الجمعة، 10 شوال 1445هـ| 2024/04/19م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
  •   الموافق  
  • كٌن أول من يعلق!

بسم الله الرحمن الرحيم

 

قطار حضارة الغرب الفائق السرعة يقودك إلى قعر الهاوية!

 

إلى غلمان الغرب وسباياه الهائمين على وجوههم في كل واد، إلى الذين ما انفكوا يتصايحون في كل ناد ويرددون في ببغائيتهم المقيتة أن اللحاق بالغرب وركوب قطار حضارته السريع هو الحل والخلاص.

 

خبرناكم ضحيلي العقول ضعيفي الحجى أصحاب هشاشة ثقافية فاضحة، ففي خزي جهلكم وجهالتكم ما كنتم فينا إلا بوقا رخيصا لترديد مفردات ومصطلحات فلسفة وفكر الغرب لا تفهمون لها لا سببا ولا موضوعا ولا غاية، وأنى لكم ذلك؟! فالتوجه إلى القضايا الكلية والنهائية والأسباب والغايات الكامنة وراء فلسفة الغرب ليست وظيفة المضبوعين الأغبياء، فالغباء نقيض الفكر والفهم.

 

مُعَلْمَنُنَا المضبوع الأجوف بعدما استفحلت فيه متلازمة الدونية في تقليده واقتباسه من الغرب وترديده لمفردات ومصطلحات فلسفته تعذر عليه أن يدرك ويفهم أن مصطلحات فلسفة الغرب هي جزء من قاموسه الحضاري وليست إنشاء لغويا أو نحتا أدبيا، فمُعلمننا الببغاء عند حديثه عن فلسفة الاستنارة الغربية يداعب مخيلته المهووسة بتقليد الغرب صورة نور الشمس وضوء القمر، ولا يكاد يدرك حقيقة المصطلح فلسفيا من كونه تعبيرا مجازيا عن خروج الإنسان الغربي من سجن كنيسته إلى قفص عقله وترهاته، ذلك الوهم الذي ساد في القرن الثامن عشر لدى فلاسفة الغرب من كون العلم التجريبي سينير كل مجهول ومن كون التجربة المادية ستكشف كل أسرار الكون والمحصلة هي التحكم الشامل والسعادة التامة، ثم انتهت استنارتهم إلى ظلام خالص وتيه محض وشقاء مدمر.

 

فما خبر غبيُّنا أن الغرب في زعم تهافت فلسفته بعد أن كفر بإله كنيسته اتخذ له من هوى وزيغ عقله وثناً معبودا، وما تلبّث إلا يسيرا حتى هشمه وكفر به ولم يذهب إلى ما هو أهدى وأرشد بل انتكس وارتكس دركا شديدا، فنكس على عقبيه وأقام له من المادة الصماء (الطبيعة) صنما معبودا، ثم ما كاد ينتهي من نحته حتى عمي وصم وهوى القهقرى فهشم وحطم وفكك صنمه المادي، ثم أعلنها عدما وعبثا وتيها خالصا وتكلف وتعنت في العدمية واللامعنى فلسفة وتفسيرا للحياة، فأردى بذلك إنسانه الغربي صريع حيرة وتيه وبؤس وشقاء.

 

فمن وهم استنارة العقلانية الإنسانية "الهيومانية" انتكس الغرب إلى مادية الحداثة والطبيعة الصنم الإله، وأخيرا وليس آخرا ارتكس إلى عدمية وتفكيك ما بعد الحداثة وإباحيتها الفكرية التي لا تعترف لا بمقدس ولا يقين ولا مطلق ولا حقيقة ولا قيم ولا أخلاق ولا محرمات، بل سيولة جارفة وميوعة تامة وإباحية شاملة لا معنى فيها ولا غاية بل مرجعيتها الأساسية هي التفكيك والهدم وما في حكمه. انتهت بالإنسان الغربي إلى مادة صرفة ليس له أي قيمة مطلقة ما وراء المادة، ولا يُعَيَّرُ بأي معيار أخلاقي متجاوز للمادة، وعند التحليل الأخير فهذه المادة "البشرية" قابلة للتفكيك والتحوير والاختبار والتجريب والتوظيف والاستعمال، حتى انتهت بإنسانها الغربي إلى جحيمه الحضاري فلا عقل ولا تكريم ولا نبل ولا قيمة ولا نوع ولا خصوصية بل مادة صرفة كَنَّوْها "الجندر"، بعد تفكيكها تستعمل وتستهلك عاهرة وبَغِيّاً وبطناً للاستئجار والكراء ونطفا للبيع وشاذا ومتحولا جنسيا، إن هي إلا تحورات مادية وطفرات تطورية أفرزتها فلسفة العدم واللامعنى الغربية الملعونة.

 

لكن مُعلمننا المضبوع متخلف ذهنيا تستعجم عليه وتستشكل الأفكار العميقة والتراكيب المركزة وغوص المعاني، فكل بضاعته أن يتحذلق ويتذاكى ويتصنع التفكير ويتكلف العبارة ويجهد في تقمص دور المفكر، لكن لا ينفك عن طبعه الغبي الأصيل ولا ينجو من عادته الطادية في التقليد والرواية. ولا جرم أن العنت كل العنت أن يفهم من لم يستجمع أداة الفهم لمواضيع الفلسفة والفكر، والمصيبة كل المصيبة أن يخوض فيها ويرمينا بسقيم فهمه وسفاهة رأيه، وذلك هو معلمننا المضبوع في خزي منطقه. ومن حر المصيبة أنه في شؤم وظيفته صار دخوله في ثقافة الغرب خروجا من وعن ثقافته، وإيمانه بفلسفة الغرب كفرا وإلحادا في إسلامه وتضبعه بالغرب عداء لأمته.

 

والعجيب أن هذه الشرذمة من المعلمنين في ضحالة عقولهم ما فيهم فيلسوف ولا عالم ولا أديب، ولا من يستطيع منهم أن يقول إن هذه فلسفتي وهذا علمي وهذا أدبي، بل كلهم عيال على فلسفة الغرب وثقافته وأدبه وكلهم مقلد سوء وكلهم سارق ناقل احترف القص واللصق. وفرق وأيُّما فرق بين فلسفة نطقها لسان فيلسوف فخبر فيها وبها ضعفه ونقصه وحدود عقله، واقتباس تكلم به مقلد مضبوع مفتون فَهْمُه على قدر جهله وضحالة عقله، ثم بعدها طار وأذاع به على غير قصد ومعنى صاحبه.

 

وكأنك بمعلمننا المضبوع الغبي قد قلع مخه من رأسه واجتث قلبه من صدره فلا عقل ولا شعور، مأخوذ مفتون ما خبر ولا تنبه أن محطة وصول القطار فائق السرعة لحضارة الغرب المشؤومة هي القاع السحيق وقعر الهاوية! فالقضية كل القضية هي محطة الوصول فهي السبب والغاية، فهي سبب الفلسفة وموضوع الحضارة وما كانت إلا بحثا دوما وأبدا عن السعادة. وما كانت محطة وصول قطار حضارة الغرب إلا شقاء خالصا وبؤسا محضا.

 

هاك اليابان أصرخ وأفضح نموذج ركب قطار حضارة الغرب السريع والتحق والتحم وذاب شعبها في حضارة الغرب وسارع وأفرط في تناول حبوب هلوسة فلسفة الغرب ومفاهيم دماره، فحولت فلسفة الغرب المادية اليابان إلى منتج رأسمالي خالص فرُبَّ زائر لليابان يفاجأ بذلك العدد المفزع من الإعلانات واللوحات الإشهارية حيث تتكدس أكوام من الإعلانات على واجهات المباني للتعبير عن البصمة الرأسمالية اليابانية والاستنساخ الحضاري بل قل الاستلاب الحضاري، وتكفلت السوق الرأسمالية بتحويل الإنسان الياباني إلى مادة صلبة جافة باردة وأداة كفؤة للإنتاج ونماء أرباح الرأسماليين، فبات إله السوق هو المعبود المبجل وطقوس العمل المفرط هي صلوات اليابانيين، تحسبها جدية وهي عند التحقيق هوس وتحول مادي آلي ميكانيكي للوظيفة الإنسانية، فمن الإنسان الفاعل المتفاعل الكائن الاجتماعي إلى آلة صماء منفعلة، حتى أضحى الإنسان الياباني في تحوله الآلي ونشاطه الميكانيكي جافا يابسا يرى في المشاعر والزواج والذرية والعلاقات الاجتماعية عائقا في طريق عمله، فقد ألحقه قطار حضارة الغرب بالقطيع فلا شيء يعلو فوق نمو الإنتاج وزيادة الأرباح فهما فوق الإنسان نفسه!

 

وها هي اليابان تؤدي أفحش وأغلى ثمن لحضارة الغرب الملعونة، فقد كان لها السبق في وصول شفير الهاوية وها هي على مسافة من انقراض شعبها ومحو نسلها وطمس أثرها!

 

تناقص مرعب في الزيجات والمواليد وتزايد مفزع في نسب الطلاق، فقد كشفت وزارة الصحة اليابانية عن تراجع تعداد المواليد الجدد في اليابان في عام 2019 بمعدل 16.3% عنه عام 2018، وسجلت الوزارة أدنى عدد للمواليد الجدد على الإطلاق منذ البدء بتسجيل هذا النوع من البيانات في عام 1899. كما كشفت وزارة الشؤون الداخلية والاتصالات اليابانية خلال عام 2021 أن عدد الأطفال في اليابان يتراجع للعام الأربعين على التوالي.

 

كما أنه فضلا عن تناقص الزيجات وتآكل الأسر، فهناك معضلة تأخر سن الزواج ما يفاقم معضلة تناقص الولادات، ففي بيانات وزارة الصحة اليابانية فإن متوسط عمر إنجاب الطفل الأول في البلاد هو سن 30.7 بالنسبة للنساء ولم يتغير هذا المعدل منذ 5 سنوات متتالية. وبسبب النقص الحاد في عدد المواليد وارتفاع عدد الوفيات استمر عدد السكان الإجمالي في اليابان بالتراجع كل عام.

 

فقد كشفت وزارة الشؤون الداخلية والاتصالات اليابانية عن كارثة اليابان العظمى وهي تناقص ساكنته التي يتهددها الانقراض، فحسب البيانات المعلنة فقد سجلت اليابان أول تراجع لتعداد سكانها في إحصاء 2015 بنسبة 0.8%، ثم بعدها في إحصاء 2020 بنسبة 0.7%.

 

ها هو إنسان اليابان بعد أن ركب القطار السريع لحضارة الغرب المشؤومة ولحق بركب حياتها التعيسة، ها هي قد استأصلت إنسانيته وحولته لماكينة إنتاج وحرمته من الزوجية وقطعت نسله وسلبته أرحامه وأنسابه وجردته من كينونته الاجتماعية وسلخته من نبله وتميزه وتركته في العراء الحضاري التام والخواء الروحي المدمر، وما اكتفت ولا انتهت منه حتى أفردت له من عدميتها ولامعناها الانتحار سبيلا للخلاص منها بل منه!

 

فوفقا لبيانات عام 2020 بلغ عدد حالات الانتحار في اليابان 20919 حالة بزيادة 750 شخصا (بزيادة 3.7%) مقارنة بأرقام العام السابق. وبحسب معطيات أولية للشرطة اليابانية فقد بلغ العدد الإجمالي لحالات الانتحار في شهر تشرين الأول/أكتوبر 2020، 2153 حالة بزيادة أكثر من 300 حالة عن الشهر السابق وهي أعلى حصيلة شهرية منذ أيار/مايو 2015. وتعرف اليابان أعلى معدل للانتحار بين مجموعة الدول الصناعية السبع وهي كندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان والمملكة المتحدة والولايات المتحدة.

ثم ما اكتفت حضارة الغرب الملعونة بكبارهم حتى ألحقت بهم صغارهم، فقد تفشى الانتحار في أطفال اليابان بشكل مرعب، فقد ذكرت وسائل إعلام محلية يابانية في تشرين الأول 2021 نقلا عن وزارة التعليم اليابانية أن حالات انتحار الأطفال في اليابان هي الأعلى منذ أكثر من 40 سنة، وسجلت 415 حالة انتحار لأطفال مسجلين من الصفوف الابتدائية حتى الثانوية، وذكرت صحيفة أساهاي اليابانية أن الرقم زاد بنحو 100 طفل عن العام الماضي وهو أعلى رقم منذ بدء حفظ الأرقام القياسية في عام 1974. وعن تعاسة أطفال اليابان قالت وزارة التربية والتعليم اليابانية إن رقما قياسيا سجل، فأكثر من 196127 تلميذا في المدارس تغيبوا عن فصولهم لمدة 30 يوما أو أكثر.

 

 

هي حضارة الغرب المشؤومة أشقت الصغير قبل الكبير، ويكأنها من تصميم شيطان رجيم صممت خصيصا

لإهلاك نسل آدم عليه السلام وانقراض نوعه البشري!

 

هي اليابان يا مغفل نموذج المعلمنين المفضل! فالحديث عنها وليس عن الموزمبيق ولا عن صحراء الثلث الخالي، هي النموذج الصارخ الفاضح للفشل الذريع لحضارة الغرب البائسة في الإجابة عن المسألة الإنسانية سببا وغاية ومصيرا، وإفلاسها المروع في تحقيق سعادة البشرية.

 

ففي عالم العبث وعدمية اللامعنى صنيعة فلسفة الغرب وقيء حضارته لا ترى أي هدف سوى النمو الكمي لإنتاج السلع والخدمات وزيادة الربح الصافي لكهنة المعبد الرأسمالي. فحضارة الغرب لا تعدو عن كونها بربرية متوحشة بتقنية وبرمجة إلكترونية، فهناك ناطحات من الإسمنت المسلح وقطارات فائقة السرعة وبرمجيات وتقنية رقمية لإيهامك بالتحكم وبهرجة مدنية وإعلامية لتزييف واقعك البائس، وهناك في تلك الزاوية المظلمة وتلك العتمة الباردة وفي العراء الحضاري التام إنسان أجوف هش بائس مضغته سنين الحيرة وأرهقه تيه اللامعنى حتى أضحى معه الخيار الأخير انتحارا للخلاص والتخلص من حضارة وحياة الغرب!

 

فالقضية قضية الإنسان وسعادته وليست قضية الناطحة وعلوها ولا القطار وسرعته ولا التقنية الرقمية وكمَّ معلوماتها! فما تغني الآليات والأدوات والتقنيات والبرمجيات في هذا الثقب الأسود الحضاري الغربي، فما نفع وجدوى هذا الركام المادي في إنسان فقد بوصلة وغاية وجوده؟!

 

ذاك ما آلت إليه حضارة الغرب من إفلاس ودمار ولكن معلمننا المغفل المفتون في غيبوبته التي ارتضاها لنفسه لا يفيق ولا يسمع أصواتا من غرب فتنته تتعالى منذرة بنهاية الغرب وسقوطه وانحطاطه، ومن عبثية واقعه وعدمية اللامعنى لفلسفته والثمن الفاحش للتقدم المادي الأجوف من القيم لسراب ماديته، والأرض الخراب والتيه والضياع وموت الغرب وحضارة الانتحار لمحصلة حضارته.

 

آن وحان لهذا العالم البائس المنكوب بحضارة الغرب الملعونة المشؤومة، أن يتخلص من هذا الشر الماحق ويخرج من حيرته وضلاله وتيه كفر الغرب ويؤوب ويرجع لربه وخالقه، ويخرج من ظلمات رأسمالية الغرب وضلالها إلى نور الإسلام العظيم وهديه. وما كنتم معشر المسلمين إلا هداته ومخلصيه فما كنتم في البشرية إلا شهداء رشاد وهدي وحقيق الإيمان والصلاح والفلاح والسبيل لسعادة الدارين.

 

آن لكم أن تقذفوا بحق إسلامكم العظيم وخلافته الراشدة بباطل الغرب وكفره وعدمية حضارته وخراب دوله فيدمغه فإذا هو زاهق.

 

وصدق الله وهو أحسن القائلين جل في علاه: ﴿بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ﴾.

 

كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

مناجي محمد

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع