الجمعة، 10 شوال 1445هـ| 2024/04/19م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
ظاهرة جيل الساندويش، حياة بائسة في ظل الرأسمالية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

ظاهرة جيل الساندويش، حياة بائسة في ظل الرأسمالية

(مترجم)

 

 

الخبر:

 

ينتمي أكثر من 50 مليون إندونيسي والذين هم في سن الإنتاج إلى جيل الساندويش. إنهم يقعون تحت العبء الاقتصادي المتمثل في الاضطرار إلى إعالة أطفالهم وفي الوقت نفسه دعم احتياجات الجيل الذي فوقهم. تم تجسيد صورة هذا الجيل في استطلاع أجرته مؤسسة كومباس للبحث والتطوير في 9-11 آب/أغسطس 2022. وأظهرت نتائجه أن 67% من المستجيبين لهذا الاستطلاع زعموا أنهم يتحملون عبء كونهم جيل الشطيرة. فإذا ما تم حساب هذه النسبة من عدد السكان الذين هم في سن الإنتاج في إندونيسيا، والذي يبلغ 206 مليون شخص، فمن المقدر أن هناك 56 مليون شخص يندرجون في فئة جيل الشطيرة. من حيث العمر، ينتشر جيل الساندويش الإندونيسي عبر جميع الأجيال، وتوجد النسبة الأكبر في الجيل من 24-39 عاماً، والتي تبلغ 43.6%، يليها الجيل من 40-55 عاماً بنسبة 32.6%. كما وتم إيجاد جيل الشطيرة أيضاً بنسبة 16.3% بين الجيل أقل من 24 عاماً الذين كانوا من العمال الشباب.

 

قال تانتان هرمان شاه، عالم الاجتماع من جامعة ولاية جاكرتا الإسلامية، إن الضغط المتراكم الذي يعاني منه جيل الشطيرة يمكن أن يتحول إلى إحباط مجتمعي. إن مصير جيل الشطيرة في إندونيسيا، وخاصة ذوي الدخل المنخفض، مقلق للغاية. تجبرهم الظروف على الكدح مثل الآلات دون تحقيق مستوى كافٍ من الرفاهية. دخلهم ينضب لتلبية الاحتياجات الأساسية لأسرهم وعائلاتهم الممتدة. وليس لديهم مجال للادخار أو الاستثمار. في الواقع، لا يملك البعض منهم الأموال للترفيه والهروب من إرهاق الحياة. في الوقت نفسه، يشاهدون معارض لأساليب الحياة الباذخة على وسائل التواصل التي تحفز على المتعة والمرح. بطبيعة الحال، فإن جيل الشطيرة قريب من ظاهرة الإحباط المجتمعي.

 

التعليق:

 

مصطلح جيل الساندويش هو شكل من أشكال التعبير الذي يعكس الإحباط المجتمعي بسبب مشكلة العبء الاقتصادي في إندونيسيا. تمثل هذه الظاهرة أيضاً أن الحياة الاقتصادية تزداد صعوبة بينما يزداد غزو القيم الليبرالية بشكل أعنف في مهاجمة نمط الحياة الإسلامي.

 

لقد أجبر تطبيق النظام الاقتصادي الرأسمالي في البلاد الإسلامية العديد من العائلات المسلمة على التركيز فقط على النضال من أجل تلبية الاحتياجات الأساسية لأسرهم، بسبب عدم المساواة والفقر الذي يستمر تحت نظام الكفر المسيطر علينا. لقد أثر الترويج لقيم المادية العلمانية أيضاً على طبيعة العلاقات المجتمعية والعلاقات الأسرية لتصبح كالمعاملات، على سبيل المثال، الأطفال عبارة عن استثمارات، والآباء عبارة عن ماكينات صرف آلي، أو يجب إرجاع تكاليف تعليم الأطفال من خلال الدخل من عمل الأطفال. لقد أدى أسلوب الحياة الرأسمالي إلى تسميم العديد من العائلات المسلمة بالإضافة إلى الظروف الاقتصادية الصعبة بشكل متزايد بسبب سياسات الدولة الليبرالية الجديدة مثل ارتفاع أسعار الوقود.

 

للأسف، يقول بعض الخبراء الماليين في إندونيسيا إن سبب جيل الشطيرة يعود إلى فشل الجيل السابق في التخطيط للأمن المالي المستدام للجيل القادم. يميل هذا النوع من التحليل إلى أنه تحليل جزئي كما ويتسبب في تأجيج المشاعر السلبية (إلقاء اللوم على الآخر) بين الأجيال. على العكس من ذلك، لا تتوقف هذه القضية عند مستوى الأسرة، بل هي أوسع وأشمل من ذلك، فهي تتعلق بمسؤولية الدولة لتزويد الناس.

 

إن أسباب ظاهرة جيل الساندويش في إندونيسيا تتمحور تحت شقين في الواقع، وهما: 1- أسلوب حياة استهلاكي بسبب ترتيب قيم العلمانية المادية. 2- ضعف دور الدولة في ضمان الاحتياجات الأساسية لرعاياها بسبب تنفيذ النظام الاقتصادي الرأسمالي. لقد حذر القرآن الكريم من ضيق الحياة لمن يضل ويبتعد عن أحكام الله: ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِيْ فَاِنَّ لَهُ مَعِيْشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمَى﴾.

 

من الواضح أن المصاعب التي يمر بها جيل اليوم هي نتيجة الاستعمار الاقتصادي الغربي الحديث، نتيجة إهمالنا وتخلينا عن الأحكام الإسلامية في جميع مناحي الحياة. فالدولة تتهاون في تلبية الحاجات الأساسية لرعاياها وتعطي القطاع الخاص سجادة حمراء لرعاية الخدمات العامة للشعب. ويقوم النظام الاقتصادي على الربا. والنظام الاجتماعي يقلد تماما الحضارة الغربية المليئة بمفهوم الحرية الجنسية.

 

بينما مبادئ الاقتصاد الإسلامية التي شرحها الشيخ تقي الدين النبهاني رحمه الله تؤكد على الدور الحيوي للدولة في تلبية الاحتياجات الأساسية لرعاياها جميعاً فردا فردا. ولا يتم تقييمها على أساس التراكم مثل النظرية الاقتصادية الرأسمالية. هذا المبدأ له تأثير مجتمعي هائل. فالحاجات الأساسية للرعايا هي المفتاح الأول لحضارة صحية، ومحدد للتنمية البشرية، والتي ستطلق العنان لنوعية أجيال الحضارة بطريقة مستدامة.

 

عندما يُحرم الرعايا من الاحتياجات الأساسية، سوف تبقى نظرتهم انطوائية وفردية، وغير قادرين على الاهتمام بالمشاكل الكبرى في بلدهم، ودائماً وضعهم في حالة الأزمات. من ناحية أخرى، عندما يتم تلبية الاحتياجات الأساسية، يمكن للبشر أن ينموا ويتطوروا ثم تتوسع الكثير من إمكاناتهم الفكرية واهتمامهم بالمشاكل الاستراتيجية الرئيسية. وسيتم تحويلهم إلى كائنات بشرية بارزة بمساهمة العمل الحضاري حتى تستمر حضارة المجتمع في النمو والازدهار.

 

سوف يتحولون إلى أفضل جيل في البشرية، حيث يعيشون حياة جيدة بسبب طاعتهم لربهم، والأجر والثواب لمن آمن وعمل الصالحات، أي الحياة التي تملؤها السعادة، بحيث تفيض الحياة بالهدوء والراحة، دون ضيق الصدر وعبء الصعاب.

 

﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةًۚ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوْا يَعْمَلُوْنَ

 

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

د. فيكا قمارة

عضو المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع