المكتب الإعــلامي
ولاية مصر
التاريخ الهجري | 17 من ذي الحجة 1446هـ | رقم الإصدار: 1446 / 36 |
التاريخ الميلادي | الجمعة, 13 حزيران/يونيو 2025 م |
بيان صحفي
خذلان النظام المصري لغزة: من منع النصرة ولو بالكلمة إلى التواطؤ مع الحصار!
في مشهد متكرر، ومع كل نازلة تحل بأهل غزة المحاصرين، تثبت الأنظمة العربية - وعلى رأسها النظام المصري - أنها ليست فقط غائبة عن واجب النصرة، بل حاضرة في موقع التآمر والخذلان، بل والمشاركة الفعلية في الحصار، بحراسة المعابر ومنع أية مبادرة رمزية أو شعبية تتجه نحو نصرة المستضعفين من المسلمين.
فها هو النظام المصري، في 11 حزيران/يونيو 2025، يُقدم على ترحيل 12 ناشطاً مغربياً وصلوا إلى مطار القاهرة بصورة قانونية، بهدف المشاركة في "المسيرة العالمية نحو غزة"، وهي قافلة رمزية دعا إليها ناشطون من شتى بلدان العالم، عرباً وعجماً، لتسليط الضوء على ما يعانيه القطاع من حصار وتجويع وقتل مستمر منذ شهور. وبدل أن تستقبلهم مصر التي تُعد بوابة غزة الوحيدة المفتوحة، بالعون والتأييد، وتفتح لهم الطريق إلى رفح ليشهدوا على الظلم الواقع، كان التعامل الأمني المهين والترحيل الفوري هو الجواب.
لم يكونوا يحملون سلاحاً، ولا دعوا إلى تفجير ولا تخريب، بل أتوا بقلوبٍ يملؤها الأمل في أن يقفوا موقفاً رمزياً تضامنياً مع شعب مسلم يذبح صباح مساء، ومع ذلك، حُوصروا داخل المطار، واستُنطقوا بأسئلة مهينة، وخُيّروا بين الاحتجاز أو الطرد، وكأن التضامن مع غزة جريمة في عرف هذا النظام!
لا يُعقل أن يكون هذا الحادث عرضياً، أو مرتبطاً بمجرد ضوابط حدودية كما زعمت وزارة الخارجية المصرية. فالمعروف أن معبر رفح خاضع بالكامل للسيطرة المصرية، ومفتوح أمام النظام المصري متى شاء، بل يستطيع أن يدخل إليه من يشاء ويمنع من يشاء. ولكن هذه السلطة على المعبر لم تُستخدم يوماً في نصرة أهل غزة، بل ظلت وسيلة ضغط وحصار تُمارَس باسم السيادة، لتتحول إلى أداة لخدمة أمن كيان يهود.
إن من يُحكم إغلاق المعبر في وجه المساعدات، ويمنع القوافل الرمزية، ويقمع التظاهرات التضامنية، ويصنف مشاعر الغضب على أنها خطر أمني، لا يمكن أن يُعذر بالجهل أو العجز، بل هو شريك في الجريمة.
لا يجوز أن يُترك المسلمون في غزة، أو في غيرها، يواجهون القتل والحصار والجوع والتدمير، دون أن تنصرهم الأمة، لا سيما القادرون على النصرة. والنظام المصري، بجيشه وأجهزته وإمكاناته، هو من أقرب القادرين، ولا يُعذر بالسكوت، بل هو آثم بترك الواجب، قال تعالى: ﴿وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ﴾. فإذا كان مجرد الاستنصار يوجب النصرة، فكيف وقد استصرخ أهل غزة مراراً، وأظهرت الأمة الإسلامية في كل مكان استعدادها للوقوف معهم؟ فماذا كان موقف النظام؟ لا هو نصرهم، ولا حتى سمح لمن يريد أن يواسيهم. بل الأشد عجباً من ذلك أن يتحول النظام من موقع المتخاذل إلى موقع المعطِّل لكل مبادرة، حتى تلك التي لا تهدد شيئاً من سلطته، وكأن مجرد التضامن مع غزة أصبح في نظره "تهديداً أمنياً"، وهذا يُظهر أنه قد اتخذ قراراً صريحاً بالانحياز لعدو الأمة، وأنه لا يرى في قضية فلسطين إلا عبئاً يجب إسكات من يثيره.
إن الواجب على جيش مصر، وعلى النظام الذي يملك القرار السياسي والعسكري، أن يوجه قواته لا نحو صد القوافل ولا إغلاق المعابر، بل نحو فتح المعبر بالقوة، وكسر الحصار عن غزة، وضرب حصون يهود، وتحرير فلسطين كلها، لا الوقوف على أطلال معبر رفح ينتظر إذناً من أمريكا أو رضا من تل أبيب.
إن أرض فلسطين هي أرض إسلامية مغتصبة، واجب تحريرها على كل المسلمين، وعلى الجيوش أولاً، وهذا واجب شرعي قطعي لا يسقط بالتقادم ولا بالتعلل بالمواثيق الدولية أو المعاهدات الخيانية. قال رسول الله ﷺ: «فُكُّوا الْعَانِيَ» أي الأسير. فأين الجيوش من تحرير آلاف الأسرى في سجون يهود؟ بل أين هم من تحرير الأسرى المحاصرين داخل قطاع غزة؟ لقد تحولت الحدود إلى سجن كبير يُحكم إغلاقه باسم "السيادة"، والسيادة من الإسلام بريئة، إن كانت تمنع المسلمين من نصرة إخوانهم.
