أين نحن في صفوف الدعوة جزء 1
- نشر في أخرى
- قيم الموضوع
- قراءة: 393 مرات
طلع البدر علينا .... من ثنيات الوداع .....وجب الشكر علينا....... ما دعى لله داع ......أيها المبعوث فينا .....جئت بالأمر المطاع .... جئت شرفت المدينة ..... مرحبا يا خير داع .
نشيدٌ هتف به أهل يثرب وهم يستقبلون سيد المرسلين والخلق أجمعين
من مكة أقبل عليهم .......مكة ....التي رفض أهلها بكل صلف وجحود رفضوا دعوة الحق .... وتطبيق شريعة الحق .... وإقامة دولة الحق .
طلع البدر علينا .... كان ترديد أهل المدينة وهم يرون الرحمة المهداة تطأ قدماه أرضهم ... وتستعد لإقامة حكم الله في بلادهم .....هتفوا بها ولسان حالهم يقول :
بقدومك حل النور فأضاء عقولنا وقلوبنا وبصائرنا .....فأعاد اللحمة بين الأهل فحلت محل الفرقة والبغض ..... أنهى عهدا طويلا من العداء والصراع وقطع الأرحام وإراقة الدماء .....والسير وراء نصائح الأعداء .... فلا تأثير ليهود علينا بعد اليوم .... وسنكون معا يداً على من سوانا من الكفار وأعداء الدين ...... طلع البدر علينا فحول يثرب إلى المدينة المنورة بنور الإسلام العظيم ....ونور رسوله الأمين.
من ثنيات الوداع ...... تلك البقعة التي خلدها التاريخ .... ما أن عبر منها النبي الأعظم إلى الحاضنة الأمينة, التي سيبدأ فيها عهد جديد ونظام سياسي فريد لم ولن يشهد له التاريخ مثيلا .... فنعم المكان الذي يستحق الخلود في الذاكرة ... ثنيات الوداع ... بما يحمله ذكرها من أريج النصر والتمكين.
وجب الشكر علينا .... ما دعى لله داع .... نعم إنه حق وواجب ليس فقط على الأنصار من أهل المدينة بل على كل مسلم هدي إلى الإسلام أن يحمد الله تعالى، ويشكر فضله ....... إذ أرسل إلينا داعي الحق فأخرجنا من الظلمات إلى النور من الجاهلية إلى الإسلام ..... الحمد والشكر لله الذي كلف المسلمين بحمل دعوة رسوله يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ليكملوا نشر رسالته للعالمين، كيف لا وهم في كل حملة يفتحون بها بلاداً من بلاد الكفر، يفتحون لأهلها أبواب التوبة عن الكفر والاستظلال بظلال الإسلام: دولته وأحكامه ... فالإسلام دعوة عالمية لا توقفها حدود ولا سدود وهو مفتاح السعادة والهناء للبشرية، بدونه تعاني الشقاء والويلات.
أيها المبعوث فينا جئت بالأمر المطاع ..... واضح فيها وعي الأنصار رضوان الله عليهم على حقيقة الدعوة الإسلامية ...... فهي ليست إيماناً بحقائق مجردة ....بل إيمان مقترن بالعمل .... فلا تبرأ ذمتنا بشكر الله على هدايته لنا للإسلام، بل علينا واجب الطاعة والإنقياد لأوامره ونواهيه التي جاء بها النبي صلى الله عليه وسلم ..... فبالإيمان والطاعة نستحق الرحمة والمغفرة من لدن رحيم غفور.
جئت شرفت المدينة ..... مرحبا يا خير داع .....قد يخطر بالبال أن المدينة هي صاحبة الفضل على النبي صلى الله عليه وسلم .... فهي من تعهد بإيواء الرسول وصحابتة ... وحماية الدعوة وأهلها .... وتمكين النبي صلى الله عليه وسلم من إقامة دولة الإسلام لتطبيق أحكامه وحمل دعوته ..... لكن الأنصار رضوان الله عليهم ... رأوا الأمور على حقيقتها، فعرفوا فضل الله ورسوله ....فالشرف موصول بالإسلام ورسوله .... وهم قد نالهم هذا الشرف إذ آمنوا بالإسلام واحتضنوا رسول الإسلام وفتحوا بلادهم لتكون نواة دولة الإسلام ومنطلقاً لدعوته، .... فالشرف كل الشرف أن تتحرر من عبادة العباد وتخلص عبوديتك لله رب العباد ...
أخواتي الكريمات :
كانت الهجرة عند الأنصار رضي الله عنهم نور وميلاد وشرف ... فأحسنوا استقبال المهاجرين ورفادتهم .... وبذلوا الغالي والنفيس في سبيل نصرتهم وإقامة الصرح الذي كانت الهجرة من أجله .... صرح دولة الإسلام ....
وكانت عند المهاجرين، إحقاقا للحق، وإقامة للعدل، شرفاً وعزاً بعد ظلم وجور .... فانخلعوا من أموالهم وأملاكهم بل وأبنائهم وأهليهم ..... وهجروا الأوطان والديار لينالوا شرف بناء دولة الحق والمجد.
أما عمر بن الخطاب الخليفة الثاني والذي أجرى الله تعالى الحق على لسانه، كما روى أبو داوود في سننه عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ اللَّهَ وَضَعَ الْحَقَّ عَلَى لِسَانِ عُمَرَ يَقُولُ بِهِ فلم يجد في تاريخ المسلمين يوما أشرف من يوم الهجرة يبدأ به التأريخ الإسلامي .....رغم كثرة الأيام المشرقة العظيمة في حياة المسلمين .... فيوم ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم يوم عظيم ....ويوم الفرقان ...يوم موقعة بدر التي أعلت شأن الثلة المؤمنة وأذلت الكفر وأهله ....يوم عظيم ....... ويوم عقد الرسول صلى الله عليه وسلم صلح الحديبية مع قريش كان يوما عظيما .... فقد حيد القوة العظمى المعادية للإسلام، وخلي بين النبي وباقي قبائل وكيانات ودول العالم ... يرسل لهم ويدعوهم للإسلام.
ويوم فتح مكة ... آخر معاقل الكفر وأعداء الدين في الحجاز.....يوم عظيم عظيم ...وغيرها وغيرها الكثير الكثير ......
لكن يوم الهجرة ..... يوم وصول الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة .... وإعلان إقامة دولة الاسلام .... فيوم لا يدانيه يوم في الشرف والرفعة والعز
فمنذ ذلك اليوم .... عاش المسلمون في طمأنينة وأمان .... في سعادة وهناء .... في عز وكرامة وسؤدد .......يعبدون الله، ويقيمون أحكامه، فلا ينغص عليهم عبادتهم أحد، ولا يعرقل تطبيق أحكامه بشر ..... يدعون إلى الله فينصرهم ويفتح على أيديهم البلدان وتدين لهم الممالك .......يسعدون برعاية ربهم وعنايته ....ويفرحون بهداية كل من خرج من الظلمات إلى النور على أيديهم وآمن بالله الرحيم الغفور فأعتق من النار ووعد الجنة.
هذه هي الهجرة عند المسلمين الأوائل: مهاجرين وأنصار، حكامٍ ومحكومين ...... فماذا تعني الهجرة للمسلمين اليوم، وكيف يفهمونها .... ويحيون ذكراها في زمن هدم فيه صرحهم الذي كانت الهجرة من أجل بنائه .... وفقدو الأمن والأمان الذي عاش في ظله أجدادهم، اليوم .... وقد انتكس المسلمون ففقدوا مكتسباتهم ووقعوا تحت رحمة أعدائهم دول الكفر وعملائهم من حكام الجور الذين يمعنون في إذلال شعوبهم بتركهم لقما سائغة لأعدائهم يسجنون ويعذبوب ويقتلون ويشردون .... بل إن هؤلاء الحكام باتوا مؤخراً لا يكتفون بإطلاق أيدي يهود والهنود والصينيين والروس والأمريكيين ليقتلوا المسلمين بل تولوا هم أنفسهم هذه العمليات القذرة فراحوا هم يقتلون شعوبهم، في سوريا ومصر والعراق وليبيا واليمن وباكستان وأفغانستان وأوزباكستان وطاجيكستان وسائر بلاد المسلمين بتهمة الإرهاب والتطرف والتخريب ... ولا من منقذ لأبناء هذه الأمة المسكينة ولا مغيث، وتستصرخ الحرائر الثكالى والأرامل والأيتام والشيوخ ... ولا من معتصم ولا غيورٍ يسمع أو يجيب، تغتصب بلاد المسلمين فلا نورَ الدين زنكي ولا صلاحَ الدين، وتعتدي على أهلنا في فلسطين يهود فيعانون من إجرامهم وحقدهم وغدرهم...... فيقتلون ويهدمون ويفجرون ويقصفون، فتخرج الأمة معلنة تضامنها معهم، مطالبة بفتح الحدود لتزحف لنصرتهم، فما يكون من حكامها المتخاذلين سوى تسخيرِ علمائهم المأجورين ليقنعوا الأمة أن كل ما يحتاجه إخوانهم منهم هو التبرع بالمال والطعام والدواء ....وكأن لسان حال أولئك الزعماء يقول ليهود: اهدموا ونحن من ورائكم نبني ونعمر .... أقتلوا ونحن ندفن ...إجرحوا ونحن نطبب ، فهل كان هذا رد الرسول صلى الله عليه وسلم على اعتداء بكر على خزاعة ....أم أنه كان فتحاً مبيناً لمكة المكرمة؟ أوهذا كان رده صلى الله عليه وسلم على امرأة استنجدت حين اعتدى عليها يهود بني قينقاع في سوقهم .أم أنه كان إجلاءً ليهود عن أرض المدينة .... أم تلك التي استنجدت بالمعتصم فكان رده فتح أعظم حصن عندهم ....أو المنصور الذي كان عائداً لتوه من المعركة حين تعرضت له امرأة مكلومة قائلة يا منصور كل الناس مسرور إلا أنا، فلم ينزل عن فرسه حتى أعاد لها ابنها الأسير لتفرح بالعيد كما يفرح باقي المسلمين، أو الحجاج الذي أرسل جيشا عرمرما بقيادة محمد بن القاسم لنجدة امرأة مسلمة استنجدت به فوصلته استغاثتها من باكستان أو أو أو فما اكثر المواقف المشرفة في تاريخ المسلمين حين كان لهم دولة عزيزة على رأسها خليفة يعرف كيف تكون الرعاية الحقة .
فهل يعي المسلمون اليوم أن الهجرة كانت فاتحةَ عز وكرامة .... ومجد ورفعة .... وأن هدفها كان إقامةَ دولة تورف ظلالُها على المسلمين فتحميهم وترعاهم وتقودهم إلى سعادة الدارين؟
هذا المفهوم للهجرة هو الذي يجب أن يسود في الأمة وهي تحيي هذه الذكرى التليدة .... لتكون حافزا لها لإعادة بناء الصرح الذي بناه المهاجرون جنباً إلى جنب مع إخوانهم الأنصار، فعزوا جميعاً وسادوا وملأوا الأرض نوراً وعدلا، استنصر بهم الضعفاء فلبوا ..... واعتدى عليهم الباغون فأُدبوا ..... دانت لهم الدنيا فبنوا وعمروا، جربوا فاخترعوا وطوروا وصنعوا، بحثوا ونقبوا فاكتشفوا وقدموا للإنسانية ما لم تحلم به من الأفكار والعلوم والمعارف، وإن عودة دولة الإسلام: الخلافة لتؤذن بعودة ذلك المجد التليد والعز الأكيد للمسلمين وعودة الطمأنينة والأمان للإنسانية أجمعين.
وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (55) ... سورة النور
كتبته للإذاعة: أم عبادة
الجزيرة نت - طالب رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية أحمد الجربا في كلمته أمام اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة، طالب بمظلة عربية لمشاركة المعارضة السورية في جنيف2 وبمدها بالسلاح. مضيفا "نحن على استعداد لتقديم كل الضمانات بألا يصل هذا السلاح إلى الأيدي الخطأ".
====================
بسبب فقدان الائتلاف السوري للغطاء الشعبي وفشلهم الذريع في ركوب موجة الثورة ومحاولة قيادتها، فقد باتوا يبحثون عن شرعية مستمدة من أنظمة الخشب المسندة، ليشكلوا بذلك غطاء إقليميا داعما لخيانتهم، تماما كما اعتادت منظمة التحرير الفلسطينية القيام به كلما أرادت التنازل أكثر، لتكون واجهة التنازلات هي جامعة الدول العربية المشؤومة، التي ما أوجدت إلا من أجل تمرير المؤامرات وإلباسها ثوبا (إقليميا).
فهذا هو حال (الممثل الشرعي والوحيد) الذي اكتسب شرعيته من القوى الغربية الاستعمارية، فهو ليس أكثر من أداة محلية لتمرير المؤامرات، تدعمه بذلك الأدوات الإقليمية كالجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، ومن ثم يأتي دور الأدوات الدولية كهيئة الأمم المتحدة، لتضع ختمها النهائي لشرعنة المؤامرة وإلباسها ثوبا دوليا.
إن الجربا يخشى من وصول الأسلحة لأيدي الثوار المخلصين العاملين على اقتلاع النظام من جذوره وهزيمته ودحره، فهم بالنسبة للجربا (الأيدي الخطأ)، أما (الأيدي الصحيحة) فهي التي تستخدم السلاح فقط للوصول من خلاله إلى طاولة المفاوضات والحل السياسي مع النظام، فتلك هي الأيدي المباركة التي باركتها أمريكا متمثلة بهيئة الأركان وأذنابها في الداخل.
لا زالت ثورة الشام عصية على التطويع والانجرار خلف أولئك المارقين في عتمة الليل، فهي ثورة النور التي ستشرق قريبا بإذن الله بنظام رباني يغير مجرى التاريخ، وهي ثورة منصورة في الصبح، أليس الصبح بقريب؟
أبو باسل

05/11/2013
رام الله- وطن للأنباء: وجه حزب التحرير اتهامات لجمعيات والمراكز النسوية العاملة في الأراضي الفلسطينية، باستهداف المرأة ومحاولة نشر ما سماه الانحلال في المجتمع الفلسطيني، والقضاء على القيم والمعتقدات الدينية التي تتحصن بها المرأة للحفاظ على التزامها.
وقال باهر صالح، عضو المكتب الإعلامي للحزب، خلال ندوة عقدها حزب التحرير في رام الله، إن تلك الجمعيات والمراكز تتلقى تمويلا أوروبيا يبلغ أضعاف ما تتلقاه وزارات حكومية مثل الزراعة، وأن ذلك التمويل غير خاضع لأي رقابة.
وأوضح صالح، إن تلك المراكز والجمعيات، تمارس نشاطات مختلفة في عدة مدن في الضفة الغربية، منها تعليم الرقص وكرة القدم النسائية ومسابقات الجمال، التي "تسعى للقضاء على القيم وتمييع العلاقات بين الرجل والمرأة، وتشريع الاختلاط المحرّم".
وحمّل صالح السلطة الفلسطينية المسؤولية المباشرة عن عمل تلك المراكز ونشاطاتها، مشيرا أنها "تفتح لها المجال الرحب لإشاعة الفاحشة في المجتمع، وإباحة الانحلال".
بدوره، قدم محمد قراعين المحاضر في جامعة بيرزيت خلفية عن تاريخ تأسيس الجمعيات النسوية في الأراضي الفلسطينية، مبينا أن هناك نحو 80 جمعية نسوية في الضفة وغزة، وغلب عليها جميعا الفكرة التحررية من القيم والمعتقدات الدينية.
وقال قراعين إن "الجمعيات تحاول تضخيم العوائق التي تتعرض لها المرأة، مثل إحصائيات حول عدد اللاتي قتلن على خلفية الشرف، وتحويل بعض الحالات النادرة لظاهرة، من اجل استجلاب الدعم فقط".
وأشار قراعين إن المؤسسات النسوية تحول دفع النساء للمطالبة بالمساواة الكاملة مع الرجل، وأنها ضغطت على السلطة لتغيير بعض القوانين كي تبيح للمرأة التصرف والوراثة والزواج بولاية كاملة دون قيد أو شرط.
وأوضح أن هذه المراكز هي مدخل الدول الأوربية "الغربية" لمهاجمة الإسلام وقيمه، ونقض الأخلاق التي يحث عليها الدين الإسلامي، تمهيدا للتخلص من كل السلوكيات المرتبطة بالإسلام بشكل تام.
المصدر: وطن للأنباء
الهجرة ليست حدثا عابرا، وليست رحلة عادية، وليست انتقالاً من مكان لمكان فحسب، بل هي حدث غير مجرى التاريخ، بل قل إنها حدث بدأ به تاريخ العز عند المسلمين؛ حيث إن ابن الخطاب رضي الله عنه خليفة خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم جعلها بداية للتأريخ عند المسلمين لما لها من أهمية في حياة المسلمين؛ حيث كانت الهجرة انتقالاً من حياة الاستضعاف والخوف من تخطف الناس للمسلمين إلى حياة العز والشموخ والأمن والأمان، هي انتقال من الضعف إلى القوة، من الملاحقة والاضطهاد إلى التمكين.
نعم، إن الهجرة هي بداية لأول دولة في الإسلام بناها النبي صلى الله عليه وسلم بناء متينا أقيمت على سواعد صحابته الكرام الذين أشربوا عقيدة التوحيد وثقفوا بثقافة الإسلام، فكانوا بحق شخصياتٍ إسلاميةً قادرةً على إقامة دولة الإسلام وحمل رسالة الإسلام إلى العالم بالجهاد في سبيل الله؛ لذلك فالهجرة ذكرى بحق يجب الوقوف عندها واستخلاص الدروس والعبر.
فمما ورد في السيرة أن المشركين أجمعوا أمرهم واتفقوا على أن يأتوا بأربعين رجلا، كل رجل من قبيلة، فيضربوا النبي صلى الله عليه وسلم ضربة رجل واحد، فيضيع دمُهُ بين القبائل، مؤامرة دبرت بليل لإفشال مشروع النبي صلى الله عليه وسلم في سيره لبناء صرح الإسلام، حال تمر بها اليوم ثورة الأمة في الشام؛ فها هم سادة الكفر في العالم يجتمعون ويأتمرون ويتآمرون لإجهاض ثورة الشام ولإفشال مشروعها في إقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، فمن المجلس الوطني إلى مجلس الدوحة إلى مؤتمر أصدقاء (أعداء) سوريا إلى جنيف 1 وجنيف 2 وما ذلك، إلا لأن أهل الشام أعلنوا صريحا مطلب ثورتهم، فقالوا: لن نركع إلا لله، وقالوا: الأمة تريد خلافة إسلامية.
إن الناظر الفطن في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ليرى بوضوح حقد الكفار وتآمرهم على الإسلام، والكفر ملة واحدة وحقدهم واحد ومكرهم واحد مهما غيروا من الأساليب ومهما تشدقوا بعبارات براقة من حقوق إنسان وحريات وغيرها، فإننا نعرفهم بوضوح؛ فقد أخبرنا رب العزة عنهم خبرا يقينا فقال تعالى:((قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ))، فبالأمس صرح أحد رؤوس الكفر الداعمين لطاغية الشام وزير خارجية روسيا لافروف، صرح قائلا: "أكثر المجموعات المسلحة قوة في سورية هي المجموعات الجهادية التي تضم العديد من المتطرفين الذين جاؤوا من كل أرجاء العالم، والأهداف التي يسعون لتحقيقها ليست لها أي علاقة بالديمقراطية، وهي تقوم على مبادئ التعصب، ويهدفون إلى تدمير الدول العلمانية، وإقامة خلافة إسلامية".
وقد سبقه غيره كثير يحذرون من قيام الخلافة التي ستقض مضاجعهم والتي ستدمر أحلامهم في مص دماء الشعوب ونهب ثرواتهم، فكما أن اجتماع كلمة الكفار في زمن النبي صلى الله عليه وسلم لم يجد نفعا ولم يقف عائقا أمام سير دعوة النبي، بل استمر صلوات الله وسلامه عليه ثابتا لا يأبه بجبروتهم ولا بقوتهم ووضع التراب على رؤوسهم وخرج مطمئنا آمنا، وعندما حَذِر الصدّيقُ العدوَّ وقال يا رسول الله لو نظر أحدهم تحت قدميه لرآنا، فقال النبي الواثق بنصر الله والمطمئن لوعده: «لا تحزن إن الله معنا».
كذلك هم المؤمنون في كل زمان، كذلك هم المخلصون في ثورة الشام، رغم أن الكفار حشدوا جهودهم لحرب الإسلام وأهله وللقضاء على ثورة الشام المباركة إلا أن أهل الشام واثقون بوعد الله يرجون نصره وهم يعلمون أنه "وما النصر إلا من عند الله"، فإذا ما غفل أحدهم عن وعد الله وأنساه الشيطان أن النصر بيد الله وحده ذكّره إخوانه وأعانوه وقالوا: لا تحزن إن الله معنا، حقا إن الله معنا إذا كنا مع الله وإذا نصرنا دين الله ((إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ)).
ذكرى هجرة النبي صلى الله عليه وسلم تبعث في نفوسنا الأمل من جديد نحو خلافة ثانية على منهاج النبوة؛ فكما سار النبي نسير، وكما صبر نصبر، وكما ضحى صحابته الكرام نضحي؛ ولذلك كما أكرم الله نبيه ومن معه فكذلك سيكرم أمة محمد صلى الله عليه وسلم التي لطالما حلمت أن يحكمها كتاب الله تعالى ولطالما اشتاقت لتبايع خليفة المسلمين الذي طال انتظاره، لكننا عندما نعيش ذكرى إعلان أول دولة للمسلمين فإننا نوقن أن النصر مع الصبر وأنه لن يغلب عسر يُسريْن، وأن أشد ساعات الليل حلكة تلك التي تسبق بزوغ الفجر، نعم إننا الآن ننتظر فجر الخلافة يبزغ من جديد ليشرق على العالم أجمع بالخير والبركة.
إن هجرة الحبيب المصطفى تحمل معانيَ عظيمة لمن تدبرها؛ فلماذا ترك عليًّا رضي الله عنه أمينا على ما أؤتمن عليه، ولماذا جهز دليلا على الطريق، ولماذا اختبأ في الغار ثلاث ليال؟ لماذا غير الدليل الطريق المعروفة إلى المدينة؟؟ أسئلة كثيرة ترد لتقول أليس الله هو الذي أسرى به إلى المسجد الأقصى وعرج به إلى السماء السابعة، وكل ذلك في ليلة واحدة، أليس بقادر أن ينقله بلحظات إلى المدينة المنورة ويخلصه من شر ما يكيد له الكفار؟؟
نعم، إن المتبصر بهذه الأسئلة ليعلم تماما أن النبي يعلمنا درسا في التوكل على الله لا كما يفهمه كثيرٌ من الناس؛ حيث الواجب الأخذ بجميع الأسباب التي من شأنها أن تؤتي النتيجة ومن ثم التوكل على الله حق التوكل؛ فيقول النبي بعد أن أخذ بالأسباب وفي لحظة لا يملك فيها فعل أي شيء "لا تحزن إن الله معنا"؛ ذلك لنعلم أن الوصول إلى الأهداف لا بد له من عمل، وأننا مطالبون بالعمل بكل ما نملك حتى نستحق نصر الله. فالله سبحانه وتعالى وعد المؤمنين بالتمكين والاستخلاف ولم يكتف بالإيمان بل زاد عليه وقال:((وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لِيَسْتَخْلِفُنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ)).
ودرسا آخر لنعلم أن إقامة الدولة الإسلامية هي من ضمن الممكنات وليست حلما وليست مستحيلا مهما واجهنا في ذلك الصعوبات ومهما وقفت أمامنا العقبات، وأن إقامة الدولة لا تتنزل من السماء ولن تقوم بالتمني والرجاء بل لا بد من العمل الجاد، ولا بد من التضحية بالغالي والنفيس لتحقيق ذلك، فلنكن على قدر المسؤولية ولنعلم أن المهمة عظيمة والأمانة كبيرة في أعناقنا، ولنشمر عن سواعدنا واثقين بوعد الله ملتجئين إلى الله وحده ليكرمنا بخلافة إسلامية على منهاج النبوة يعز فيها الإسلام وأهله ويذل فيها الشرك وأهله، وما ذلك على الله بعزيز، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
منير ناصر
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية سوريا