الخميس، 09 شوال 1445هـ| 2024/04/18م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
الرعاية الصحية في الدولة الإسلامية – الحلقة الخامسة والعشرون

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الرعاية الصحية في الدولة الإسلامية 

الحلقة الخامسة والعشرون

 

 

 

بعد أن أوضحنا في الحلقتين السابقتين الأمر الأول مما على الدولة توفيره لرعيتها من علاج وتوابعه، وهو (التطبيب والتمريض والدواء) ننتقل إلى:


ب) المساعدة خلال فترة التعافي: من حسن رعاية المريض أن لا يجهد نفسه في فترة تعافيه حتى يسترد عافيته كاملة، فلا يكلف في هذه الفترة مشقة ولا جهدا يضعفه. ولذلك توفر الدولة للناقه ما يلزمه من مال، إن لم يكن لديه مال، خلال فترة نقاهته التي يحدد الأطباء طولها حتى لا يجهد نفسه في السعي طلبا للرزق.

 

هذا وقد ذكرنا في الحلقة الثالثة كيف أن المرضى في مستشفيات الدولة الإسلامية الذين يستعيدون صحتهم ويتماثلون للشفاء كانوا يعزلون عن باقي المرضى في فترة نقاهة. وكان يعطى لكل مريض حين خروجه من البيمارستان خمس قطع من الذهب، حتى لا يضطر إلى الالتجاء إلى العمل الشاق في الحال."


ج) توفير الخدمة والمساعدة للمعاقين والعجزة والمصابين (المجانين):

 

من رحمة الله سبحانه وتعالى بذوي الاحتياجات الخاصة أن رفع الحرج عنهم، قال تعالى: (لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ) [الفتح 17]. وأوجب على أقاربهم من ذوي الرحم المحرم أن يتولوانفقة هؤلاء المحتاجين، من مأكل وملبس ومسكن. وتحصلها الدولة الإسلامية جبرا ممن فرضت عليه.

 

أما الذين لا رحم محرمة لهم، أو كانت رحمهم المحرمة عاجزة عن الإنفاق، فقد أوجب الشرع نفقتهم على الدولة من بيت المال، روى الإمام مسلم عن أبي هريرة قال: قالَ رسولُ اللهِ (صلى الله عليه وآله وسلم): "مَنْ تَرَكَ مَالاً فَلِلْوَرَثَةِ وَمَنْ تَرَكَ كَلاً فَإِلَيْنَا"، والكل: الضعيف الذي لا ولد له ولا والد.

 

أما ما يحتاجه المعاقون والعجزة من معدات أو أجهزة أو خدمات تعينهم في عجزهم وتخفف من إعاقتهم ككراسي العجلات أو العكازات أو أجهزة السمع، فعلى الدولة أن توفرها لهم، لأنها تدخل في الضرورات التي يسبب نقصها ضررا بمن يحتاجها، والضرر حرام لقوله (صلى الله عليه وآله وسلم): "لا ضَرَرَ وَلا ضِرارَ". كما أن هذه المعدات والخدمات تدخل ضمن التطبيب - وهو واجب على الدولة - لأن الهدف منها هو علاج العجز الناتج عن فقدان عضو من الجسم أو اختلال وظيفته.

 

كما وتنشئ الدولة الإسلامية ما يلزم من دور رعاية للمعاقين عقليا أو بدنيا ممن لا يستطيع ذووهم القيام برعايتهم بسبب شدة إعاقتهم واحتياجهم إلى رعاية خاصة، أو ممن قد يتسببون بالضرر لذويهم أو الجماعة إذا لم يتم عزلهم ومراقبتهم. وأن تكون دور الرعاية هذه مجهزة بما يحتاجه هؤلاء المعاقون، وأن تكون معاملتهم ورعايتهم فيها رعاية حسنة.

 

لقد كان مناهتمامه (صلى الله عليه وآله وسلم) بهم أنه كان يقف مع هؤلاء وأمثالهم ويقضي حاجتهم ويشفق عليهم، روى مسلم عن أنس (رضي الله عنه) أَنَّ امْرَأَةً كَانَ فِي عَقْلِهَا شَيْءٌ (أَيْ مِنْ الْفُتُورِ وَالنُّقْصَانِ)، فَقَالَتْ: "يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً"، فَقَالَ: "يَا أُمَّ فُلانٍ انْظُرِي أَيَّ السِّكَكِ شِئْتِ حَتَّى أَقْضِيَ لَكِ حَاجَتَكِ".

وكان عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) يتعهد عجوزا كبيرة عمياء في بعض حواشي المدينة من الليل فيسقي لها ويقوم بأمرها، فكان إذا جاءها وجد غيره قد سبقه إليها فأصلح ما أرادت، فجاءها غير مرة كيلا يسبق إليها، فرصده عمر فإذا هو بأبي بكر (رضي الله عنه) وهو يومئذ خليفة.

 

وكتب عمر بن عبد العزيز (رضي الله عنه) إلى أمصار الشام أن ارفعوا إلي كل أعمى في الديوان أو مقعد أو من به فالج أو من به زمانة تحول بينه وبين القيام إلى الصلاة، فرفعوا إليه، فأمر لكل أعمى بقائد وأمر لكل اثنين من الزمنى بخادم. وكذلك أعطى الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك الناس، وأعطى المجذومين، وقال لهم: لا تسألوا الناس، وأعطى كل مقعد خادما، وكل ضرير قائدا. 


وتأسست بيمارستانات (مستشفيات) الأمراض العقلية، في زمن الأمويين، وقد جاء في صك الأوقاف التي حبس ريعها لصالح المستشفى النوري أو العتيق بحلب أن كل مجنون يخص بخادمين فينـزعان عنه ثيابه كل صباح، ويحممانه بالماء البارد، ثم يلبسانه ثيابا نظيفة ويحملانه على أداء الصلاة، ويسمعانه قراءة القرآن يقرؤه رجل حسن الصوت، ثم يفسحانه في الهواء الطلق.

 

 

 

جمع وإعداد: راضية عبد الله

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع