الإثنين، 26 جمادى الأولى 1447هـ| 2025/11/17م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
  •   الموافق  
  • كٌن أول من يعلق!

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

 

حاملُ الدعوة ورسالةُ الرسل

 

 

الحملُ الحقيقيُّ للدعوة إلى استئناف الحياة الإسلامية، ليست هزلاً ولا ترفاً، بل أمانةٌ عظيمةٌ وواجبٌ على من وُفِّقَ لحملها. حامل الدعوة مدعوّ أن يكون منصِفاً واعياً، متوكِّلاً على الله، مثابراً في سبيل رفع كلمة الحقِّ وتبيين منهج الإسلام في شتى مناحي الحياة، لا مبتغياً منصباً ولا جاهاً، بل رضا ربِّه واحتساباً عنده. فحامل الدعوة وقع أجره على الله وهو يدعو على بصيرة من ربه، وربه يرعاه ويحفظه.

 

ما يلقاه حاملُ الدعوة من ابتلاءٍ ليس بجديدٍ؛ فقد عانى الأنبياء والمرسلون السخريةَ والتعذيبَ والسجنَ، ولم يَضعفوا ولا استكانوا، بل تحلوا بالصبر وحسن التوكل على الله. ثمّ إنَّ من تحمّل هذه الرسالة راضياً صابراً محتسباً، فهو في رعاية الله وحفظه مهما تنوّعت الظروف.

 

الخلافةُ: مظلّةُ التوحّدِ ووحدةِ الحكم

 

الخلافةُ على منهاج النبوة هي الدولة التي توحِّدُ المسلمين سياسياً وتشكّل الإطار الشرعيّ لتطبيق الشريعة؛ فبها يتجمّع النّاس تحت إمامٍ واحدٍ يحكم بما أنزل الله، وتُسترجع حقوقُ الأمة وكرامتها وحُريّتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية. لقد أدرك أعداءُ الأمة خطرَ هذه الحقيقة، فعملوا على تفتيتِها وبثِّ العصبيات والطوائف والحدود المصطنعة، عبر مؤسّساتٍ دولية وقوانين وبنىً مؤسسيةٍ تُخفي حقيقتها: السيطرة والهيمنة.

 

أحقيةُ الدعوة إلى إقامة الخلافة

 

بعد هدم الخلافة واحتلال البلاد الإسلامية بزعم "الحدود القومية" و"الأنظمة الوطنية"، أصبحت إعادة الخلافة واجباً شرعياً على من استقام عليه الإيمانُ ورأى خطر تشتّت الأمة وانكسار سلطانها. إنّ الدعوة لإعادة سلطان المسلمين حكمٌ شرعيٌّ، ودعوةٌ لتطبيق ما جاء في الكتاب والسنة من أحكامٍ تُنقِذُ الأمة وتعيد لها مكانتها. وعد الله للمؤمنين العاملين بأنه سيستخلفهم في الأرض، وهذا وعدٌ للذين آمنوا وعملوا الصالحات كما ورد في الأحاديث النبوية وقوعُ الخلافة على منهاج النبوة.

 

صفاتُ حامل الدعوة وكيفيةُ العمل

 

حامل الدعوة: مخلصٌ، لا تلهيه تجارةٌ ولا بيعٌ عن ذكر الله؛ مؤمنٌ ثابتٌ، يعمل بين الناس ليُبيّنَ الحقَّ ويوعِّيَ ويربي ويُنظّم، لا يسعى لمنصبٍ شخصيٍّ أو لَذةٍ دنيويةٍ فانية. الطريقُ وعرٌ ومليءٌ بالمصاعب، لكنه يسيرٌ على من توكّل على الله وآثر رضاه. على حامل الدعوة أن يكون واعياً سياسياً ومنهجيَّ التفكير، ينظر إلى العالم من زاوية العقيدة الإسلامية، ويُعدّ نفسه فكرياً وعملياً لبناءِ مشروعٍ سياسيٍ قائمٍ على المنهج الإسلامي.

 

لقد أرسل الله الرسل إلى الناس ليعرفوا الحق فيتبعوه والباطل فيجتنبوه، فكان يرسل النبي والرسول إلى قومه رحمة للناس وليدركوا الحق من الباطل. أرسل الله الرسل تترا للناس كما بين رب العالمين في الكتاب العظيم ﴿ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْراً﴾.

 

فحمل الدعوة للناس في حقيقته هو عمل الأنبياء، جاؤوا ليسوسوا الناس بما أنزل الله خالقهم والأعلم بما ينفعهم في الدنيا والآخرة. وتعرضوا للإيذاء والسخرية والاستهزاء والتعذيب والسجن والسب وكل أنواع الابتلاءات فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا. كان يملك أعداؤهم المال والقوة والسلطان وكل الوسائل الإعلامية والاقتصادية، وأصحاب النفوذ والدهاء والمكر والنفاق كما نرى في زماننا.

 

كان سلاح الرسل والأنبياء الصبر وحسن التوكل على الله والإيمان بأنه متمّ دينه ومبلّغه للناس رغم كل شيء. فبلغوا رسالاتهم وأنذروا أقوامهم.

 

لقد بين الله سبحانه في كتابه جميع الحلول للمسائل والمشاكل لكل زمان وفي أي مكان ﴿وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ﴾، ﴿مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ﴾.

 

لقد أدرك أعداؤنا خطورة الخلافة كقوة توحد الأمة وتجمعها وتوحد قوتها، فعملوا على هدمها لتمزيق المسلمين؛ لأنها المظلة التي توحدهم وتجمعهم، فقاموا بعقد المؤتمرات الدولية وأنشأوا مؤسسات وكيانات دولية باسم القانون الدولي والأمن الدولي والصحة والعلوم والثقافة والمساعدات للدول. لكن ذلك كله كان هدفه السيطرة والنفوذ على جميع الدول وخصوصا البلاد الإسلامية.

 

فحمل الدعوة لإعادة سلطان المسلمين واجب شرعي بعد هدم خلافتنا وبعد تولي أمراء على قطع ممزقة لعصبيات وقوميات ووطنيات مقيتة من أفعال الجاهلية الأولى، تحكم بالكفر على عين أعداء المسلمين وتحت إشرافهم وقيادتهم.

لم يكلفنا الله بشيء إلا أن يكون في وسعنا وعلى قدر طاقتنا.

 

تمر بالأمة هذه الأيام أحداث صعبة وشاقة، فيها من الخذلان والعمالة والخيانة ما تنوء عن حمله الجبال، وترى فيها الحليم حيران. فهل من رجال لكل هذه الشدائد والأهوال، رجال باعوا أنفسهم في سبيل الله، رجال قال عنهم رب العالمين: ﴿رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ﴾، رجال أشداء مؤمنين قال عنهم رب العالمين: ﴿رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ﴾؟

 

نريد شبابا مؤمنين، ورجالا ونساء مؤمنين، لا يعملون لمنصب أو شهادة أو دنيا فانية.. رجالا لا يخافون في الله لومة لائم ويخشون الله ولا يخشون أحدا غيره، مسلمين مؤمنين يغيرون بالكلمة الصادقة يقذفون بها على الباطل فيدمغوه، قلوبهم تعظم ربهم ورسولهم ولا ترضى بالدنية في الدين. فما بالكم إن كان هذا المنهج الرباني لا يطبق على أرض الله، بل يستهزئ بكتابه وبرسوله أتفهُ الخلق وأهونهم على الله.

 

يا أهل القوة المخلصين، يا عباد الله، يا أصحاب الرتب في جيوش المسلمين، يا من لكم يدٌ في حماية أرض الأمة وشعبها: إنّ لكم دوراً عظيماً في استعادة الحقوق وردّ المظالم، وقيام دولة تحكم بالشريعة وتجسد العدالة. إن الأمة تنتظر منكم أن تُظهروا نقاء الضمير والشجاعة في نصرة دين الله ورفع البلاء عن عباده. وها أنتم ترون كما نرى مصائب كثيرة يقوم بها أعداء الله في كل مكان من أراضي المسلمين، نناشد فيكم صلاتكم، تسبيحكم، استغفاركم، دعاءكم لربكم. من لها غيركم؟ نعلم تماما وتعلمون أنها مهمة صعبة لكنها يسيرة على من توكل على الله واستجار به. ولدينا كل مقومات السيطرة على الأرض وباطنها والجو والبحار والأنهار، هذا لأننا نملك بفضل الله كل مقومات وأسباب الغلبة والتمكين، وعلى أرضنا هذه كنا أمة واحدة، لها إمام واحد وجيش واحد.

 

الأمةُ تمرُّ بمرحلةٍ شاقّةٍ من الخذلان والعمالة وإضاعة الحقوق، لكنّ الطريق ليس معسوراً على من آثر الحقّ ورضي بوجه الله، حملوا الرسالة كما حملها السابقون، أخرجوا الناس من ظلمات العبادة للعباد إلى نور عبادة ربِّ العباد، فذلك الفوز العظيم.

 

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا للهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

محمود سعيد – ولاية مصر

 

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع