الخميس، 18 رمضان 1445هـ| 2024/03/28م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

Al Raya sahafa

 

2021-02-24

 

جريدة الراية: أقوال العلماء القدامى والمعاصرين

في وجوب الخلافة وإقامة الدين

 

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله على آله وصحبه ومن والاه

 

قال الجاحظ والبلخي (الكعبي) وأبو الحسين الخياط والحسن البصري: تجب الإمامة عقلاً وشرعاً، وأورد أصحاب هذه النظرية عدة براهين شرعية وعقلية وضرورات وظيفية.

 

البرهان الشرعي، وهو الإجماع:

 

  • أجمع الصحابة والتابعون على وجوب الإمامة، إذ بادر الصحابة فور وفاة النبي ﷺ وقبل تجهيزه وتشييعه إلى عقد اجتماع في سقيفة بني ساعدة، وبعد تشاور كبار المهاجرين والأنصار بايعوا أبا بكر الصديق رضي الله عنه قياساً على تقديم الرسول ﷺ له لإمامة الناس في الصلاة أثناء مرضه الشريف، وأقر المسلمون هذه البيعة في المسجد في اليوم التالي، مما ينبئ أنهم مجمعون على ضرورة وجود إمام أو خليفة.
  • قال الإيجي في المواقف وشارحه الجرجاني: "إنه تواتر إجماع المسلمين في الصدر الأول، بعد وفاة النبي ﷺ على امتناع خلو الوقت من إمام، حتى قال أبو بكر رضي الله عنه في خطبته المشهورة، حين وفاته عليه الصلاة والسلام: ألا إن محمداً قد مات، ولا بد لهذا الدين ممن يقوم به، فبادر الكل إلى قبوله، وتركوا له أهم الأشياء، وهو دفن رسول الله ﷺ، ولم يزل الناس على ذلك، في كل عصر إلى زماننا هذا، من نصب إمام متبع في كل عصر". وواضح من قول العلماء أن الإجماع منصب على ضرورة وجود الحاكم. والإجماع حجة قطعية يقينية على وجوب الإمامة بعد الرسول ﷺ وفي كل عصر، إذ لا يصلح الناس فوضى لا قادة ولا رؤساء لهم في كل زمان، ويؤكد هذا الإجماع أو يعد مستنداً له إشارات في القرآن والحديث.
  • قال الماوردي: جاء الشرع بتفويض الأمور إلى ولي في الدين، قال الله عز وجل: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ﴾ ففرض علينا طاعة أولي الأمر فينا، وهم الأئمة المتأمّرون علينا.
  • وروى هشام بن عروة عن أبي صالح عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال: «سَيَلِيكُمْ بَعْدِي وُلَاةٌ، فَيَلِيَكُمُ الْبَرُّ بِبِرِّهِ، وَالْفَاجِرُ بِفُجُورِهِ، فَاسْمَعُوا لَهُمْ وَأَطِيعُوا فِي كُلِّ مَا وَافَقَ الْحَقَّ، وَصَلَّوْا وَرَاءَهُمْ، فَإِنْ أَحْسَنُوا فَلَكُمْ وَلَهُمْ، وَإِنْ أَسَاءُوا فَلَكُمْ وَعَلَيْهِمْ». والآيات التي تأمر المسلمين بالحكم بما أنزل الله كثيرة منها قوله تعالى: ﴿وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَآ أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ﴾، وقوله سبحانه: ﴿وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ﴾.

وقد مارس النبي عليه الصلاة والسلام سلطات سياسية لا تصدر من غير قائد دولة، كإقامة الحدود وعقد المعاهدات وتعبئة الجيوش وتعيين الولاة وفصل الخصومات بين الناس في الشؤون المالية والجنائية ونحوها.

 

البرهان العقلي، وهو توفير النظام ودرء الفوضى:

 

إن الاجتماع والتمدن طبيعي في البشر، وكل اجتماع يؤدي إلى التنازع والتزاحم والاختلاف بسبب حب الذات والحرص على المصالح الذاتية، وتحقيق أكبر قدر من المصالح الشخصية، والتنازع يفضي غالباً إلى الخصام والصراع والهرج والفوضى المؤذنة بهلاك البشر وانقراض النوع الإنساني إذا لم تنظم الحقوق وتحدد الواجبات ويفرض النظام، ويقوم الوازع الرادع، ويتم ذلك بالسلطان، ولا يتم بغيره.

 

  • قال الماوردي: "تجب الإمامة عند طائفة عقلاً لما في طباع العقلاء من التسليم لزعيم يمنعهم من التظالم، ويفصل بينهم في التنازع والتخاصم، ولولا الولاة لكانوا فوضى مهملين، وهمجاً مضاعين".
  • وقال الأفوه الأودي وهو شاعر جاهلي: "لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم *** ولا سراة إذا جهالهم سادوا". وهذا يعني أن ضرورات الحياة والحفاظ على حقوق الإنسان تقتضي وجوب الإمامة أو السلطة.

برهان الوظيفة:

 

إن قيام الإنسان بوظيفته بكونه خليفة الدنيا في الأرض وحامل الأمانة، وهي: (الفروض والتكاليف الدينية)، يتوقف على وجود السلطة السياسية التي تمكنه من أداء وظيفته على نحو أكمل. وهذه الواجبات لا تتحقق إلا في ظل وجود دولة، سواء أكانت عبادات محضة كالصلوات والحج والعمرة، أم شعائر عامة كالأذان والجمعة والأعياد، أم معاملات مجتمعية كالعقود بأنواعها، أم تكاليف جماعية كالجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإقامة المجتمع الفاضل والتعاون في سبيل الخير، وقمع الشر، ومحاربة الأهواء. ولا تظهر فائدة هذه السلطة السياسية إلا في سياج منيع من القوة المانعة والسطوة الرادعة التي تلازم وجود الدولة.

 

  • قال النسفي: "والمسلمون لا بد لهم من إمام يقوم بتنفيذ أحكامهم، وإقامة حدودهم، وسد ثغورهم، وتجهيز جيوشهم، وأخذ صدقاتهم، وقهر المتغلبة والمتلصصة وقطاع الطريق، وإقامة الجمع والأعياد، وقطع المنازعات الواقعة بين العباد، وقبول الشهادات القائمة على الحقوق، وتزويج الصغار والصغيرات الذين لا أولياء لهم، وقسمة الغنائم، ونحو ذلك من الأمور المتطلبة لوجود الحاكم".
  • وقال الإيجي في المواقف: "إن في نصب الإمام دفع ضرر مظنون، وإن دفع هذا الضرر واجب شرعاً. وبيان ذلك أننا نعلم علماً يقارب الضرورة أن مقصود الشارع، فيما شرع من المعاملات، والمناكحات، والجهاد، والحدود والمقاصات، وإظهار شعائر الشرع في الأعياد والجماعات، إنما هو مصالح عائدة إلى الخلق معاشاً ومعاداً، وذلك المقصود لا يتم إلا بإمام يكون من قبل الشارع يرجعون إليه فيما تعين لهم".
  • إن مهمة الدولة في الإسلام حراسة شؤون الدين والدنيا، وتحقيق السعادة للبشر في الحياة الدنيا والآخرة، فلا بد من السعي الفوري لإيجادها.
  • إن تلازم وجود الدولة مع دعوة الإسلام ودين الإسلام أمر لا يمكن فصله في مفهوم إنسان، منذ أن قامت دولة المدينة باعتبارها أول نواة لوجود الدولة بالمعنى الحديث.

فيا أيها العلماء الأفاضل: ماذا تريدون أكثر من ذلك حتى تؤازروا الحزب الوحيد العامل لإقامة سلطان المسلمين وهو دولة الخلافة في البلاد الإسلامية اليوم، وهو حزب التحرير، بل والانضمام إليه، وحمل رسالته إلى الأمة، والتأكيد أننا أمة واحدة ومن الواجب علينا أن نتحد تحت الخلافة الراشدة؟

 

ومن نافلة القول، أن نذكركم بالأجر العظيم الذي يناله العاملون المتأخرون، والذي يفوق أجر العاملين المتقدمين من الصحابة الكرام. أخرج الترمذي عن أبي ثعلبة أن النبي ﷺ قال: «إِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ أَيَّاماً، الصَّبْرُ فِيهِنَّ مِثْلُ الْقَبْضِ عَلَى الْجَمْرِ، لِلْعَامِلِ فِيهِنَّ مِثْلُ أَجْرِ خَمْسِينَ رَجُلاً يَعْمَلُونَ مِثْلَ عَمَلِكُمْ»، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ وَزَادَنِي غَيْرُ عُتْبَةَ: «قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَجْرُ خَمْسِينَ مِنَّا أَوْ مِنْهُمْ؟! قَالَ: بَلْ أَجْرُ خَمْسِينَ مِنْكُمْ». ونحن نعيش هذه الأيام التي أخبرنا عنها رسول الله ﷺ، فأروا الله من أنفسكم خيرا، والله معكم ولن يتركم أعمالكم.

 

وأخيرا نقول لكم: نعم إن عملكم مع الحزب يضفي زخما كبيرا وتأثيرا عظيما في العمل الدعوي لإقامة الخلافة، ولكننا نذكركم بأن النصر بيد الله وحده حصرا وقصرا، فمن عمل أُجر ونُصر، ومن تقاعس أثم، وتكفي مائة عام عجاف مرت على المسلمين بهدم دولتهم في معصية الله وغضبه، وقد آن الأوان لإقامتها كي نبدأ السنوات السمان في طاعة الله ومرضاته.

 

بقلم: الشيخ عصام عميرة (أبو عبد الله) – بيت المقدس

 

 

المصدر: جريدة الراية

 

 

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع