- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
وقفة مع آية ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلَا تَفَرَّقُوا﴾
نزل هذا النداء العظيم في سورة آل عمران يأمر الأمة كلها أن تتوحد، لكن على أساس واحد، وهو حبل الله، أي الإسلام، أي القرآن والسنة وما أرشدا إليه من نظام حياة.
﴿وَاعْتَصِمُوا﴾: أمرٌ جامعٌ بشدّ التمسك، لا بمجرد اللقاء الظاهري. ﴿بِحَبْلِ اللهِ﴾ لا بأحزاب ديمقراطية، ولا بهويات قومية، بل بما أنزله الله. ﴿جَمِيعاً﴾ لا جماعة دون جماعة، بل الأمة كلها على قلب رجلٍ واحد. ﴿وَلَا تَفَرَّقُوا﴾ لأن التفرّق هو سبب الضعف، وهو أداة المستعمر الأولى.
لكن ما الذي حدث اليوم؟ مع الأسف نُزع حبل الله من الحكم، وصار الحكم بغير ما أنزل الله، ونحن متفرقون بسياسة سايكس بيكو وأعلامها الوطنية والاستقلال المزعوم، وتجزأت بلادنا إلى أكثر من خمسين كياناً، كل كيان يدّعي السيادة، وهو لا يملك من أمره شيئاً!
هذه الآية توجب على المسلمين الحفاظ على وحدتهم، وهي تمثل منهجاً يجب أن يسيروا عليه. لكن علماء السلطان لعبوا دوراً مهماً في تأويل الآية بما يتماشى مع واقع حكامهم حتى لا يتسنى للمسلمين العودة إلى هذا المنهج أو حتى معرفتهم لواجبهم الحقيقي. وأصبح تقسيم الأمة ووضع أنظمة الغرب الكافر أمراً مقبولاً لديها، بمن فيهم أصحاب الشهادات العليا. فصارت الديمقراطية من الإسلام بفتوى مشايخ وترويج لبعض الفئات دون أن يكون لهم أي مرجع شرعي! وهذا كذب وزور لأجل مصالحهم الشخصية. وهناك من يفتون بفتاوى تدوي في الأرض والسماء دون أن يشعروا بما يقولون، ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ﴾!
نعم لقد تم تدمير مقومات الأمة الفكرية والمادية في جميع المجالات الاقتصادية والاجتماعية والتعليم وغيرها... وحتى في الجانب العسكري والثروات وكل شيء، وفي الحقيقة إن الوحدة الحقيقية لا تكون إلا بالاعتصام بحبل الله: بوحدة الدين، ووحدة الدولة، ووحدة الحاكم (الخليفة). حينها فقط تستعيد الأمة قوتها، وتنهض كما نهضت من قبل، وتفتح الأرض بدين الله.
فلنعتصم بحبل الله كما أمرنا، ولنخلع كل الحبال البشرية، فطريق النهضة واحد، وهي الخلافة الراشدة التي تجمع الأمة كلها تحت راية العقاب. فالخلافة هي فرض ربكم سبحانه وبشرى نبيكم ﷺ ومبعث عزكم وقاهرة عدوكم وهي ناشرة الحق والعدل في العالم، فكونوا من العاملين المخلصين لإقامتها. ألا تشتاق أنفسكم للاعتصام بحبل الله والجهاد في سبيله؟! أين منكم "وا معتصماه" في ظل تخاذل حكامكم، بل وخيانتهم لكم؟!
إن الدعوة إلى إقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة التي يعمل لها حزب التحرير تتجاوز الحدود الزائفة التي رسمها الاستعمار بين بلاد المسلمين بعد هدمه الخلافة العثمانية، فهي دعوة عالمية لكل المسلمين في الأرض؛ بل والاعتصام بحبل الله المتين فهي رئاسة عامة لهم، وقد أعد لها الحزب مشروع دستور مستنبط من الكتاب والسنة، يتضمن مواد في الاقتصاد والسياسة الخارجية والحرب والاجتماع والتعليم والصحة والمالية وكل ما يلزم للتطبيق العملي من اليوم الأول لإقامتها بإذن الله، والذي باتت بشائره ظاهرة وتتوق لها جموع المسلمين.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
مؤيد الراجحي – ولاية اليمن