الجمعة، 10 ذو الحجة 1446هـ| 2025/06/06م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
إنها ليست حزمة قضائية بل هي رقعة مهترئة!  إنها ليست تعديلاً في تنفيذ العقوبات بل هي تنظيم لتصفية الأشخاص

بسم الله الرحمن الرحيم

 

إنها ليست حزمة قضائية بل هي رقعة مهترئة!

إنها ليست تعديلاً في تنفيذ العقوبات بل هي تنظيم لتصفية الأشخاص

 

 

الخبر:

 

وافقت الجمعية العامة للبرلمان التركي الكبير يوم الأربعاء الموافق 4 حزيران/يونيو 2025 على الحزمة القضائية العاشرة. وتهدف هذه الحزمة، التي تتضمن تعديلات مهمة على نظام تنفيذ العقوبات، إلى تعزيز السلم المجتمعي في البلاد. (TRT Haber، 04/06/2025م)

 

التعليق:

 

أصبح اعتماد حزمة قضائية جديدة في البرلمان التركي كل عام بمثابة تقليد راسخ، وكأنها "طبق الأرز المُعاد تسخينه" (تعبير تركي يعني التكرار الممل)، ولكن الجوهر لا يتغير. هذه التعديلات القضائية، التي تُعلن من وقت لآخر تحت مسميات مختلفة وتستهدف شرائح مجتمعية متعددة، تخدم في الواقع هدفين رئيسيين: أولاً، بسبب اكتظاظ السجون، تُجرى تعديلات تهدف إلى تفريغها عبر الإفراج عن بعض المحكومين تحت عنوان عفو جزئي. ثانياً، تُستخدم هذه التعديلات كأداة سياسية للإفراج عن أشخاص معينين لأغراض انتخابية، أي أن من ارتكب جرائم في سبيل دعم السلطة، يُطلق سراحه في نهاية المطاف. بعبارة أخرى، الإصلاحات القضائية في تركيا لا تأتي لحل مشكلة قائمة، بل أصبحت هي نفسها مصدراً لمشاكل جديدة. فبينما من المفترض أن تُسن القوانين لحل مشكلات الناس، نجدها في الحالة التركية تحت هيمنة النظام الرأسمالي أصبحت سبباً للمشكلات لا حلّاً لها.

 

لقد أظهرت التعديلات القضائية التي اعتمدت حتى الآن، بما في ذلك ما يُسمى بالترقيع القضائي العاشر، أن الأنظمة أو القوانين البالية التي يصنعها الإنسان ليست مؤهلة لحل مشكلاته. فهذه القوانين، التي هي نتاج عقل بشري محدود وناقص، إنما جاءت كمحاولات لتقديم حلول وقتية لمشكلات آنية، لكنها سرعان ما تفقد صلاحيتها وتصبح بحاجة إلى تعديل أو مراجعة في سياق زمني مختلف. ولهذا، فإن التغيير والتحوير قد باتا قَدَراً ملازماً لهذه القوانين! غير أن القانون الحقيقي لا ينبغي أن يتقيّد بزمان أو مكان، لأن مشكلات الإنسان بطبيعتها ثابتة، وكذلك ينبغي أن تكون الحلول لها ثابتة لا تتغير بتغير الظروف أو الأزمان. إن القوانين التي تتبدل بتبدل الزمان والمكان لا يمكن أن تكون سوى قوانين وضعية بشرية، أما القوانين التي تنبع من الشرع، فإنها تتناول جوهر المشكلات وجذورها، ولذلك لا تحتاج إلى تعديل ولا تخضع للتقادم أو التغيير.

 

فعلى سبيل المثال، في الإسلام، فإن عقوبة القتل العمد أو الزنا أو شرب الخمر معروفة ومحددة شرعاً، ولا يمكن بحالٍ من الأحوال تغييرها أو التلاعب بها وفقاً لأهواء الحاكم أو رغبات السلطة. وهذه الأحكام لم تُشرَّع بناءً على ظروف مؤقتة أو سياقات زمانية مخصوصة، بل هي أحكام أنزلها الله سبحانه وتعالى لحل مشكلات الإنسان الناتجة عن طبيعته البشرية. فالإنسان هو الإنسان، في أي زمان ومكان، ومشاكله التي تنبع من شهواته ونوازعه ثابتة لا تتغير، وبالتالي فإن الحلول لهذه المشكلات ينبغي أن تكون ثابتة كذلك. فالذي يتغير هو الواقع الصناعي من حول الإنسان، لا طبيعته ولا احتياجاته الأساسية. ولهذا فإن العقوبات التي شرعها الإسلام لا تهدف فقط إلى المعاقبة، بل هي رادعة ووقائية بطبيعتها، ولذلك فإن المجتمعات التي تطبقها بشكل سليم لا تعاني من مشكلة امتلاء السجون أو إعادة الجريمة كما هو الحال في الأنظمة الوضعية. وفوق ذلك، فإن الإسلام لا يعتمد في مثل هذه الجرائم - كالقتل والزنا التي تستوجب القتل أو الرجم - على العقوبات بالسجن، بل تُنفّذ الحدود في العلن وفقاً لأحكام الشرع، ولا تُطبق العقوبة إلا إذا لم يتنازل أولياء الدم (في القتل)، ما يلغي الحاجة إلى نظام سجون مكتظ ومعقد.

 

إن الشعار الذي يردده الساسة والإعلام الموالي لهم بأن "تعديل نظام تنفيذ الأحكام سيساهم في تعزيز السلم المجتمعي" ليس إلا عبارة جوفاء وذريعة واهية تهدف إلى تهدئة الرأي العام وامتصاص غضبه. فهي كلمة تُقال لتبرير أمر لا يمكن تبريره. ونسأل هنا: هل ساهمت الحزمة القضائية التاسعة وما سبقها، فعلاً، في تعزيز السلم المجتمعي؟ أم أنها ساهمت في تقويضه وزعزعته وتفجيره من الداخل؟ عندما يُطلق سراح المجرمين الحقيقيين ويُلقَون في أحضان المجتمع من جديد، وخاصة إذا كانوا يعلمون مسبقاً أن كل مرة يدخلون فيها السجن ستأتيهم فرصة عفو في الطريق، فإن ارتكاب الجرائم سيغدو أسهل وأقل كلفة بالنسبة لهم. وهذا ما يحدث فعلاً على أرض الواقع.

 

إذا كان أردوغان وفريقه يبحثون فعلاً عن السلم المجتمعي ويطمحون إليه بصدق، فإن الطريق ليس عبر تعديل قوانين تنفيذ الأحكام، بل من خلال الإسلام. فالسلم الحقيقي والأخوّة الصادقة لا تكون إلا في الإسلام. ألم يكن أردوغان وفريقه يرددون هذا الشعار لسنوات طويلة في الماضي؟ أم أنهم قالوا ذلك فقط لخداع المسلمين واستغلال مشاعرهم؟ لكن عندما وصلوا إلى السلطة، اكتشفوا - على حد زعمهم - أن السلم لا يكون في الإسلام، بل في الرأسمالية، فتبنّوها وساروا على نهجها! والحقيقة أن أردوغان لم يكن يوماً همّه الإسلام، بل استخدمه وسيلة للوصول إلى الحكم، وهو اليوم يستخدمه مرة أخرى للبقاء في الحكم والحفاظ على عرشه وسلطانه.

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

أرجان تكين باش

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع