- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
سلسلة أجوبة العالم الجليل عطاء بن خليل أبو الرشتة أمير حزب التحرير
على أسئلة رواد صفحته على الفيسبوك "فقهي"
جواب سؤال
استعمال الذكاء الاصطناعي في مجال التصوير والرسم والفيديوهات
إلى Islam Abu Khalil ورائد الهرش ابو معاذ
السؤال:
سؤال Islam Abu Khalil:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، شيخَنا الفاضل، حفظكم الله وجعل الإسلام قائما في الأرض على أيديكم.
أردتُ أن أطرح سؤالاً مهماً في هذا الزمن لكثير من الناس حول الذكاء الاصطناعي، وأرجو أن يكون الجواب نافعاً للجميع إذا نشرتموه في صفحتكم الرسمية إن شاء الله.
اليوم، كثير من الناس يستخدمون الذكاء الاصطناعي لإنشاء صور للبشر أو الحيوانات. فيُدخل الإنسان معلومات معينة مع بعض المعايير للذكاء الاصطناعي ويطلب منه إنشاء صورة، فينتج صوراً أو مقاطع فيديو، سواء أكانت على شكل رسوم متحركة أو واقعية. كما يمكن إدخال صورة لشخص موجود لصنع بودكاست أو برنامج، أو يمكن طلب إنشاء صورة لشخص غير موجود أصلاً.
السؤال الأول:
هل يجوز شرعاً استخدام الذكاء الاصطناعي لإنشاء صورٍ للبشر أو الحيوانات؟ وكذلك إنشاء الرسوم المتحركة أو مقاطع الفيديو لأغراض الدعوة أو بشكل عام؟
السؤال الثاني:
إذا كان يجوز إنشاء صور للبشر باستخدام الذكاء الاصطناعي، فهل يجب أن تكون هذه الصور ملتزمة بالضوابط الشرعية؟ أي: هل يجب أن تكون المرأة محجبة أم لا؟
جزاكم الله كل خير على ردودكم
إسلام أبو خليل 25/11/2025
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اليوم على الذكاء الاصطناعي يمكن لنا أن نحول النص إلى صورة وكذلك يمكن لنا أن نغير ملامح أو نوعية الصورة أو تحويلها إلى متحركة، ويمكن أيضا عمل فيديوهات بناء على تغذية نصية، هل يُعد التغيير في الصورة (مثل تحويلها إلى كرتونية أو أنمي) "رسماً باليد" أم شيئاً آخر؟ أم أنه "توليد آلي" يعتمد على خوارزميات وليس فعلاً بشرياً مباشراً؟
الجواب:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،
إن سؤاليكما متشابهان وإليكما الجواب:
أولاً: إن برامج الذكاء الاصطناعي هي باب كبير واسع فُتح للبشرية، والذكاء الاصطناعي دليل على عظمة الخالق سبحانه الذي ﴿عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ﴾، فصار الإنسان قادراً على تسخير الآلات والحسابات والخوارزميات وبرامج الكمبيوتر من أجل القيام بأعمال وتنفيذ مهمات يصعب على الإنسان بجهده المجرد تحقيقها... والذكاء الاصطناعي هو قفزة كبيرة في العلم والتطبيق، وهو كفيل بإحداث تغييرات كبيرة في الوسائل والأساليب وفي سير حياة الناس والتقدم المدني... إلخ.
ثانياً: إن الذكاء الاصطناعي ليس مقتصراً على باب من الأبواب، بل هو متعدد الاستعمالات بقدر تعدد حقول العلم والمعرفة والتطبيق... فيمكن استعماله بفاعلية في مجال الصحة والتطبيب والمستشفيات، وفي مجال العلوم والاختراعات، وفي مجال التعليم، وفي المجال العسكري والحروب، وفي مجال الفنون المختلفة... وفي مجالات أخرى كثيرة. وهو كسائر العلوم والمخترعات يمكن أن يستعمل في الخير والشر، وفق ما يختاره الإنسان في استعماله، فيمكن أن يسخر في خير البشرية وخير الإنسان ويعود بالفائدة الكبيرة على الناس، ويمكن أن يسخر في الشر والفساد وفي ظلم الناس والتعدي عليهم وأكل أموالهم بالباطل... إلخ.
ثالثاً: إن السؤال الذي نحن بصدد الإجابة عليه هو استعمال برامج الذكاء الاصطناعي في مجال التصوير والرسم والفيديوهات والروبوتات ونحو ذلك من أمور.. ومن أجل الإجابة على هذا السؤال نستعرض الأمور التالية:
1- إن التصوير لغة هو إيجاد صورة للمخلوق تشبه خلقته، أي إيجاد مثيل له أو مثال عنه وكلما اقتربت صورة المخلوق منه كان الإبداع أقوى وأكبر.. أي أن تصوير الشيء يعني إيجاد شبيه له.. ويكون معنى المصورين المشبهين..
أما نقل ذات الشيء بأية وسيلة فلا ينطبق عليه مدلول كلمة التصوير.. والتصوير المحرم هو الذي لذي روح، ويكون واقع تصوير الشيء رسم ما يشبهه باليد أو بالكمرة أو بأية آلة براً أو جواً.. وليس نقلاً لذات الشيء بأية وسيلة كانت..
2- أما أن التصوير المحرم هو الذي لذي روح فذلك للأدلة التالية:
أ- [صحيح البخاري -... عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: إِذْ أَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا أَبَا عَبَّاسٍ إِنِّي إِنْسَانٌ إِنَّمَا مَعِيشَتِي مِنْ صَنْعَةِ يَدِي وَإِنِّي أَصْنَعُ هَذِهِ التَّصَاوِيرَ. فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَا أُحَدِّثُكَ إِلَّا مَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ، سَمِعْتُهُ يَقُولُ: «مَنْ صَوَّرَ صُورَةً فَإِنَّ اللَّهَ مُعَذِّبُهُ حَتَّى يَنْفُخَ فِيهَا الرُّوحَ وَلَيْسَ بِنَافِخٍ فِيهَا أَبَداً» فَرَبَا الرَّجُلُ رَبْوَةً شَدِيدَةً وَاصْفَرَّ وَجْهُهُ فَقَالَ: وَيْحَكَ إِنْ أَبَيْتَ إِلَّا أَنْ تَصْنَعَ فَعَلَيْكَ بِهَذَا الشَّجَرِ كُلِّ شَيْءٍ لَيْسَ فِيهِ رُوحٌ»]
ب- [صحيح البخاري -... عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «إِنَّ الَّذِينَ يَصْنَعُونَ هَذِهِ الصُّوَرَ يُعَذَّبُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُقَالُ لَهُمْ أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ»]
ج- [صحيح مسلم -.... عَنْ نَافِعٍ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا اشْتَرَتْ نُمْرُقَةً فِيهَا تَصَاوِيرُ فَلَمَّا رَآهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ قَامَ عَلَى الْبَابِ فَلَمْ يَدْخُلْ فَعَرَفْتُ أَوْ فَعُرِفَتْ فِي وَجْهِهِ الْكَرَاهِيَةُ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ فَمَاذَا أَذْنَبْتُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَا بَالُ هَذِهِ النُّمْرُقَةِ؟» فَقَالَتْ: اشْتَرَيْتُهَا لَكَ تَقْعُدُ عَلَيْهَا وَتَوَسَّدُهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِنَّ أَصْحَابَ هَذِهِ الصُّوَرِ يُعَذَّبُونَ وَيُقَالُ لَهُمْ أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ»]
د- ويؤكد ذلك أن التصوير لغير ذوات الأرواح وردت إباحته ما جاء في الشخصية 2- باب التصوير: [(على أن إباحة تصوير ما ليس فيه روح من شجر ونحوه قد جاءت صريحة في الأحاديث. ففي حديث أبي هريرة: «فَمُرْ بِرَأْسِ التِّمْثَالِ يُقْطَعْ فَيُصَيَّرَ كَهَيْئَةِ الشَّجَرَة» (أخرجه أحمد وكذلك أخرجه الترمذي وأبو داود).. وهذا يعني أن تمثال الشجر لا شيء فيه، وفي حديث ابن عباس (قال سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «كُلُّ مُصَوِّرٍ فِي النَّارِ يَجْعَلُ لَهُ بِكُلِّ صُورَةٍ صَوَّرَهَا نَفْساً فَتُعَذِّبُهُ فِي جَهَنَّمَ، وقَالَ: فإِنْ كُنْتَ لَا بُدَّ فَاعِلاً فَاصْنَعْ الشَّجَرَ وَمَا لَا نَفْسَ لَهُ» (أخرجه مسلم)] انتهى
فالتحريم في النصوص أعلاه مقيد بذي روح، وخاص به وليس عاماً، بدلالة (حتى ينفخ فيها الروح)، «أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ» واستثناء الشجر ونحوه أي أن الصورة المحرمة هي التي لذي روح.. لذلك فإن النصوص الأخرى المطلقة أو العامة فإنها تحمل على المقيد وعلى الخاص كما في الأصول، أي على ذي روح، مثل الأحاديث: (عن ابن عمر أن رسول الله ﷺ قال: «إِنَّ الَّذِينَ يَصْنَعُونَ هَذِهِ الصُّورَةَ يُعَذَّبُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» وعن ابن عباس قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «كُلُّ مُصَوِّرٍ فِي النَّارِ» وأمثالها..
3- وأما أن واقع التصوير هو الذي فيه تشبيه للمخلوق ذي الروح وليس نقلاً لذاته فللأدلة التالية:
أ- جاء في عمدة القاري شرح صحيح البخاري... لحديث عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: [(قَدِمَ رسولُ الله ﷺ، مِنْ سَفَر وقَدْ سَتَرْتُ بِقِرَامٍ لي عَلَى سَهْوَةٍ لي فِيهَا تَماثِيلُ، فَلَمَّا رآهُ رسولُ الله ﷺ، هَتَكَهُ وَقَالَ: «أشَدُّ النَّاسِ عَذَاباً يَوْمَ القِيامَةِ الَّذِينَ يُضاهُونَ بِخَلْقِ الله.. » قَوْله: (هتكه) أَي: قطعه ونزعه، قَوْله: (يضاهون) أَي: يشابهون بِخلق الله.]
ب- جاء في فتح الباري لابن حجر عن الحديث نفسه «أَشَدُّ النَّاسِ عَذَاباً يَوْمَ القِيَامَةِ الَّذِينَ يُضَاهُونَ بِخَلْقِ اللَّه» [يُضَاهُونَ بِخَلْقِ اللَّهِ أَيْ يُشَبِّهُونَ مَا يَصْنَعُونَهُ بِمَا يَصْنَعُهُ اللَّهُ.. وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ عَنِ الْقَاسِمِ عِنْدَ مُسْلِمٍ الَّذِينَ يُشَبِّهُونَ بِخَلْقِ اللَّهِ..]
وبناء عليه فالتصوير الحرام هو الذي يكون لذي روح مضاهاة لخلق الله، أي تكون الصورة المحرمة هي التي تكون مضاهاة لخلق الله، أي مشابهة بخلق الله، وكلما كانت المشابهة قريبة للخلق كلما كان الإبداع في الصورة.. ولذلك أطلق على الذين يضاهون بخلق الله في أحاديث أخرى، أطلق (المصورون):
- عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «إِنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَذَاباً يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْمُصَوِّرُونَ» متفق عليه
- [سنن النسائي -... عَنْ مُسْلِمِ بْنِ صُبَيْحٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِنَّ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ عَذَاباً يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْمُصَوِّرُونَ» وَقَالَ أَحْمَدُ: الْمُصَوِّرِينَ]
- جاء في جواب سؤال للأمير المؤسس رحمه الله في 23/3/1969: (وقال ﷺ: «يَا عائِشَةُ أَشَدُّ النَّاسِ عَذَاباً عِند اللَّهِ يَوْمَ القيامةِ الَّذينَ يُضاهُونَ بِخَلقِ اللَّهِ» أي الذين يصورون)
ومع أن المضاهاة أو التشبيه ليس علة للتحريم، ولذلك فإن تصوير الشجر وغيره من التي لا روح لها هو مباح كما ذكرنا إلا أن المضاهاة أو التشبيه هو وصف للصورة المحرمة لذي روح، أي تدخل في باب تحقيق المناط: فإن كانت الصورة تُشبَّه بخلق الله فهي محرَّمة وإن كانت الصورة هي نقل لذات المخلوق فلا تكون حراماً، لأن تصوير المخلوق هو إيجاد مثال أو شكل يشبهه وليس نقل ذاته.. ونقل الذات: (ليس تصويراً للشخص، بمعنى أخذ مثال عنه بل هو ذات الشخص وذات الشيء بعينه تنطبع انطباعاً. وعلى ذلك لا يشمله حديث النهي عن التصوير ولا ينطبق عليه، فهذا من باب تحقيق المناط لا من باب البحث عن الدليل فيبحث فيه عن واقع الشيء الذي يراد إعطاؤه الحكم.. فيبحث عنه ما هو ثم يجري تطبيق الحكم عليه.) كما جاء في جواب سؤال في 23/3/1969..
رابعاً: وبناء على ما هو مذكور أعلاه نجيب على الأسئلة:
1- لقد بينا أحكام الرسم والنحت (التماثيل) والتصوير الفوتوغرافي في كتبنا (الشخصية الإسلامية الجزء الثاني) وفي أجوبة الأسئلة التي نشرناها، ومنها جواب سؤال مؤرخ في 19/03/2017م وفيه تفاصيل كثيرة وأدلة... وبينا أن الرسم باليد لذوات الأرواح ونحتها تماثيل (باستثناء لعب الأطفال) هو محرم شرعاً ما دام بجهد بشري، تشبهاً بالخلق ويمكن الرجوع للجواب حيث الأدلة مفصلة..
2- بعد إيجاد الكمبيوتر صار بالإمكان القيام بالرسم والتصوير لذوات الأرواح باستعمال برامج الرسم من خلال استعمال الفأرة (الماوس)، في الرسم على الكمبيوتر، وهذا نقل الرسم والتصوير نقلة متميزة، حيث صار المصور يستعين بقدرات برمجية لإنتاج رسومات وصور... ولكن بقي الرسم بالجهد البشري تشبهاً بالخلق وكلما كان الشبه بالمخلوق قوياً كان الإبداع أقوى...
3- بالنسبة للتصوير الفوتوغرافي فهو مباح وليس محرما لأنه نقل لذات الشيء وليس تشبيهاً له ومن الأدلة:
أ- من جواب سؤال في 23/3/1969: [وأما الصورة الفوتوغرافية.. فهي مثل المرآة فكما أن المرآة ينطبع عليها ذات الشيء أي ينعكس عليها فكذلك الآلة الفوتوغرافية فما تخرجه الآلة فضلاً عن كونه ليس تخطيطاً ولا تشكيلاً فإنه كذلك ليس تصويراً للشخص، بمعنى أخذ مثال عنه بل هو ذات الشخص وذات الشيء بعينه تنطبع انطباعاً. وعلى ذلك لا يشمله حديث النهي عن التصوير ولا ينطبق عليه، فهذا من باب تحقيق المناط لا من باب البحث عن الدليل فيبحث فيه عن واقع الشيء الذي يراد إعطاؤه الحكم فيبحث عنه ما هو ثم يجري تطبيق الحكم عليه. فواقع الشيء هنا هو أنه انطباع أو انعكاس وليس تخطيطاً ولا تشكيلاً ولذلك لا ينطبق عليه حكم التصوير فيخرج عنه وينطبق عليه انطباع المرآة أو يدخل في عمومات الأوامر بالمباحات. وعلى ذلك فإن التصوير بالآلة الفوتوغرافية ليس بحرام.. 05 محرم 1389-23 آذار 1969]
ب- من جواب سؤال 22/1/1971: [والتصوير هو النقش والرسم وغيره مما يباشره الإنسان بنفسه بالتصوير. فالله تعالى قد حرم على المسلم أن يباشر رسم كل ذي روح، سواء أكان رسماً على الورق أو الثياب أو الجدار أو غير ذلك، وحرم على المسلم أن يباشر نقش كل ذي روح، سواء أكان نقشاً على الحجارة أو الأواني أو غير ذلك، وحرم على المسلم أن يباشر ما يشبه الرسم أو النقش لكل ذي روح، سواء أكان ذلك على الجلد أو على الجدار بالجص أو النحت وعلى الثوب بالتلوين أو غيره. فحرم على المسلم كل ما يدخل تحت كلمة التصوير لغة من نحت ورسم ونقش وصنع كليشيه وغير ذلك. أما ما لا يعتبر تصويراً لغةً فإنه لا يحرم ولذلك لا يحرم التصوير الفوتوغرافي، ولا تصوير القمر الصناعي ولا غير ذلك. 22/01/1971]
4- أما إنتاج الصور أو الرسومات أو إنتاج الفيديوهات لذوات الأرواح باستعمال الذكاء الاصطناعي فواقعه على النحو التالي:
أ- يقوم الشخص بكتابة نص في برنامج الذكاء الاصطناعي طالبا بهذا النص تشكيل صور، لذي روح كأن يطلب مثلاً: (تصوير الرئيس الفلاني بلباس رياضي) فيقوم برنامج الذكاء الاصطناعي بتشكيل صورة للرئيس المطلوب بلباس رياضي، وتكون على هيئة صورة فوتوغرافية أو على هيئة رسم... إلخ.
وينطبق ذلك على إنتاج الفيديوهات أيضاً، فيمكن أن يطلب الشخص من البرنامج المخصص إنتاج فيديو بمواصفات معينة، كأن يقوم البرنامج بإنتاج فيديو لخطبة جمعة للخطيب الفلاني، فيستعين البرنامج بالمعلومات التي تحت تصرفه وينتج فيديو لهذا الخطيب يخطب فيه خطبة جمعة على النحو المطلوب... وهكذا.
ب- وبناء على ما ذكرناه في بند (رابعاً - 1 و3)، فإن كانت الصورة نقلاً لذات الشيء مثل الصورة الفوتوغرافية في المكان والزمان فلا شيء في ذلك، وأما إن كانت الصورة من باب التشبيه للشيء من حيث خلقته، أي كالتصوير اليدوي أو بالكمبيوتر، فلا تجوز، لأن كلمة التصوير تنطبق عليها، أي (يضاهون خلق الله)، ثم إذا أضيف لهذه الصورة أمور غير حقيقية أي ليست كواقع الحال مثل أن يغير في تضاريس وجهه، أو في نوع لباسه أو يظهره يخطب الجمعة وهو غير موجود، أو يشكل صورة لإنسان ميت...إلخ، أي على غير هيئة الشخص صاحب الصورة في المكان والزمان عند إظهار هذه الصورة، فهذا فضلاً عن التحريم فتنطبق عليه نصوص تحريم الخديعة، والكذب، وإلحاق الضرر...إلخ وذلك بسبب التلاعب في الصور على غير الحقيقة:
- قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «الْخَدِيعَةُ فِي النَّارِ وَمَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» أخرجه البخاري.
- قال رسول الله ﷺ: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» أخرجه أحمد.. وأخرجه ابن ماجه، والحاكم في المستدرك.
- قال الرسول ﷺ: «وَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ» وأخرجه مسلم بلفظ «وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ»
وعليه فالتصوير الذي يغير حقيقة الشيء فيظهره على غير حقيقته.. هو كذب وخداع لا يصح ولا يجوز.. وكذلك فإن إلحاق الضرر بالشخص المصون الذي يتم تصويره على غير حقيقته من خلال التلاعب بالتصوير كذلك لا يصح ولا يجوز للأدلة أعلاه.. ويكون الذي يستعمل برامج الذكاء الاصطناعي لإنتاج هذه الصور آثماً.. ويزداد الإثم إثماً إذا كانت تلك الصور والفيديوهات:
* توليد صور الرسل والأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أو لتوليد فيديوهات تمثلهم وتنطق على ألسنتهم، وذلك لما للأنبياء من حرمة، فالنبي قد اختاره الله سبحانه بالنبوة والرسالة، وهي مزِيَّة خاصة به، وليست لسواه من البشر، فتوليد صورة أو فيديو للنبي أو الرسول الذي أوحي إليه هو عدوان على الرسالة، وعدم إعطاء النبوة حقها، وعدم تقدير الرسالة قدرها، وفي ذلك ظلم كبير للرسالة والرسول...
* لتوليد صورة أو فيديو فيه ترويج لأفكار الكفر، أو ترويج للفسق والفجور، أو إساءة للأعراض، أو ترويج سائر ما هو محرم من أفعال وأقوال..
هذا ما أرجحه في هذه المسألة والله أعلم وأحكم.
أخوكم عطاء بن خليل أبو الرشتة
18 جمادى الآخرة 1447هـ
الموافق 09/12/2025م
رابط الجواب من صفحة الأمير (حفظه الله) على: الفيسبوك



