الجمعة، 23 جمادى الأولى 1447هـ| 2025/11/14م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

  أصابع الأخطبوط في تونس تمتدّ برّا وبحرا وجوّا وتصل إلى ما فوق الأرض وما تحتها

  • نشر في سياسية
  • قيم الموضوع
    (0 أصوات)
  • قراءة: 2024 مرات

 

لم تكتف "بتروفاك" و"بريتش غاز" و"شال" وغيرها من الشركات البريطانية بالثروات التونسية المعتادة كالنفط والغاز الطبيعي في البرّ والبحر.


ولم تكتف الشركات البريطانية العملاقة باستغلال هذه الثروات ونهبها بنسبة تصل في بعض الأحيان إلى 100%، أي الملكية التامة لهذه الثروة.


ولم تكتف كذلك باستنزاف ثروة البلاد بالحصول على حق استغلال الحقول ونهبها مدّة تصل إلى أكثر من ثلاثين سنة، أي العمر الإنتاجي لها، كي تسلّمها إلى أهلها قاعًا صفصفًا.


ولم تكتف أيضا بجعل هذا النهب والاستنزاف منظّما بحيث يستظلّ بمظلة قانونية ويحتمي بمؤسسات تابعة للدولة.


لم تكتف بكل ذلك، ولم يسعها البر والبحر، وإنّما توجهت ببصرها إلى ما فوق الأرض والبحر وما تحتهما.


توجهت بريطانيا إلى سماء تونس حيث الشمس التي حبا الله هذه البلاد لاستغلال طاقتها، وأعدّت العدة لتقيم لها أضخم مشروع في أفريقيا وأكبر استثمار للطاقة الشمسية في العالم، لتصدّرها إلى أوروبا عبر مشروع "تونور" في الجنوب التونسي، وكعادة الحكومة التونسية وسابقاتها، عليها توفير الأرض والبنية التّحتية الجاهزة والعمالة الماهرة الرّخيصة للمشروع، في مقابل فتات المائدة، وشرف التصفيق على المشروع، وضمان بقاء المصفقين على الكراسي المعوجة، وسوف يقع استغلال المشروع كالعادة أيضا إلى حدّ الاستنزاف التّام، كي تُسلّم لنا المعدّات والأجهزة رُكاما من الخردة والزبالة لنقيم لها مشروعا ضخما يحفظ هذه الفضلات.


لم يقف الحدّ بالشركات البريطانية عند هذا المدى، وإنّما تجاوز البرّ والبحر والجوّ إلى أعماق أعماق الأرض، حيث صخرة الشيست، والاستعداد لتطبيق تقنيات التكسير الهيدروليكي عليها، واستخراج الغاز الموجود بها، وبطريقة النهب والاستنزاف كالعادة طبعا، ولكن هذه المرّة تتجاوز العملية النّهب والاستنزاف للثروة المعتادة، إلى استنزاف الثروة المائية الموجودة بالمائدة السطحية، باستخراجها واستعمالها كمادة هيدروليكية لعملية التكسير الهيدروليكي بما يصل إلى عشرين ألف متر مكعب للبئر الواحدة، وتدمير ما تبقى من هذه المائدة بما يتسرب لها من غازات سامّة تستعمل كمواد إضافية أثناء عملية التكسير الهيدروليكي، ومن ثمّ تلوث الماء الصالح للشرب وتسميمه، وبعد ذلك تلويث البيئة والمحيط وسطح الأرض بالكمية الضخمة من الغازات المتبقية والمياه المرتجعة والمنتجة الملوثة بالغازات السّامة.


إنّ تقنية التكسير الهيدروليكي هي التقنية الوحيدة المتاحة إلى حدّ الآن لاستخراج الغاز الصخري، ونتائج استعمال هذه التقنية كارثية ومدمّرة، وهذا الأمر ثابت ومؤكد على الميدان في أمريكا، كما هو ثابت ومؤكد أيضا على لسان الخبراء وأهل الاختصاص، وكما يُقرّ بذلك الأمريكيون والأوروبيون وشركاتهم العملاقة، وقد أدّى الوعي على هذه النتائج إلى اندلاع المظاهرات العارمة في الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وألمانيا وبريطانيا وكندا ورومانيا وغيرها من بلاد العالم.


لقد منحت الحكومة التونسية موافقتها لشركة "شال" البريطانية لاستغلال الغاز الصخري في تونس، والاستعداد لحفر 742 بئرا بالقيروان، على مساحة تمتدّ إلى 378 ألف هكتار على مدى 50 سنة، وقد صرحت الشركة عزمها على استعمال تقنية التكسير الهيدروليكي لاستخراج الغاز من الصخرة.


إنّ مثل هذه الأرقام تُحيل الأذهان إلى تصوّر حجم الأضرار والخسائر التي ستصيب البلاد والعباد، كما تُصوّر لنا مدى استهتار هذه الحكومة بشعبها، ومدى استعدادها للتفريط في هذه البلاد، ويزداد هذا التصوّر حدّة عندما نعلم أنّ نصيب الشركة البريطانية من هذه الثروة هو 85% ابتداء، وأنّ هذه الرخصة تأتي متزامنة مع رفض الشعب الإنجليزي استخراج الغاز الصخري في بلاده بتقنية التكسير الهيدروليكي، رغم عرض الحكومة البريطانية تخفيض الضرائب بنسبة 50% على هذا الغاز، كما تأتي متزامنة مع قرار شركة "شيفرون" الأمريكية وقف مشاريعها الخاصة باستغلال الغاز الصخري في رومانيا، كما تتزامن أيضا مع مصادقة البرلمان الفرنسي على قانون 13 جويلية 2011 الذي يمنع نهائيا استعمال تقنية التكسير الهيدروليكي على الأراضي الفرنسية.


إنّ الحكومة في تونس تعلم الحصاد المرّ لهذا المشروع، فهي تعلم أنّ عشرين ألف متر مكعب من الماء تساوي عشرين مليون لتر، وهو ما يعادل الاستهلاك اليومي للشعب التونسي من ماء الشرب بمعدّل لترين للفرد، وتعلم أنّ ولاية القيروان تقع في المنطقة التي تتجمّع فيها أهمّ منابع المياه المعدنية في البلاد، كما تقع في المنطقة المعرضة للزلزال أكثر من أي منطقة أخرى في تونس، وهي تعلم كذلك أنّ عائدات المشروع لن تكفي تكلفة لعلاج الأمراض التي قد تصيب الإنسان والحيوان من جرّاء المواد الكيماوية التي لا غنى عنها للمشروع، والتي تحتوي على عناصر سرطانية، وعناصر من شأنها أن تسبب اضطرابات هرمونية خطيرة، وهي تعلم أيضا تفصيلات أخرى دقيقة يعلمها أهل الاختصاص.


عندما تقدم الحكومة التونسية على مثل هذا المشروع وهي تعلم ذلك، وعندما يكون المشروع من نصيب الإنجليز، ندرك أنّ الاستراتيجية المرسومة لاستثمار الغاز الصخري في تونس تندرج ضمن مخطط أدقّ وأشمل من مجرّد استثمار.


لكنّ الحكومة التونسية أعجز من أن تصارح الشعب التونسي بالحقيقة، فهي ترتكب الجريمة، وتتخذ من العجز الطاقي، والاستثمار، ونقل التكنولوجيا، والتنمية، وإحداث مواطن شغل جديدة، شعارات وذريعة لذلك، وتوهم النّاس بأنّ هذه مصلحتهم.


وعندما يُرسي المشروع على شركة بريطانية مثل "شال"، تتذرّع بأنّ هذه شركة من الشركات البترولية العملاقة، ذات القدرات التقنية العالية والمتطورة، وهي تتمتع بقدرة مالية فائقة، ومثل هذه الشركة جديرة بأن تحافظ على البيئة والمحيط، وتعتمد المعايير البيئية المتشدّدة، وتحترم المواصفات العالمية المتعلقة بذلك، وتفي بالعهود والمواثيق المبرمة، وبوجودها تضع خبرتها العالية في متناول شبابنا الناشط في القطاع، وفوق ذلك تُضفي على الاقتصاد التونسي نوعا من الثقة لدى المستثمرين الأجانب، مما يدفعهم للقدوم للاستثمار في بلادنا، وتنشيط اقتصادنا بما يجعلنا قادرين على مواجهة آفة البطالة والفقر!!


هذه ذرائع الحكومة، وهي في حقيقة الأمر مجرّد مغالطات وكذب مفضوح، وهي بمثابة ذرّ الرماد في العيون.


أمّا بالنسبة للعجز الطاقي، إذا صحّ، فسببه العجز السياسي لهذه الحكومة وسابقاتها، هذا العجز الذي مكّن الشركات الاستعمارية من نهب واستنزاف ثروات البلاد، ولا يزال يُمكّن لها، وهذا العجز هو الذي حول الفائض الطاقي إلى عجز طاقي، فكيف يُعالج هذا العجز بالتمكين أكثر لمن ينهب ويستنزف طاقة البلاد؟!


وأمّا بالنسبة للاستثمار ونقل التكنولوجيا، فمن المعلوم أنّ الشركات الاستعمارية تعمل بطريقة تمكّنها من إحكام السيطرة وضمان مصالحها فقط، ولا تسمح بنقل التكنولوجيا بهذه البساطة، وإنّما تحتكرها لنفسها دون سواها.


وأمّا بالنسبة للتنمية وإحداث مواطن شغل جديدة، فإنّه محض كذب، إذ المعلوم أنّ قطاع الطاقة والمناجم في تونس يتميّز بالانتقائية وضعف المقدرة التشغيلية، كما أنّ الشركات البترولية التي نشطت وتنشط الآن في تونس، لم توجد أيّ حركية لا على مستوى التنمية، ولا على مستوى التشغيل.


وأمّا بالنسبة لشركة "شال"، فإنّ الحكومة تَسْتَبْلِهُ شعبَها، وتحسب أنّها تصف مجهولا، فتاريخ شركة "شال" وغيرها من الشركات البترولية يشهد بأنّ حقيقتها على عكس ما وصفت الحكومة تماما، والكارثة البيئية التي حلّت بنيجيريا من وراء "شال" يكفي للاستدلال على ذلك.


لقد كانت الشركات البريطانية في عهد بورقيبة وبن علي من بعده، تقوم بأعمالها في صمت مطبق، دون أن تلفت انتباه أحد لها، لكنّها اليوم، وفي ظلّ حكومة الإسلاميين المُعدّلين تجاهر بذلك عن طريق السفير البريطاني في تونس سافرا متحدّيا، وذلك لتذليل هؤلاء المحسوبين على الإسلام وتلويثهم بتمرير المشاريع المحظورة والمدمّرة على أيديهم لتنفّر النّاس منهم ومن ثمّ من الإسلام على طريقة "وداوني بالتي كانت هي الدّاء".

 

 


كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
المهندس فتحي المرواني / تونس

 

 

 

 

إقرأ المزيد...

جواب سؤال: حول استعمال لفظ وزير و وزارة في الدولة الإسلامية

  • نشر في الأمير
  • قيم الموضوع
    (0 أصوات)
  • قراءة: 3911 مرات

السلام عليكم، هل يجوز استعمال لفظ وزير في الدولة الإسلامية مع أن هذا اللفظ له واقع في النظام الرأسمالي؟

 

إقرأ المزيد...

هل تنجح المؤامرات الغربية ضد المسلمين في تونس؟

  • نشر في سياسية
  • قيم الموضوع
    (0 أصوات)
  • قراءة: 2087 مرات

 

لقد تميزت تونس في التاريخ الإسلامي قديما وحديثا بجهادها وقادتها العظام، وبوقوفها كالطود الشامخ في وجه الاستعمار الأول، وتميزت أيضا بعطائها العلمي وانتشار المراكز العلمية المشهورة في أرضها مثل الزيتونة والقيروان وغيرها... وتألق هذا البلد المعطاء في الثورات الحديثة ضد الظلم والاستبداد والقهر والتسلط، الذي مورس وما زال يمارس في كل بلاد المسلمين...


فكانت تونس برجالها ونسائها مفتاحا طيبا كسر إرادة الظلم، وذلك بالتجرؤ على الوقوف في وجهه ثم قلعه من أرضها، وتمثل بالثورة العملاقة التي أرغمت الحاكم المستبد "بن علي" وبعض زمرته على الفرار من أرض تونس الطاهرة...


ولكن الغرب بحقده وخبثه أراد أن يقلب الأمور، ويغيّر مجراها حتى لا يقطف الشعب التونسي العظيم ثمرة تضحياته بالشكل الصحيح... فماذا فعلت الدول الغربية الكافرة لحرف الثورة في تونس عن مسارها الصحيح، وإلهائها بأمور جانبية لا تسمن ولا تغني من جوع؟!


إن هذا السؤال يرجعنا إلى الوراء قليلا عندما ثار شعب تونس العظيم في زمن الاستعمار (1981- 1963) واستطاع بجهاده وشهدائه وقادته العظام أن يطرد الاستعمار، لكنه لم يستطع أن يقطف الثمرة بالشكل الصحيح بسبب دهاء الاستعمار وخبثه ومكره، وفي الوقت نفسه بسبب عدم تبلور الهدف المراد عند الشعب، وطريقة إيجاد هذا الهدف في أرض الواقع، وإنما كان جل اهتمام الشعب هو الانعتاق من الاستعمار دون تحديد شكل البلاد بعد المستعمر، ولا الفكر الذي سيسير عليه الناس بعد هذه المرحلة الحاسمة، ولا الطريقة التي سيختار فيها من يحكمه ويقوده... لذلك استطاع الاستعمار أن يأخذ بمقود القيادة في هذه الدول - سياسيا - بعد أن خرج منها عسكريا، وذلك عن طريق العملاء السياسيين الذين تقمّصوا ولبسوا لباس الثورة والحرية وغير ذلك من شعارات براقة، كانت تخفى على الناس نتيجة سير هذه القيادات خلف هذه الشعارات، فظلت تونس منذ تلك الحقبة - كسائر البلاد التي تحررت - تُحكم بعملاء سياسيين للغرب، كلما ذهب عميل ورثه عميل آخر بطريقة أو بأخرى؛ إما بالانقلاب أو بتزوير الانتخابات، أو بالقمع والقهر... وكان آخر هذه الحقبة الرئيس المخلوع "بن علي".


والحقيقة أن ما جرى في ثورة تونس الأخيرة يشبه إلى حد بعيد ما جرى في الاستعمار الأول (الفرنسي)؛ من حيث اندفاع الناس وثورتهم ضد الظلم والقهر والتسلط، ويختلف قليلا في المرحلة الحالية بوجود الأحزاب الإسلامية التي تعمل لإيصال الفكر الحضاري الإسلامي إلى سدة الحكم، وبوجود قطاع واسع من الأمة يؤيد هذا المشروع الحضاري.


والسؤال هنا هل يمكن لهذا المشروع الحضاري العظيم أن ينطلق من أرض تونس؟ وما هي المعوقات التي تقف في طريقه الآن؟ وكيف يمكن للواعين المخلصين أن يتغلبوا على هذه المعوقات؟


وللإجابة عن هذا السؤال المهم في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ تونس أقول:


إن المشروع الحضاري الإسلامي يمكن له أن ينطلق من أي أرض إسلامية في بلاد المسلمين، لا تخضع مباشرة للاستعمار العسكري، ويمكن أن تكون نقطة ارتكاز، ثم انطلاق إلى الدول المجاورة، والسبب هو أن جلَّ الناس الموجودين في هذه البلاد - إن لم يكن كلهم - يريد الإسلام ويؤيده ويطالب بحكم الإسلام، لكن هذا الأمر خطير على الاستعمار، ويكيد له بكل السبل ويحاول جاهدا تضليل أهله عنه كي لا يصل إلى دائرته الصحيحة.


والحقيقة أن الدول الاستعمارية وضعت وما زالت تضع العقبات واحدة تلو الأخرى في تونس، وأيضا ضللت وما زالت تضلل الناس عن الهدف الصحيح، ومن هذه العقبات التي يضعها الاستعمار الغربي في وجه الشعب التونسي العظيم لثنيه من هدفه السامي:


1. تشويه صورة الفكر الإسلامي ومن يحمله من المسلمين:


وهذا ظاهر من خلال ما تقوم به السلطة الحاكمة في تونس، وما تقوم به وسائل الإعلام المسمومة داخل تونس وخارجها، وما تقوم به أيضا الأحزاب المأجورة من تصوير الأحزاب الإسلامية والتجمعات على أنها تريد إرجاع تونس إلى عصور التأخر والانحطاط، أو تريد أن تقيّد حريات الناس وتكبتهم، وغير ذلك من افتراءات على دين الله وعلى المسلمين.


2. إبراز موضوع المرأة والتجمعات النسوية داخل تونس، والقول - كذبا وبهتانا - بأن نساء تونس متحررات على النمط الغربي، ولا يردن تطبيق أحكام الشرع التي تفرض قيودا على اللباس، وعلى علاقة المرأة مع الرجل أو المجتمع بشكل عام، وقد شجعت بعض الجهات السياسية في الداخل والخارج مجموعة من النساء في أكثر من مناسبة للتظاهر وإبراز موضوع "الكبت الديني" حسب زعمهم، وأن هؤلاء النسوة يطالبن بالتحرر والديمقراطية على منوال الغرب.


3. مساعدة بعض القادة السياسيين للوصول للحكم عن طريق الانتخابات ومساندة العسكر، وإظهار هؤلاء القادة على أنهم يمثلون رغبة الشعب الدينية، وأنهم أيضا يمثلون الإسلام السياسي في تونس، وهذا الأمر ظهر في وصول حركة النهضة وإظهارها للإسلام السياسي على أنه النظام الديمقراطي والحريات، ولم تغير هذه الحركة في جوهر الأمور شيئا؛ لا من ناحية القوانين ولا من ناحية العلاقات الخارجية، ولا من ناحية تتعلق بالحياة السياسية داخليا وخارجيا، وإنما شوهت مفهوم الدين عند عامة الناس وقلبت الأفكار، وزادت الفقر في البلاد، ولم تستطع إحداث أي تغيير جذري ملموس على أساس الدين، لدرجة أن الناس صاروا يرفضون هذه الحكومة، ومنهم من يرفض الدين على هذه الشاكلة البئيسة، مما أوقع البلاد في أزمات سياسية جديدة، وفتح البلاد على التدخلات الخارجية تتلاعب بها الدول الكبرى كما تشاء.


4. ربط البلاد اقتصاديا بالغرب تماما كما كان الأمر في السابق، وذلك عن طريق الاقتراض من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وإعطاء امتيازات للتنقيب عن الثروات وخاصة الغاز الصخري، وهذا الأمر جعل البلاد رهينة للتدخلات والإملاءات الغربية، يضع عليها الغربيون الشروط الاقتصادية والسياسية التي يريدون بحجة أن البلاد مقبلة على أزمات اقتصادية.


5. إيجاد الفتن والشروخ بين شرائح المجتمع؛ وذلك بالتصفيات الجسدية لبعض القادة السياسيين، وهذا الأمر يعمد إليه الاستعمار باستمرار في البلاد التي تقوم ضده، وقد استخدم هذا الأسلوب في الجزائر ويستخدمه الآن في مصر، وها هو يستخدمه داخل تونس عن طريق أيدٍ مرتبطة بالنظام السابق، كي يشغل الناس عن الهدف الأصلي وهو إنقاذ البلاد والأخذ بيدها إلى بر الأمان.


6. تحييد الجيش والعسكر عن الأحداث حتى لا يتدخل في حسم الأمور مستقبلا لصالح إنقاذ البلاد، وفرض التغيير بالقوة بسبب الفتن وتسلط العملاء السياسيين على البلد.


وهذا الأسلوب يستخدمه الاستعمار دائماً في البلاد التي تكثر فيها الثورات، فإما أن يحيّد الجيش حتى لا يحسم الأمر في اتجاه معين كما جرى في إيران، وإمّا أن يجعل الجيش سيفاً مسلطاً على الناس يتحكم بأمورهم كما هو الحال في مصر اليوم ، وكلا الأمرين شر من الآخر..


هذه أبرز العقبات والمعوقات التي تواجه المخلصين من حملة الدعوة داخل تونس لأخذ الرأي العام المنبثق من الوعي العام على الإسلام داخل تونس، فهل ستنجح القوى الاستعمارية ومن يساندها من أيد آثمة في الداخل في تضليل الشعب التونسي عن هدفه الأصيل إلى ما لا نهاية؟! أم أن الأمور ستكون غيمة صيف سرعان ما تنقشع ليظهر نور الشمس وضاحا وضاءً أمام المسلمين من أهل تونس؟ وفي الوقت نفسه كيف يعمل حملة الدعوة على تسريع الأمور نحو هذا الهدف العظيم بإعادة تونس إلى أصالتها وإلى تاريخها وحضارتها؟


إنّ هذا الخداع لن يطول أمره على شعب تونس المعطاء بإذن الله، حتى ولو تغيرت أساليبه وتعددت وسائله، والسبب هو أن هذا الشعب يرفض الذلّ والظلم ويحب الإسلام، وإن كان قسم منه لا يعرف حقائق الأمور فإنه سرعان ما سيعرفها بعد أن تُبين ويرى أثرها في أرض الواقع... وخاصة أن أساليب الاستعمار ضعيفة ورخيصة، ولا تناسب طموح المسلمين وغاياتهم النبيلة.


هذا من ناحية ومن ناحية ثانية فإن الخداع لا يطول أمره، وسرعان ما سينكشف ستره، والأحزاب المأجورة مهما غيّرت لونها وتظاهرت بأنها تريد خدمة الشعب فإن الشعب سيعرف ذلك من خلال الأحداث والنتائج على أرض الواقع.


فقد خُدع الشعب الجزائريّ بداية الأمر بما تصنعه الأيدي الآثمة من مجازر ولكنه سرعان ما عرف الحقيقة بأن أيدي النظام هي التي تفتعل الأحداث، وخُدع قسم من شعب مصر في البداية بما يقدّمه العسكر بأن الإسلام هو السبب في الأزمات، وفي عدم الأمن والأمان، ولكنه سرعان ما اكتشف الحقيقة بأن النظام وأجهزته هم سبب كل الأزمات، وأن انعدام الأمن سببه أيضاً النظام، وأنه هو الذي يوجد الفتن...


أمّا دور حملة الدعوة في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ تونس فإنه تاريخي ومفصلي، وأن عليهم واجبًا عظيمًا في أمور عديدة تنتج عنها الوعي العام والرأي العام لصالح الإسلام ودولة الإسلام، وينتج عنها الكشف السياسي للعملاء وطرق وأساليب عملهم الشيطاني داخل الشعب التونسي، وينتج عنها أيضاً استقطاب الشعب بإعطاء ولائه لله وللإسلام ولحملة الدعوة، واستقطاب القوى الفاعلة في الجيش من أصحاب القوة لحماية المشروع الحضاري والمساعدة والوقوف لتطبيقه عملياً وحمايته من اعتداء المعتدين.


أمّا الأعمال التي يقوم بها حملة الدعوة متمثلة بما يأتي:


أولاً: العمل في كافة القطاعات الجماهيرية، وبكافة الأساليب والوسائل بأقصى طاقة ممكنة لإيجاد الرأي العام المنبثق من الوعي العام على حكم الإسلام، وما يحدثه هذا الحكم في أرض الواقع لأهل تونس ولأمة الإسلام بشكل عام.


ثانياً: كشف وفضح كل المؤامرات التي تحوكها وتضعها الدول الاستعمارية وأدواتها، وخاصة مسألة تشويه الإسلام، وإيجاد الفتن بين الناس.


ثالثاً: العمل على طرح المشروع الإسلامي بشكل لافت للنظر ومؤثر بين كل أوساط الشعب ونقض كلّ فكر خلافه وتعريته فكرياً وسياسياً أمام الجماهير.


رابعاً: كسر الحاجز ما بين الشعب ومشروعه الحضاري وبين الجيش؛ لأن الجيش هو الحامي للشعب ومشروعه الذي يضعه نظام حياة، وليس حارساً على مشاريع الاستعمار الغربي، ومحاولة إقناع القادة بهذا الأمر.


خامساً: الاتصال بالأوساط السياسية والمؤثرة داخل البلاد لتحميلهم المشروع الحضاري للإسلام وبيان المخاطر التي تحدق بالبلاد بسبب المشاريع الاستعمارية الخطيرة.


هذا بإيجاز ما يمكن أن يُفعل داخل تونس هذه الأيام - وما يتلبس به حملة الدعوة المخلصون هناك - لإزالة الغمة والتضليل عن أهلها ولإيجاد المشروع الحضاري للإسلام، وإن أهل تونس هم أهل جدّ وعطاء كما ثبت ذلك في التاريخ، وكما أثبتوا عملياً في بداية التصدي للظلم، ونأمل من العلي القدير أن تكون بداية التغيير لصالح الإسلام من أرض الزيتونة والقيروان تماماً كما كانت بداية الثورة المخلصة على الظلم من أرض تونس.


فنسأله تعالى أن يعجّل بالفرج لأمة الإسلام جميعاً إنه سميع قريب مجيب الدعاء.



كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
حمد طبيب - بيت المقدس

 

 

إقرأ المزيد...

الإسلاميون: وزارة الأوقاف والمشيخة على خطا الكنيسة في العصور الوسطى!

  • نشر في مع الإعلام
  • قيم الموضوع
    (0 أصوات)
  • قراءة: 1013 مرات

31_10_2013

 


كتب : شريف زايد


تحاول وزارة الأوقاف المصرية في ظل الوزير محمد مختار جمعة الذي عينه الانقلابيون في الحكومة التي شكلوها في 17 يوليو أن تهيمن على المساجد هيمنة تامة، تجعلها أداة صلبة تقف في وجه بل تحارب أي فكر تغييري يعترض على النظام الذي أفرزه الانقلاب، وتجعل من أئمة المساجد وخطبائها جنودا في صف الانقلاب يزينونه ويجمِّلونه للناس، وتمنع كل إمام قد يُشتم منه رائحة الاعتراض على الانقلاب من طرح أفكاره على المصلين ورواد المسجد، وذلك إما بمنعه من الخطابة وتحويله إلى "العمل الإداري" أو حتى بفصله وتوقيفه نهائيًا عن العمل. فقد أصدر الدكتورمحمد مختار جمعة وزير الأوقاف الثلاثاء29/10مرسومًا بوقف إمام وخطيب مسجد المدبولى بعابدين في وسط القاهرة عن أداء الخطب والدروس وإحالته إلى عمل إدارى بأوقاف القاهرة لحين انتهاء التحقيقات معه؛ وهذا "لخروجه على مقتضى واجبه الدعوى والوظيفى وتوزيعه على المصلين كتابا منسوبا إليه يعده دستورا خاصا، بما لا يتفق مع الفكر الإسلامى الصحيح ولا المصلحة العليا للوطن" على حد قوله، أليس هذا مصادرة للفكر وحجرًا على الإبداع الذي يجب أن يُشجع في الأمة، فضلا عن أن يهتم به اهتماما زائدا عند الأئمة والخطباء بدلا من أن يتم توقيفهم؟ ألا يذكرنا ذلك بتصرفات الكنيسة الأوروبية في العصور الوسطى ومحاربتها للعلم ومحاسبتها للناس، لا على معتقداتهم فحسب بل على نتائج قرائحهم وبنات أفكارهم؟!

 

في حوار مع صحيفة «الشرق الأوسط» قال السيد الوزير إنه يجري «تشكيل لجنة بالوزارة للمساجد الكبرى لمتابعة ما يحدث ببعضها من الخروج عن دورها في الدعوة والتوجه بها إلى العمل السياسي أو الحزبي، وتحويل أي مسؤول عن هذه الأعمال للمساءلة حال ثبوت قيامه بالإساءة لاستخدام المنابر». وقد أنهى وزير الأوقاف، إيفاد ثاني إمام بالبرازيل وهو عقيل محمد عقيل أحمد في 23-10، وذلك بعد وصفه «ثورة 30 يونيو» بـ«الانقلاب»، حسبما نقلت عيون الوزارة للوزارة التي تراقب عمل المساجد من خلال التجسس عليها. وكان الشيخ عبدالعزيز النجار، مدير إدارة الدعوة بمجمع البحوث الإسلامية، قد قال فى اتصالٍ هاتفى مع قناة "أون تى فى"في 25/9:"إن وزارة الأوقاف المصرية تعتزم تحريك لجان مراقبة لرصد أداء المنابر فى خطب الجمعة، وهذا بالاستعانة بأفراد الأمنالوطنى (أمن الدولة سابقًا) الذين يملكون حق الضبطية القضائية." داعيًا عموم المصلين الذين يؤدون الجمعة فى مساجد الأوقاف إلى التعاون مع الوزارة إذا وجدوا خطيبا غير مصرحله أو غير أزهري، وأن يخاطبوا الجهات الأمنية أو الوزارة فورا في هذه الحال كى تتخذ الإجراءات اللازمة، واصفا ذلك بأنه "إعادة كل شيءإلى نصابه".

 

وبمحاولة إعادة كل شيء إلى نصابه تكون الوزارة قد سارت في الطريق المرسوم لها، كونها أداة طيعة في ظل نظام بوليسي يكمم الأفواه، ويطلب من الناس أن يكونوا جواسيس تحت الطلب، ليعود كل شيء إلى نصابه كما في الأيام الخوالي، أيام النظام البائد. ولقد قامت الوزارة أيضًا بإصدار قرار بمنع صلاة الجمعة في الزوايا التي تقل مساحتها عن ثمانين مترا! في سابقة جديدة لم تحدث حتى في عهد مبارك الأشد إجراما.كما قام السيد الوزير بإصدار قرار بأن يكون الخطباء من خرِّيجي الأزهر، والذي على إثره ألغت مديرية أوقاف شمال سيناء التعاقدمع 166 خطيبا بالمكافأة من غير الحاصلين على مؤهل أزهري.

 

السيد الوزير يقول في حواره مع صحيفة "الشرق الأوسط": "إننا لن نعترف بأي معاهد لإعداد الدعاة لا تخضع للإشراف الكامل للوزارة من حيث اختيار العمداء والأساتذة والمناهج والكتب الدراسية، لأن الوزارة ترغب في نشر الوسطية والاعتدال وسماحة الإسلام."ومعنى "الوسطية والاعتدال وسماحة الإسلام" في قاموسهم هو تدجين الإسلام ومنع حملة الدعوة والمخلصين في الأمة من الصدع بالحق وبيان الإسلام على حقيقته والدعوة لتحكيم شرع الله في دولة الخلافة التي ستوحد بلاد المسلمين وتنشر رسالة الهدى والنور في ربوع العالم.

 

إن وزارة الأوقاف ومشيخة الأزهر يرسما مشهدا عبثيا، ويسيران على خطا الكنيسة الكاثوليكية في أوروبا في العصور الوسطى بمحاكم تفتيشها وملاحقتها لمن يخالفهم في الرأي، ولكن ليس من أجل سيطرة الدين كما كانت تحاول الكنيسة في تلك الأيام، بل لتثبيت أركان النظام الجمهوري العلماني الحالي في مصر، فقد تحالفا مع الفريق السيسي من أجل تسخير الدين للحفاظ على إمبراطوريته الناشئة عن طريق تخدير مشاعر الناس بخطب مملولة مكررة، وخطاب ديني كهنوتي يفصل الدين عن الحياة ويحصره في الزوايا والمساجد، واستعمال أئمة وخطباء خائفين مرتعشين ينفذون ما يطلب منهم خوفا من الإبعاد وقطع الأرزاق، وربما حتى قطع الأعناق...،وهما يشبهان في تحالفهما هذا تحالف الكنيسة مع الإمبراطور قسطنطين في القرن الرابع الميلادي، حين حرَّفت ووثَّنت النصرانية من أجل الاعتراف بها دينا رسميا للإمبراطورية الرومانية.

 

وإن كانت الكنيسة في ذلك الوقت وما بعده أثناء حقبة العصور الوسطى قد أقامت محاكم للتفتيش، لتفتش عما يجول في صدور الناس، كل الناس، إلا أن وزارة الأوقاف اليوم لا يسعها أن تفتش في صدور الجميع، فهي تتكفل بأئمة مساجدها وموظفيها وعمالها، بينما يتكفل أمن الدولة والنظام السياسي بباقي الناس...!ناهيك عن الطغيان السياسي الذي يمارسه شيخ الأزهر، والمفتي السابق، ووزير الأوقاف ورئيس جامعة الأزهر، الذين يشاركون جميعا في لعبة سياسية قذرة تصب في صالح النظام القائم: تبرر جرائمه وتزين أعماله وترفع شأنه، في حين يُمنع أساتذة وطلاب جامعة الأزهر وخطباء وأئمة وزارة الأوقاف من القيام بأي نشاط سياسي أو حزبي، وجميعنا سمعنا بالقرار الذي أصدره رئيس جامعة الأزهر الدكتور أسامه العبد بمنع أي عمل سياسي في الحرم الجامعي،حيث جاء فيه: "منع الطلاب والأساتذة من ممارسة الأنشطة السياسية والحزبية داخل الحرم الجامعي، سواء عبر التظاهرات أو المؤتمرات أو توزيع المنشورات"، وأن من بين شروط سكن الطلاب في المدينة الجامعية بالأزهر هذا العام، عدم المشاركة في مظاهرات سياسية داخل حرم المدينة وأن من يخالف ذلك من الطلاب يعرض نفسه للفصل من المدينة. وهذا يعد أمرًا غير مسبوق في جامعة عريقة كجامعة الأزهر ، التي كانت منطلقا لمظاهرات ومؤتمرات وتوزيع منشورات في أيام كانت مفصلية في حياة الأمة كالتصدي للاحتلال الفرنسي، والتصدي لكل أنواع الظلم الذي مارسه الحكام تجاه الشعب في مصر سواء أيام النظام الملكي أو الجمهوري.

 

وهذا القرار غير مقبول لأنه يحرم الطالب من أبسط حقوقه، وهو حق السكن في المدينة الجامعية، لا لجرم ارتكبه، وإنما لمجرد تعبيره عن رأي سياسي تبناه، ولو نص القرار على سلب هذا الحق من الطالب لو قام بأي عمل تخريبي داخل حرم الجامعة لكان مقبولا.

 

وهل نهاية المطاف هو ذلك البيان الصادر الاثنين 28/10، والذي طالب كل إمام بأن يرفع قائمة بأسماء جميع الكتب، والمراجع، والكتيبات، والمجلات، والأشرطة الصوتية بمكتبة مسجده إلى مديرية الأوقاف التابع لها؟ أم أن هناك أمورًا أخرى يخفيها علينا النظام، ومشيخته، ووزارة أوقافه، ومفتيه السابق واللاحق، سيخرجونها لنا في مقبل الأيام؟!

 

((وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَٰذَا حَلَالٌ وَهَٰذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ))[النحل:116]

 

 

* شريف زايد، رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير في مصر

 

 

المصدر : صحيفة الإسلاميون

 

 

 

 

إقرأ المزيد...
الاشتراك في هذه خدمة RSS

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع