- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
2018-09-01
الصيحة: الخبير الاقتصادي ناصر رضا محمد عثمان لـ(الصيحة) موازنة 2018 جاءت استجابة لروشتة البنك الدولي
موازنة 2018 جاءت استجابة لروشتة البنك الدولي
ارتفاع أسعار السلع سببه رفع قيمة الدولار الجمركي
تعويم الجنيه كارثة على الاقتصاد السوداني
أكد الخبير الاقتصادي والقيادي بحزب التحرير ولاية السودان ناصر رضا محمد عثمان على وجود خلل كبير في الأداء الاقتصادي للبلاد، مؤكداً أن أسباب الأزمة الاقتصادية التي تشهدها البلاد جاءت بسبب الروشتة التي قدمها البنك الدولي ومؤسساته للسودان والعمل بها، وقال إن التدخلات السافرة من صندوق النقد الدولي والتي لم تنقطع أصلاً منذ سنوات طويلة وعقود من الزمان تعوق التطور الاقتصادي، ولذلك جاءت موازنة 2018 بتوجيه كامل من البنك الدولي، وهذه واحدة من مخرجات الحوار الوطني الكارثية والتي نصت على التطبيع الكامل مع مؤسسات صندوق النقد والبنك الدوليين، ولهذا جاءت الموازنة الأخيرة استجابة لإرادة المؤسسة الاستعمارية الممثلة في البنك الدولي.
حوار: عبد الهادي عيسى
ـ ما هي أسباب التدهور الاقتصادي؟
توجد عدة أسباب أدت إلى هذا الخلل الاقتصادي، منها السياسة الاقتصادية المتبعة في هذا البلد، وحصلت نقلات كبيرة في ايرادات الدولة من استخراج النفط والمعادن وكل ملاحظ ومتابع لاستخراج هذه الموارد يجد ظهور أزمات وازدادت أكثر مع استخراج الذهب والمعادن، وهذه حالة شاذة ومغايرة لما يجب أن يكون عليه الحال والوضع الطبيعي مع استخراج الموارد تحسن أحوال الناس المعيشية وحدوث طفرة في البنى التحتية، وكل مظاهر الحياة المدنية في البلد، ولكن حدث العكس وحدوث تراجع كبير، وعادت صفوف الخبز والوقود ونحن في القرن الواحد وعشرين، وهذه حالة تكشف عن وجود خلل أساسي.
ـ ألا يمكن أن نعزو هذا الأمر لعوامل خارجية؟
طبعاً لا، وحتى الضغوط الاقتصادية المزعومة والتي دائمًا ما يرجعها البعض إلى العقوبات الأمريكية ليست صحيحة، ومعروف بأننا ليست لدينا تجارة كبيرة مع أمريكا، والتأثير الوحيد في العقوبات التي كانت تمنع الدول من التعامل معنا بشكل رسمي، لأن وسيلة التعامل الاقتصادي في العالم مبنية على الدولار، وهم بحكم أنهم الدولة المصدرة للدولار وأي معاملة اقتصادية تتم بالدولار، لابد وأن تكون تحت الرقابة الأمريكية، هذه المسألة أرهقت السودان فعلاً، ولكن لم تكن هي السبب وكانت الدولة ولسنوات طويلة منذ فرض العقوبات ظلت الأوضاع مستقرة فيها، واستمر سعر الصرف عند اثنين جنيه لأكثر من عشرة أعوام ما يعني أن العقوبات لم تؤثر بالدرجة التي نلاحظها اليوم خاصة مع إنفاذ موازنة 2018.
ـ إذا ما هي الأسباب؟
هي تدخلات صندوق النقد الدولي والتي لم تنقطع أصلاً منذ سنوات طويلة وعقود من الزمان، ويوجد مكتب داخل وزارة المالية يسمى مكتب استشاري لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي والاتحاد الأوربي، وهم يقدمون كل ما يحقق مصالحهم ويعوق اقتصادنا، ولذلك جاءت موازنة 2018 بتوجيه كامل من البنك الدولي، وهذه واحدة من مخرجات الحوار الوطني والتي نصت على التطبيع الكامل مع مؤسسات صندوق النقد والبنك الدوليين، ولهذا جاءت الموازنة الأخيرة استجابة لإرادة المؤسسة الاستعمارية الممثلة في البنك الدولي.
ـ يعني الخلل الاقتصادي الموجود بسبب روشتة البنك الدولي تحديداً؟
سأشرح ليك كيف حدثت القفزة، ففي نهاية العام 2017 وبداية العام 2018 مع إنفاذ الموازنة تم رفع الدولار الجمركي من ستة جنيهات إلى ثمانية عشر جنيهاً، وهذا يعني مضاعفة القيمة الجمركية على أي سلعة تدخل البلاد ثلاثة أضعاف، وهذه إحدى مقررات روشتة البنك الدولي، ومن أكبر الكوارث دعوته لتعويم الجنيه، والآن الدولة لم تعمل تعويماً كاملاً، ولكنه مقنن، وهي محطة متقدمة في تحرير سعر الصرف بالكامل، وهذه أيضاً منصوص عليها في مخرجات الحوار الوطني، وحاولت الدولة رفع سعر الصرف وجعله قريباً من سعر السوق الموازي وكان كل شخص يريد أن يورد سلعة يقدم طلباً للبنك المركزي الذي يصادق على السلعة ويفتح للتاجر اعتماداً ويقوم بتوريد أمواله ليصرف له الدولار بالسعر الرسمي للدولة، والآن الدولة لا تعطي دولارات، وكل من يريد توريد سلع عليه إحضار دولاراته من السوق، وعملياً حصل تحرير في سعر الصرف.
ـ هل هذا السبب الذي أدى إلى الارتفاع الجنوني للسلع؟
أكيد طبعاً، وأي شخص يورد سلعة يسعر سعرها بسعر الدولار الموجود في السوق والذي تجاوز الخمسين جنيهاً.
ـ هنالك بعض الخبراء الاقتصاديين توقعوا وصول الدولار إلى حاجز المائة جنيه؟
هذه مجرد توقعات ورجم بالغيب، لأنه لا يوجد جهاز إحصائي دقيق، وبصراحة يمكن أن يصلها أو يتجاوزها لأنه لا توجد مؤسسات ونظام محكم ولا حتى تعداد لحجم الثروات والموارد والتي كانت تمثل إيرادات للدولة والتي تتمثل في النفط والذهب والمعادن، والآن هي تقريباً في أيدي شركات خاصة والعائدات ستصب في جيوب أفراد ولن يتحسن الوضع أو تتحسن أوضاع العملة الوطنية إلا إذا كان هناك منتج مقابلها.
ـ كيف تعود العملة الوطنية لقيمتها؟
الأزمات الاقتصادية بدأت في العالم كله عندما تم إلغاء نظام الذهب، وكان كل عملة تصدر تكون ذهبية أو فضية أو لها غطاء من الذهب أو الفضة، ولذلك ما كانت تتأثر قيمة العملات بأي مضاربات، والآن السبب الرئيس في إضعاف الجنيه السوداني هو مصنع النقود الموجود في الخرطوم والذى يعمل بثلاث ورديات ويطبع العملات الورقية، وهذا أدى إلى التضخم وهي فقد العملة قيمتها الحقيقية.
ـ كيف ذلك؟
كلما تقوم الدولة بطباعة النقود تعمل على سرقة جهود الناس ومدخراتهم، بمعنى إذا كان مرتبك خمسة آلاف جنيه وحينما تبدأ ماكينات الطباعة تتم طباعة نقود إضافية تزيد من الكتلة النقدية فتنخفض فعلياً القيمة إلى النصف ويكون الراتب 2500 جنيه فقط. وهذا الأمر يحرك أسعار السلع ارتفاعاً، والملاحظ الآن وجود هجمة على شراء الدولار في الأيام الأخيرة، ويبدو أن بعض التجار هم العنصر الأساسي فيها أو من يسمون بالقطط السمان عندما شعروا بأن الضغط بدأ يزداد عليهم، حولوا كل أموالهم للدولار استعداداً للفرار.
ـ هل يمكن أن يكون الحل في زيادة الإنتاج والإنتاجية؟
هذا الكلام مستهلك، وكيف تتم زيادة الإنتاج والإنتاجية، هذا هو السؤال الكبير، والدولة تضع الخطط الاقتصادية الثلاثية والخمسية وغيرها، وهذا محض عبث وتخدير للناس واستخفاف بالعقول، فزيادة الإنتاج والإنتاجية يستلزم وجود نظام مفصل وواضح فيه كيفية امتلاك الثروة وتوزيعها وتنميتها، الآن لدينا مشكلة في الملكيات، والدولة تفكر في المشروعات الكبيرة "الجزيرة وغيرها" وتخصخص فيها وتحولها لقطاعات خاصة والأراضي الزراعية التي كان يسترزق منها الناس أصبحت تبيعها لمستثمرين، وهذه إشكالية في سياسة الدولة تجاه الاستثمار الخارجي، وما هي الفائدة التي نجنيها من الاستثمار الخارجي، والدولة تبيع أراضينا وثرواتنا لمن يسمى بالمستثمر الأجنبي والحصاد صفر كبير، وكان مشروع الجزيرة له عائدات تشكل أكثر من 61% من إيرادات موازنة السودان، ولكن الآن فقدنا حتى الثروة الحيوانية عبر تصدير الإناث التي تعتبر جريمة ارتكبت في حق الثروة الحيوانية.
وحول الصناعة توقف أكثر من 90% منها، والمتبقي سيتوقف بعد الزيادات التي عملت في تعرفة الكهرباء للقطاع الصناعي والتجاري هذا غير الرسوم التي تفرضها المحليات على المصانع.
ـ ألا يمكن أن تنعكس حملة محاربة الفساد خيراً على الواقع الاقتصادي؟
لجنة الفساد تم تكوينها قبل سنتين وما في جريمة واحدة للفساد تم ضبطها عادت بخير على البلاد، وإذا كانت هنالك جدية من قبل الحكومة لمحاربة الفساد يمكن حل كثير من مشاكل البلاد عبر استرداد الأموال المنهوبة من الذين أثروا على حساب هذا الشعب المغلوب على أمره ونتوقع مستقبلاً أن تؤتي أكلها.
ـ رؤيتك لمعالجة الوضع الاقتصادي؟
الوضع الاقتصادي جزء من الأزمة السياسية الموجودة، وهنالك سؤال قائم يعرفه كل أهل السودان، ونحن مسلمون ولا علاقة للدين بالدولة! وهذا السؤال الذي فشلو أو تجنّب الإجابة عليه كل السياسيين فى السودان، والأصل أن نرجع إلى ديننا وأن نجعل من الإسلام منطلقاً، وأن نحتكم إلى شريعتنا بجد وبصدق وليس بدغمسة، وهذا هو النظام الأصلح الذي يمكن أن يخرجنا من دائرة الشؤم التي ندور حولها فالمخرج أن نعود لله والرسول وأن نتحدث عن نظام يقوم على أساس الإسلام يبسط العدل ويرد الحقوق على أساس أحكام الشرع والدين.
المصدر: الصيحة