الأحد، 02 جمادى الثانية 1447هـ| 2025/11/23م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
  •   الموافق  
  • كٌن أول من يعلق!

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

دماء الأمة بين خيانة الحكام وواجب النهضة

 

 

منذ أن هُدمت دولة الخلافة، والأمة الإسلامية تتخبّط في ظلمات التيه، وأيادي الغدر تعبث بمصيرها، فاستولى على حكمها من لا خلاق لهم، وتسيّد المشهد الرويبضات، الذين لا يملكون من الرجولة إلا الرسم، ولا من القيادة إلا الاسم. تسلطوا على رقابها فخانوا الأمانة، وساروا في ركاب الغرب الكافر، حراساً أمناء على مصالحه لا على الإسلام وأهله، فوجودهم من أعظم الأمراض التي أصابت الأمة بعد هدم الخلافة، فأصبحت بلاد المسلمين تدار بعقليات مستوردة، وأنظمة علمانية لا تمت إلى الإسلام بصلة، فهؤلاء الحكام لا همّ لهم سوى البقاء على الكرسي، حتى لو كان ذلك على جماجم الشعوب وجوعهم وذلهم.

 

لقد حاربوا الإسلام جملة وتفصيلاً؛ عطّلوا شرعه، وبدّلوا أحكامه، وحاصروا دعاته، وشيطنوا كل مشروع نهضة ينبثق منه. جعلوا ولاءهم للغرب، وتوجيهاتهم من سفاراته، فصار قرار الحرب والسلم، والنفط والقمح، والسيادة والسياسة، بيد أعداء الأمة.

 

وفي الوقت الذي تموت فيه غزة تحت القصف، وتُباد الفاشر بالسلاح، وتُغتصب المسلمات، يتنقل حكامنا بين المؤتمرات والفنادق والمهرجانات، كأنهم يعيشون في عالمٍ لا يعرف الألم، ولا يسمع أنين المظلومين، ولا تبلله دموع الثكالى، ولا يهزه صراخ الأطفال المحاصرين.

 

وفي الوقت ذاته، تصمت الشعوب، وكأن المأساة لا تعنيها، وكأن الدماء ليست دماءها، والأعراض ليست أعراضها. وهذا الصمت ليس حياداً، بل خيانة، وهذه اللامبالاة ليست براءة، بل جريمة.

 

إن الله عز وجل لم يترك للأمة خيار التخاذل فقال: ﴿وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ...﴾، فالجهاد نصرةٌ للمظلوم، ودفعٌ للعدوان، ورفعٌ للذل عن أمة الإسلام، ولكن أين الخليفة الذي يقاتل من ورائه ويتقى به؟

 

فيا أمة الإسلام، هل عجزت قلوب أبنائك عن أن تتحرك؟ هل أصبحت مشاهد المذابح في فلسطين والسودان واليمن وسوريا وكشمير وتركستان الشرقية وأخواتها صوراً عابرة لا توقظ المشاعر؟!

 

اعلموا أن النصر لا يأتي بالدعاء وحده، بل بالعمل الجاد الواعي المنظم لإقامة شرع الله، ولإعادة سلطان الإسلام في ظل خلافة راشدة توحد الصفوف، وتحرك الجيوش، وتنقذ المستضعفين، وتردع المعتدين.

 

انهضوا، ولا تكونوا ممن خذلوا الدين وتخلفوا عن الجهاد، فإن الله توعد القاعدين عن نصرة الدين، بالخزي في الدنيا، وبعذاب أليم في الآخرة. فليس النصر بالأمنيات والدعوات فقط، بل بالعمل الواعي الجاد لإقامة شرع الله، وتحكيم دينه، وإعلاء كلمته. فالنصر يبدأ من وعي الأمة على عدوها الحقيقي، من معرفتها أن الحكام العملاء والغرب الرأسمالي الكافر هم من يمنعون عزّتها، ويفرضون عليها الذلّ. النصر يبدأ من استعادة قرار الأمة، ومن العمل لإقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، التي توحد الأمة، وتحرر الأرض، وتحمل الإسلام للعالم بالدعوة والجهاد.

 

أيها المسلمون، كفاكم صمتاً، كفاكم انتظارا، لا تكونوا شهود زور على مآسي إخوتكم. انهضوا للعمل مع العاملين، وانضموا إلى من يسيرون نحو الخلافة بوعي وبصيرة، ولا تكونوا ممن قال الله تعالى فيهم: ﴿رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوالِفِ﴾!

 

فاحملوا هذا الدين كما حمله الصحابة بصدق وتضحية وتمكين.

 

نخاطبكم والقلب يعتصر ألماً وحزنا، نخاطبكم من بين الأنقاض والخراب، من دماء الشهداء وصيحات الأقصى، نقول لكم: الأمة تُذبح، والسكوت خيانة، والرضا مشاركة في الجريمة. إن العدو ليس مجهولاً، بل واضح فاجر؛ نظام رأسمالي عالمي يقوده الغرب الكافر، يبطش بكم ويغذي خونة الداخل ويمنع وحدتكم.

 

لا تنتظروا الخلاص من مجالسهم ولا من دساتيرهم، بل انبذوا هذه الأنظمة، وأقيموا على أنقاضها دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، دولة توحّد الأمة وتحكم بالإسلام وتحمل الدعوة للعالم.

 

إن دماء غزة، وجوع اليمن، ودموع الشام، ونزيف السودان، كلها تصرخ، فمن للمسلمين إن لم تكونوا أنتم؟

 

فانهضوا، فإن الوقت حان، وإن النصر قادم، وإن الخلافة وعد الله، ووعد الله حق، وطريق نصرة الدين ومفتاح عزة الأمة فرض عظيم لا يسقط عن أحد، وهو تكليف رباني لا يُقبل فيه تأخير ولا تراجع. وإن العمل لنصرة الإسلام ليس أمنيات، بل هو منهج عملي واضح المعالم، يتمثل في:

 

1- الالتزام بالعمل الجماعي المنضبط وفق الشرع، لنصرة دين الله وإقامة أحكامه

 

2- حمل العقيدة الإسلامية وجعلها أساساً لكل شيء

 

3- توعية المسلمين وتبصيرهم بفرض العمل لإقامة شرع الله وتعريفهم بحجم الحرب الفكرية التي تُشن عليهم صباح مساء

 

4- العمل لإقامة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، التي هي وعد الله سبحانه وبشرى رسوله ﷺ ومن ثم تطبيق شرع الله في حياتنا، في الأسرة والسوق والدولة، حتى نحيا بالإسلام وللإسلام.

 

فبهذا تعود للأمة كرامتها، ويرضى عنها ربها، وتنجو من سخطه وعذابه. فكونوا عباد الله صفاً واحداً، واحتكموا لكتاب الله وسنة نبيه، تفلحوا في الدنيا وتفوزوا في الآخرة.

 

فالعدو ليس مجهولاً، بل هو معلوم ظاهر، نظام كافر عالمي يقوده الغرب الرأسمالي بقيادة أمريكا، يبطش بأمتنا، ويزرع الفقر والفرقة والدمار، ويدعم الحكام العملاء الذين يفتكون بالشعوب بلا رحمة، ويعطلون أحكام الإسلام، ويمنعون وحدتها، ويخونون قضاياها صباح مساء.

 

إن دماء أطفال غزة ليست أقل من دماء أطفالنا وإن أعراض المسلمات في بورما وسوريا وكشمير هي أعراضنا جميعاً، وإن الظلم الذي يقع على أي مسلم هو نذير شؤم على الأمة كلها، فإما أن تنهضوا جميعاً، أو يهلك بعضكم ثم يلحق الباقون.

 

إن الأمر جلل يتطلب العمل الجاد لإقامة الدين، وإنّ أول خطوات النصر تبدأ بوعي الأمة على عدوها، والعمل لإقامة الخلافة الراشدة التي توحد المسلمين، وتحرر بلادهم، وتردع الكافرين.

 

فانهضوا للعمل مع العاملين، لا تتفرجوا على دمائكم وهي تسيل، بل شاركوا في إقامة دولة الخلافة، واحملوا هذا الدين كما حمله الصحابة، نصرة وتمكيناً.

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

حسام الإدريسي – ولاية اليمن

 

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع