الثلاثاء، 06 محرّم 1447هـ| 2025/07/01م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

وقفة مع آية: ﴿قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ﴾

 

 

 

الوسط في القرآن: عدلٌ وثبات، لا اعتدال مُدَجَّن

 

في سورة القلم، قصّ الله علينا خبر أصحاب الجنة الذين أرادوا احتكار رزق الله ومنع المساكين، فجاءهم العذاب، ووقف أحدهم يعاتب: ﴿قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ﴾، ليس أوسطهم مكاناً أو سناً، بل أعدلهم وأرجحهم عقلاً، كما قال ابن عباس وغيره من المفسرين. وهذا المعنى هو نفسه الذي جاء في قوله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً﴾ أي أمة عدْل وخير، تقيم الحق وتزن الأمور بميزان الإسلام.

 

ولكن ما الذي حدث اليوم؟ لقد زُيّفت "الوسطية" في مفاهيم المسلمين، وصاروا يظنون أن الوسط يعني الميوعة والتنازل والمصالحة مع الباطل!

 

روّج الغرب الكافر لفكرة "الإسلام المعتدل"، أي الإسلام الذي يتخلى عن الجهاد، ويتعايش مع الرأسمالية، ويرضى بالديمقراطية، ويُحّيد الدين عن الحكم!

 

لكن أوسط الناس حقاً هم من يَصدَعون بكلمة الحق، ولا يخشون في الله لومة لائم، كما فعل أوسط أصحاب الجنة حين ذكّرهم بالله، وكما تفعل الأمة الوسط عندما تعلو براية لا إله إلا الله في الخلافة الراشدة.

 

وفسَّر الإمام الشوكاني هذه الآية: عن أبي سعيد عن النبي ﷺ قوله: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً﴾ قال: «عَدْلاً». عن أبي سعيد قال: قال رسول الله ﷺ: «يُدْعَى نُوحٌ عَلَيْهِ السَّلَام يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيُقَالُ لَهُ: هَلْ بَلَّغْتَ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ. فَيُدْعَى قَوْمُهُ فَيُقَالُ لَهُمْ: هَلْ بَلَّغَكُمْ؟ فَيَقُولُونَ: مَا أَتَانَا مِنْ نَذِيرٍ، أَوْ مَا أَتَانَا مِنْ أَحَدٍ، قَالَ: فَيُقَالُ لِنُوحٍ: مَنْ يَشْهَدُ لَكَ؟ فَيَقُولُ: مُحَمَّدٌ وَأُمَّتُهُ». قَالَ: فَذَلِكَ قَوْلُهُ ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً﴾. قَالَ: الْوَسَطُ الْعَدْلُ. قَالَ: فَيُدْعَوْنَ فَيَشْهَدُونَ لَهُ بِالْبَلَاغِ. قَالَ: ثُمَّ أَشْهَدُ عَلَيْكُمْ». وعن جابر عن النبي ﷺ قال: «أَنَا وَأُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى كَوْمٍ مُشْرِفِينَ عَلَى الْخَلَائِقِ. مَا مِنَ النَّاسِ أَحَدٌ إِلَّا وَدَّ أَنَّهُ مِنَّا، وَمَا مِنْ نَبِيٍّ كَذَّبَهُ قَوْمُهُ إِلَّا وَنَحْنُ نَشْهَدُ أَنَّهُ قَدْ بَلَّغَ رِسَالَةَ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ». وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن أنس قال: مَرُّوا بِجِنَازَةٍ فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا خَيْراً، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «وَجَبَتْ وَجَبَتْ وَجَبَتْ»، وَمَرُّوا بِجَنَازَةٍ فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا شَرّاً، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «وَجَبَتْ وَجَبَتْ وَجَبَتْ» فَسَأَلَهُ عُمَرُ فَقَالَ: «مَنْ أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ خَيْراً وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ، وَمَنْ أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ شَرّاً وَجَبَتْ لَهُ النَّارُ، أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللهِ فِي الْأَرْضِ، أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللهِ فِي الْأَرْضِ، أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللهِ فِي الْأَرْضِ» زاد الحكيم الترمذي: ثُمَّ تَلَا رَسُولُ اللهِ ﷺ ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً﴾ الآية.

 

وفسّر القرطبي هذه الآية بقوله: "أي جعلناكم دون الأنبياء وفوق الأمم. والوسط: العَدْل، وأصل هذا أن أحمد الأشياء أوسطها. وروى الترمذي عن أبي سعيد الخُدري عن النبي ﷺ في قوله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً﴾ قال: «عَدْلاً». قال: هذا حديث حسن صحيح. وفي التنزيل: ﴿قَالَ أَوْسَطُهُمْ﴾ أي أعدلهم وخيرهم. وفلان من أوسط قومه، وإنه لواسطة قومه، ووسط قومه، أي من خيارهم وأهل الحسب منهم.

 

فيا أيها المسلم، إن أردت أن تكون من "أوسطهم"، فكن من حملة الدعوة، من العاملين لإقامة حكم الإسلام، من الرافضين للتنازل، من الداعين لتحكيم شرع الله في الأرض.

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

مؤيد الراجحي – ولاية اليمن

 

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع