- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
قمة منظمة الدول التركية إحدى المشاريع الغربية
(مترجم)
الخبر:
في 8 تشرين الأول/أكتوبر، أفادت وكالة أنباء الأناضول بأن "القمة الثانية عشرة لرؤساء دول منظمة الدول التركية عقدت في مدينة غابالا الأذرية في الفترة من 6 إلى 7 تشرين الأول/أكتوبر 2025 تحت شعار "السلام والأمن الإقليمي". وانتقلت رئاسة المنظمة من قرغيزستان إلى أذربيجان. وشارك ممثلون رفيعو المستوى من جميع الدول الأعضاء والمراقبين، ما جعل هذه القمة واحدة من أهم القمم في تاريخ المنظمة.
وعقب القمة، اعتمد القادة إعلان غابالا المكوّن من 121 بنداً، ووقعوا اتفاقياتٍ بشأن إنشاء صيغة "منظمة الدول التركية +"، وتعزيز مركز الثقافة والتراث التركي، وإعادة تنظيم الأكاديمية التركية. وأصبحت تركمانستان مراقباً في الأكاديمية التركية ومؤسسة الثقافة والتراث التركيين، وأصبحت جمهورية شمال قبرص التركية مراقباً في أكاديمية الدول التركية".
التعليق:
ترتبط أصول منظمة الدول التركية في الماضي القريب بعد انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1992، وبمبادرة من رئيس تركيا آنذاك تورغوت أوزال، عُقدت أول قمة للدول الناطقة بالتركية في أنقرة. وفي عام 2021، أعلن الرئيس التركي أردوغان في إسطنبول عن إعادة تسمية مجلس الدول التركية إلى "منظمة الدول التركية".
تقوم الفكرة الرئيسية وراء بناء التعاون بين هذه الدول على القومية، حيث تُعدّ لغة الشعوب الناطقة بالتركية العامل الموحد الرئيسي. وهذه ليست فكرة جديدة؛ إذ يُمكننا أن نرى أوجه شبه في جامعة الدول العربية، فقد اقترحت بريطانيا العظمى الفكرة عام ١٩٤٣، ووُقّعت اتفاقية إنشاء الجامعة عام ١٩٤٥ في القاهرة، ومنذ ذلك الحين، تعاني شعوبها من طغيان الحكام والمستعمرين. وعلى مر السنين، غرقت هذه الدول في براثن الفقر والخراب. لم تجلب أي قمة أو اتفاقية وقّعتها الدول الرخاء والسلام إليها. بل على العكس، تعيش هذه الدول حالة من التوتر، مع ثورات وانقلابات وحروب لا تنتهي. والوضع مشابه في دول الشعوب الناطقة بالتركية.
أولاً: إن فكرة توحيد الشعوب الناطقة بالتركية أو العربية هي أداة يستخدمها الغرب، ممثلاً بالولايات المتحدة وبريطانيا، لتقسيم البلاد الإسلامية بهدف الحفاظ على نفوذه في المنطقة من خلال إقامة أنظمة استبدادية على المسلمين ومنع قيام الخلافة الراشدة الثانية.
ثانياً: إن الروابط القومية غير مناسبة تربط بين الشعوب لثلاثة أسباب: إنها روابط القرابة والروابط القبلية، وهي غير مناسبة لتوحيد الشعوب التي سلكت طريق النهضة. ولأنها رابطة عاطفية، فهي تنبع من غريزة البقاء وتؤدي إلى حب السلطة. كما أنها ليست رابطة إنسانية لأنها تسبب النزاع والصراع بين الناس في السعي وراء السلطة. وهذا ما يثبته واقع البلاد الإسلامية، التي تهيمن عليها اليوم حدود وطنية وضعها المستعمرون.
ثالثاً: فيما يتعلق بقمة رابطة الدول المستقلة، بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، ظهرت مشكلة دولية جديدة في العالم وهي مشكلة آسيا الوسطى، والتي تقوم على رغبة أمريكا في إخراج روسيا من مناطق نفوذها في آسيا الوسطى والقوقاز. تعمل منظمة الدول المستقلة كأداة للمناورات الفكرية والسياسية لأمريكا، بهدف إخراج روسيا من هذه المناطق من ناحية، ومن ناحية أخرى، لتقسيم المسلمين على أساس قومي بين عرب وأتراك وفرس. تستغل أمريكا الضعف السياسي والاقتصادي لروسيا بعد بدء الحرب في أوكرانيا لتكثيف صراعها في القوقاز وآسيا الوسطى.
ومن الأمثلة البارزة على ذلك حل الصراع بين أذربيجان وأرمينيا، الذي استمر لأكثر من 30 عاماً. ففي آب/أغسطس، وقّع ترامب اتفاقيةً بشأن ممر زانجيزور من أذربيجان عبر أرمينيا إلى تركيا، لمدة 99 عاماً، ليُطلق عليه "طريق ترامب للسلام والازدهار الدوليين". يربط هذا الممر تركيا مباشرةً بدول آسيا الوسطى. وفيه ستصبح أذربيجان الآن مركزاً رئيسياً للنقل في أوراسيا.
تستخدم أمريكا ممر زانجيزور كأداة جيوسياسية، حيث يفتح هذا الممر فرصاً جديدة لدول آسيا الوسطى، موفراً طرقاً بديلة للطاقة تتجاوز الطرق الروسية. ويُعدّ تكثيف علاقات أمريكا مع دول آسيا الوسطى واستخدام أذربيجان للوحدة مع أوزبيكستان بمثابة ضربة مباشرة من أمريكا لإضعاف روسيا في المنطقة.
هذه الحقيقة المؤسفة والأسباب التي تجعل المستعمرين يتصارعون فيما بينهم من أجل امتلاك موارد البلاد الإسلامية وصفها النبي ﷺ في أحد أحاديثه، فقد روى الإمام أحمد وغيره حديثا رواه ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «يُوشِكُ الْأُمَمُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ كَمَا تَدَاعَى الْأَكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِهَا. فَقَالَ قَائِلٌ: وَمِنْ قِلَّةٍ نَحْنُ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: بَلْ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ وَلَيَنْزَعَنَّ اللَّهُ مِنْ صُدُورِ عَدُوِّكُمْ الْمَهَابَةَ مِنْكُمْ وَلَيَقْذِفَنَّ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ الْوَهْنَ. فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا الْوَهْنُ؟ قَالَ: حُبُّ الدُّنْيَا وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ».
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
إلدر خمزين
عضو المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير



