- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
لا خلاص لكم أهلنا في السودان
ولا أمن ولا أمان إلا في ظل نظام الإسلام
على مدار التاريخ لم يكن تعدد القبائل في السودان هو الداعي للنزاع والاحتراب وإنما الذي كان سبباً لذلك هو الصراع السياسي والعسكري المحتدم بين الدول الاستعمارية وعملائها، والذي أهلك الحرث والنسل لا سيما بعد أن مزقوا البلاد وبذروا بذور الفتن والاقتتال القبلي والعصبي كما هو حاصل اليوم وتماما كما كان يحدث أيام الجاهلية الأولى، فمنذ غياب الإسلام وهدم دولته رجع الناس إلى أحكام الجاهلية يتقاتلون على أساس القبلية التي نهى الرسول ﷺ عنها وشدد في ذلك حيث قال: «مَنْ قَاتَلَ تَحْتَ رَايَةٍ عِمِّيَّةٍ يَدْعُو إِلَى عَصَبِيَّةٍ أَوْ يَغْضَبُ لِعَصَبِيَّةٍ فَقِتْلَتُهُ جَاهِلِيَّةٌ».
لذلك لا بد أن يعي أهل السودان أن الوسط السياسي الموجود، والذي يفتقر إلى الفكرة السياسية الواعية والمرتبط بالغرب الكافر هو سبب الأزمات والمشاكل، نتيجةً للاستقطاب السياسي القائم على الأساس القبلي البغيض حيث استخدمت الحكومات المتعاقبة القبائل وقودا لصراعاتها، فسارت على نهج الأحزاب في الاستقطاب القبلي، وما جرى في دارفور ويجري أبلغ مثال على ذلك، وذلك عندما انحازت بعض القبائل للحركات المسلحة المتمردة ما جعل الحكومة في المقابل تسلح القبائل الموالية لها وتستخدمها في قتال المتمردين، وقس على هذا النهج تعامل الحكومات المتعاقبة في كل الأقاليم في السودان، والذي أوجد حالة من التوتر والتوجس في المناطق كافة حتى باتت البلاد كلها عبارة عن برميل بارود قابل للاشتعال في أية لحظة، بينما الخاسر الوحيد في هذا الصراع والاقتتال القبلي الهمجي هم أهل البلد، فما زالوا يدفعون الثمن غاليا من دمائهم وأرواحهم، فهم وللأسف ليسوا سوى أدوات رخيصة يتم استخدامهم لقتل بعضهم بعضا!
لقد أعظم الإسلام حرمة دم المسلم فقال الله سبحانه وتعالى: ﴿ومَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً﴾ وقال ﷺ: «لَزَوَالُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللهِ مِنْ قَتْلِ مُؤْمِنٍ بِغَيْرِ حَقٍّ» وقال أيضا: «إِذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا فَالْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ» فأين نحن من اتباع الرسول ﷺ؟ وأين نحن من الاحتكام إلى كتاب الله عز وجل القائل: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾؟ لذلك كان لزاماً علينا أن نجتهد لإيقاف النزف المستمر لدمائنا وإيقاف مخطط الغرب الكافر باتباع أوامر الله ورسوله أي بتحكيم الإسلام، فلن يوقف الاقتتال القبلي ولن تستقر الأوضاع ولن يتوقف العبث بأرواح الأبرياء إلا بالعودة إلى الإسلام ونقض كل ما يخالفه.
إلا أن الإسلام لا يكون إلا بسلطان، أي بدولة تطبقه وتحمله إلى العالم بالدعوة والجهاد، وهي دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، فيكون الحكم فيها مسؤولية وليس مغنما، فتقوم بواجب الرعاية من صحة وتعليم وأمن وتمكين الناس من الزراعة والصناعة وفتح مسارات الرعي حتى لا يحدث احتكاك بين المزارعين والرعاة، فتقطع أيدي العابثين دون هوادة، وتنهي كل مظاهر القتل والحرق والنهب، بتطبيق الحدود على الخارجين عن القانون.
إن دولة الخلافة هي وحدها القادرة على صهر الناس بوصفهم أمة واحدة على أساس الإسلام العظيم لا على أساس العنصرية، ولا القبلية، ولا الوطنية، إذ تسير بأحكام الإسلام وسلطانه، هذا السلطان الذي جمع المسلمين فجعلهم إخوة متحابين في الله، فجمع بين أبي بكر العربي وبلال الحبشي وسلمان الفارسي وصهيب الرومي وحمزة القرشي، ومعاذ الأنصاري...
إن الإسلام العظيم هو وحده على مدار التاريخ الإنساني الذي صهر الشعوب والأعراق والقبائل المختلفة في أمة واحدة، فلم يكن حبيساً في المدينة المنورة بل انتشر في كل الجزيرة وتمت الفتوحات الإسلامية لنشر الإسلام ففتح المسلمون العراق، وكان يسكنه النصارى والمزدكية والزرادشتية من العرب والفرس، وفتحوا فارس وكان يسكنها العجم واليهود والرومانيون، وفتحوا الشام وكان إقليماً رومانياً يسكنه السوريون والأرمن والرومان والعرب، وفتحوا شمال أفريقيا حيث البربر، وفتحوا السند وخوارزم وسمرقند والأندلس، وصهروا كل تلك الشعوب في أمة واحدة، لا تمايز بينها، فعم نور الإسلام أركان الدنيا في فترة وجيزة؛ ذلك لأن أوامر الإسلام تقضي بالنظر إلى الرعية نظرة إنسانية، لا نظرة عنصرية، أو طائفية، أو مذهبية، إذ طبقت أحكام الإسلام على الجميع، فصار الناس كلهم رعايا للدولة الإسلامية لا فرق بين المسلم وغير المسلم ولا يظلم أحد الآخر وإذا حدث فإن الإسلام زاجره ورادعه، قال تعالى: ﴿وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى﴾، ويتساوى في الحكم أمام القضاء جميع الناس، ويقضي نظام الحكم بالوحدة بين أجزاء الدولة، كما يقضي بضمان حاجات كل ولاية بغض النظر عن وارداتها لبيت المال، ما يجعل الانصهار حتمياً بين أبناء جميع ولايات الدولة.
لذلك كان واجباً على كل مسلم ومسلمة العمل لإقامة هذا الفرض العظيم الغائب، صرح الخلافة الراشدة على منهاج النبوة. ﴿إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ﴾.
#أزمة_السودان #SudanCrisis
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
رنا مصطفى