مختصر السيرة النبوية العطرة

ح 65

أبو جهل فرعون هذه الأمة

كان عمرو بن هشام يعبد الأصنام، ويكنى بأبي الحكم!! ومن أين تأتي الحكمة لمن يعبد الأصنام؟ لذلك كناه رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبي جهل!! 

كان أبو جهل يرى النبي ﷺ في عزة في قومه، وكل الضعفاء يعذبون، ومحمَّد يغدو ويرجع، ولا أحد يتعرض له إلا بالاستهزاء، فجاء إلى النبي ﷺ يومًا، وهو يصلي عند الكعبة، فلما فرغ من صلاته، قال: يا محمَّد لقد فارقت دين آبائنا، وسفهت أحلامنا، وعبت آلهتنا فلماذا تصلي عند كعبتنا؟ اسمع يا محمَّد أنهاك أن تصلي ها هنا، وإن رأيتك تصلي سينالك مني ما لا ترضى!! فمضى النبي ﷺ وإذا بجبريل عليه السلام يهبط عليه في الطريق وينزل بإعجاز قرآني، وكانت أول آيات تنزل فيها زجر وتهديد على مصطلح العرب قال تعالى: (كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى، أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى، إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى، عَبْداً إِذَا صَلَّى، أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى، أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى، أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى، أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى، كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ، نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ). و(السفع) عند العرب تستعمل للخيل التي لم تروض، يعني يضرب الخيل على جبهته (ناصيته) بكف يده ضربات متتالية، فينخ ويسكت... استخدم الله هذا التعبير لأبي جهل ولا تستخدم إلا للبهائم!! تتمة الآيات قوله تعالى: (فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ، سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ) إذا أحضر رجاله وعشيرته يا محمَّد، فالله العلي العظيم سيُحضر له الزبانية.

ومن هم الزبانية؟؟ هم صنف من الملائكة أشدهم بطشًا، يعملون بأرجلهم كما يعملون بأيديهم، وهم الموكلون من الله بتعذيب أهل النار في جهنم، وهم ضخام الجثة، وغلاظ القلوب. تتمة الآيات قوله تعالى: (كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ). كلا: زجر لأبي جهل، واسجد يا محمَّد، ولا تلتفت إليه. بعد أن هدد أبو جهل النبي ﷺ، ورجع إلى قومه قال لقريش: لقد نهيت محمَّدًا أن يصلي عند الكعبة، واللات والعزى إن قدم اليوم يتحداني ويصلي، لآخذنّ حجرًا أرضخ به رأسه، وبعدها سلموني أو امنعوني فلتفعل بنو هاشم ما تشاء.

ويأتي ﷺ اليوم الثاني يصلي عند الكعبة، وأبو جهل على وعده لقريش فيتقدم النبي ﷺ بجلال قدره، ووقاره، ويستقبل البيت ويصلي. فقام إلى حجر كبير لا يستطيع رجل أن يحمله، وتحامل على نفسه، ورفعه، وأخذ يمشي خطوة خطوة حتى إذا سجد النبي ﷺ اقترب منه ورفع الحجر، وأراد أن يلقيه عليه وإذا أبو جهل يرجع القهقرى - يمشي للخلف - ويتغير لون وجهه، وأخذ يرتعد، وتيبس في مكانه، فأسرع القوم إليه، ما الأمر؟؟ قال: عندما اقتربت من محمَّد رأيت عند رأسه فحل (ذكر الجمل) فاتح فاه لو اقتربت خطوة لابتلعني، له أنياب لم أر مثلها، ثم ما إن رجعت للخلف حتى هبّ بيني وبينه وادٍ من لهب، فيه فَراش يطير كله له زبانية قال: ويلكم هذا الذي رأيت لماذا تلموني.. قالوا: قد سحرك محمَّد، ثم رجع أبو جهل إلى بيته، وهو يرتعد من الخوف، ولما أتم النبي ﷺ صلاته، ذهب الصحابة للنبي ﷺ، وأخبروه بما قال أبو جهل، فقال لهم: «أجل هذا أخي جبريل وقف بصورة فحل، والذي نفسي بيده لو تقدم خطوة بعد الذي رآه لالتقمه جبريل، وأخذته الزبانية عيانًا». لم يتوقف أبو جهل عند هذا الحد... سنتابع صلوا وسلموا على النبي الأمّيّ، عالي القدر، كبير الشأن، عظيم الجاه!! وَصَلَّى اللهُ عَلَى نَبِيِّنَا، وَحَبِيبِنَا، وَعَظِيمِنَا، وَقَائِدِنَا، وَقُدْوَتِنَا، وَقُرَّةِ أَعْيُنِنَا سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَالسَّلامُ عَلَيكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير الأستاذ محمد النادي