الثلاثاء، 07 شوال 1445هـ| 2024/04/16م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
الرعاية الصحية في الدولة الإسلامية – الحلقة الرابعة والعشرون

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

الرعاية الصحية في الدولة الإسلامية – الحلقة الرابعة والعشرون

 


نكمل فيما بدأناه من أنواع العلاجات التي يجب على الدولة أن توفرها لرعيتها:


ومن أنواع العلاجات التي أرشدنا إليها الإسلام، علاج الأمراض العقلية، فقد عرفه العرب قبل الإسلام، وكان هنالك من يمارس علاج الجنون، كضماد الأزدي. ولما جاء الإسلام أقر علاج الأمراض العقلية، وأقر من تقاضى أجرا على ذلك على أن لا يستخدم (الرقى والعلاجات) المحتوية على شرك. فقد روى الترمذي بسند صححه الألباني عن عمير مولى آبي اللحم قال: "شَهِدْتُ خَيْبَرَ مَعَ سَادَتِي فَكَلَّمُوا فِيَّ رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله وسلم) وَكَلَّمُوهُ أَنِّي مَمْلُوكٌ"، قَالَ: "فَأَمَرَ بِي فَقُلِّدْتُ السَّيْفَ فَإِذَا أَنَا أَجُرُّهُ، فَأَمَرَ لِي بِشَيْءٍ مِنْ خُرْثِيِّ الْمَتَاعِ، وَعَرَضْتُ عَلَيْهِ رُقْيَةً كُنْتُ أَرْقِي بِهَا الْمَجَانِينَ، فَأَمَرَنِي بِطَرْحِ بَعْضِهَا وَحَبْسِ بَعْضِهَا". أي أن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) أمره بإسقاط بعض كلمات الرقية التي تخالف القرآن والسنة: وإبقاء بعضها التي ليست كذلك.

 

وأما إقراره (صلى الله عليه وآله وسلم) من عالج الجنون ومن تقاضى أجرا على مداواة أمراض العقول، فقد روى أبو داود بسند صححه الحاكم والألباني عن خارجة بن الصلت التميمي عن عمه: أَنَّهُ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله وسلم) فَأَسْلَمَ، ثُمَّ أَقْبَلَ رَاجِعًا مِنْ عِنْدِهِ فَمَرَّ عَلَى قَوْمٍ عِنْدَهُمْ رَجُلٌ مَجْنُونٌ مُوثَقٌ بِالْحَدِيدِ، فَقَالَ أَهْلُهُ: "إِنَّا حُدِّثْنَا أَنَّ صَاحِبَكُمْ هَذَا قَدْ جَاءَ بِخَيْرٍ، فَهَلْ عِنْدَكَ شَيْءٌ تُدَاوِيهِ؟"، فَرَقَيْتُهُ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ فَبَرَأَ فَأَعْطَوْنِي مِائَةَ شَاةٍ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله وسلم) فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ: "هَلْ إِلا هَذَا؟" وَقَالَ مُسَدَّدٌ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: "هَلْ قُلْتَ غَيْرَ هَذَا؟" قُلْتُ: "لا"، قَالَ: "خُذْهَا فَلَعَمْرِي لَمَنْ أَكَلَ بِرُقْيَةِ بَاطِلٍ، لَقَدْ أَكَلْتَ بِرُقْيَةِ حَقٍّ".


إن الأمر بالتداوي في الحديث الشريف جاء عاما لكل ما ينطبق عليه لفظ التداوي، ومنه العلاج بالأشعة أو الدهون والعقاقير وغيرها مما توصل إليه العلم الحديث أو سيتوصل إليه مستقبلا، وما ذكرته السنة والآثار هو بعض العلاج الذي كان معروفا في عهده (صلى الله عليه وآله وسلم) وعهد صحابته (رضي الله عنهم).


وليس بالضرورة أن يكون العلاج الذي وصفه الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) في الأحاديث هو العلاج الأمثل لمرض معين، بل قد لا يصيب الدواء الموصوف في الحديث الشريف الداء ويصيبه دواء آخر توصل إليه العلم الحديث مثلا. وذلك لأن العلاج والأدوية هي من أمور الدنيا التي أخبرنا الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) أننا أخبر بها، حين قال في مسألة تأبير النخل (أي تلقيحه): "أَنْتُمْ أَعْلَمُ بِأَمْرِ دُنْيَاكُمْ".

 

فهذه الأحاديث تخصص الوحي فيما يبلغه الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) عن الله من تشريع وغيره من الأحكام والعقائد والأفكار والقصص، ولا يشمل الوحي الأساليب والوسائل وأمور الدنيا، من أعمال الزراعة والصناعة والعلوم ومنها الطب والعلاج والأدوية.

 

أما التمريض فهو حسن القيام على المريض، ويشمل التمريض تعزيز الصحة والوقاية من المرض، ورعاية المرضى والمعوقين والمحتضرين أو الجرحى في ساحات الجهاد.


وكانت النساء في زمنه (صلى الله عليه وآله وسلم) يقمن بوظيفة التمريض في المعارك وساحات الجهاد، ففي صحيح البخاري عن الربيع بنت معوذ قالت: "كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ (صلى الله عليه وآله وسلم) نَسْقِي وَنُدَاوِي الْجَرْحَى وَنَرُدُّ الْقَتْلَى إِلَى الْمَدِينَةِ"،


وعن أم سنان الأسلمية قالت: لَمَّا أَرَادَ رَسُولُ اللهِ (صلى الله عليه وآله وسلم) الخروجَ إلى خيبرَ جئتُهُ فقُلْتُ: "يا رسولَ اللهِ، أَخْرُجُ مَعَكَ في وَجْهِكَ هذا أَخْرِزُ السِّقَاءَ، وَأُداوي المَريضَ وَالجَريحَ إنْ كانتْ جِراحٌ، ولا تَكونُ، وَأَنْظُرُ الرَّحْلَ." فقالَ رسولُ اللهِ (صلى الله عليه وآله وسلم): "اخْرُجي على بركةِ اللهِ، فإنَّ لكِ صواحبُ قدْ كَلَّمْنَنِي وَأَذِنْتُ لَهُنَّ مِنْ قَوْمِكِ وَمِنْ غَيْرِهِمْ، فَإِنْ شِئْتِ فَمَعَ قَوْمِكِ وَإِنْ شِئْتِ فَمَعَنَا." قُلْتُ: "مَعَكَ". قالَ: "فَكُونِي مَعَ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجَتِي." قالَتْ: "فَكُنْتُ مَعَهَا".


كما يفهم من الأحاديث السابقة جواز مداواة المرأة للرجل الأجنبي أو تمريضه عند الضرورة، وتقدر هذه الضرورة بقدرها فيما يتعلق بالنظر والجس باليد وغير ذلك، ويقاس على ذلك جواز مداواة الرجل المرأة الأجنبية أو تمريضها.

 

 

جمع وإعداد: راضية عبد الله

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع