الثلاثاء، 11 جمادى الثانية 1447هـ| 2025/12/02م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
  •   الموافق  
  • كٌن أول من يعلق!

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الإنجاز الحقيقي هو إيصال الإسلام إلى سدة الحكم

لا مجرّد وصول مسلمين إليها!

 

استقبل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في البيت الأبيض عمدة نيويورك المنتخب زهران ممداني، ووصف ترامب اللقاء بأنه مثمر وبناء للغاية، ومن جانبه قال ممداني إنه يقدر الاجتماع مع الرئيس ترامب وإنه يتطلع إلى العمل معا. وأضاف أنه بحث مع ترامب الأهداف المشتركة لهما. وجاء اجتماع الرجلين وجها لوجه لأول مرة بعد تراشق وخطاب عدائي متبادل بينهما في الأشهر الماضية. وفي المكتب البيضاوي قال ترامب (79 عاما) للصحفيين عقب الاجتماع، مساء الجمعة، إنه يعتقد أن ممداني (34 عاما) سيكون "عمدة رائعا" لمدينة نيويورك. وأضاف أنه لم يناقش خلال اللقاء ما إذا كان ممداني سيصدر قرارا باعتقال رئيس وزراء يهود بنيامين نتنياهو - المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية لارتكابه جرائم حرب في غزة - لو زار نيويورك. وقد مدح ترامب ممداني، فبعد أن نفى عنه صفة "الجهادية"، وصفه بأنه "رجل عقلاني جدا ويرغب بشدة في رؤية نيويورك عظيمة مجددا". وأضاف الرئيس الأمريكي أن الاجتماع مع ممداني فاجأه، لافتا إلى أنه "قد نختلف في الوسائل لكن نتفق في الغاية". وأكد ترامب أن ممداني لديه فرصة للقيام بشيء عظيم في نيويورك ويحتاج مساعدة الحكومة الفيدرالية، وأنه سيقدمها له، مشددا "أتوقع أن أساعد العمدة المنتخب ممداني لا أن أضره".

 

من جهته، قال ممداني، إنه يقدر الاجتماع مع الرئيس ترامب وإنه يتطلع إلى العمل معا، مضيفا أنه بحث مع الرئيس ترامب الأهداف المشتركة لهما. وقد أبلغ ممداني الرئيس ترامب قلق العديد من سكان نيويورك ورغبتهم في توجيه أموال دافعي الضرائب لمصالحهم، كما تحدث عن ارتكاب إسرائيل إبادة جماعية بتمويل أمريكي، وأضاف أنه يشارك الرئيس "فكرة تخصيص أموالنا لخدمة مواطنينا". وشدد ممداني على ميوله السياسية خلال تصريحه للصحفيين قائلا "أنا ديمقراطي اشتراكي وقد كنت دوما صريحا بشأن ذلك". (الجزيرة)

 

استهجن المراقبون حميمية اللقاء بين فرقاء الأمس، واحتاروا فيما إذا كان التراشق والعداء الذي بدا بين ترامب وممداني حقيقياً أم مصطنعاً لتحقيق غايات في نفوسهما، ولكن الظاهر أن العداء لم يكن حقيقياً من التصريحات التي صدرت عن كليهما في اللقاء الأول بينهما. وتأكد أن عمدة نيويورك الجديد قد انطوى تحت جناح رئيسه الذي وصفه بالفاشي، وما كان ينبغي له اللقاء بفاشي بصفته اشتراكي الفكر كما يدعي لو كان يعني ويعقل ما يقول ويصف. وما كان ينبغي لرئيس دولة أو ملك، كما يلقب ترامب نفسه، أن يلتقي بعمدة بلدية في مملكته، قد حقّره ونعته بأوصاف الفاشية، ولكن هذا يؤكد أن التراشق اللفظي بينهما لم يكن حقيقياً ونابعاً من خلاف بينهما في المبدأ أو حتى في الرؤى، إنما كان مقصوداً من أجل إنجاح ممداني في الانتخابات من خلال تجييش الناخبين المناهضين لترامب الرأسمالي الجشع بين (الأقليات)، ومنهم المسلمون في نيويورك وهم الأغلبية فيها، وذلك لتحقيق غايات تقتضي أن يكون شخص مثل ممداني في المدينة التي لا تنام، والتي يوجد فيها الثقل الأكبر للإيباك ويهود الداعمين لدولة يهود وصمام أمان لها والمتحكمين بسياساتها، ومن ذلك ضبط تمرد ساستها ولجمهم إن اقتضت الضرورة.

 

وكلما رشح مسلم نفسه لمنصب حكومي أو قضائي أو برلماني في الدول الغربية، سواء في بريطانيا أو أمريكا أو غيرهما، يبتهج كثير من المسلمين، وعلى رأسهم كثير من المشايخ والعلماء، معتبرين ذلك نصراً مؤزراً للإسلام والمسلمين في تلك البلاد، بصرف النظر عن برامج هؤلاء المرشحين، وما إذا كانت تخدم الإسلام والمسلمين أم لا. إذ يرضون بأقل القليل من هذه الأعمال، وهو إيصال المسلمين إلى المناصب الحكومية أو البرلمانية، مع علمهم التام والصريح بأن هؤلاء المرشحين لا يتبنون واجب الدعوة إلى الإسلام أو تحكيمه ضمن برامجهم، علاوة على أن ذلك ليس من أولوياتهم، وسبب تظاهر بعض المشايخ ومسؤولي المراكز في الجاليات هو سعيهم الحثيث لتذويب الجالية المسلمة في بلاد الغرب، وطمس هويتهم الإسلامية، بعد أن قبلوا بهذه المهمة من صنّاع القرار في الغرب رهبة ورغبة.

 

ويتجاهل الكثيرون حقيقة هؤلاء المرشحين، ومنهم ممداني، فيتغاضون عن حقيقة إسلامه ابتداءً، وما إذا كان حقاً إسماعيلياً، وأمه هندوسية، وزوجته "فنانة" غير معلومة الديانة. ويؤكد ممداني نفسه على أنه ديمقراطي اشتراكي، ويُبدي حرصاً شديداً على التواصل مع ممثلي جميع الديانات من سكان المدينة، ومنهم يهود، واللقاءات بهم ولبسه قبعتهم، ونفى التهم الموجهة إليه بشأن معاداة السامية. ويأتي لقاؤه بترامب ليكشف حقيقة أنه لا يختلف مبدئياً مع الرئيس، بل الخلاف الظاهري هو اختلاف في السياسة ضمن فن الممكن الذي لا يفسد بين السياسيين الغربيين للود قضية.

 

وهكذا فإن زهران، وعمدة لندن صادق خان، وقبلهما أعضاء الكونغرس رشيدة وإلهان، والقاضية نادية، والقاضية نصرت وغيرهم، لم يحملوا الإسلام ولو شكلاً للأمة الضالة التي فرض الله علينا جميعاً إيصال الإسلام العظيم إليها. بل معلوم لدى الجميع أن الدولة العميقة في أمريكا لا تقبل أن يدخل إلى ناديها إلا من ضمنوا أنه لن يخرج عن الخطوط التي يضعونها له، ويضمنوا ولاءه التام لها. فزهران مزدوج الولاء، للديمقراطية المشركة والاشتراكية الملحدة، وبالطبع من كان ولاؤه لقرني الشيطان، لا يُتصوّر أن يجمع بينهما دين العدل والتوحيد. وهذه عضو برلمان أقسمت يميناً مغلّظاً على الولاء للدستور والقانون اللذين يحاربان الله ورسوله، إضافةً إلى تصريحها بدعم المثليين وكل رذيلةٍ يقوم بها قوم لوط وغيرهم. وهذه مسلمة سمراء من سلالة سيدنا بلال الحبشي رضي الله عنه، لكنها لم تجعله قدوةً لها في برامجها أو في غايتها، ولو بالشكل الخارجي؛ فالتاج الحقيقي للمرأة المسلمة هو حجابها الشرعي. أما القاضية المحجبة نادية، فمصيبتها أعظم وأشد من سابقتها؛ فقد أقسمت على القرآن العظيم أن تحكم بالقانون الأمريكي الوضعي الرأسمالي الكافر! بعد كل هذا، أيعقل أن يبتهج المسلمون في أمريكا بهذه "الإنجازات" التي ستضع أصحابها موضع الحساب العسير يوم القيامة؟! هي ومن أقرّ أعمالهم غير الشرعية، وقصّر في نهيه عن هذا المنكر، وأوّلهم المشايخ والعلماء! ثم أيعقل أن يظن عاقل من المسلمين أن وصول المسلم إلى مناصب الحكم هو إنجاز وفتح عظيم؟! فكيف رفض رسولنا ﷺ الانضمام إلى دار الندوة، على الرغم من أنهم عرضوا عليه منصباً رفيعاً لا وضيعاً، تابعاً للوسط السياسي الكافر الذي كان يعيش فيه؟!

 

إن صناع القرار في الغرب وما يطلق عليهم اسم الدولة العميقة يدركون مدى سقوط حضارتهم وتكشفها لشعوبهم، وهم يدركون تماماً أن الإسلام هو البديل الحضاري العظيم، الذي ترتضيه البشرية والفطرة السوية، وهو ما تبحث عنه البشرية جميعها، ومنها شعوبهم المغبونة. لذلك كان لزاماً عليهم العمل على ترميم حضارتهم المنهارة من خلال خلط الأوراق واحتواء أصحاب الحضارة الإسلامية وتذويب جالياتها في الدول الغربية، وهذا ما جاء على لسان وزيرة خارجية أمريكا السابقة كوندوليزا رايس حين وصفت الجالية المسلمة في أمريكا بأنها "قنبلة موقوتة"، وحال الجاليات الإسلامية في باقي البلدان الغربية متشابه. والسماح لهؤلاء السياسيين بالوصول إلى مناصب الحكم أو دون ذلك هو من أجل خدمة مصالح الرأسماليين الغربيين وتأجيل انفجار القنبلة الموقوتة ومد عمر حضارتهم البالية وترقيعها. لذلك يجب ألا ينسى المرء ويظن أن وصول هؤلاء إلى المناصب نصر للإسلام والمسلمين أو أنه كان جبراً عن الدولة العميقة والرأسماليين في الغرب.

 

إن وصول المسلمين إلى مناصب الحكم لا يعني وصول الإسلام إلى تلك المناصب، بل إن وصول المسلم إليها يعطي شرعية لتلك المناصب والقوانين المعمول بها في تلك المؤسسات، وهو تضليل للمسلمين وغير المسلمين، إضافةً إلى الحكم والقضاء بغير ما أنزل الله، وهو إثم عظيم وصف الله سبحانه وتعالى فاعله بالفاسق أو الظالم أو الكافر، كما جاء في قوله تعالى: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾، وقوله تعالى: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾، وقوله تعالى: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾. وعن بُرَيْدة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «الْقُضَاةُ ثَلَاثَةٌ: وَاحِدٌ فِي الْجَنَّةِ وَاثْنَانِ فِي النَّارِ؛ فَأَمَّا الَّذِي فِي الْجَنَّةِ فَرَجُلٌ عَرَفَ الْحَقَّ فَقَضَى بِهِ، وَرَجُلٌ عَرَفَ الْحَقَّ فَجَارَ فِي الْحُكْمِ فَهُوَ فِي النَّارِ، وَرَجُلٌ قَضَى لِلنَّاسِ عَلَى جَهْلٍ فَهُوَ فِي النَّارِ» رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه.

 

إن انتزاع حقوق المسلمين في هذه البلاد لا يتحقق بالانخراط والترشّح لمناصب الحكم والقضاء في ظل نظام لا يحكم بما أنزل الله. فالسياسيون والقضاة في هذا البلد مجرد موظفين ينفذون القانون وملتزمون بالدستور الوضعي، ولا يملكون تغيير القانون أو التعامل خارجه. لذلك، مهما كانت هوية السياسي أو دينه، فإنه لا يحق له، كما لا يستطيع - حتى لو أراد ذلك - أن يخرج عن القانون أو ينحاز إلى أحكام دينه وعرقه. والسياسيون والقضاة والمؤثرون هم أكثر الناس مراقبة من خصومهم السياسيين واللوبيات المعادية لهم، لذلك تجد هؤلاء المرشحين - سواء أكانوا من المسلمين أم من غيرهم - أكثر الناس حرصاً على الالتزام التام بالقانون خوفاً من المحاسبة، بل يقدمون تنازلات عقائدية وشرعية حتى يُرضوا الخصوم ويؤكدوا لهم أنهم أكثر ولاء للنظام الظالم من غيرهم.

 

إن حصول الناس في أمريكا على حقوقهم القانونية غير مرتبط بدين أو عِرق أو ولاء سياسي، ولا يستطيع أحد أن يحرمهم منها إلا تعسفاً. لذلك، واهم من يظن أن الحصول على حقوق المسلمين لا يتحقق إلا بالانخراط في المناصب السياسية أو القضائية. ولهذا، فإن ما يتحقق من الوصول إلى مناصب الحكم والقضاء ليس إلا خسارة هؤلاء المرشحين دينهم، وتقصيرهم في حمل الإسلام بديلاً حضارياً لأهل هذه البلاد، وهو الواجب الذي فرضه الله على كل مسلم، وخصوصاً المؤثرين منهم والمراكز الإسلامية والمشايخ.

 

يجب على الجالية المسلمة في أمريكا وباقي الجاليات في الغرب أن توحد جهودها وتشكل قوة حضارية قوية، تحمل الإسلام ديناً ومنه الدولة، تدعو أهل هذه البلاد، سياسيين ومفكرين وعامة، إلى دين الرحمة الذي يُخرجهم من ظلمات وظلم الرأسمالية إلى نور وعدل الإسلام ونجاتهم من الحساب يوم القيامة. وبهذا يكونون قد أدوا ما أوجبه الله عليهم، وكانوا من أفضل الناس الذين يحسنون جوار من عاشوا بينهم. هذه هي السياسة التي يجب أن يتبناها المؤثرون وعامة المسلمين في الجالية الإسلامية، لقوله تعالى: ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ﴾.

 

كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

بلال المهاجر – ولاية باكستان

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع