الحوار الحي الإساءات والتوظيف السياسي ج1
- نشر في تسجيلات قاعة البث الحي
- قيم الموضوع
- قراءة: 377 مرات
مواعظ الواعظ لن تقبلا | حتى يعيها قلبه أولا |
يا قوم من أظلم من واعظ | قد خالف ما قاله في الملا |
أظهر بين الناس إحسانه | وبارز الرحمن لما خلا |
لطائفُ المَعارف فيما لمواسم العام من الوظائف
الحافظ ابن رجب الحنبلي
وَصَلِّ اللَّهُمَّ عَلَىْ سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ وَعَلَىْ آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ
وَالسَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ
أيها المؤمنون :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد :
يؤمن المسلم بالبعث والنشور بعد النفخ بالصور مرة ثانية، والمراد بالبعث إحياء العباد في يوم المعاد، والنشور مرادف للبعث في المعنى، يقال: نشر الميت نشورا إذا عاش بعد الموت، وأنشره الله أي أحياه. قال تعالى: ( قتل الإنسان ما أكفره من أي شيء خلقه من نطفة خلقه فقدره ثم السبيل يسره ثم أماته فأقبره ثم إذا شاء أنشره ). (عبس22) وقال تعالى: ( يا أيها الناس إن كنتم في ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة لنبين لكم ونقر في الأرحام ما نشاء إلى أجل مسمى ثم نخرجكم طفلا ثم لتبلغوا أشدكم ومنكم من يتوفى ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئا وترى الأرض هامدة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج ). (الحج 5)
وقد أكثر الله تعالى في كتابه من ضرب المثل للبعث والنشور بإحياء الأرض بالنبات كما في الآية الخامسة التي تلوناها آنفا من سورة الحج ؛ لأن إنبات الأجساد من التراب يكون بعد إنزال الماء الذي ينبتها، وهذا يشبه إنبات النبات من الأرض إذا نزل عليها الماء من السماء في الدنيا. قال تعالى في الآية الثامنة عشرة من سورة نوح عليه السلام: ( والله أنبتكم من الأرض نباتا ثم يعيدكم فيها ويخرجكم إخراجا ). (نوح18) وقال تعالى في الآية التاسعة والثلاثين من سورة فصلت: ( ومن آياته أنك ترى الأرض خاشعة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت إن الذي أحياها لمحيي الموتى إنه على كل شيء قدير ). (فصلت 39) وقال تعالى في الآية التاسعة من سورة فاطر: ( والله الذي أرسل الرياح فتثير سحابا فسقناه إلى بلد ميت فأحيينا به الأرض بعد موتها كذلك النشور ). (فاطر 9)
البعث خلق جديد :
يعيد الله العباد أنفسهم يوم البعث، ولكنهم يخلقون خلقا مختلفا في بعض الصفات عما كانوا عليه في الحياة الدنيا، فمن ذلك: أنهم لا يموتون مهما أصابهم البلاء: أخرج البخاري في صحيحه عن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم : " يقال لأهل الجنة: يا أهل الجنة, خلود لا موت, ولأهل النار: يا أهل النار, خلود لا موت ". وقال تعالى: ( يتجرعه ولا يكاد يسيغه ويأتيه الموت من كل مكان وما هو بميت ومن ورائه عذاب غليظ ) (إبراهيم 17) وقال تعالى: ( والذين كفروا لهم نار جهنم لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها كذلك نجزي كل كفور). (فاطر 36)
أول من تنشق عنه الأرض :
أول من تنشق عنه الأرض يوم القيامة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم . عن ابن عمر, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أنا أول من تنشق عنه الأرض يوم القيامة, ثم أبو بكر, ثم عمر, ثم يأتي أهل البقيع فيحشرون معي, ثم أنتظر أهل مكة فيحشرون معي ". (رواه الترمذي في سننه)
اللهم اجعلنا ممن يحشرون في زمرة المصطفى صلى الله عليه وسلم مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين, وحسن أولئك رفيقا. اللهم آمين آمين آمين برحمتك يا أرحم الراحمين.
أيها المؤمنون :
نكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة, موعدنا معكم في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى, فإلى ذلك الحين وإلى أن نلقاكم ودائما, نترككم في عناية الله وحفظه وأمنه, سائلين المولى تبارك وتعالى أن يعزنا بالإسلام, وأن يعز الإسلام بنا, وأن يكرمنا بنصره, وأن يقر أعيننا بقيام دولة الخلافة في القريب العاجل, وأن يجعلنا من جنودها وشهودها وشهدائها, إنه ولي ذلك والقادر عليه. نشكركم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله الواحد القهار, عدد أغصان الأشجار, وعدد ما خلق الله في البحار والأنهار والقفار, والصلاة والسلام على النبي المختار, وآله الأطهار, وصحبه الأبرار, وتابعيه الأخيار, ما تعاقب الليل والنهار, واجعلنا اللهم معهم, واحشرنا في زمرتهم برحمتك يا عزيز يا غفار.
أما بعد :
أيها المؤمنون :
فإن من أعظم حقوق النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم حماية جنابه ومقامه, والذب عن عرضه, والانتصار له ضد شانئيه, والانتقام من محاربيه الذين يسبونه أو يمسون مقامه بأي نوع من أنواع الانتقاص من قدره الشريف, فقد أجمع أئمة الإسلام كما روى ذلك إسحاق بن راهويه على أن من سب رسول الله صلى الله عليه وسلم أو استهزأ به أو انتقص من حقه على أنه كافر خارج من الملة عقوبته القتل مرتدا, قال تعالى: ( وَمِنهُمُ الذِينَ يُؤذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُن قُلْ أُذُنُ خَيرٍ لَكُمْ ). إِلَى أَنْ قَالَ سُبحَانَهُ: ( وَالذِينَ يُؤذُونَ رَسُولَ اللهِ لَهم عَذَابٌ أَلِيمٌ ). (التوبة:61). ثم قال سبحانه وتعالى : ( أَلَم يَعلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحادِدِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارُ جَهَنَّمَ خَالِداً فِيهَا ذَلِكَ الخِزيُ العَظِيمُ ). (التوبة:63).
أيها المؤمنون :
من هذه الآيات الكريمة نعلم أن من يسب رسول الله صلى الله عليه وسلم أو يستهزئ به أو ينتقص من قدره أنه يحادد الله ورسوله أي يحارب الله ورسوله فالمحاددة معناها المحاربة, والمحاربة أغلظ وأشد من الكفر؛ لأنها كفر مع المعاداة والمناوأة والمشاققة والمعاندة, فدلت هذه الآيات على أن من يسب سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أو يستهزئ به أو ينتقص من حقه أنه محارب لله ورسوله, وأنه كافر كفرا أكبر, وخارج من الملة!
أيها المؤمنون :
تأملوا قوله سبحانه: ( فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِداً فِيهَا ).(التوبة:63). فإذا صدر إيذاء النبي صلى الله عليه وسلم بسبه أو الاستهزاء به أو الانتقاص من حقه, إذا صدر ذلك ممن يظهر الإسلام فهو كافر مرتد, أجمع الأئمة الأربعة وغيرهم على أنه يقتل مرتدا كافرا خارجا من الملة, ولا تلزم استتابته قبل ذلك فقد سمع سيف الله المسلول خالد بن الوليد رضي الله عنه وأرضاه سمع رجلا يسب النبي صلى الله عليه وسلم فقتله دون أن يستتيبه, فإذا كان المسلم يقتل بذلك, فالذمي من باب أولى, وكذلك الكافر سواء أكان معاهدا أو غير معاهد, فكل من يسب رسول الله صلى الله عليه وسلم أو يستهزئ به أو ينتقص من حقه, سواء أكان مسلما في ظاهره أو ذميا أو كافرا, معاهدا أو غير معاهد يجب قتله, والذي يجب أن يتولى تنفيذ ذلك ولي أمر المسلمين مادام لهم ولي شرعي,فأما إذا كانوا في زمان أو مكان ليس لهم فيه ولي شرعي فعلى المسلمين أن يعملوا بأقصى طاقة وقوة لمبايعة خليفة يحمي بيضة الإسلام والمسلمين، ويتخذ الإجراء المناسب حيال كل من يتعدى على ما هو مقدس !
أيها المؤمنون :
قال تعالى: ( يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَن تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِم قُلِ اسْتَهْزِؤُواْ إِنَّ اللّهَ مُخْرِجٌ مَّا تَحْذَرُونَ وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ).(التوبة:64-66) دلت هذه الآية الكريمة على أن من يستهزئ بشيء من القرآن أو يستهزئ بشيء من الدين أو مقام النبوة بسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فضلا عن مقام الألوهية فهو كافر مرتد خارج من الملة إن كان ممن يظهر الإسلام, ويجب قتله سواء أكان مسلما أو ذميا أو كافرا معاهدا أو غير معاهد؛ لأنه لا يصدر ذلك إلا من منافق كافر عدو لله ورسوله, وقد سمى سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من يسبه عدوا فقال في رجل كان يسبه: " من يقتل عدوي؟ " وقال صلى الله عليه وسلم: " من لي بعدوي؟ " أي من يقتل عدوي؟ وقال في كعب بن الأشرف اليهودي الخبيث قال: " من لي بكعب بن الأشرف فقد آذى الله ورسوله!؟ "
أيها المؤمنون :
انتدب رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين لقتل ذلك اليهودي مع أنه كان معاهدا, أتدرون لماذا؟ لأنه كان يسب سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بل ويهجوه في شعره ويهجو المسلمين ويشبب بنسائهم وبناتهم أي يتغزل بهن بغية نشر الفساد الخلقي! وكان يؤلب بشعره المشركين على المسلمين فانتدب رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه من يقتله, فخرج إليه نفر من أبطال الأنصار على رأسهم محمد بن مسلمة, خرجوا إليه وهو وراء حصنه, فاستنزلوه من حصنه وقتلوه وعفروا التراب بدمه النجس الخبيث!
أيها المؤمنون :
وإنما أهدر النبي صلى الله عليه وسلم دمه مع أنه كان معاهدا؛ لأن المعاهد والذمي ينتقض ما بينه وبين المسلمين بمجرد الطعن في دين الإسلام أو سب سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أو إيذاء المسلمين, فعلى كل مسلم من المسلمين سواء أكانوا رعاة أو رعية أن يذبوا عن عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم, وأن يحموا مقامه وجنابه الشريف من شناءة أعدائه ومحاربيه وشانئيه, وأن ينتصروا له!
ويجب على الدولة الإسلامية أن تحمي مقام سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن تذب عن عرضه وأن توقع العقوبة الشرعية على كل من يسبه أو يستهزئ به ومن انتقص من حقه صلى الله عليه وسلم أو انتقص من أي من زوجاته الطاهرات المطهرات أمهات المؤمنين , فإن الانتقاص من أمهات المؤمنين انتقاص من عرضه صلى الله عليه وسلم. ويجب على الدولة الإسلامية أيضا أن تقوم على ذلك فتعاقب من يسب الله ورسوله وينتقص من هذا الدين!
أيها المؤمنون :
ويجب على كل مسلم ومسلمة أن يذب عن عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم. فإذا سمع المسلم أو المسلمة أحدا يسب رسول الله صلى الله عليه وسلم أو يستهزئ به أو ينتقص منه بأي شكل من أشكال الانتقاص فلم يغضب لرسول الله, ولم ينتصر له صلى الله عليه وسلم ولم يعاقب ذلك الساب أو يسعى لدى ولي الأمر في معاقبته, وفي سبيل إقامة الحكم الشرعي عليه, فإذا لم يفعل ذلك مع قدرته عليه فهو منافق معلوم النفاق مشكوك في إيمانه وإسلامه؛ لأن الله تعالى يقول: ( لَا تَجِدُ قَوماً يُؤمِنُونَ باللهِ وَاليَومِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ ). (المجادلة:22). وقد بينا أن من معاني محادة الله ورسوله سب رسول الله صلى الله عليه وسلم, أو الانتقاص من حقه أو الاستهزاء به.
أيها المؤمنون :
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم. أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
أعده الأستاذ محمد أحمد النادي