الحوار الحي- مفاوضات أديس أبابا والتنازلات المطلوبة من حكومة السودان ج1
- نشر في تسجيلات قاعة البث الحي
- قيم الموضوع
- قراءة: 424 مرات
إنه لأمر مروع للغاية مراقبة القوى الكبرى التي ضربتها موجة شلها في نهجها لمنع المذبحة التي يتعرض لها المسلمون في سوريا وبورما، وما يجعل موقفهم أكثر بغيضة هو أن بعض هذه القوى تتبجح بكل وقاحة بحمايتها لحقوق الإنسان، وجعلت من هذا الادعاء محور حضارتها، ولكنها لا ترى أن مُثلها العليا قد انتهكت إذا كان المسلمون هم الضحايا، فالمنتهية ولايته مبعوث الحرب الدولية كوفي عنان يجسد التقاعس عن العمل الجماعي في الأمم المتحدة في قوله "لا يزال بالإمكان إنقاذ سوريا من أسوأ كارثة" ألا يكفي مذبحة من 20,000 سوري لحشد الوعي الجماعي العالمي لمنع الطاغية بشار من ذبح شعبه بلا رحمة على أسس طائفية؟
وفي مكان آخر فإنه من الصعب تصديق اللامبالاة التي تبديها القوى الكبرى لوقف أعمال القتل الوحشي وذبح المسلمين في بورما، وقد فتحت هذه اللامبالاة شهية ما يسمى بالرهبان البوذيين "السلميين!" لسفك دم المسلمين، واغتصاب النساء المسلمات وازدراء التجمعات المسلمة، وبالمناسبة، فإن هؤلاء الرهبان هم الرهبان أنفسهم التي قامت العواصم الغربية ولم تقعد بسبب نضالهم الأخير في المطالبة بالديمقراطية، ولكن جرائمهم البشعة التي ارتكبوها ضد المسلمين قد ذهبت على ما يبدو دون أن يلاحظها أحد.
ولسنوات عديدة الآن، فإن القوى الكبرى تدرك تماما حجم اضطهاد المسلمين في كل من سوريا وبورما، ووقفت بشكل جلي على الطبيعة الشريرة لنظام بشار، وعلى الشر للطغمة العسكرية البورمية التي تضاف إلى سجلات تاريخهم، ففي عام 1982 كان العالم يراقب في صمت تام حافظ الأسد جزار مدينة حماة، حيث قتل 30,000 مسلم بينهم نساء وأطفال. وبالمثل، فقد اختار العالم الصمت بشأن إبادة المسلمين الروهينغيا في بورما، حتى إن الأمم المتحدة نفسها التي تدّعي بأنها المنافحة عن السلم والأمن قد وصفت المسلمين الروهينغيا بالمجتمع الأكثر اضطهادا في العالم، ويشار إليها بفلسطين آسيا، وقد بدأ المجلس العسكري البورمي في عام 1962 برنامج التطهير العرقي، والذي لا يزال مستمرا بلا هوادة لغاية اليوم.
يجب علينا كمسلمين أن لا نفاجأ من سلوك القوى الكبرى وسلوك الأمم المتحدة، فخذ على سبيل المثال الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن واضطهادهم غير المحدود للمسلمين، فتاريخ أمريكا مليء بدماء المسلمين الأبرياء التي سفكت في الحروب ومن الاستنزاف والانقلابات العسكرية والعمليات العسكرية وفرض العقوبات والغزوات السرية، ويكفي النظر في حملة أمريكا الشرسة ضد "الإرهاب" أي ضد المسلمين في العراق والصومال وأفغانستان وباكستان واليمن...، لمعرفة شعور الازدراء والعداء الأمريكي تجاه المسلمين، كما إن الاستعمار القديم للقوة الاستعمارية، بريطانيا وفرنسا، قد سفك الكثير من دم المسلمين خلال تقسيم الهند وحرب الاستقلال في الجزائر، فكلا القوتين، القديمة والحديثة، لا تزالان تقومان بأعمالهما العدائية ضد المسلمين، وهم في طليعة العديد من الحملات الصليبية الأمريكية.
أما روسيا والصين فهما لا يقلان إجراما عن القوى الغربية، ولو أن روسيا حاولت إخفاء مجازر القتل في الشيشان عن طريق إعطاء الشيشان غروزني عاصمة لها، وتواصل الصين اضطهاد المسلمين في تركستان الشرقية ووضعهم في ظروف مروعة وحرمانهم عن قصد من حقوقهم الأساسية، وهذه الجرائم ضد الإنسانية لم تروِ عطشهم من دماء المسلمين ورغبتهم في رؤية الإسلام يندثر. قال الله تعال ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ)).
وعلاوة على ذلك، فقد شجّعت مثل هذه الأعمال بلداناً أخرى لارتكاب أعمال قذرة ضد المسلمين، حيث تستمر دولة يهود في قمع الفلسطينيين من خلال اتخاذ إجراءات عقابية لا تمارس حتى في معسكرات الاعتقال، ومحبوبة الغرب، الهند، تفوقت على أسيادها الغربيين من خلال تحويل كشمير إلى السجن الأكبر في العالم.
من كل ما تقدم فإنه من الواضح أن هناك معياراً للعالم الإسلامي وآخر لبقية العالم، وباختصار، لقد أعلنت القوى الكافرة الكبرى عن فتح هذا الموسم على المسلمين في كل مكان، وأمام الأعداء الكارهين للإسلام، قال الله تعالى ((إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ)).
أيها المسلمون! بعد كل هذا فإنه لا ينبغي لكم السعي للحصول على مساعدة من القوى الكبرى الكافرة أو الطلب من ساستهم رفع هذا العدوان ضد إخوانكم المسلمين، فهم يعلمون جيدا كيف تستخدم حكوماتهم القانون الدولي والأمم المتحدة لصياغة الحلول التي تهدف إلى تقسيمكم وإضعافكم، قال الله تعالى ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ)).
القوى الكافرة الكبرى ليست وحدها التي تكره المسلمين، فقد انضم إلى هؤلاء حكام المسلمين العملاء إلى حملتهم الصليبية لقمع المسلمين في العالم الإسلامي، فعداء هؤلاء الحكام العملاء هو أسوأ بكثير وأعمق مقارنة مع أسيادهم، فهدف هؤلاء الحكام هو الوقوف بحزم ضد الأمة الإسلامية لحماية أسيادهم الكفار وحماية مصالحهم، انظر كيف يتقاطرون لحماية المصالح الإستراتيجية والتجارية للاستعمار الغربي في سوريا وبورما، وما الإدانات الخجولة لبشار وللمجلس العسكري الحاكم في بورما إلا لذر الرماد في العيون، فما هي إلا وعود فارغة وشعارات رخيصة، فهم يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف، ونفاقهم تجاه المسلمين لا يعرف حدودا، يقول الله سبحانه وتعالى عنهم ((الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ)).
وفي وقت لاحق من رمضان سيجتمعون في مكة المكرمة بناء على طلب من الملك عبد الله خادم المصالح الغربية في المنطقة، وسوف يتكالبون على مآدب فخمة، في حين تعاني الأمة من الظلم وسفك الدماء، وسوف يناقشون محنة المسلمين في سوريا وبورما، ولكن لن يتمخض الاجتماع عن شيء، ما لم تقرر القوى الكافرة الكبرى خلاف ذلك، فهدفهم الحقيقي هو حماية عروشهم من الثورات والحفاظ على مصالح سادتهم الكفار، لذلك لا تنبهروا بخطاباتهم، فقد حذر الله منهم حيث قال ((وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ)).
أيها المسلمون! لقد كان على أيديكم فضح الجرائم البشعة للرئيس بن علي ومبارك والقذافي وصالح وبشار أمام العالم، والآن في ليلة القدر فإن الوقت قد حان لمضاعفة الجهود التي تبذلونها والعمل الجاد من أجل استكمال القضاء على أنظمة الكفر التي تكبّلكم، والحكام العملاء الذين يسمحون للقوى الكافرة لإخضاعكم والإساءة لكم وللإسلام، ولا يمكن القضاء على هذه الأنظمة إلا من خلال العمل مع القوات المسلحة لإعادة إقامة دولة الخلافة، وعندها فقط سيوقف الاضطهاد والإذلال في أماكن مثل سوريا وبورما وإزالتها بشكل دائم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إنما الإمام جنة يقاتل من ورائه ويتقى به".
وتذكروا قول ربكم في ليلة القدر ((إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ)).
أبو هاشم البنجابي
- عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( تَحَرَّوْا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْوِتْرِ مِنْ الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ)
وعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُجَاوِرُ( يعتكف) فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ وَيَقُولُ: " تَحَرَّوْا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ ". رواه البخاري
- وروى النسائي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:(أتاكم رمضان شهر مبارك فرض الله عز وجل عليكم صيامه، تفتح فيه أبواب السماء وتغلق فيه أبواب الجحيم، وتغل فيه مردة الشياطين، لله فيه ليلة خير من ألف شهر من حرم خيرها فقد حرم».
- عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( مَن صام رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدَّم من ذنبه ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدَّم من ذنبه ". رواه البخاري ومسلم وأبو داود والنَّسائي والدارمي وابن حِبَّان.
- عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:" دخل رمضان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن هذا الشهر قد حضركم وفيه ليلةٌ خيرٌ من ألف شهر، مَن حُرِمَها فقد حُرِم الخيرَ كلَّه ، ولا يُحْرَم خيرَها إلا محرومٌ". رواه ابن ماجه. ورواه أحمد والنَّسائي من طريق أبي هريرة رضي الله عنه
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
جاء في تُحْفَةِ الأَحْوَذِيِّ، في شرح جامع الترمذي "بتصرف" في" باب ما جاء لا صيام لمن لم يَعْزِمْ من الليل"
حدثنا إسحاقُ بنُ منصورٍ أخبرنا ابنُ أبي مريمَ أخبرنا يحيى بنُ أيوبَ، عن عبدِ اللهِ بنِ أبي بكرٍ عن ابنِ شِهابٍ، عن سالمِ بنِ عبدِ اللهِ عن أبيه عن حفصةَ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: " مَنْ لم يُجْمِعِ الصيامَ قبلَ الفجرِ فلا صِيامَ له".
أيها الكرام:
هل تجبُّ النيةُ في رمضانَ لكل يوم كما يُفهم من ظاهرِ الحديث، أم أن الصائمَ تُجْزِئُهُ نيةٌ واحدةٌ لجميعِ الشهر؟
الحقيقة أن النيةَ تَجِبُ في رمضانَ لكل يوم، وليس صحيحا أن نيةً واحدةً تُجزئُ لجميعِ الشهر، وذلك لأن صومَ كلِّ يومٍ عبادةٌ مستقلةٌ، فإنه لا بد له من النيةِ حتى يَصِحَّ، وهذا ما عليه الجمهورُ، وهو بخلافِ صومِ التطوعِ، الذي يصحُّ عَقْدُ نيتِهِ في النهارِ في أي جزءٍ منه، ولو كانَ ذلك قبلَ الغُروبِ بساعةٍ، فقد ورد عنه -صلى الله عليه وسلم- في الحديثِ الذي روته عائشةُ أمُّ المؤمنينَ رضيَ الله عنها،حيث قالت: " دخلَ عليَّ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فقال: هل عندَكم شيءٌ؟ فقلنا: لا، قال: فإني إذنْ صائمٌ، ثم أتانا يوما آخرَ فقلنا: يا رسول الله، أُهْدِيَ لنا حَيْسٌ، فقال: أرِيْنِيْهِ، فلقد أصبحتُ صائما، فأكلَ". وهنا يظهرُ الفرقُ في النية بين صيامِ الفرضِ وصيامِ التطوعِ. فصيامُ الفرضِ لا بدَّ له من نيةٍ مُبَيَّتَةٍ في الليلِ، وصيامُ التطوعِ يجوزُ عَقْدُ نيتِهِ في النهارِ.
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على إمام المتقين, وسيد المرسلين, المبعوث رحمة للعالمين, سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين, واجعلنا معهم, واحشرنا في زمرتهم برحمتك يا أرحم الراحمين.
أيها المسلمون:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد: في هذه الحلقة نواصل تأملاتنا في كتاب: "من مقومات النفسية الإسلامية". ومن أجل بناء الشخصية الإسلامية, مع العناية بالعقلية الإسلامية والنفسية الإسلامية, نقول وبالله التوفيق: موضوع حلقتنا لهذا اليوم هو "الشروط الواجب توافرها فيمن يخطب الجمعة".
اقتبست مادة هذه المقالة من مقالة كتبها الأستاذ علي مدني الخطيب الداعية المصري جزاه الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء.
إن الخطابة هي فن مشافهة الجماهير والتأثير عليهم، وخطبة الجمعة كانت ولا تزال لها تأثير كبير إذا أديت على الوجه الصحيح. وأما الشروط التي يجب أن تتوافر فيمن يخطب الجمعة، فمن الممكن أن نلخصها في الأمور الآتية:
أولا: يجب أن يشعر الخطيب بأنه صاحب رسالة يؤديها، ويقصد من خلالها وجه الله، حتى ولو كانت تلك وظيفته التي يقتات منها، وذلك لأن صاحب الرسالة يستفرغ كل طاقته في محاولة توصيلها للناس، لا يكل ولا يمل. والمشكلة الآن في أن الخطابة قد أصبحت وظيفة يتكسب بها الخطباء عند الغالبية العظمى منهم في كل البلدان، وهذا ما ضيع كثيرا من فائدتها. وعما قريب في ظل دولة الخلافة القادمة بإذن الله ستعود الخطابة إلى سابق عهدها, تؤدي دورها في الأمة على أحسن وجه وعلى أفضل ما يرام.
ثانيا: الخطابة فن، ولذا ينبغي لمن يتصدى لها أن يكون ذا موهبة، يثقلها بالعلوم والمعارف المختلفة، ذات الصلة الوثيقة بعلم الخطابة، فسعة الاطلاع خير معين للخطيب في أداء خطبته بقوة وتأثير.
ثالثا: الناس ينظرون إلى سلوك الخطيب، ويدققون النظر فيه، ولذا ينبغي أن تتطابق أفعاله مع أقواله، فالتزام الخطيب بأحكام الإسلام بوجه عام، وتطبيق ما يدعو إليه في خطبته، يجعل لكلامه قبولا عند المستمعين، أما مخالفة القول للعمل، فأكثر المستمعين لا يثقون به ولا بكلامه.
رابعا: أن يكون الخطيب شجاعا في قول الحق، مع التحلي بالحكمة وحسن التقدير للموقف، بعيدا عن التهور والاندفاع غير المحسوب، فالشجاعة في قول الحق صفة أساسية لا بد وأن يتحلى بها الخطيب؛ لأنه سيتعرض لأمور كثيرة, إن لم تكن عنده الشجاعة الكافية فلن يستطيع أن يوفيها حقها.
وكما نطالب الخطباء بالشجاعة، فإننا نطالب الحكام أن يسمعوا كلمة الحق ويستجيبوا لها. كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "لا خير فيكم إن لم تقولوها ولا خير فينا إن لم نسمعها!".
خامسا: أن يكون وثيق الصلة بجمهوره، أقصد مستمعيه، وأن يحدث تقاربا بينه وبينهم، فيعود مرضاهم، ويسأل عن غائبهم، ويشارك في وضع الحلول لمشكلاتهم، وكلما اقترب من المدعوين ووقف بجانبهم في أزماتهم كان ذلك أدعى إلى التفافهم حوله.
مع ملاحظة أن يعف نفسه عما في أيدي الناس، كما ورد في الحديث الشريف عن سهل بن سعد الساعدي، قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل، فقال: يا رسول الله، دلني على عمل إذا أنا عملته أحبني الله وأحبني الناس؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ازهد في الدنيا يحبك الله، وازهد فيما في أيدي الناس يحبك الناس". رواه ابن ماجة بسند صحيح.
سادسا: أن يكون على قناعة تامة بما يدعو إليه، حتى يكون قادرا على الإقناع والتأثير، فالإيمان بقضية ما يجعل صاحبها يدافع عنها بكل ما يملك.
سابعا: اختيار موضوع الخطبة بحيث يعالج القضايا التي لها مساس بواقع الحياة التي يحياها الناس، ويناقش المشكلات الاجتماعية المتعددة، ويحاول طرح الحلول المناسبة لها والمستنبطة من الشرع الحنيف، أما الموضوعات السلبية التي لا تعالج أمراض المجتمع وعلله المختلفة، فإن الاستفادة منها تكون قليلة. ويا حبذا لو اتفق خطباء الحي وحاملي الدعوة ممن يأمرون بالمعروف, وينهون عن المنكر, ويحرصون على تبليغ رسالة الإسلام للناس كافة, يتفقون على موضوع واحد، كل يعالجه بأسلوبه الخاص به، مع التقيد بالأحكام الشرعية, فستكون النتيجة أجدى وأفضل.
ثامنا: فصاحة اللسان، وسلامة مخارج الحروف، مع مراعاة حسن الإلقاء، قوة ولينا، فلا يكون الإلقاء على وتيرة واحدة، حتى لا يمل السامع.
تاسعا: حسن الهندام والمظهر، وإن كان لا دخل له في شخصية المرء, وهو من القشور كما بيـنا سابقا, لكن الأولى والأفضل أن يحرص المؤمن أن يظهر بالمظهر الحسن, فينبغي أن تكون ملابسه مرتبة, وهيئته حسنة.
عاشرا: أن يتجنب الألفاظ المسيئة التي لا يحسن استخدامها ومن الأمثلة على ذلك ما قاله أحد الخطباء في حضرة عمر بن الخطاب رضي الله عنه: قال: "من يطع الله ورسوله فقد رشد, ومن يعصهما فقد ضل ضلالا مبينا" فقال له عمر رضي الله عنه: "بئس الخطيب أنت!". والخطأ في قوله: "ومن يعصهما" حيث استخدم ضمير المثنى "هما" ليعبر به عن الله ورسوله, والصواب ترك الضمير, وأن يقول: "ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا".
حادي عشر: مع الإعداد الجيد، ومع كل ما سبق: التوكل على الله، وطلب العون منه، كما فعل ذلك نبي الله موسى عليه السلام، حينما دعا ربه قائلا: {رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي}. (طه 28)
ثاني عشر: مميزات الخطبة الناجحة خمسة: مقدمة قوية, وصوت واضح, وممارسة, وإلقاء معتدل وخاتمة قوية.
ثالث عشر: أقسام أو أجزاء الخطبة ثلاثة: هي المقدمة, والموضوع, والخاتمة.
رابع عشر: أهداف الخطبة أربعة هي: الإفهام والإقناع والإمتاع والاستمالة.
خامس عشر: خصائص أسلوب الخطبة عشر: قصر الجمل والفقرات, وجودة العبارة والمعاني, وشدة الإقناع والتأثير, والسهولة, ووضوح الفكرة, وجمال التعبير, وسلامة الألفاظ, والتنويع في الأسلوب ما بين الإنشائي والخبري, وقلة الصور البيانية, والإكثار من السجع غير المتكلف.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
محمد احمد النادي