الأحد، 19 ذو الحجة 1446هـ| 2025/06/15م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

سبب سلبية الأمة الإسلامية تجاه ما يحصل لها من إذلال واستخذاء

 

 

في زمننا، زمن الحكم الجبري، كثرت البلايا والبلاءات على المسلمين، ابتداء من القدس التي دنستها أقدام إخوان الخنازير الذين قتلوا أهلها تقتيلا، وصولا إلى دناءة وخسة أنذال انبطحوا تحت الكافر المستعمر يبتغون رضاه؛ فذاك يعطيهم آلاف المليارات من أموال المسلمين، وآخر يغلق المسجد تكريما له، وثالث ينشئ له تمثالا، وكلٌّ يعبد سيده بطريقته، ويسخّرون المسلمين قرابين لذاك الرضا، دون أي حراك فعلي وغضبة تجاه هذا الذل والاستخذاء. وما ذاك إلا لضعف الشخصية الإسلامية في نفوسنا لغياب العقلية الإسلامية الصافية والنفسية الإسلامية المرهفة.

 

ومن ثم فقد وجب علينا نحن المسلمين أن نبحث في كيفية تقوية شخصيتنا الإسلامية، تلك الشخصية التي صنعها عليه الصلاة والسلام في صحابته، فجعلت بلالاً تحت حر الشمس ورمال الصحراء يردد "أحد أحد"، وأعطت لآل ياسر وعدا ربانياً «اصْبِرُوا آلَ يَاسِرٍ، مَوْعِدُكُمُ الْجَنَّةُ» بصمودهم وعدم حيدهم عن الحق أمام اضطهاد كفار قريش...

 

إن الشخصية حسب تعريفها الصحيح، هي الكيفية التي يجري عليها عقل الأشياء، والكيفية التي يجري بحسبها إشباع الحاجات العضوية والغرائز. فهي مكونة من عقلية ونفسية. ولتقوية العقلية الإسلامية لا بد من التفقه في الدين، وذلك عبر قراءة كتب الفقه والتدبر في القرآن والاستزادة من معالم السنة، وأيضا عبر حضور جلسات العلم، فقد قال ﷺ: «مَنْ يُرِدِ اللهُ بِهِ خَيْراً يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ». وإنه لمن واجب كل مسلم أن يعمل على تقوية هذه العقلية الإسلامية؛ لأنه بحسبها سيسير في هذه الحياة ويتخذ قراراته.

 

ونأتي الآن إلى الشق الثاني، ألا وهو النفسية، فهي تقوى بتقوية الصلة بالله. وتقوية الصلة بالله تتحقق عبر تذكر ما وعد الله أثناء القيام بالعبادات، والتقرب إليه سبحانه بالإكثار من قراءة القرآن وتدبره، والقيام بالنوافل من صيام وصلوات ودعاء. قال تعالى في الحديث القدسي: «مَنْ عَادَى لِي وَلِيّاً فَقَدْ بَارَزَنِي بِالْحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِمِثْلِ أَدَاءِ مَا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَلَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَلَئِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنْ دَعَانِي لَأُجِيبَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَ بِي لَأُعِيذَنَّهُ، وَمَا تَرَدَّدْتُ فِي شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي فِي قَبْضِ نَفْسِ عَبْدِي الْمُؤْمِنِ، يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَأَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ، وَلَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ».

 

كما تقوى النفسية بالأعمال التي يحبها الله، وبقراءة سيرة النبي ﷺ وحياة صحابته الكرام، وكيف كانوا يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة، وشوقهم للقاء الرحمن بالاندفاع إلى الجهاد، وعدم الركون إلى الدنيا والزهد فيها، فاستحقوا بذلك مدح الله لهم وغفرانه لذنوبهم، وتبشير بعضهم بالجنة.

 

وإن الإنسان إذا تكونت لديه الشخصية الإسلامية، أبغضت إليه المعاصي وحببت إليه الطاعات، وذلك من علامات قبول الله للعبد. ومن علامات الضلالة أن تلذذ له المعصية فيغرق فيها ويزداد إثما. والمسلم الذي يقوي هذه النفسية يصبح قادرا على أن يصر على رأيه ويثبت على قراره مهما لاقى من تنكيل أو إغراء. ولنا في يوسف عليه السلام عبرة إذ اختار السجن على الفاحشة، وصبر على البلاء رغم طول المدة، موقنا أن له رباً لن يضيعه، فكان الجزاء أن رد الله إليه أهله وجعله عزيز مصر.

 

فصاحب النفسية القوية يسير في هذه الدنيا لا يخشى أحدا إلا الله تعالى، ليقينه أن لا أحد سينفعه أو يضره أو يعجل أجله أو ينقص من رزقه إلا بما كتبه الله له، قال ﷺ: «وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللهُ لَكَ، وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللهُ عَلَيْكَ».

 

وإن المسلم إذا تكونت لديه هذه الشخصية الإسلامية، ثبت على معالي الأمور بل ارتقى من علي إلى أعلى. وفي هذه الحالة يكافأ في الآخرة بسعيه لها، ويكون حليف محراب وفي الوقت نفسه بطل جهاد، أسمى صفة من صفاته أنه عبد لله تعالى خالقه وبارئه. فإذا وجدت هذه الشخصيات في الأمة، قطعت يد الكافر التي تنخر في خصرها منذ عهود مضت، وخرجت من كل صوب لتخلع عملاء أذلاء، وتنفذ الأمر الذي ارتضاه الله لها، ألا وهو إقامة الخلافة الثانية على منهاج النبوة.

 

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

خديجة بن صالح

 

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع