كتاب مفاهيم سياسية حلقة 42
- نشر في أخرى
- قيم الموضوع
- قراءة: 375 مرات
في العقد الأخير من القرن الماضي تزايد الاهتمام بموضوع التنمية البشرية فعقدت العديد من المؤتمرات، وكثرت البحوث. وحسب الأدب التنموي العالمي تعرف التنمية البشرية على نحو محدد واضح بأنها: (عملية توسيع خيارات الناس)، والمقصود بخيارات الناس هو الفرص المبتغاة في الميادين الأساسية في الحياة الإنسانية بصورة شاملة، وتتلخص في الغايات التالية:
1- تأمين حاجات الأجيال الراهنة دون الإضرار بإمكانات الأجيال القادمة على تأمين احتياجاتها.
2- المحافظة على التوازن البيئي بمكافحة التلوث البيئي وتخريبها والسعي لاستخدام رشيد للموارد وتطويرها بصورة بناءة.
3- العناية بالغايات الاجتماعية وأهمها اجتثاث الفقر والعنصرية والقضاء على البطالة وتوفير فرص عمل متكافئة للمواطنين، وتحسين توزيع الدخل الوطني على الجميع ولا فرق بين المركز والهامش بهدف تحسين مستوى معيشتهم وتطوير نوعية حياتهم.
4- تأكيد قيم الحرية وحقوق الإنسان والديمقراطية بهدف احترام كرامة الناس وكفالة أمنهم وتمكينهم من المشاركة في رسم مستقبلهم وفي عملية صنع القرار في بلادهم وكذلك توفير الوسائل والآليات الضامنة لإدارة ديمقراطية وشرعية للحكم، وإرسائه على سلطة القانون والمؤسسات المنتخبة والدستورية على المدى البعيد. وبمختصر شديد التنمية البشرية، حسب هذه التقارير، تهدف إلى غاية واحدة هي تحسين نوعية حياة الناس وإزالة الفقر ومظاهر التفاوت الاقتصادي والاجتماعي على صعيدين؛ القطري والعالمي لأي مجتمع؛ والتي لا يمكن بلوغها دون الاستجابة الحقة والكاملة للحقوق والحريات التي تمثلها الديمقراطية والمنابر الحرة..
هكذا تختزل كل مشكلات العالم التي يعانيها بأنها تكمن في عدم اتباع الحضارة الغربية الرأسمالية شبرا بشبر وذراعا بذراع، وهذا اختزال في غير موقعه، وهو خلط متعمد يراد به الترويج لمفاهيم الديمقراطية الليبرالية.
أوردت وكالة بث تصنيف تقرير التنمية البشرية لعام 2013م الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في نيويورك، سبع دول عربية في قائمة (المرتفعة في التنمية البشرية).. حلت ضمن هذه المجموعة كل من الجزائر والبحرين والكويت والسعودية وليبيا ولبنان وعمان وتونس، وحلت ثلاث دول أخرى في مجموعة (التنمية البشرية المنخفضة) وهي اليمن وجيبوتي والسودان، وحذر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي من أن العجز عن توليد فرص عمل بالسرعة المطلوبة ما زال يهدد بتأجيج التوتر الاقتصادي والاجتماعي في المنطقة العربية بعد ما كان أحد أسباب اندلاع انتفاضات الربيع العربي خلال العامين الماضيين.
إن كل حضارة لا تقوم على عقيدة صحيحة، تحمل في أحشائها فشلها وعلى نفسها تجني براقش؛ فالعطالة هي نتاج الجشع الرأسمالي الذي قضى وامتص الثروات، وأخذ ما في أيدي الناس ليتركهم عالة يتكفف بعضهم بعضاً، وبسبب هذه الأوضاع ضاقت بهم الحال فوجدوا سبيل الخلاص في الثورة على الواقع المؤلم والتي لا بد أنها ستعانق النصر المكين بإذن الله بإقامة دولة مبدئية تنقذ البشرية.
وأشار التقرير إلى أن معدل بطالة الشباب في المنطقة العربية يبلغ أعلى مستوى له في مصر، حيث يصل إلى 54.2 في المائة تليها فلسطين بمعدل 6،49 في المائة. وأكدت هيلين كلارك، مديرة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أن "الدول العربية تسجّل أعلى معدل للبطالة، وأدنى معدل للمشاركة في القوى العاملة ولا سيما مشاركة النساء". إن النظرة للمرأة في سياق أنها لا بد أن تعمل هو فرض لوجهة نظر غريبة على المرأة المسلمة، فالعمل مباح وليس واجباً، إلا أن الظروف المفروضة على المرأة اضطرت الكثير منهن للخروج للعمل. وإن قدر لهن حياة كريمة فسيعدن لمهنتهن الأصلية أمهات وربات بيوت، فيربين الأجيال ليخرجن رجالاً من أمثال محمد الفاتح، حينه فليخسأ الغرب ولْيَعُدْ إلى أوكاره التي سيغزوها نور الإسلام وهدايته.
إن تقرير التنمية البشرية لعام 2013م هو آخر تقرير من سلسلة تقارير تصدر سنويًّا عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، منذ عام 1990 لم يتبلور مفهوم التنمية البشرية إلا بعد الحرب العالمية الثانية، ومواجهة الدول التي شاركت فيها مشكلة تجاوز الدمار الذي خلفته، وقد فرض مصطلح التنمية البشرية نفسه على الخطاب السياسي والاقتصادي، على مستوى العالم بأسره، وبخاصة منذ تسعينات القرن الماضي، كما لعب البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة وتقاريره السنوية عن التنمية البشرية دوراً بارزاً في نشر هذا المصطلح.
الأسس الفكرية:
أما الأساس الفكري للمفهوم فهو الانطلاق من أنه في نطاق التأثير المتبادل بين العوامل المادية والروحية المتفاعلة، فإن الإنسان هو العامل الحاسم في التطور الاجتماعي - حسب زعمهم - وهذا تعريف غير مبلور يشوبه الغموض المتعمد. ومن بين أهم مفاهيم التنمية البشرية تنمية الذات التي يطالعنا بها أمثال عمرو خالد والفقي في برامج متكررة على الفضائيات ليوهموا الناس بأن المشكلة هي في تطوير الشخصية والفرد، مع أن المشكلة هي في مجتمع له رأي عام مبني على أفكار ومفاهيم ومشاعر وعلاقات منفصلة عن عقيدته الإسلامية، ما قاد إلى انفصام حقيقي في شخصية المسلم اليوم، والذي لا بد منه هو إعادة الاتساق بين الفرد وعلاقاته الدائمية، وأصبح من ينادي بتنمية الذات يخدم في ترسيخ الفردية، وهذا لم يحل مشكلة مع تناقضه مع فهم الإسلام الصحيح الذي جعل الفرد والجماعة: «مَثَلُ الْقَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ وَالْوَاقِعِ فِيهَا كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلَاهَا وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنْ الْمَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ فَقَالُوا لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا وَنَجَوْا جَمِيعًا».
أطلق في السودان التقرير الوطني الأول للتنمية البشرية بفندق (كورنثيا) بالخرطوم في 21 كانون الأول/ديسمبر في تزامن مع تقرير التنمية البشرية للأمم المتحدة الذي يصنف السودان دولة منخفضة التنمية البشرية، وأعدَّ التقرير كل من وزارة الرعاية الاجتماعية وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي وجامعة الجزيرة بمشاركة لفيف من الخبراء، ويُعنى التقرير بجرد ما حققه السودان من مكاسب وإخفاقات في مجال التنمية البشرية، لا سيما في محاور الأمن، التعليم، الصحة، الدخل، والمعيشة للسودانيين خلال الثلاثين سنة الماضية. وبشأن السلام والتنمية البشرية في السودان، يورد التقرير الحكومي الرسمي أن من أكبر مسببات النزاعات الكبرى في السودان عدم الإنصاف الحقيقي والمنظور في ما بين النخبة الصغيرة صاحبة الثروة والسلطة والغالبية العظمى التي تفتقر في كثير من الأحيان إلى أبسط مقومات الحياة الأساسية، ويشير التقرير إلى أن تأسيس تنمية بشرية متوازنة يعد أمراً لا مناص منه للسلام في السودان. ويرى التقرير أنه على الرغم من أن اتجاهات التنمية البشرية في السودان في تصاعد على المستوى القومي إلا أنها غير متوازنة.
هذا الاعتراف الصريح بسوء الرعاية والتفريط في حقوق العباد وعدم إنصافهم وانتصافهم لهو مؤشر على مدى تمسك الدولة بالسلطة لمصالحها الشخصية البحتة ولأنها في مأمن من المحاسبة ما دامت جاثمة على صدور الناس تحكم بالحديد والنار.
ويرى التقرير أن التعليم والصحة ومستوى المعيشة توسعت في السودان خلال السنوات الثلاثين الماضية، غير أن هذا التقدم قد تباطأ بشدة مع بداية النزاع العنيف وما نتج عنه من تأثير على الاستقرار المؤسسي ورأس المال الاجتماعي، وتراجع التقدم الذي تم إحرازه بسبب الحرب والجفاف والصدمات الاجتماعية الأخرى، وأنتج مكاسب غير مستقرة وهشة. ويخلص التقرير إلى أن النتيجة الحالية للوضع في البلاد أنه ما يزال السودان أمام شوط كبير ليقطعه حتى يعزز التنمية البشرية حيث يجيء السودان في المرتبة (161) من 182. صحيح قد توسع مجال التعليم والصحة ومستوى المعيشة وهذا يسير طبيعياً نتيجة زيادة عدد السكان، أما مستوى الخدمة التي تقدم فحدث ولا حرج، فهو في أدنى مستوى له، وأما هذه المسببات للتدني والتي ذكر التقرير بأنها لـ30 سنة فتتربع الإنقاذ في جله فهي المسؤولة عنه وليس غيرها.
وفي مجال التعليم يقول التقرير إن التعليم توسع في السودان خلال العقود الأربعة الأخيرة، وأن أحد الأسباب الرئيسية لهذا التوسع ارتفاع معدلات الاستيعاب عالي المستوى، كذلك ازدياد عدد الجامعات والمعاهد العليا لأكثر من خمسة أضعاف عبر سائر ولايات السودان منذ العام 1990، ويعد الالتحاق بمدارس الأساس العامل الأساسي في تقدم التعليم وإن كان بوتيرة أبطأ من مكاسب المستوى الجامعي، ومن نقاط بداية تدنيه هو معدلات التسرب التربوي، إذ إن أعداداً كبيرة من الأطفال يفشلون في الانتقال للمرحلة الثانوية، وفي ولايات يلتحق اثنان من كل خمسة أطفال إلى المرحلة الثانوية. زيادة معدلات الاستيعاب عالي المستوى مع مخرجات غير مؤهلة نتيجة لخواء هذا التعليم في كافة مراحله مما ينفع الناس، أما التحاق الاثنين من الخمسة أطفال بالمدرسة في بعض الولايات فهو يعني أن الحكومة صدق عليها قول الحق: ( كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا ) فهي تزيد وتوسع في التعليم مع أنها في الوقت نفسه توجد أسباباً للتسرب منه.
مؤشرات الصحة..
شهدت العقود بين 1990 إلى 2009 وفقاً للتقرير تصاعداً تقريباً في عدد المستشفيات من (209) إلى (407)، غير أن هذه الزيادات الكبيرة في البنى التحتية لم تكن كافية لمقابلة النمو السكاني وارتفاع الطلب، علاوة على ذلك فإن توزيع المرافق الصحية مهم أيضاً، ويمضي التقرير إلى أن الخدمات الصحية تعاني من عدد من التحديات أبرزها غياب نظام التحويل، وعدم وجود وسائل نقل المرضى وسيارات الإسعاف، وضعف معايير الجودة وضعف البنى التحتية وتوزيعها، وقلة المرافق الصحية المشيدة وفقاً للمواصفات وتدني الخدمات؛ مما جعل المرضى يبحثون عن العلاج في الخارج، كذلك تعاني الخدمات الصحية في السودان من داء مزمن وهو عدم تكامل الخدمات العلاجية والوقائية والصحية في السودان، إضافة إلى غياب عام في الرؤية والخطط والتنفيذ. عدد المستشفيات الذي زاد هو لحيتان الأطباء الذين يسمسرون لصالحهم، خاصة من بيدهم زمام الأمور، فيجففون المستشفيات من أدنى أسباب الحياة لدرجة الهدم لمستشفى النساء والتوليد بالخرطوم؛ والذي بسياسات فاشلة أصبح أثراً بعد عين، وأكملت اللعبة بأيلولة المستشفيات الاتحادية لولاية الخرطوم في خطوة أولية لخصخصتها خاصة بعد تصريح والي الخرطوم أن ماليته لا تستطيع تسيير هذه المستشفيات الكبيرة.
مؤشرات الفقر في السودان..
يورد التقرير أنه بناءً على آخر معلومات المسح الذي تم إجراؤه تم تقدير خط فقر الاستهلاك في السودان بنحو (113.8) جنيهاً للفرد في الشهر. وتشير التقديرات إلى أن (46.5%) من السكان في السودان يقعون تحت خط الفقر، وأن الفقر في المناطق الريفية أكثر منه في المناطق الحضرية، ويتدرج حدوث الفقر من حوالي ربع السكان في الخرطوم إلى أكثر من الثلثين بالنسبة لولاية شمال دارفور، ويتمثل الفقر في عدم وجود دخول كافية ووجود مأوى ضعيف أو عدم القدرة على الحصول على مياه الشرب، ويكشف التقرير مؤشر الفقر متعدد الأبعاد ومختلف أنماط الفقر مقارنة بمقياس فقر الدخل لوحده، إذ يحدد مؤشر الفقر متعدد الأبعاد مختلف أوجه الحرمان مثل ضعف الحالة الصحية والتغذية وتدني مستوى التعليم وعدم كفاية سبل كسب العيش وظروف السكن السيئة والإقصاء الاجتماعي، وعدم المشاركة في أنشطة المجتمع. ويشير التقرير إلى أن حوالي (8.5%) من السودانيين يعانون من الفقر متعدد الأبعاد، وهو ما يصل إلى (2.8) مليون سوداني.
إن الفقر هو صناعة في دهاليز الساسة الذين لا هم لهم غير تمرير سياسات معلبة من الخارج حفاظاً على كراسيهم المتهالكة، أما فقر البلاد والعباد فلا يهمهم البتة، حيث يزيد الغني غنى ويزيد الفقير فقراً بسبب تطبيق سياسات البنك وصندوق النقد الدوليين التي تجعل منا خدماً وحواشي للحضارة الرأسمالية الليبرالية المفلسة.
عدم المساواة في السودان..
يقول التقرير إن التنمية البشرية هي نهج لتنمية تركز على الإنسان وحياته وسبل كسب عيشه وقدرته على تحقيق ما يريد تحقيقه، ويظهر التقرير فوارق كبيرة في الرفاه والثروة والسلطة في السودان بين المركز والولايات، ويشير إلى أن الخلافات بين الرجل والمرأة تفرض ضريبة كبيرة في بناء مجتمع شامل يسمح بالحريات العادلة. الفوارق هذه ليست بين المركز والولايات فحسب، إنما داخل العاصمة موجودة، ولكن هذا إيحاء بأن المشكلة هي تهميش الولايات وهذا يصب في مصلحة الساعين لتمزيق البلد.
انعدام الأمن..
يظهر التقرير أن هناك انعداماً للأمن في مناطق عديدة في السودان، وأنه لا توجد أسرة واحدة في السودان لم تتأثر بالنزاعات في البلاد، وأن العنف أفرز العديد من الآثار المباشرة وغير المباشرة ونتائجها واضحة لا لبس فيها وهي عدم المساواة العميقة بين الأقاليم والولايات في التنمية البشرية، ويذهب التقرير إلى أن هناك خسائر متكبدة في ثروات الأسر من حيث فقدان مصادر كسب العيش والتعليم والصحة ومصادر المياه. ويقول إن دارفور وحدها فقدت (15%) من ثروتها الحيوانية ومات (3.9) ملايين رأس من الحيوانات، حيث بلغت خسائرها المادية (722) مليون دولار، وتدمير (3) آلاف قرية، و(869) مورداً من المياه، إن هذه الأحوال هي نتاج طبيعي لتجار السلاح الغربيين الذين إن أوقفت النزاعات خسروا، فهم لهم مصلحة ولكن المشكلة هي في من يعلم أن نبي الرحمة القائل في شأنهم: «الْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ» ويستمر بتحديه لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم.
جغرافية السلام..
رئيسة اللجنة الفنية لتقرير التنمية البشرية، وكيلة وزارة الرعاية والضمان الاجتماعي "خديجة أبو القاسم حاج حمد"، تقول إن العمل في إعداد التقرير بدأ منذ العام 2009م بمشاركة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وجامعة الجزيرة وعدد من الخبراء، وتصف خديجة التقرير بأنه ذو مصداقية عالية وتعول الحكومة عليه كثيراً في عدد من المسارات للخروج برؤى موحدة لمشكلات البلاد المختلفة، وتعتبر أنه يمثل مرجعية وأرضية خصبة ويعين متخذي القرار على القرارات الصائبة؛ أيّ قرار هذا الصائب بعد مضي أكثر من عشرين عاماً استفحلت فيه كل المشكلات وتوالدت وما زالت.
الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في السودان "علي الزعتري"، يقول إنه رغم الاحتفال بالتقرير إلا أنه يمثل وثيقة متفردة في نوعها ويهدف للعمل على بسط الحريات وتحقيق الرفاهية للإنسان السوداني، ويتجاوز العمل بالاقتصاد التقليدي، وأن الهدف أيضاً من التقرير هو تحسين حياة الناس، وأنه تم التوافق على التقرير بين جميع المكونات التي عملت على إعداده بعد إجراء مشاورات واسعة بشأنه، ويشير "الزعتري" إلى أن ملايين السودانيين ما يزالون في حالة عوز مستمر.
من يحتفل هم الذين يمشون على جراحات المواطنين لأنهم لا يتأثرون بها، ولكن هذا الرجل بدأ صادقاً، فالموضوع هو الحريات ولا يهم من بعدها شيء، هذه الحريات المنبثقة من المبدأ الرأسمالي الخداع الذي يدس السم في الدسم، فجياع يحتاجون الطعام قبل الحريات، ولكن إعطاءهم الحريات هو لتخدير جوعهم حتى ينهب الرأسماليون ثرواتهم ويتركوهم لحريات زائفة.
وتذهب وزيرة الرعاية والضمان الاجتماعي "مشاعر الدولب" في كلمتها إلى أن البلاد في أشد الحاجة إلى التقرير، وأن مؤشرات النمو الاقتصادي الحالية غير كافية ولا تساعد في خفض نسبة الفقر في السودان. وترى الوزيرة أن سر نجاح بعض الدول في المنطقة العربية والأفريقية في مجال التنمية البشرية لا يكمن في اعتمادها على السياسات الجاهزة، وإنما على تلك التي تنبع من مجتمعاتها، ووعدت الوزيرة بتمليك التقرير للمواطنين وصناع القرار والأجهزة المختصة؛ بغرض إدارة حوار شامل حول التقرير وأن مادة التقرير مادة للحوار الواسع.
إن السياسات الجاهزة هي ديدن رويبضات الحكم الجبري، الخانعين للكفار والذين لم يرفعوا رأساً بالإسلام، أما حوار المواطن فهو لا يجدي نفعا بل لا يعدو كونه صوريا حتى داخل البرلمان الذي يصل الموقف الحواري فيه حسب المصالح درجة العراك والتلفظ بالسب والشتم وتنتهي مسرحية التشاور والتحاور الصوري.
مساعد رئيس الجمهورية الدكتور "جلال يوسف الدقير" يرى أن التقرير سيساعد على تجاوز الإخفاقات التي تضمَّنها، ويعزز المكاسب ويمضي إلى أن المخرج الوحيد لمشكلات البلاد هو عبر الحوار الذي يحقق الاستقرار، ويقول إن التحدي الكبير هو في كيفية إنزال محتويات التقرير على أرض الواقع، بجانب كيفية نشر مضامين التقرير على أوسع نطاق حتى ينعكس على مختلف الخطط وبرامج الدولة.
إن الواجب أن تنزل أحكام الإسلام العظيم على أرض الواقع حتى تخرج الأرض خيراتها وتنزل السماء بركاتها ما يحقق رضا رب الناس الذي بيده كل شيء.
يبدو مما تقدم أن التنمية البشرية هي من المعالجات المعلبة (المحنطة) التي لا تجدي نفعا لأنها سياسات الأمم المتحدة فهي شرعة الطاغوت التي أُمِرنا بنبذه واتباع الإسلام دين الله العظيم، قال تعالى: ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا ).
إن مصطلحات التنمية البشرية وتحقيق الذات والحكم الرشيد... ما هي إلا استهلاك كلامي لتكييف العالم الموسوم بالتخلف والرجعية مع أوضاعه؛ التي هي نتاج السياسات الليبرالية الظالمة، وهي في حقيقتها عائمة دون أساس شرعي، ودون مرتكزات مفاهيمية رصينة، وهي تشريك وضياع للشرائح المسحوقة الضعيفة وإيجاد حصة لها في نظام الفساد العالمي لدمجها وتفادي انفجارها الذي لا بد أنه قريب ما يحرق كل من خطط ونفذ وشارك بحسن نية أو بسوئها، بما فيهم المنظمة التي تسمي نفسها أممية وهي في الحقيقة منفذة سياسات أكبر سماسرة المال، وتحاول التلفح بالمصطلحات الأخلاقية التي كشفت وتعرّت نتيجة انحراف المقاصد المعلنة باقترانها بالتطور غير المتكافئ الذي يشترط التقدم الرأسمالي لحفنة من الناس على حساب الأكثرية.
إن إعلان الرئيس الأمريكي ترومان التنمية لم يكن الهدف منه رفع إمكانية التطور للمستعمرات بقدر ما كان توظيفًا لهذا المصطلح بكفاءة في المنظومة الرأسمالية الذي تطور إلى مفهوم التنمية المستدامة التي كانت نتيجتها خلافًا لما طرح بل هي مجردة عن واقعها لا تعدو كونها خلط وتشويه مفاهيم وتبطين بمفاهيم الأخلاق التي يجتمع حولها البسطاء والسذج لتمرير أفكار مضادة ومخلة بالتنمية الحقيقية لخدمة الامبريالية الغربية.
كتبته للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أم أواب / غادة عبد الجبار
الخبر:
القدس العربي: خرقت اشتباكات عنيفة اندلعت بعد ظهر أمس الخميس الهدنة التي تم التوصل إليها الأربعاء بين قوات النظام ومقاتلي المعارضة في معضمية الشام قرب دمشق، بحسب ما ذكر ناشطون.
وحصلت ‘اشتباكات بين مقاتلي الكتائب المقاتلة والقوات النظامية في شرق وشمال مدينة معضمية الشام'.
ويأتي ذلك غداة التوصل إلى اتفاق بين النظام ومقاتلي المعارضة في المعضمية دخل حيز التنفيذ الأربعاء ونص على رفع العلم السوري على خزانات المياه في المدينة لمدة 72 ساعة مقابل وقف القتال وإدخال مواد غذائية إلى المدينة المحاصرة منذ أكثر من عام والتي تعاني من نقص فادح في المواد الغذائية والطبية.
واتهم ناشط إعلامي يقدم نفسه باسم أحمد في المعضمية قوات النظام بخرق الهدنة.
التعليق:
هذه وقاحة السياسة الأميركية والبريطانية والفرنسية وعملائهم أنى كانوا، قد اختبئوا وعملاءهم خلف هذه الشعارات البراقة - الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان - لبسط نفوذهم على الأمة الإسلامية بها، ومن ثَمَّ نهب ثرواتها وإبقائها ممزقة ضمن حدود سايكس وبيكو. ولسان حالهم يقول ابقوا مشرذمين مقسمين نُبقِكم على قيد الحياة، وإلا حاصرناكم وقتلنا أطفالكم وشيوخكم ونساءكم، والأدهى والأمرّ أنهم يتغنون بعد ذلك بإنسانيتهم وديمقراطيتهم ومدنيتهم هذه، ويفرضون علينا أشكال أنظمتهم، هذا هو الحال الذي فرضته حريتهم وديمقراطيتهم و"إنسانيتهم" على البشرية كلها، وبالأخص الآن على المسلمين في الشام وغيرها من بلادهم للذين لا يؤمنون بها، لا بل لأنهم كفروا بها وآمنوا بالله ربا وبالإسلام دينا ونظام حياة، وبمحمد صلى الله وسلم قائداً ونبيا ورسولا.
إنهم كما قال الله تعالى: ﴿لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ﴾، وصل الأمر بهم من الوقاحة ليس بالمؤمنين فقط بل بكل البشرية أن يقدموا مصالحهم الآنية الأنانية على مصالح بقية البشرية ولو أفنوهم عن بكرة أبيهم.
هذه هي وقاحة دول الكفر منفردين ومجتمعين وعلى رأسهم الكابوي الأميركي ومن آمنوا بديمقراطيتهم ومدنيتهم ممن يلبسون البراقع المدلِّسة على أمتهم باسم الدين، وساهموا في قتل المسلمين لإنسانية الكفر المجرمة هذه، وأقسموا منذ أولى أعمالهم على كتاب الله عز وجل أن يعضوا على أشكال أنظمتهم بالنواجذ، وأقسموا بالله على كتابه العزيز أن يعصوه بتطبيق غير شريعته على خلقه من دونه، فهلا وعت أمتنا الإسلامية من هي القيادة السياسية المخلصة لربها ولعباده والواعية على شريعته وطريقة تنفيذها لتخليص أمتها والبشرية مما هي فيه والثابتة على مبدئها دون أن تلتفت يمنة ويسرة لغير شرعه ولا تحيد عنه قيد أنملة بمعصيته سبحانه وتعالى إرضاءً للناس، وصدق رسول الله r حيث يقول: «من التمس رضا الله بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى عنه الناس، ومن التمس رضا الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس».
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
عبد الله عبد الرحمن
رئيس دائرة الإصدارات والأرشيف للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
الخبر:
دعا مفتي الجمهورية شوقي علام الشعبِ المصري بكلِّ شرائِحِه للمشاركة في الاستفتاءِ على الدستور وعدمِ الالتفات إلى ما سماه محاولات تشويهِ الدستور.
جاء ذلك في مؤتمر خصص لعرض حصاد العام لدار الإفتاء، بحضور عدد من الوزراء والمستشارين والكتاب.
من جانبه قال وزير الأوقاف مختار جمعة إن الدستور المستفتى عليه أضاف للأزهر الكثير، وإن دور علماء الأزهر في كتابة الدستور كان في الأبواب كافة، على حد قوله.
التعليق:
1- ألم يسمع مفتي الجمهورية قول الله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيداً﴾. فإلى أي دستور تدعو الشعب أيها المفتي!!!.
2- إن خلاص شعب مصر والأمة لا يكون بتطبيق القوانين الرجعية ولا بالاحتكام إلى الطاغوت، فما هذه الدماء التي تسيل في جميع أنحاء بلاد المسلمين وكل هذه الأزمات والمصائب التي تنهال على الأمة إلا من جراء بُعدها عن كتاب الله وسنة رسوله وعدم تطبيقها لشرع الله في دولة الخلافة الراشدة التي تجمع الأمة على الحق وتجعل بأسها على عدوها ويكون خليفتها جُنّة لها.
3- ثم يزيد الطين بلة تصريحُ وزير الأوقاف والذي أثبت فيه دور علماء الأزهر في التشريع من دون الله وتنصيبهم أنفسهم أربابا من دون الله فيساهمون في كل باب من أبواب الدستور، أهي حرب على الله ورسوله والأمة باسم الإسلام؟ ألهذا آلت أحوالك يا أزهر؟!! يقول الله تعالى ﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَٰهًا وَاحِدًا ۖ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۚ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾.
4- إننا ندعو أهلنا في مصر والمخلصين من أبناء الأمة وعلمائها أن يضعوا الأمور في نصابها، وأن يحقّوا الحق وأن يدوروا معه حيث دار، وأن يكون الله ورسوله أحب إليهم من متاعٍ زائل، فيعملوا مع المخلصين من أبناء الأمة على تطبيق دستور الله ورسوله، يعملوا على تطبيق شرع الله وإقامة الخلافة الراشدة التي تجمع الأمة وترفع عنها الظلم والقهر والغمة.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أبو بكر
الخبر:
حذرت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية من أن "الحرب الأهلية في سوريا" بدأت تتسلل إلى العراق ودول المنطقة، مشيرة إلى أن الأزمة السورية قد تكون سببا لتفسخ دول المنطقة أو توحيدها.
وقالت الصحيفة في تقرير لها إنه "بعد مرور أقل من 100 عام على ترسيم حدود دول الشرق الأوسط، تواجه هذه الحدود صراعا يدور حول البقاء أو عدمه، في الوقت الذي تتعرض فيه الدول التي تشكلت منذئذ إلى محنة لم تعرفها من قبل وذلك لأن الحرب الأهلية في سوريا تتسلل عبر الحدود إلى العراق ودول عدة في المنطقة".
وأضافت الصحيفة أن "اتفاقية سايكس بيكو التي وقعت بين بريطانيا وفرنسا في العام 1916 قسمت ما بقي من الإمبراطورية العثمانية المنهارة، وكانت نتيجتها تشكيل دول لم يكن لها وجود من قبل، وقطع أواصر العلاقة العائلية والمجتمعية ووضع أسباب لكثير من عدم الاستقرار الذي أصاب المنطقة حتى هذا اليوم".
وأشار التقرير إلى أنه "وبعد أقل من قرن على هذا الترسيم، فإن مدى بقاء هذه الحدود والدول التي تشكلت يخضع لتجربة ليس لها مثيل من قبل"، مبينة أن "الحرب الأهلية في سوريا بدأت تتسلل إلى العراق ولبنان وتركيا والأردن وإسرائيل، وتبتلع أماكن بقيت لقرون عديدة تعود لكيان واحد وشعوبا ورثت تاريخها وعقيدتها وحياتها من الوطن الذي ولدوا فيه".
التعليق:
وهذا صنم آخر من أصنام الرأسمالية يتهاوى أمام أصحابه رغم إلباسهم له لباس القداسة، فلم تترك لهم ثورة الشام إثماً ارتكبوه في حق الأمة الإسلامية إلا وفضحته.
سايكس بيكو وما أدراك ما سايكس بيكو! عقودٌ من الإذلال والهوان فرضها الكافر المستعمر على أجيال ما بعد سقوط الخلافة الإسلامية عام 1924، جزّأ بها ليس فقط البشر والشجر والحجر، بل أقام حراسًا له يقفون في وجه أي محاولات لعودة الأمة موحدة عزيزة، وأوجد لهم قضية فلسطين كي ينشغلوا بها عن المصيبة الكبرى، وأشغلهم بقوت يومهم وبمصاعب حياة مفتعلة كي لا يتطلعوا أبداً إلى العودة لماضيهم التليد.
الآن نطق المجرمون بالحق حين أدركوا أن نفوذهم يتهاوى أمام ضربات الثائرين في الشام الذين أعلنوا عزمهم على إقامة دولة الخلافة في الشام وإلغاء سايكس بيكو جملة وتفصيلا، والتطلع لتحرير كل البلاد الإسلامية بما فيها فلسطين من نفوذ الكافر المستعمر.
لهذا تباكت روسيا على النظام المتساقط في سوريا؛ لأن بسقوطه ستبدأ حقبة جديدة من التاريخ الحديث؛ هو تاريخ خير أمة أخرجت للناس، وبه تنتهي حقبة تغييب الأمة الإسلامية الواحدة عن المسرح السياسي العالمي.
علمت ثورة الشام وعلّمت غيرها أن سايكس بيكو بكل رموزها من أعلام ملونة ومبهرجة ساقطة لا محالة؛ لهذا رفعت عالياً راية يحبها الله تعالى وينصر جندها هي راية رسوله الكريم راية العقاب، فأغاظ هذا أعداء الله فزادوا كيدهم لثورة الأمة، يحسبون أن كيدهم أقوى وأمضى من كيد رب العالمين: ﴿ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين﴾.
إنها ثورة الإسلام على الباطل، ثورة الحق المبين، ثورة إعلاء كلمة الله وحده، ثورة واعية نظرت إلى ربها فأطاعت نبيها وستقيم دولتها منارة عدل وأمان تشع على العالم أجمع.
﴿وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
م. هشام البابا
رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية سوريا
سئل أبو حازم فقيل له: "ما مالك؟" قال: "لي مالان لا أخشى معهما الفقر: الثقة باللّه، واليأس مما في أيدي الناس". وقيل لبعض الحكماء: "ما الغنى؟" قال: "قلة تمنيك، ورضاك بما يكفيك.
وقال ابن الجوزي رحمه الله تعالى: "من قنع طاب عيشه، ومن طمع طال طيشه.
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته