الأحد، 11 محرّم 1447هـ| 2025/07/06م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الهجرة نقلت المسلمين من حالة الضعف إلى مركز القوة والمنعة

 

يمر علينا عام هجري جديد، يذكرنا بالهجرة النبوية الشريفة، ذاك الحدث الذي غير موازين القوى، ونقل المسلمين من حالة الاستضعاف والمطاردة والمحاصرة إلى مرحلة الدولة والتمكين.

 

فالهجرة سبقتها أعمال عظيمة وخطوات مهدت لها ولإقامة الدولة، وهذه الأعمال هي:

 

1- مرحلة التثقيف والإعداد للرجال وإيجاد الشخصية الإسلامية في عقليتها ونفسيتها، وتكتلهم على أساس عقيدة الإسلام، والخروج بهم، بعد ثلاث سنوات، في صفين في الحرم بتنظيم لم يعهده العرب من قبل، استجابة لأمر الله ﴿فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ﴾.

 

2- مرحلة التفاعل مع المجتمع، وذلك بخوض الصراع الفكري، والكفاح السياسي، وهذه المرحلة اشتد فيها الابتلاء وكثرت المصائب على الرسول ﷺ، والصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، حيث كان التكذيب والتعذيب والاستهزاء والدعاوة المضادة والقتل والحصار، فكان الصبر والثبات والسير المستقيم والالتزام بالدعوة والتضحية، هي البارزة في مواقف المسلمين.

 

3- مرحلة طلب النصرة والمنعة، حيث كان النبي ﷺ يغشى القبائل مع أبي بكر الصديق وعلي بن أبي طالب، ويطلب منهم الإيمان به ونصرته ليقيم دين الله، فكان منهم من يصده بشكل عنيف، ومنهم من يبدي طمعه في السلطة والنفوذ، فرد عليهم النبي ﷺ «الْأَمْرُ إِلَى اللهِ يَضَعُهُ حَيْثُ يَشَاءُ»، إلى أن قيض الله له الأوس والخزرج فآمنوا به وبايعوه بيعة العقبة الأولى والثانية.

 

وبعد بيعة العقبة الثانية التي تسمى بيعة الحرب والنصرة أمر النبي ﷺ صحابته بالهجرة إلى المدينة. ثم هاجر هو وصاحبه أبو بكر الصديق، وعندما وصلا إلى المدينة استقبله خمسمائة فارس من الأنصار بالسلاح والحماية، ومنذ أن وصل النبي ﷺ المدينة مارس سلطان الحكم، فبنى المسجد الذي كان مركز وإدارة الحكم، وفصل الخصومات، وأرسل الرسائل إلى ملوك الفرس والروم والعرب، يدعوهم للإسلام، وعقد الرايات للسرايا والجيوش، ووضع وثيقة المدينة التي كانت بمثابة الدستور المنظم لعلاقات المجتمع. فتغير وضع المسلمين من حالة الضعف والاضطهاد إلى السيادة والقوة والسلطان.

 

ففي مرحلة مكة كان يمر النبي ﷺ على صحابته وهم يضطهدون ويعذبون ويقتلون وكان يقول لهم «صَبْراً آلَ يَاسِرٍ فَإِنَّ مَوْعِدَكُمُ الْجَنَّةُ»، «فَإِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللهِ شَيْئاً»، ولكن بعد إقامة الدولة والسلطان تغير تعامل النبي مع اعتداءات قريش على حلفائه من قبيلة خزاعة عندما تحالف مع بني بكر على قتل وحرب خزاعة ومجيء عمرو بن سالم الخزاعي مستنصرا ﷺ، قال له ﷺ «نُصِرْتَ يَا عَمْرَو بْنَ سَالِمٍ». فقام ﷺ بتسيير الجيش وكان فتح مكة وإزالة كيانهم الآثم الذي طالما آذى المسلمين واضطهدهم، وقضى على الشرك والكفر وأصبحت الجزيرة العربية كلها دار إسلام، فكان فتحا عظيما.

 

واليوم ونحن نتنسم عبق الهجرة مع بداية شهر محرم ١٤٤٧هـ، والأمة الإسلامية تعيش حالة الضعف والذلة والمهانة والقتل بالجملة والقطاعي، والفقر والمرض، وانتهاك العرض وتدنيس المقدسات، وبلغت غطرسة أمريكا والغرب وكيان يهود مبلغا عظيما في العدوان وانتهاك سيادة بلاد المسلمين، وصراع الدول الاستعمارية على النفوذ والسيطرة على بلادنا، أن أشعلوا الصراعات وأوجدوا الحروب بين مكونات البلد الواحد بسبب اختلاف الولاءات، وأصبح حال بلاد المسلمين أشبه (بعش القبرة في درب الفيلة)! ذلك العصفور الصغير، الذي يكاد يكون العصفور الوحيد الذي يبني عشه على الأرض وبين المحاصيل الزراعية في حقول القمح، وحينما تنتشر الحيوانات في الحقول بحثاً عن الغذاء تدوس أعشاشه بأقدامها، ولا تملك العصفورة المستضعفة الدفاع عن عشها ولا تملك سوى إرسال زقزقات الاستغاثة ولا مغيث، أما إذا صادف مرور الفيلة في منطقة الأعشاش فإن المصيبة تصبح أكبر فتدفن الأعشاش في التراب وتنتظر القبرة للعام القادم لتبني عشها من جديد على درب الفيلة!

 

فهذا هو حال الأمة الإسلامية بعد أن هدم الغرب خلافتها، ومزقها إلى دويلات كرتونية ضعيفة محققا سياسة فرق تسد، بل أصبحوا يتصارعون في بلادنا من أجل النفوذ والسيطرة ونهب الثروات، فأدى ذلك إلى إشعال الحروب بدفع أهل البلاد إلى الصراع الذي نتيجته الهدم والتخريب والتهجير كما يجري الآن في السودان وفي غيرها من بلاد المسلمين الصراع.

 

إن المخرج من هذه الحال يكون بالاستجابة لأمر الله سبحانه ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾، والسعي الجاد لاستئناف الحياة الإسلامية بإقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، الجامعة للأمة، والتي ستنقلها من الضعف إلى القوة ومن الذل إلى العزة والشموخ.

 

وها هو ذا حزب التحرير يسير على طريق النبي ﷺ مقتديا به في نقل المسلمين من حالة الضعف إلى القوة بالسير على هذه الخطوات:

 

1- مرحلة التثقيف

2- مرحلة التفاعل مع المجتمع

3- مرحلة تسلم زمام الحكم

 

إن الحزب يسير بهذه الخطوات مستبشرا ومتيقنا بنصر الله، راجيا من الله أن يسوق إليه أهل نصرة، فيلتحم أهل المشروع مع أهل النصرة فيتحقق حدث جديد مثل هجرة النبي محمد ﷺ، فتقوم دولة الخلافة الثانية التي توحد بلاد المسلمين وتقضي على نفوذ الغرب وتقطع يده التي طالما امتدت بالأذى والعدوان، وتزيل كيان يهود فتتحقق البشرى، وستكون دولة عالمية تفتح بلاد الكفر وتدك مدنه وتحقق بشرى فتح روما إن شاء الله وبقية مدن وعواصم الغرب، فتحولها من دار كفر إلى دار إسلام. ﴿وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللهِ﴾.

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

عبد الله حسين (أبو محمد الفاتح)

منسق لجنة الاتصالات المركزية لحزب التحرير في ولاية السودان

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع