الأربعاء، 14 محرّم 1447هـ| 2025/07/09م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

Al Raya sahafa

 

2025-07-09

 

جريدة الراية:

في ذكرى الهجرة النبوية

ماذا يعني غياب دولة الخلافة؟!

 

 

إن الإسلام دون شك هو المبدأ الوحيد الصحيح القادر على معالجة مشاكل الحياة الإنسانية في شتى مجالاتها، لأن عقيدته هي وحدها الفكرة الكلية الشافية التي بينت حقيقة هذا الوجود وما قبله وما بعده، وحلت أسئلة العقدة الكبرى بإجابة تقنع العقل وتوافق الفطرة وتملأ القلب طمأنينة.

 

والعقيدة لا تكون مبدئية إلا إذا بينت وجهة نظرها في حقيقة هذا الوجود، وانبثق عنها نظام يبين للناس وظيفتهم فيه. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن المبدأ، أي مبدأ، لا يمكن أن يؤدي دوره في واقع الحياة العملية إلا بوجود كيان تنفيذي يطبق أنظمته تطبيقاً عملياً في واقع الحياة وإلا كان هذا المبدأ مجرد فلسفة نظرية خيالية لا أثر لها في واقع الحياة العملية، لأن فكرة المبدأ لا بد لها من طريقة لتجسيدها وتنفيذها في واقع الحياة، حتى يكون وجودها وجوداً عملياً لا مجرد فكرة نظرية فلسفية، ولذا كان وجود الدولة الإسلامية فرض لا بد منه لجعل العقيدة الإسلامية فكرة عملية تسود المجتمعات، وكان لا بد أن تكون الخلافة هي الشكل الذي يجب أن يتعهده المسلمون بالحفظ والوفاء على التوالي، كلما ذهب خليفة بايعوا خليفة آخر ينوب عنهم في إقامة الحكم بما أنزل الله، إبراءً للذمة في حمل أمانة الإسلام التي كلفهم بها الله الذي خلقهم واستخلفهم في الأرض. والأحاديث النبوية في هذا الجانب كثيرة؛ حيث أمر رسول الله ﷺ بأهمية الحفاظ على وجود الدولة الإسلامية، فقال ﷺ: «فُوا بِبَيْعَةِ الْأَوَّلِ فَالْأَوَّلِ»، وفي حديث آخر قال ﷺ: «إِذَا بُويِعَ لِخَلِيفَتَيْنِ فَاقْتُلُوا الْآخَرَ مِنْهُمَا»، فالخلافة هي الطريقة الشرعية لتطبيق أنظمة الإسلام تطبيقا عمليا في واقع الحياة، وحمل رسالة الإسلام إلى العالم بالدعوة والجهاد، لكسر قوى الباطل التي تحول دون وصول الخير الذي بعث به رسول الله ﷺ رحمة للعالمين، ووجودها يعني وجود الإسلام، وغيابها يعني إبعاد الإسلام عن الحياة، وإحلال نظام آخر يسوس الناس بالباطل ويرعى شؤونهم بما تهوى الطواغيت.

 

ومن المؤسف أنْ فرّط المسلمون بدولة الخلافة، حيث تمكن الاستعمار الأجنبي من هدمها عام ١٣٤٢هـ الموافق ١٩٢٤م، والأشد أسفاً حين نجد أعداءنا قد فطنوا إلى معنى وجود الخلافة، بينما نجد أبناء جلدتنا في غفلة من هذا الأمر، فتجد أن أعداء الإسلام قد ركزوا في مخططاتهم على إبعاد المسلمين عن التفكير بإعادة الخلافة من جديد، واستخدموا كل ما يملكون من أساليب المكر والخداع، وجندوا لذلك العملاء والمضبوعين، بينما نجد المسلمين اليوم يتخبطون في أوهام الحلول للخروج من هذه الدوامة التي تعصف بهم بالمآسي والآلام دون أن يتنبهوا أن غياب الخلافة هو المعضلة الكبرى التي ينبغي عليهم معالجتها باتخاذها على رأس معالي الأمور بوصفها قضية مصيرية تحتم عليهم إقامتها، علاوة على أن النبي ﷺ قد أشار إلى أهمية العمل لإقامة هذا الحل المبدئي الذي سيقوم على أنقاض هذه الأنظمة الجبرية، حيث قال ﷺ: «ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةً عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ».

 

وفي ظل هذا الواقع الأليم الذي باتت أنظمة الكفر الجبرية تهيمن فيه على المجتمعات، فقد كان لا بد من وجود جماعة مبدئية سياسية مخلصة تحمل مشروع الإسلام نقيا صافيا وتعمل لإقامة الخلافة الراشدة الموعودة، مستلهمين بذلك طريقة رسول الله ﷺ في إقامة دولة الإسلام الأولى، من خلال:

 

١- التثقيف والتكتيل

 

٢- التفاعل بالصراع الفكري والكفاح السياسي وطلب النصرة من أهل القوة والمنعة

 

٣- استلام الحكم والقرار

 

ولا يقال إن هذا مستحيل، إذ لا يقول هذا إلا الجاهلون بعقيدتنا القادرة على إقناع العقول والتأثير على النفوس لموافقتها للفطرة الإنسانية. وقد كان قادة الأنصار رضوان الله عليهم مثلاً لأهل القوة والمنعة الذين جعلوا جاههم وسلطانهم في نصرة الإسلام والعاملين لإقامته في بيعة رشد، سلموا فيها قرار الحكم للقائد الأسوة محمد ﷺ في بيعة العقبة الثانية، وهي بيعة لتسليم زمام الحكم لا لتقرير النبوة التي ثبتت بمعجزة القرآن الكريم.

 

وأي بلد إسلامي أثمرت فيه دعوة هذه الجماعة المخلصة، ونضج أهله فكريا وأدركوا أهمية الخلافة الراشدة باعتبارها وعدا وفرضا عظيما، وتبين لهم أي حزب هو الرائد الجدير بالالتفاف حوله، وصار الوعي بالخلافة هو السائد في ذلك القطر من بلاد المسلمين، فإنه من الطبيعي أن تصل حرارة الدعوة الصادقة إلى أهل القوة والمنعة، لأنهم في الحقيقة جزء من أبناء الأمة وهذا المجتمع الذي نضج وعيه على فكرة الحل الجذري المبدئي لمعالجة مشاكل المسلمين والناس أجمعين. وإننا على يقين تام أن أبناء الأمة الإسلامية في كل البلاد الإسلامية باتوا أكثر وعيا مما مضى، وخاصة بلاد الشام التي قال عنها رسول الله ﷺ: «عُقْرُ دَارِ الْإِسْلَامِ الشَّامُ» وهي الأرض المباركة التي ستكون مكانا لنزول الخلافة الراشدة الموعودة بإذن الله.

 

هذا هو الحل المبدئي الذي يدعوكم إليه حزب التحرير منذ أن تأسس في بيت المقدس عام ١٣٧٢هـ - ١٩٥٣م، وهو وعد غير مكذوب، وبشرى رسول الله ﷺ وقد بات قاب قوسين أو أدنى بإذن الله.

 

 

بقلم: الأستاذ رمزي راجح – ولاية اليمن

 

 

المصدر: جريدة الراية

 

 

 

 

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع