اعلموا أيها المسلمون
- نشر في ثقافية
- قيم الموضوع
- قراءة: 419 مرات
نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
جاء في حاشية السندي، في شرح سنن ابن ماجة "بتصرف" في " باب ما جاء في الاعتكاف":
حدثنا هَنَّادُ بنُ السُّرِّيِّ حدثنا أبو بكرِ بنُ عَيَّاشٍ، عن أبي حُصَيْنٍ عن أبي صالحٍ عن أبي هريرةَ قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكفُ كلَّ عامٍ عَشَرَةَ أيامٍ، فلما كان العامُ الذي قُبِضَ فيه، اعتكَفَ عشرينَ يوماً، وكان يُعْرَضُ عليه القرآنُ في كلِّ عامٍ مرةً، فلما كان العامُ الذي قُبِضَ فيه عُرِضَ عليهِ مَرَّتَيْنِ).
أيها اأخوة الكرام:
الاعتكافُ في الشرعِ هو اللُّبْثُ في المسجدِ مدةً على صفةٍ مخصوصةٍ مع نيةِ التقربِ إلى اللهِ سبحانه وتعالى.
وبالنظرِ إلى هذا الحديثِ وغيرِه، نجدُ أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قد داومَ على الاعتكافِ في العشْرِ الأواخرِ من رمضانَ حتى وفاتِه، وكان إذا لم يتسنَّ له الاعتكافُ بسببِ السفرِ، قامَ بالاعتكافِ في العامِ الذي يليه، ليؤكدَ كلُّ ذلك على أن الاعتكافَ قُرْبةٌ إلى الله سبحانه.
والاعتكافُ يصحُّ في أيِّ يومِ على مَدارِ العام، وأن ما جاء في النصوصِ من حُصولِ الاعتكافِ في العشرِ الأواخرِ من رمضانَ، فإنما جاءَ على سبيلِ الندبِ والأفضليةِ ليسَ غيرُ، فهو في رمضانَ أفضلُ منه في غيرِه، وهو في العشْرِ الأواخرِ من رمضانَ أفضلُ منه في غيرِها كما دلّت عليه النصوصُ الشرعية.
أيها المسلمون:
لقد انقطعَ الاعتكافُ في أيامِنا هذه، فالمساجدُ تُغْلَقُ في كثيرٍ من بلادِ المسلمين بعدَ صلاةِ التراويح، فلا اعتكافَ ولا ثوابَ. وأصبحتِ العشرُ الأواخرُ عشراً للراحةِ بعد صيامِ ثُلُثَيِ الشهرِ؛ بل أصبحت أياماً للبيع والشراء، ومداهمة الأسواق، هكذا أراد الحكامُ في دنيا المسلمين، هذه العشرَ من رمضان، " قِسطاً للراحةِ بعدَ عَناءِ الصيام ". ولكنْ والحمدُ لله، فقد أدركتِ الأمةُ ما يُراد بها، وأصبح الإسلامُ هو المحركَ لها، وأدركت من هو عدوُّها. فوقفت في ساحات التغيير، تهتفُ بصوتٍ واحدٍ" الأمة تريد خلافة من جديد"، فالحمد لله رب العالمين.
الإخوة الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أَخْبَرَنَا سَعِيد بن أبي أيوب قَالَ: حَدَّثَنَا أبو هانئ الخولاني أنه سمع خالد بن أبي عمران يقول، قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم:( من أطاع الله فقد ذكر الله وإن قلت صلاته وصيامه وتلاوته القرآن ومن عصى الله فقد نسي الله وإن كثرت صلاته وصيامه وتلاوته القرآن).
وَصَلِّ اللَّهُمَّ عَلَىْ سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ وَعَلَىْ آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ
وَالسَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ
أيها المسلمون:
أيها المؤمنون: ننتقل وإياكم إلى المرحلة الثانية, وهي مرحلة إثبات المحدودية للأشياء المدركة المحسوسة ومع:
السؤال الخامس عشر: هل الإنسان محدود؟
الجواب: الإنسان محدود؛ لأنه ينمو في كل شيء إلى حد ما ولا يتجاوزه, فهو محدود, وكذلك قدراته وطاقاته الجسدية والعقلية محدودة, فسمعه محدود, وبصـره محدود, وعقله محدود, وعمره محدود, ورزقه محدود, وكل شيء فيه محدود.
السؤال السادس عشر: هل جنس الإنسان محدود؟
الجواب: جنس الإنسان كذلك محدود؛ لأن ما يصدق على الفرد يصدق على الجنس كله, مهما تعددت أفراده, والفرد الواحد يموت, معناه جنس الإنسان يموت, وهذا يعني أن جنس الإنسان محدود.
السؤال السابع عشر: هل الحياة محدودة؟
الجواب: الحياة محدودة, لأن مظهرها فردي فقط, والمشاهد بالحس أنها تنتهي في الفرد, فهي محدودة, وما دامت الحياة تنتهي بالفرد الواحد, فمعناه أن جنس الحياة ينتهي فهي محدودة.
السؤال الثامن عشر: هل الكون محدود؟
الجواب: الكون محدود؛ لأنه مجموع أجرام, وكل جرم منها محدود, ومجموع المحدودات محدود بداهة, وذلك لأن كل جرم منها له أول وله آخر, فمهما تعددت الأجرام فإنها تظل تنتهي بمحدود.
السؤال التاسع عشر: هل المحدود أزلي؟
الجواب: المحدود ليس أزليا, وإلا لما كان محدودا؛ لأن المدرك المحسوس إما أن يكون له أول فيكون ليس أزليا, وإما أن يكون لا أول له فيكون أزليا, وثبت أن المحدود له أول, فلا يكون أزليا؛ لأن مدلول الأزلي أن لا أول له, وما لا أول له لا آخر له قطعا؛ لأن وجود آخر يقتضي وجود أول؛ لأن مجرد البدء لا يكون إلا من نقطة, وهذا يعني أن النهاية لا بد منها.
السؤال العشرون: هل المحدود مخلوق:
الجواب: حين ننظر إلى المحدود نجده ليس أزليا, وإلا لما كان محدودا, فلا بد أن يكون المحدود مخلوقا لغيره, فكون الكون والإنسان والحياة محدودة, معناه أنها ليست أزلية, وإلا لما كانت محدودة, وما دامت ليست أزلية فهي مخلوقة لغيرها, مخلوقة لخالقها الأزلي, مخلوقة لله تعالى, لا إله إلا هو سبحانه.
السؤال الحادي والعشرون: هل القول بأن الوجود لا يخرج عن خالق ومخلوق حقيقة قطعية أم إنه فرض جرى ترتيب البرهان عليه؟
الجواب: إن القول بأن الوجود لا يخرج عن خالق ومخلوق ليس فرضية, وإنما هو حقيقة قطعية؛ لأننا لم نقم الفرضية أولا ورتبنا عليها البرهان حتى يحتاج إلى إثبات الفرضية ليصح البرهان, وإنما وضعنا الأشياء المدركة المحسوسة موضع البحث فعلقنا النظر إلى أنها محتاجة قطعا.
السؤال الثاني والعشرون: من خلق الخالق؟
الجواب: في مضمون السؤال الجواب عليه, فالله خالق, وكونه خالقا يجعلنا لا نتصوره مخلوقا, إذ لو كان مخلوقا لما استطاع أن يخلق. ألا ترى أن الإنسان مثلا, وهو أرقى وأقوى المخلوقات, مع كل ما أوتي من إمكانات لم يستطع أن يخلق شيئا من عدم, فكيف نتصور خالق هذا الكون مخلوقا. ويقول علماء التوحيد: إن مثل هذا السؤال لا معنى له, ويقولون: إذا سرنا مع السائل شوطا عندما سأل من خلق الله؟ فقلنا لهم: غيره وليكن "س" مثلا. يعود السائل يسأل: ومن خلق غيره؟ فنقول له: غيره وليكن "ص" مثلا. يعود السائل يسأل: ومن خلق غيره؟ فنقول له: آخر وليكن "ع" مثلا. وماذا بعد ذلك؟ فإننا بالتالي لا بد أن نصل في النهاية إلى ذات لا بداية لها ولا خالق, ونفهم من هذا كله أن الخالق هو الله وحده لا إله إلا هو, ولا خالق سواه.
نكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة, موعدنا معكم في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى, فإلى ذلك الحين وإلى أن نلقاكم, نترككم في عناية الله وحفظه وأمنه, والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على إمام المتقين, وسيد المرسلين, المبعوث رحمة للعالمين, سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين, واجعلنا معهم, واحشرنا في زمرتهم برحمتك يا أرحم الراحمين.
أيها المسلمون:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد: في هذه الحلقة نواصل تأملاتنا في كتاب: "من مقومات النفسية الإسلامية". ومن أجل بناء الشخصية الإسلامية, مع العناية بالعقلية الإسلامية والنفسية الإسلامية, نقول وبالله التوفيق:
قلنا في الحلقة السابقة: "ولا يقاس التسميع على الرياء في إبطال العمل؛ لأن العمل الذي يخالطه الرياء يعد كأنه لم يقع فهو باطل، بينما العمل الذي كان خالصا لله ثم تبعه التسميع يعد أنه وقع صحيحا، فلا تقاس القربة التي وقعت صحيحة على القربة التي وقعت باطلة".
ونحن بحمد الله في حزب التحرير نقوم بأعمال كثيرة نقصد بها القربة إلى الله جل في علاه, ونخفيها خشية الوقوع في معصية الرياء والتسميع, ولكننا - والله أعلم بإيماننا ونوايانا, وهو وحده الذي يتولى السرائر- نجد أنفسنا رغما عنا مضطرين إلى أن نصرح بالأعمال التي قمنا بها, وذلك بعد القيام بها بفترة طويلة, لا من أجل الرياء, ولا من أجل التسميع, بل من أجل إتمام العمل الذي كنا قد بدأناه منذ زمن بعيد وحان قطاف ثمره, وآن أوان ظهوره وإظهاره للأمة التي اكتوت بنار الأنظمة الوضعية, وعانت وما زالت تعاني الأمرين, وهي تتلمس طريقها نحو العزة, لنقول لها وللعالم أجمعين: من هنا الدرب أيها التائهون! وهذه هي سبيل الخلاص! هذه هي طريق النجاة فاسلكوها! وحتى لا نغرق في التخيلات؛ ولكي نكون بعيدين كل البعد عن الأوهام؛ سأدخل مباشرة في الموضوع الذي سأحدثكم عنه. يقولون: رب ضارة نافعة, فلقد كانت فترة اعتقالي عام ثلاثة وثمانين وتسعمائة وألف ميلادية, وسجني في واحد من سجون الظالمين في ولاية الأردن من أعظم نعم الله علي, تعلمت خلالها الكثير من الأمور المتعلقة بحمل الدعوة, ووقفت على بعض الحقائق. أذكر لكم منها حقيقة عشتها واقعا محسوسا.
لقد اعتدى رئيس الوزراء آنذاك مضر بدران على أملاك بعض شيوخ العشائر من بني حسن, فسلب أموالهم واغتصب أراضيهم, فما كان منهم إلا أن ثاروا ضده, وحصلت اشتباكات مسلحة بينه وبينهم, فما كان منه إلا أن زج بهم في غياهب السجون, وكان نصيبهم أن أدخلوا عندنا, وبوصفنا حزبا سياسيا يستفيد من الأحداث, ويوظفها في خدمة الدعوة, فقد دعوناهم إلى وليمة, فاستجابوا بحمد الله لسببين اثنين: بسبب معرفتهم المسبقة للحزب الذي كان يديم الاتصال بهم من أجل إعطاء نصرتهم له, وبسبب وجود واحد منهم معنا كان قد سجن على قضية أخلاقية ثم تاب وصلح حاله.
وبينما هم على مأدبة الغداء, وشباب الحزب قائمون على إكرامهم وفي خدمتهم, إذ سمعوا خبر اعتقال خمسين من أعضاء حزب التحرير في تونس وكلهم من كبار العسكريين والطيارين والأطباء والمهندسين, سمعوه من إذاعة وراديو مونت كارلو عبر جهاز صغير جدا بحجم نصف الكف تقريبا, عندها قال قائلهم والمتحدث بلسانهم, وقد كان لبقا ذكيا: والله يا شباب حزب التحرير, نحن في حيرة من أمرنا! ثم سكت, فقال له المحاور من شباب الحزب: ولم الحيرة يا أخانا؟ قال الشيخ: حقا إننا لفي حيرة من أمرنا, لأننا لا ندري هل نهنئكم بهذا الخبر أم نعزيكم به؟ نهنئكم لأنكم تستحقون التهنئة! فها هي نتائج جهودكم التي بذلتموها في حمل الدعوة قد ظهرت وبرزت حتى وصلت إلى بلاد المغرب العربي! أو هل نعزيكم في مصابكم لأن اعتقال خمسين من أعضائكم ومناصريكم مصاب جلل وعظيم يستوجب منا أن نعزيكم بهم أحر التعازي!
ولم يقف الأمر عند هذا الحد, بل إن هؤلاء الشيوخ رفضوا تلبية دعوة أعضاء الحزب الشيوعي لتناول طعام الوليمة التي أعدوها في اليوم التالي إكراما لهم, لأن أعضاء الحزب الشيوعي الذين كانوا مسجونين معنا, لما رأوا بأم أعينهم العمل السياسي الذي قام به شباب حزب التحرير, أحبوا أن يقلدوهم, فأعدوا لهم وليمة كبيرة ودعوهم إليها فرفضوا دعوتهم. فما كان من أعضاء الحزب الشيوعي إلا أن ازدادوا إصرارا على أن يلبي شيوخ العشائر دعوتهم فيحضروا لتناول طعام الغداء معهم وفي مهجعهم. لكن الشيوخ كانوا أشد إصرارا منهم! فرفضوا دعوتهم رفضا قاطعا, ولما سألهم أحد الشيوعيين عن سبب رفضهم فقال لهم: لماذا لبيتم دعوة شباب حزب التحرير, ورفضتم تلبية دعوتنا؟ فأجابهم الناطق باسمهم: لأن حزب التحرير يدعوننا إلى التخلص من الأنظمة الوضعية الكافرة, ليقيم على أنقاضها دولة الخلافة على أساس الإسلام الذي هو ديننا وعقيدتنا, فماذا تريدون منا؟ أتريدون أن نستبدل الصرمة بالحذاء؟ والمعنى: أتريدون منا أن نستبدل دولة كافرة بدولة أخرى كافرة؟ وتلو قول الله جل في علاه: {أفنجعل المسلمين كالمجرمين ما لكم كيف تحكمون}.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
محمد أحمد النادي