إن ما قام به النشطاء، رغم رمزيته وكونه لا يغني عن أهل غزة شيئا، إلا أنه يعبر عن وعي متقدم في الأمة، التي لم تمُت قضيتها، ولم تنس واجبها. ولكن المشكلة ليست في الشعوب، بل هي في الأنظمة التي تحرس كيان يهود وتُطبّع معه علناً أو سراً، وتحارب الأمة في دينها وعقيدتها ومواقفها.
إن النظام المصري اليوم لا يقف على الحياد، بل هو طرفٌ فعّال في معادلة خنق غزة. بل إن مشاركته في الحصار تفوق في كثير من الأحيان إجرام يهود، لأنه يمنع حتى هواء الرحمة أن يصل إلى القطاع. يضرب الناشطين، ويلاحق الإعلاميين، ويُرحّل المتضامنين، ويُخرس الأصوات، لأنه يدرك أن أي صوت حر هو تهديد لحكمه التابع الذليل.
من أكبر الكوارث التي رسّختها الأنظمة بعد سايكس-بيكو، هو زرع مفهوم "السيادة القُطرية"، الذي بموجبه يصبح المسلم المغربي غريباً في مصر، والمسلم المصري أجنبياً في سوريا، والمسلم الأردني دخيلاً في فلسطين. وهذا مخالف للإسلام الذي جعل الأمة واحدة، فلا يعترف بالحدود، ولا بالجوازات، ولا بالتأشيرات. فهل يحتاج المسلم المغربي لتأشيرة ليصل إلى أرض فلسطين؟! وهل يُسأل عن نيته في التضامن؟! أم أن النصرة أصبحت جريمة، والخذلان شرفاً في عرف الأنظمة العميلة؟!
إن ما جرى في مطار القاهرة ليس حادثة عابرة، بل هو عرض من أعراض مرض عضال أصاب النظام الحاكم، وهو خيانة الأمة وعقيدتها، والانخراط في المشروع الأمريكي-الصهيوني لتصفية قضية فلسطين. وهذا النظام لا يُصلح أمره ترقيع ولا مناشدة، بل لا يُصلحه إلا أن يُقلع من جذوره، ويُقام مكانه نظام الإسلام، الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، التي تحرك الجيوش لتحرير الأقصى، وتعلي راية الإسلام. إن ما يجب أن تدركه الأمة، وخاصة شبابها، أن الطريق إلى فلسطين لا يمر عبر التوسل للأنظمة، ولا عبر القوافل الرمزية، رغم رمزيتها الهادفة، بل يمر عبر التغيير الجذري في بلاد المسلمين، بإقامة دولة الإسلام، التي لا تعرف سوى النصر أو الشهادة.
يا أجناد الكنانة: إن تحرير فلسطين هو واجب في أعناقكم، ولا شيء أوجب بعد الإيمان من القيام به، وطرد الوجود العسكري للكفار من بلاد المسلمين واجب عليكم قبل غيركم، فعند حصول الهجوم على أرض الإسلام أو عند المعرفة أن العدو يُعد لغزو بلاد المسلمين فإن الجهاد يتعين لرد العدو حتى تحصل الكفاية على الجميع في تلك الأرض، فإذا تمكن العدو منها ينتقل فرض الجهاد من ذلك البلد إلى من يلونهم، فإن لم يستطيعوا فعلى من يلونهم، وهكذا حتى يعم الفرض جميع المسلمين. وإذا تمكن العدو من أرض معينة يصبح الجهاد نافلة على أهل تلك الأرض المحتلة لأنهم يصبحون في حكم الأسرى، ولكنه يبقى فرضا على القادرين من المسلمين في البلاد المحيطة بالمنطقة المحتلة، وبما أن النظام الذي يحكمكم يمنع الجهاد لتحرير الأراضي المحتلة، و"ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب"، فإن إزالة هذا النظام واجب لإعادة الجهاد وتحرير أرض الإسلام ومقدساته، وقبله تاج الفروض؛ الحكم بالإسلام في دولته الخلافة الراشدة على منهاج النبوة.
يا أجناد الكنانة: إنكم كنتم وما زلتم درعا للأمة؛ سلاحا في يدها، فاستعيدوا حريتكم وانحازوا لأمتكم واقطعوا حبائل الحكام التي تطوقكم، والفظوا مميزاتهم ورتبهم ورواتبهم، وضعوا أيديكم في يد من يقودكم إلى جنة عرضها السماوات والأرض فهي أنفع لكم وأبقى عند الله، واحملوا معهم همّ أمتكم واستعيدوا معهم سلطانها من جديد في ظل الإسلام ودولته الخلافة الراشدة على منهاج النبوة.
﴿وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ﴾
المكتب الإعلامي لحزب التحرير
في ولاية مصر
المكتب الإعلامي لحزب التحرير ولاية مصر |
عنوان المراسلة و عنوان الزيارة تلفون: www.hizb.net |
E-Mail: info@hizb.net |