أن يحمد الله تعالى دائما على أن هداه للإسلام فيقول: الحمد لله على نعمة الإسلام, وكفى بها من نعمة! الحمد لله الذي هدانا لهذا, وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله! فمن أعطى الطاعة لله, واتقى المعصية, وصدق كلمة التوحيد, فإن الله تعالى سيهيئه لدخول الجنة, والدليل على ذلك قول الله تعالى: ( فأما من أعطى واتقى*وصدق بالحسنى* فسنيسره لليسرى ). (الليل 7) ومن بخل عن الطاعة لله, واستغنى عن الجنة بشهوات الدنيا, وكذب بكلمة التوحيد, فإن الله تعالى سيهيئه لدخول النار والدليل على ذلك قول الله تعالى: (وأما من بخل واستغنى* وكذب بالحسنى* فسنيسره للعسرى). ( الليل 10)
جعلنا الله وإياكم من أهل الجنة, وأعاذنا وإياكم من النار. آمين يا رب العالمين!
نكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة, موعدنا معكم في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى, فإلى ذلك الحين وإلى أن نلقاكم, نترككم في عناية الله وحفظه وأمنه, والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على إمام المتقين, وسيد المرسلين, المبعوث رحمة للعالمين, سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين, واجعلنا معهم, واحشرنا في زمرتهم برحمتك يا أرحم الراحمين.
أيها المسلمون:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد: في هذه الحلقة نواصل تأملاتنا في كتاب: "من مقومات النفسية الإسلامية". ومن أجل بناء الشخصية الإسلامية, مع العناية بالعقلية الإسلامية والنفسية الإسلامية, نقول وبالله التوفيق: عنوان حلقتنا لهذا اليوم هو: "من أدب الحديث".
اعلم أن للكلام شروطا لا يسلم المتكلم من الزلل إلا بها، ولا يعرى من النقص إلا بعد أن يستوفيها وهي أربعة: فالشرط الأول: أن يكون الكلام لداع يدعو إليه إما في اجتلاب نفع أو دفع ضرر. والشرط الثاني: أن يأتي به في موضعه، ويتوخى به إصابة فرصته. والشرط الثالث: أن يقتصر منه على قدر حاجته. والشرط الرابع: أن يتخير اللفظ الذي يتكلم به. وقديما قال حكماء العرب: "إن الكلام ترجمان يعبر عن مستودعات الضمائر, ويخبر بمكنونات السرائر، ولا يمكن استرجاع بوادره, ولا يقدر على شوارده! ويقال: إن للكلمة أهمية في حياة الإنسان وسلوكه وتصرفاته, وإن الكلمة إنما تكتسب معناها من نفس قائلها لا من ذاتها. وقالوا: تحكم الكلمة على قائلها؛ لأنها تنبئ عن تفكيره ومشاعره وثقافته، ولا يحكم هو عليها لأنها حين تخرج منه يكون الحكم عليها للناس حسب آثارها. وقال سقراط لشاب كان يطيل الصمت: "تكلم حتى أراك! تكلم حتى أعرفك". هذا وإن للكلمة دور في حياة الإنسان: إن الكلمة تشهد للإنسان أو تشهد ضده، فالكلمة من قائلها بمعناها في نفسه, لا بمعناها في نفسها وهو حين ينطق بها، فإنها تحكم عليه أكثر مما يحكم هو عليها، والكلمة حين تكون محكومة معقولة, فإنها توضح حقا, أو تبطل باطلا, أو تنشر حكمة, أو تذكر نعمة، وأما حين تكون هوجاء طائشة, فإنها قد تكشف عن جهل, أو تسبب ضررا, أو تذيع سرا, أو تتلف نفسا. وفي الحديث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "رحم الله عبدا قال خيرا فغنم، أو سكت عن شر فسلم".
إن الإنسان العاقل هو الذي ينطق بعد تفكير وروية، حينئذ يسلم من الزلل والخطأ؛ لأن لسانه يكون وراء عقله. أما الأحمق فهو الذي يتكلم بدون تفكير أو روية، فتكثر أخطاؤه؛ لأن عقله حينئذ يكون وراء لسانه. ومن أقوال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "لا تحدث الناس كل ما تسمع، فكفى بذلك خرقا". ومن أقواله رضي الله عنه: "لا تسئ اللفظ وإن ضاق عليك الجواب". ومن أقواله رضي الله عنه: "لا خير في الصمت عن الحكم، كما أنه لا خير في القول بالجهل". ومن أقواله رضي الله عنه: "تكلموا تعرفوا، فإن المرء مخبوء تحت لسانه. ومن أقواله رضي الله عنه: "لا تقل ما لا تعلم، بل لا تقل كل ما تعلم". ويقول الإمام سفيان الثوري: "كلما اتسع الأفق، قلت العبارة". ويقول الثوري في سياق آخر: "إن النفوس لو حملت ما لا تطيق .. أتت بما لا يليق". ورحم الله الشاعر حيث قال:
وكائن ترى من صامت لك معجب زيادته أو نقصـه فـي التكلـم
لسان الفتى نصف ونصف فـؤاده فلم يبق إلا صورة اللحـم والـدم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
محمد احمد النادي