الخميس، 09 شوال 1445هـ| 2024/04/18م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

دولة الخلافة وحدها هي الحافظ لحقوق غير المسلمين من نصارى أو يهود

 


إن حزب التحرير منذ نشأته في بيت المقدس على يد القاضي المجتهد تقي الدين النبهاني رحمه الله تعالى وهو يحمل الدعوة للمسلمين وغير المسلمين واصلاً ليله بنهاره امتثالا لقوله تعالى: ﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللَّهِ فَإِن تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ﴾، بغيه وصوله لغايته وهي استئناف الحياة الإسلامية بإقامة دولة الخلافة التي كانت محط أنظار الجميع وتنعم فيها المسلم وغير المسلم بحياة كريمة ولم يُر لها مثيل في ظل أي نظام آخر، كيف لا والله سبحانه وتعالى يقول مخاطباً نبيه الكريم عليه من الله أفضل الصلاة وأتم التسليم ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾.


لقد أوصى الإسلام بمعاملة الذمي معاملة حسنة، فيُرفَق به ويُعان على أمره ويجب أن يقوم المسلمون على حمايته وحماية ماله وعرضه، وأن يُضمن له قوته ومسكنه وكسوته. فعن رسول الله ﷺ قال: «أَطْعِمُوا الْجَائِعَ وَعُودُوا الْمَرِيضَ وَفُكُّوا الْعَانِيَ» رواه البخاري. وكانت آخر وصايا النبي ﷺ وهو في فراش الموت «...فَاسْتَوْصُوا بِالْقِبْطِ خَيْراً» الحاكم في المستدرك، والذميون رعايا للدولة الإسلامية كسائر الرعية لهم حق الرعوية وحق الحماية وحق ضمان العيش وحق المعاملة بالحسنى وحق الرفق واللين، ولهم أن يشتركوا في جيش المسلمين ويقاتِلوا معهم، ولكن ليس عليهم واجب القتال ولا واجب المال سوى الجزية، فلا تُفرض عليهم الأموال التي تُفرض على المسلمين، ولهم ما للمسلمين من الإنصاف وعليهم ما على المسلمين من الانتصاف، فواجب العدل معهم كما هو واجب مع المسلمين. ولكل من يحمل التابعية، وتتوفر فيه الكفاية رجلاً كان أو امرأة، مسلماً كان أو غير مسلم أن يعيّن مديراً لأية مصلحة من المصالح، أو أية إدارة، وأن يكون موظفاً فيها.


لقد جاء الإسلام بأحكام عدة لأهل الذمة، منها أنهم لا يفتنون عن دينهم ولا يكرهون على الدخول في الإسلام، بل يُتركون وما يعتقدون وما يعبدون وما يطعمون، ولا يكلفون بشيء من التكاليف التي يكلف بها المسلمون كالجهاد والزكاة "والضرائب عند الحاجة الضرورية"، ويؤدي هؤلاء الذميون الجزية فقط، روي عنه عليه الصلاة والسلام »...وَإِنَّهُ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ يَهُودِيٍّ أَوْ نَصْرَانِيٍّ فَإِنَّهُ مِنَ الْـمُؤْمِنِينَ، لَهُ مَا لَهُمْ، وَعَلَيْهِ مَا عَلَيْهِمْ، وَمَنْ كَانَ عَلَى يَهُودِيَّتِهِ أَوْ نَصْرَانِيَّتِهِ فَإِنَّهُ لا يُفْتَنُ عَنْهَا...» سيرة ابن هشام، والجزية مبلغ من المال يؤخذ من البالغين الذكور القادرين عليها لقوله تعالى: ﴿حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ﴾، فاليد كناية عن القدرة، ولا تؤخذ من النساء والأطفال، وإذا أسلم الذمي، أو صار فقيراً سقطت عنه الجزية، وفي الحالة الأخيرة تتولى الدولة الإنفاق عليه من بيت المال، ويُعامل أهل الذمة معاملة حسنة، ويُنظر لهم أمام الحاكم وأمام القاضي وعند رعاية الشؤون وحين تطبيق المعاملات والعقوبات كما يُنظر للمسلمين دون أي تمييز، ويخضعون لأحكام الإسلام كما يخضع لها المسلمون، والدولة إنما تتعامل معهم بوصف التابعية كالمسلمين، ولا يوجد في الدولة وصف الأقلية والأكثرية الدارج استخدامهما هذه الأيام، فالإسلام يعتبر الجماعة التي تحُكم بموجب نظامه وحدة إنسانية، بغض النظر عن طائفتها وجنسها ولا يُشترط فيها إلاّ التابعية أي الاستيطان فيها والولاء للدولة ولا توجد فيه الأقليات، بل جميع الناس باعتبار إنساني فقط هم رعايا في الدولة الإسلامية، ما داموا يحملون التابعية.


يتحدث مؤرخ لاتيني عن حملة قام بها المسلمون سنة 861م لفتح مدينة برشلونة، ويذكر أنّ اليهود ساعدوا المسلمين على دخول المدينة، وهو يدل على أنّ اليهود الذين كانوا يعيشون تحت حكم النصارى في الشمال الإسباني، كانوا يفضلون حكم المسلمين على حكم النصارى، ولقد كتب بعض المنصفين من النصارى في فضائل الدولة الإسلامية وكيف أنّ النصارى قد عاشوا فيها حياة عدل وكرامة لم يشهدوا لها مثيلا.


ويقول المؤرخ الإنجليزي السير توماس أرنولد في كتابه "الدعوة إلى الإسلام": "لقد عامل المسلمون الظافرون العرب المسيحيين بتسامح عظيم منذ القرن الأول للهجرة، واستمر هذا التسامح في القرون المتعاقبة، ونستطيع أن نحكم بحق أن القبائل المسيحية التي اعتنقت الإسلام قد اعتنقته عن اختيار وإرادة حرة، وأنّ العرب المسيحيين الذين يعيشون في وقتنا هذا بين جماعات المسلمين لشاهد على هذا التسامح".


وتقول المستشرقة الألمانية زيغريد هونكه: "العرب لم يفرضوا على الشعوب المغلوبة الدخول في الإسلام، فالمسيحيون والزرادشتية واليهود الذين لاقوا قبل الإسلام أبشع أمثلة للتعصب الديني وأفظعها، سُمح لهم جميعاً دون أي عائق يمنعهم بممارسة شعائر دينهم، وترك المسلمون لهم بيوت عبادتهم وأديرتهم وكهنتهم وأحبارهم دون أن يمسوهم بأدنى أذى، أوليس هذا منتهى التسامح؟ أين روى التاريخ مثل تلك الأعمال؟ ومتى؟"، وينقل الخربوطلي عن المستشرق دوزي في كتابه "نظرات في تاريخ الإسلام" قوله: "إنّ تسامح ومعاملة المسلمين الطيبة لأهل الذمة أدى إلى إقبالهم على الإسلام وأنهم رأوا فيه اليسر والبساطة مما لم يألفوه في دياناتهم السابقة".


ويقول غوستاف لوبون في كتابه "حضارة العرب": "إنّ القوة لم تكن عاملاً في انتشار القرآن، فقد ترك العرب المغلوبين أحراراً في أديانهم... فإذا حدث أن انتحلت بعض الشعوب النصرانية الإسلام واتخذت العربية لغة لها، فذلك لما كان يتصف به العرب الغالبون من ضروب العدل الذي لم يكن للناس عهد بمثله، ولما كان عليه الإسلام من السهولة التي لم تعرفها الأديان الأخرى".


ويقول ول ديورانت: "لقد كان أهل الذمة، المسيحيون والزرادشتيون واليهود والصابئون يستمتعون في عهد الخلافة الأموية بدرجة من التسامح، لا نجد لها نظيراً في البلاد المسيحية في هذه الأيام، فلقد كانوا أحراراً في ممارسة شعائر دينهم، واحتفظوا بكنائسهم ومعابدهم"، ويقول المستشرق الفرنسي الدومييلي، الذي تفرغ لتاريخ العلوم، وتولى وكالة المجمع الدولي لتاريخ العلوم، وأسس مجلة (أركيون) التي تسجل نشاطه، ومن آثاره العلمية: (تاريخ العلوم 1935)، و(العلم العربي وأثره في التطور العلمي في العالم الإسلامي 1941)، (علم النبات عند العرب 1941)، وغيرها كثير، يقول هذا العالم المنصف: "التسامح العظيم الذي تحلى به الخلفاء الأمويون، وملوك الطوائف لم يمتد لواؤه على ما حكموه من شعوب، أو على المسلمين القادمين من أفريقيا والمشرق فحسب، بل انبسط ظله أيضاً على العلماء المسيحيين الذين أقبلوا مهطعين من أبعد الأقطار لتلقي العلوم في المدن المزدهرة التي لا تحصى، في ذلك القطر الساحر (الأندلس) الآخذ بمجامع الألباب"، والكاتب والمفكر آدم متر يستحضر مبدأً من مبادئ الإسلام العظيمة، وهو معاملة المسلمين لغيرهم في دولة الإسلام، فيقول: "كانت حياة الذمي عند أبي حنيفة وابن حنبل تكافئ حياة المسلم ودية المسلم، وهي مسألة مهمة جداً من حيث المبدأ... ولم تكن الحكومة الإسلامية تتدخل في الشعائر الدينية لأهل الذمة".


ومن الخلفاء المسلمين الذين اعتنوا بأهل الذمة وأوصوا بهم خيراً، الخليفة الراشد الثاني، عمر بن الخطاب رضي الله عنه حيث أوصى بهم من جاء بعده من الخلفاء، فقد ذكر هذا العالم الغربي آرثر ستانلي تريتون، الذي ولد عام 1881م، وعين مساعد أستاذ للعربية في أدنبره عام 1911م، وكلاسكو عام 1919م، وأستاذ في عليكرة في الهند عام 1921م، ومدرسة الدراسات الشرقية والأفريقية بلندن عام1931م، ومن آثاره العلمية والتاريخية: الخلفاء ورعاياهم من غير المسلمين 1930م، وعلم الكلام في الإسلام 1947م، والإسلام إيمان وشعائر 1950م، ومواد في التربية الإسلامية 1957م، هذا العالم الكبير يقول عن وصية أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه بأهل الذمة: "لما تدانى أجل عمر بن الخطاب أوصى من بعده، وهو على فراش الموت بقوله: أوصي الخليفة من بعدي بأهل الذمة خيرا، وأن يوفي لهم بعهدهم، وأن يقاتل من ورائهم، وألا يكلفهم فوق طاقتهم".


وهكذا نرى كيف أنّ الإسلام قد أنصف أهل الذمة وضمن لهم العدل والكرامة في دولة الإسلام، ونرى كيف أنّ أهل الذمة قد خبروا ذلك وعاينوا ذلك طوال سنوات الحكم الإسلامي.


هذه شذرات من بعض أقوال علماء الغرب ومفكريه المنصفين، وقد عاش الذميون في ظل هذه الأحكام قروناً عديدة لقوا خلالها من حسن المعاملة وجميل الرعاية ما جعل نصارى بلاد الشام ينضمون للمسلمين في حروبهم مع الصليبيين، وتسامع الناس في الخارج بما يلقاه أهل الذمة من حسن المعاملة وضمان الحقوق مما دفع بيهود إسبانيا لأن يعينوا المسلمين على فتح الأندلس، كل ذلك حصل في الوقت الذي كانت فيه حقوق الشعوب المغلوبة مهدورة غير مصانة من قبل سائر الدول في العالم آنذاك.


فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه مرّ بشيخ من أهل الذمة يسأل على أبواب الناس، فقال له ما ألجأك إلى ما أرى؟ قال: الجزية والسن والحاجة. فقال له: ما أنصفناك! كنا أخذنا منك الجزية في شبيبتك ثم ضيعناك في كبرك، وأخذه إلى بيته، وأعطاه ما يقيته، ثم أرسله إلى خازن بيت المال، وأمره أن يسقط عنه الجزية، وأن يعطيه من مال بيت المال. وقصة عمر بن الخطاب في رفع الظلم الذي وقع على القبطي من ابن عمرو بن العاص والي مصر مشهورة حين أمر الخليفة القبطي أن يقتص لنفسه من ابن الوالي أمام أبيه! وكذلك قصة سيدنا علي بن أبي طالب في التحاكم إلى القاضي شريح بشأن درعه الذي أخذه الذمي مشهورة في الإنصاف والمساواة أمام القضاء.


والشواهد على إحسان الدولة الإسلامية للذميين أكثر من أن تُحصى، يذكرها إلى اليوم حتى أهل صقلية في إيطاليا وأهل مناطق أخرى كثيرة لم يعد للإسلام ولا للمسلمين فيها أثر منذ ردح طويل من الزمن.


ولقد شعر أهل الذمة بذلك الإنصاف والعدل إلى درجة أنهم فضلوا دولة الإسلام والعيش بين المسلمين على العيش في بلاد الغرب أو التعاون معهم، ففي الحروب الصليبية انحاز نصارى الشرق إلى المسلمين وقاتلوا معهم ضد الصليبيين على الرغم من محاولة الصليبيين استمالتهم وإثارتهم ضد الدولة الإسلامية، إلى درجة أنهم أفقدوا الصليبيين إحدى الأوراق التي كانوا يعولون عليها في هزيمة المسلمين.


نعم هكذا كان حالهم في دولة الخلافة وستكون هكذا في دولة الخلافة الثانية القادمة وعد ربنا وبشرى نبينا عليه الصلاة والسلام، فلنشمر السواعد للعمل الجاد واستعادة سلطان المسلمين الذي سيملأ الكون نوراً وعدلاً بعد أن ملئت جوراً.


#أقيموا_الخلافة
#ReturnTheKhilafah
#YenidenHilafet
#خلافت_کو_قائم_کرو


كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
عبد الخالق عبدون علي
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية السودان

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع