دستور دولة الخلافة - المادة 7
- نشر في حول النظم الإسلامية
- قيم الموضوع
- قراءة: 1313 مرات
خرجت قبل عدة أيام مظاهرات في أحياء من العاصمة الأردنية عمان وفي محافظة الطفيلة جنوبي المملكة طالبت بإسقاط النظام الأردني ردا على حملة اعتقالات قامت بها الأجهزة الأمنية مساء الجمعة وطالت عددا من ناشطي المعارضة.
وشهد حي الطفيلة القريب من الديوان الملكي في عمان اعتصاما مفتوحا ومسيرات طالبت بالإفراج عمن وصفهم المتظاهرون بمعتقلي الحرية والرأي، كما توالت الدعوات إلى تنفيذ عدد من الاعتصامات والمسيرات احتجاجا على هذه الاعتقالات في أنحاء المملكة كافة.
=============
لقد أخطأ النظام القمعي في الأردن في ظنه بأنه في مأمن من ثورة الشعب الأردني المرابط، فبالرغم من محاولات النظام لتفادي سرعة وصول الربيع العربي إلى ساحات الأردن، وفي الوقت ذاته قيامه بأعمال تضليلية هدفها إعطاب بوصلة الثورة من التوجه نحو قصر رغدان وتقزيمها لتبقى في سياق المطالبة بإصلاحات شكلية لا تتعدى توجيه الشكوى لرئاسة الوزراء وبعض من المسؤولين الحكوميين مع الحفاظ على رأس العرش الهاشمي في منأى عن المساءلة والمحاسبة، وبالرغم من مشاركة بعض الأطياف السياسية العلمانية والإسلامية (المعتدلة) في حرف مؤشر الثورة عن المطالبة بإسقاط النظام، والاكتفاء بالمطالبات الإصلاحية التي لا تسمن ولا تغني من جوع، إلا أن ذلك كله قد اصطدم بصلابة أبناء الأردن النشامى وتصميمهم على البحث عن السبب الحقيقي وراء تدهور الحالة السياسية والاقتصادية في الأردن، وأن رأس الفساد والإفساد يتمثل بالعائلة الحاكمة صاحبة التاريخ الطويل في العمالة والخيانة أبا عن جد.
فلطالما تغنى طواغيت الأردن من العائلة المالكة بإطلاقهم الرصاصة الأولى في قلب دولة الإسلام العثمانية ومشاركتهم قوى الاستعمار القديم -البريطاني الفرنسي- للتعجيل بالقضاء على دولة الخلافة وتقطيع أوصالها وتثبيت ما نتج عن سقوطها من تقسيمات جيوسياسية للمنطقة مزقت بلاد الإسلام وجعلت ولاياتها لقمة سائغة لكل طامع، حتى إن ولاية الشام صارت أربع دويلات إمعانا في التقسيم وتقطيع الأوصال والفتنة.
إن مما يثلج الصدر حقا رؤية مسيرات نشامى الأردن ترفع لافتات تحذر يهود المغتصبين وتتوعدهم بقرب القضاء على كيانهم السرطاني واجتثاثه من جذوره، وهو ما يخيف ليس كيان يهود فحسب، بل كل طواغيت الغرب الاستعماري وعملائهم من الحكام الخونة وعلى رأسهم طاغية الاردن .
لقد اتضحت البوصلة السياسية للحراك الثوري في الأردن، فلا تدعوا حلفاء النظام يضللونكم ويقزمون ثورتكم ويفرغونها من محتواها الطيب المطالب بإسقاط النظام، وهو يعني إسقاط نظام الحكم الخائن بكافة مكوناته، لتتغير السياسات المسطرة بالكامل في كافة مناحي الحياة، سياسيا واقتصاديا وثقافيا وعسكريا، وتعود الأردن لتلتحم بأجنحتها الشامية ويعاد مجد ولاية الشام الشريف، ويكبر المؤذن معلنا الزحف لاسترداد فلسطين المباركة ومسجدها المبارك.
فاحذوا حذو إخوانكم من أهل الشام المبارك واجعلوا ثورتكم لله واجعلوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم قدوتكم في التغيير الصحيح، فقد أزفت ساعة النصر.
بارك الله بثورتكم وثبتكم
كتبه: أبو باسل - بيت المقدس
أيها العبد: حاسب نفسك في خلوتك وتفكر في انقراض مدتك واعمل في زمان فراغك لوقت شدتك وتدبر قبل الفعل ما يملى في صحيفتك وانظر: هل نفسك معك أو عليك في مجاهدتك لقد سعد من حاسبها وفاز والله من حاربها وقام باستيفاء الحقوق منها وطالبها وكلما ونت عاتبها وكلما تواقفت جذبها وكلما نظرت في آمال هواها غلبها قال عليه الصلاة والسلام: (الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني).
المواعظ
لابن الجوزي
وَصَلِّ اللَّهُمَّ عَلَىْ سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ وَعَلَىْ آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ
وَالسَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ
روى ابو داوود في سنه قال :
حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ بُدَيْلٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِي عَامِرٍ الْهَوْزَنِيِّ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ لُحَيٍّ عَنْ الْمِقْدَامِ قَالَ
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ تَرَكَ كَلًّا فَإِلَيَّ وَرُبَّمَا قَالَ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ وَمَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِوَرَثَتِهِ وَأَنَا وارث مَنْ لَا وارث لَهُ أَعْقِلُ لَهُ وارثهُ وَالْخَالُ وارث مَنْ لَا وارث لَهُ يَعْقِلُ عَنْهُ وَيَرِثُهُ.
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( مَنْ تَرَكَ كَلًّا ) : بِفَتْحِ الْكَاف وَتَشْدِيد اللَّام أَيْ ثِقَلًا وَهُوَ يَشْمَل الدَّيْن وَالْعِيَال ،
وَالْمَعْنَى إِنْ تَرَكَ الْأَوْلَاد فَإِلَيَّ مَلْجَؤُهُمْ وَأَنَا كَافِلهمْ ، وَإِنْ تَرَكَ الدَّيْن فَعَلَىَّ قَضَاؤُهُ
( أَعْقِل لَهُ ) : أَيْ أُؤَدِّي عَنْهُ مَا يَلْزَمهُ بِسَبَبِ الْجِنَايَات الَّتِي تَتَحَمَّلهُ الْعَاقِلَة
( وارثهُ ) : أَيْ مَنْ لَا وارث لَهُ .
قَالَ الْقَاضِي رَحِمَهُ اللَّه : يُرِيد بِهِ صَرْف مَاله إِلَى بَيْت مَال الْمُسْلِمِينَ ، فَإِنَّهُ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ
( وَالْخَال وارث مَنْ لَا وارث لَهُ )
: فِيهِ دَلِيل لِمَنْ قَالَ بِتَوْرِيثِ ذَوِي الْأَرْحَام
( يَعْقِل عَنْهُ ) : أَيْ إِذَا جَنَى اِبْن أُخْته وَلَمْ يَكُنْ لَهُ عَصَبَة يُؤَدِّي الْخَال عَنْهُ الدِّيَة كَالْعَصَبَةِ ( وَيَرِثهُ ) : أَيْ الْخَال إِيَّاهُ
ايها الكرام :
إن الإرث من أسباب تملك المال, فالورثة يملكون ما تركه مورثهم من مال يتقاسمونه حسب الأنصبة التي حددها الشرع الحنيف.
وقد بين الشرع نصيبَ كلٍّ من أصحاب الفروض كما بين كيفية توزيع ما يتبقى من المال على العصبة إن زاد المال الموروث عن أنصبة أصحاب الفروض.
فالإرث حق للوارث في مال المتوفى لا يمنعه منه إلا مانع شرعي .
وهو طريقة عملية لتفتيت الثروة ومنع انحصارها في أيدٍ قليلة تتداولها وتحرم منها باقي أفراد المجتمع, فبتوزيع الإرث على الورثة يتوزع المال الذي جمعه الفرد في حياته يتوزع بين ورثته جميعا ولا يبقى في يدِ أحدهم ويحرم منه الباقون, وبذلك يتداوله قطاع عريض من أفراد المجتمع ويمنع انقسام المجتمع إلى طبقات: مالكة ومُعْدَمَة . فالإسلام خير من ينظم المجتمع ويمنع إفساده بأي وسيلة من وسائل الإفساد
وكما شرع الإسلام الإرث فقد منع الوارث من هذا الحق في حالتين هما :
الأولى : اختلاف الدين
روى النسائي في سننه الكبرى
عن أسامة بن زيد قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يرث الكافر المسلم ولا يرث المسلم الكافر
وورد في مصنف ابن ابي شيبة :
عن أسامة بن زيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تتوارث الملتان المختلفتان ".
والثانية : قتلُ الوارثِ للمُوَرِّثِ
روى الترمذي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْقَاتِلُ لَا يَرِث
اما في غير هاتين الحالتين فلا يحق لأحد أن يمنع وارثاً من الحصول على حقه الذي أعطاه إياه الشرع, أيا كان ذلك الشخص فلا صاحب المال ولا الورثة ولا الحاكم يحق له أن يمنع وارثاً من حقه, فإن فعل فقد احتمل إثماً عظيماً
جاء في صحيح البخاري
عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ
جَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودُنِي وَأَنَا بِمَكَّةَ وَهُوَ يَكْرَهُ أَنْ يَمُوتَ بِالْأَرْضِ الَّتِي هَاجَرَ مِنْهَا قَالَ يَرْحَمُ اللَّهُ ابْنَ عَفْرَاءَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أُوصِي بِمَالِي كُلِّهِ قَالَ لَا قُلْتُ فَالشَّطْرُ قَالَ لَا قُلْتُ الثُّلُثُ قَالَ فَالثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ إِنَّكَ أَنْ تَدَعَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَدَعَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ فِي أَيْدِيهِمْ وَإِنَّكَ مَهْمَا أَنْفَقْتَ مِنْ نَفَقَةٍ فَإِنَّهَا صَدَقَةٌ حَتَّى اللُّقْمَةُ الَّتِي تَرْفَعُهَا إِلَى فِي امْرَأَتِكَ وَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَرْفَعَكَ فَيَنْتَفِعَ بِكَ نَاسٌ وَيُضَرَّ بِكَ آخَرُونَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ يَوْمَئِذٍ إِلَّا ابْنَةٌ
فسعد هنا أراد أن يوصيَ بماله كله مع أن له ابنةً واحدةً, فنهاه الرسول صلى الله عليه وسلم عن فعل ذلك لما في هذه الوصية من ظلم لابنته التي لن يتبقى لها من مال ترثه إن أوصى بماله كله أو حتى بنصفه حتى إنه حين سمح بالوصية بثلث المال جعلها أعلى نسبة يمكن أن يوصى بها ....فأين الذين يحرمون بناتِهم من أخذ حقهن في ميراث آبائهن ليتدبروا هذه الأحاديث الشريفة ليعرفوا أن ما تأخذه المرأة من الإرث هو حق لها وملك شرعي منحه لها الشرع وليس منةً من إخوتها أو من أهلها يُعطونه لها إن أرادوا ويمنعوها منه إن أرادوا . لا ليس كذلك فها هو الرسول يبين متى يحرم الوارث من إرثه , وليس كون الأنثى متزوجة أو قد تتزوج من رجل غريب عن العائلة بسبب لمنعها من الحصول على حقها من إرث أبويها أو من لها حق في إرثه
ايها الكرام :
إن أحكام الله إنما أنزلها على نبيه لتوضع موضع التطبيق, فينتفع بها المسلمون, لكن هذا الانتفاع معدوم الآن ومحروم منه كثيرٌ من المسلمين, مع غياب دولة الإسلام التي تضع أحكام الله موضع التطبيق. فيا أيتها المرأة المسلمة إنك لصاحبة مصلحة ملحة في إعادة حكم الله, لأنك أكبر المتضررين من تعطيله. فغياب الإسلام أفقدك الكثير من حقوقك المالية التي شرعها لك رب العالمين ......ولو كانت دولة الخلافة قائمة لتمتعت بها ولما عانيت الذل والإهانة في سبيل حصولك عليها.
وإنك فوق ذلك مخاطبة بالعمل لاستئناف الحياة الإسلامية .... فكنت بذلك صاحبة مصلحتين في هذا السبيل :
مصلحة روحية : وهي إجابة أمر الله في العمل لتحكيم شرعه.
ومصلحة مادية : وهي تحقيق مصالح مالية ودنيوية أعطاك الشرع إياها وحرمك منها المجتمع الفاسد الظالم.
فحَرِيٌّ بك أن تهبي للالتحاق بركب الخير الذي يعمل لاستئناف الحياة الإسلامية وإعادة دولة الخلافة لتعيدي حقوقك المسلوبة وترضي من منحك هذه الحقوق. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:
نقدم لكم ايها الكرام فيما يأتي صورة موجزة عن أهم المضامين القرآنية الواردة في النشأة الأخرى، وما يتعلق بها. وإليكم الأدلة القرآنية على حتمية اليوم الآخر:
أولا: إعطاء اليوم الآخر موقعه في البنية العقائدية، والتأكيد على أنه من أصول الاعتقاد الواجبة، قال تعالى: (ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين). (البقرة 177) وقال تعالى: (من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلا خوف عليهم). (المائدة 69)
ثانيا: التأكيد على وجود اليوم الآخر، وكونه أمرا محتوما لا ريب فيه، ووعدا حقا لا يقبل التخلف، قال تعالى: (ربنا إنك جامع الناس ليوم لا ريب فيه إن الله لأ يخلف الميعاد). (آل عمران 9) وقال تعالى: (الله لا إله إلا هو ليجمعنكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه ومن أصدق من الله حديثا). (النساء 87) وقال تعالى: (وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت بلى وعدا عليه حقا ولكن أكثر الناس لا يعلمون). (النحل 38) وقال تعالى: (وقال الذين كفروا لا تأتينا الساعة قل بلى وربي لتأتينكم). (سبأ 3)
ثالثا: إثبات إمكان المعاد والنشور بطريق ملموس لا يقبل التأويل، وذلك بذكر أمثلة من إعادة بعض الأشخاص والأقوام والحيوانات من الأمم السابقة إلى الحياة الدنيا، بعد أن ثبت موتهم, وخروجهم إلى عالم الموتى، فعاشوا بعد حياتهم الثانية مدة إلى أن توفاهم الله سبحانه بآجالهم، وقد وقع ذلك في أدوار وأمكنة مختلفة، لدفع استبعاد الناس للنشأة الآخرة، وإثبات قدرة الله تعالى على المعاد، وفي ما يلي بعض الأمثلة على ذلك:
أ ـ إحياء قوم من بني إسرائيل، قال تعالى: (ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم إن الله لذو فضل على الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون). (البقرة 243)
ب ـ إحياء أحد أنبياء بني إسرائيل، قال تعالى: (أو كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها قال أنى يحيي هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام ثم بعثه قال كم لبثت قال لبثت يوما أو بعض يوم قال بل لبثت مائة عام فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه وانظر إلى حمارك ولنجعلك آية للناس وانظر إلى العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحما فلما تبين له قال أعلم أن الله على كل شيء قدير). ( البقرة 259)
جـ ـ إحياء سبعين رجلا من قوم موسى عليه السلام، قال تعالى: (وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون ثم بعثناكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون). (البقرة 56)
د ـ إحياء قتيل بني إسرائيل، قال تعالى: (وإذ قتلتم نفسا فادارأتم فيها والله مخرج ما كنتم تكتمون فقلنا اضربوه ببعضها كذلك يحيي الله الموتى ويريكم آياته لعلكم تعقلون). (البقرة 73)
هـ ـ إحياء الطيور لإبراهيم عليه السلام بإذن الله سبحانه، قال تعالى: (وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحيي الموتى قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي قال فخذ أربعة من الطير فصرهن إليك ثم اجعل على كل جبل منهن جزءا ثم ادعهن يأتينك سعيا واعلم أن الله عزيز حكيم). (البقرة 260)
رابعا: بين الكتاب الكريم أن من أهم وظائف الأنبياء عليهم السلام هو إنذار الناس بالبعث والحساب في اليوم الآخر، فقال تعالى: (يا معشر الجن والانس ألم يأتكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا شهدنا على أنفسنا وغرتهم الحياة الدنيا وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين). (الأنعام 130) وقال تعالى: (وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمرا حتى إذا جاؤوها فتحت أبوابها وقال لهم خزنتها ألم يأتكم رسل منكم يتلون عليكم آيات ربكم وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا بلى ولكن حقت كلمة العذاب على الكافرين). (الزمر 71) والإنذار هنا عام لا يقتصر على امة دون أخرى.
كتب صاحب عمود (اضاءات) بصحيفة (آخر لحظة) العدد (2167) الأستاذ/ طه النعمان تحت عنوان: غلاة الإسلام السياسي السوداني يهجمون على مُرسي! جاء فيه ما يلي:
في زاوية «يحدث في الجوار» بصفحة «سياسة» في جريدة «الصحافة» طالعت إفادات لثلاثة من رموز الإسلام السياسي في بلادنا تنعى على الرئيس المصري محمد مرسي وتلومه وتشكك في مدى التزامه بنهج الإسلام بسبب تعيينه «قبطي وامرأة» في منصبي «مساعد الرئيس».. ففهمت على الفور لماذا ينظر الإسلاميون المصريون، و«الإخوان المسلمون» منهم خاصة، بعين الريبة وعدم الارتياح لنهج وفهم الإسلاميين السودانيين لدعوتهم، دعوة الإخوان المسلمين التي انطلقت ابتداءً من مصر وليس من السودان أو أي قطر عربي أو إسلامي آخر، ولماذا أصحاب «الدعوة الأصل» أكثر انفتاحاً وتسامحاً من «المُقلدين» الملتحقين بالدعوة، إذا ما استثنينا «حزب التحرير» ذا المنشأ والتاريخ الخاص المختلف، والذي لا يتفق مع فكر «الإخوان» إلا في مراحل باكرة وجنينية، حيث جمعتهما الدعوة لاستعادة «الخلافة الإسلامية» في زمن حسن البنا، وهي الفكرة التي لم يعد الإخوان يطرقون عليها كثيراً في برامجهم وتبشيرهم، بينما لا تزال قطب الرحى في حركة ودعوة حزب التحرير.. لكن يبقى ما يجمع كل هؤلاء هو الدعوة لقيام «الدولة الإسلامية».
زاوية «يحدث في دول الجوار» استنطقت ثلاثة من رموز العمل الإسلامي في السودان هم الأستاذ إبراهيم عثمان الناطق الرسمي باسم حزب التحرير «ولاية السودان» والشيخ صديق علي البشير أمير جماعة الإخوان المسلمين، فصيل «الإصلاح» بالسودان، والدكتور حسن عووضة كشكش رئيس قسم الثقافة الإسلامية بجامعة النيلين، ما جمع بين الشيوخ الأفاضل الثلاثة هو استنكارهم- من حيث المبدأ- لخطوة الرئيس مرسي بتعيين مساعدين له بينهم قبطي وإمرأة، واعتبار الخطوة عملاً مخالفاً لنهج الشريعة وروح الإسلام.
إبراهيم ابو خليل وصفها بأنها ليست «التزاماً بالشرع بقدر ما هي استجابة لضغوط دولية ومحلية، وإن رأى لا مانع من استشارة غير المسلمين في مسائل تتعلق بهم، وأن وجود غير المسلمين «يمكن أن يكون في مجلس الأمة»- البرلمان- أما «المساعدون» ففي مقام المعاونين لرأس الدولة و«هؤلاء يشترط فيهم الإسلام». وأضاف أبو خليل أن «الدغمسة» التي حدثت في السودان ستحدث في مصر، وأنه في النهاية لا يصح إلا الصحيح «فإما أن ترضى الله إما أن ترضي الله»، والناس لا يرضون أصلاً، لكن لو أرضيت الله سيرضى عنك الناس.
أما الشيخ صديق البشير أمير «الإخوان- الإصلاح»، فقد قال مع حبنا للرجل (مرسي) لكن الحق أحب إلينا، ونرى قرار (مرسي) غير صحيح من ناحية شرعية، لأن هذين (الصِّنفين)- النساء وغير المسلمين- «لاحظ لهم في الولاية العامة». وأنه منذ عهد الرسول وحتى سقوط الخلافة، مع أنه مرت أزمان مختلفة وبيئات مختلفة لم نعهد أن إمرأة أو نصراني قد تولى الولاية العامة، والمرأة لو كان لها حق في هذا لما منعها إياه الرسول صلى الله عليه وسلم.. واستند الشيخ صديق إلى الحديث القائل إنه «لن يفلح قوم ولوا أمرهم إمرأة» وقال إنه حديث صحيح، ولا أدري مدى صحة قول الشيخ بصحته، فقد سمعت مراراً مَنْ ضعَّف الحديث أو نفى عنه صفة العموم والإلزام وأعاده لواقعة معينة، تنزيهاً للإسلام من أن يكون قد قلل من شأن المرأة أو أنزلها منزلة دون الرجل، فآيات قرآنية كثيرة تؤكد أن المرأة والرجل قد خلقا من «نفس واحدة» وتخاطب «الذين آمنوا» من الرجال والنساء دون تفرقة.. وينتهي الشيخ صديق إلى ما انتهى إليه الأستاذ أبو خليل من أن «محاولة استرضاء الناس نهايتها معروفة، والنصوص قد أيأست الناس- خاصة الحكام- من محاولة استرضاء الناس خاصة اليهود والنصارى».
الدكتور حسن كشكش، أستاذ الثقافة الإسلامية، يقرر- من ناحيته- أنه حتى «الاستشارة» من ناحية شرعية يجب أن تكون «للمسلمين فقط»، لأن غير المسلمين لا يألوننا إلا خبالاً.. و«الكافر»- كما قال- لا يؤتمن على أسرار الدولة الإسلامية، واستند إلى واقعة تاريخية تقول إن سيدنا عمر بن الخطاب عاتب أبو موسى الأشعري «لأنه اتخذ كاتباً نصرانياً، وتساءل الشيخ كشكش: هل مصر الآن دولة إسلامية.. وهل الحكومة المصرية حكومة إسلامية؟ وأجاب بقوله: جماعة الإخوان المسلمين في مصر جماعة إسلامية، ومن ناحية نظرية تريد تطبيق الشريعة الإسلامية، لكنهم عملياً لا يستطيعون تطبيق الشريعة الإسلامية وليست لهم مقومات الدولة الإسلامية.
وتعليقاً على إفادات الشيوخ الثلاثة الأفاضل، نبدأ بآخر ما ورد في حديث الشيخ الدكتور كشكش، لأنه يبدو أكثر واقعية من رفيقيه الآخرين، فهو يؤكد أن «الإخوان المصريين» جماعة إسلامية- نظرياً- لكنهم عملياً لا يستطيعون تطبيق الشريعة الإسلامية وليست لهم «مقومات دولة إسلامية»، فهو هنا يقترب من تشخيص الواقع القائم في مصر من حيث التركيبة السكانية، ومن حيث غلبة الرأي العام المطالب «بالدولة المدنية» الرافض «للدولة الدينية» التي عبرت عنها الإفادات الرغائبية للإسلاميين الثلاثة التي استفتتهم الصحيفة في تعيين مرسي للنساء والأقباط.. والمتابع للحراك السياسي المصري عن قرب- كما هو حالنا- لا يحتاج لكبير جهد ليدرك أن «الإخوان» المصريين يبذلون جهداً كبيراً ومضاعفاً ويومياً لكي ينفوا عن أنفسهم «تهمة» محاولة الاستحواذ على الدولة المصرية والانفراد بالقرار فيها، وما يسميه معارضوهم «أخونة الدولة»-أي جعلها دولة إخوانية خالصة..
فبينما هم يبذلون كل هذا الجهد لتبرئة أنفسهم من اتهام «الأخونة» أو الرغبة في تأسيس «دولة دينية»، يرون أنها ليست أصلاً في الإسلام، وهم «الجماعة الأصل» التي تفرعت عنها كل جماعات الإسلام السياسي في مصر والعالم العربي والإسلامي، يخرج علينا من أخذوا عنهم أصل الفكرة والدعوة ليزاودوا على رئيسهم مرسي عضو مكتب الإرشاد، ورئيس حزب الحرية والعدالة بأنه «أخطأ النهج الإسلامي» لأنه عين قبطياً وإمرأة مساعدَيْن له، ويطالبونه بأن يضع القبطي والمرأة في مقام أدنى، لا يرقى أبداً لتولي «الولاية العامة» باعتبارها حكراً على الرجال والمسملين دون سواهم، ويرون في ذلك «دغمسة» كالتي حدثت في السودان، والتي يجب الاعتبار بها على قول أحدهم، ولا نرى في واقع حياتنا أين هذه «الدغمسة» التي تتيح لأبناء السودان المشاركة جميعهم في الحكم وصناعة القرار سواء بسواء مع الإسلاميين.. ويرى هؤلاء أيضاً أن مرسي ارتكب خطيئة إن لم تكن «كبيرة» بمحاولته «إرضاء الناس»، وإرضاء الناس في ظن الأستاذ أبو خليل معارض ومناقض لرضاء الله، وهو فهم غريب حتى على الثقافة الإسلامية العامة التي يعرفها الجميع، والتي ترى في الخلق «عيال الله».
لكن ما هو أهم من ذلك كله، هو أن مثل هذه المزايدات والاتهامات التي ألحقها الشيوخ الأفاضل بخطوة الرئيس مرسي تجيء بمثابة تأكيد عملي لاتهامات القائلين بإن جماعات الإسلام السياسي هي جماعات إقصائية ومتطرفة وتريد إقامة «دولة دينية» تجعل من المواطنين غير المسلمين مواطنين من الدرجة الثانية، إن لم تكن الثالثة، وهم بذلك يقدمون حججاً جاهزة وطازجة لمعارضيهم، فمزايداتهم تشكل خصماً وليست إضافة للدعوة الإسلامية، والله أعلم]انتهى
فقام أبو خليل بالرد عليه أوردته الصحيفة تحت عنوان: من حزب التحرير.. وإليه
[الأخ الكريم/ رئيس تحرير صحيفة آخر لحظة- حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الموضوع: رداً على صاحب إضاءات..
طالعنا بصحيفتكم (آخر لحظة) العدد (2167) مقالة للأستاذ/ طه النعمان؛ صاحب إضاءات تحت عنوان: (غلاة الإسلام السياسي السوداني يهجمون على مُرسي!) انتقد من خلالها ما أوردناه من حكم شرعي في تولي غير المسلم للحكم، وكذلك المرأة.. ورداً عليه مستعينين بالله العليم الخبير نقول:
أولاً: عندما انتقد الكاتب ما أوردناه من رأي شرعي بصحيفة الصحافة، لم يستند في نقده على رأي الشرع، ولم يأتِ بدليل من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، بل حتى لم يأتِ برأي مرجوح ليرد به على ما قلناه. وحتى نكون منصفين فإنه قال عن حديث «لن يفلح قوم ولوا أمرهم إمرأة»، قال: (فقد سمعت مراراً عن ضعف الحديث، أو نفي عنه صفة العموم والالزام..) ولم يقل لنا الكاتب (سامحه الله) من الذي ضعف الحديث، وهو يدافع دفاع المستميت عن قضية غير متيقن من صحتها.. ورغم ذلك يبني كل مقالته على أساسها، ونقول له كما قال جل شأنه: «وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً».
ثانياً: إن الحديث الذي يمنع تولي المرأة للحكم حديث صحيح، أورده البخاري في صحيحه، والإمام أحمد في مسنده، والنسائي والترمذي وغيرهم من رواة الحديث، ولم يقل أحد من علماء الحديث إن الحديث ضعيف أو فيه قول، ولفظ الحديث في صحيح البخاري: «لن يفلح قوم ولوا أمرهم إمرأة». ثم من قال إن منع المرأة من تولي الحكم فيه انتقاص لحقوقها، فإذا كان الإسلام قد جعل إمامة الصلاة للرجل ولم يجعل ذلك للمرأة، وجعل صفوف النساء في الصلاة خلف صفوف الرجال، أفتقدم المرأة على الرجال فيما هو أعظم أثراً وأثقل مسؤولية؟! ثم إن تاريخ الإسلام منذ بعثته صلى الله عليه وسلم وإلى أن اسقطت دولة الخلافة، وفيها القرون التي هي خير القرون، لم تكن المرأة حاكماً ولم تناد بالمساواة مع الرجل، وإنما جاءنا ذلك من الثقافة الغربية التي تقصي الدين عن الحياة وبالتالي عن السياسة.
ثالثاً: أما غير المسلمين فمن الطبيعي أن لا يكون حاكماً قال تعالى: «ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً»، لأن الحاكم في الإسلام منفذ لشرع الله في الأرض، فهل يُطلب ممن لا يؤمن بهذا الشرع أن يطبقه، أم يريد الكاتب أن نترك الإسلام ونحكم بأنظمة الكفر الديمقراطية كما هو الحال اليوم، وهذا واضح من تلميحه عندما يتحدث عن الدولة الدينية، حينما يؤكد على اتهامات من يقولون بإن جماعات الإسلام السياسي هي جماعات إقصائية ومتطرفة وتريد إقامة دولة دينية.
أريد من الأخ الكاتب جواباً صريحاً وواضحاً لا لبس فيه، أتريد أن يُحكم الناس بالإسلام أم بغيره؟! والله سبحانه وتعالى يقول: «وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ» ويقول سبحانه: «أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ».
رابعاً: انتقد الكاتب قولنا إن إرضاء الله أولى من إرضاء الناس، وقال كلاماً عجيباً في معرض نقده لكلامنا، إذ يقول.. وهو فهم غريب حتى على الثقافة الإسلاميةالعامة التي يعرفها الجميع، والتي ترى في الخلق (عيال الله). سبحان الله! ما علاقة إرضاء الناس بالخلق عيال الله! نقول للكاتب ما قلناه هو حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم الذي يقول: «من التمس رضى الله بسخط الناس رضى الله عنه، وأرضى الناس عنه، ومن التمس رضا الناس بسخط الله سخط الله عليه، وأسخط عليه الناس». فإن كان قولنا غريباً فهو حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم نقل شيئاً من عندنا، حاشا لله، وقد صدق الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم إذ يقول: «بدأ الإسلام غريباً ثم يعود غريباً كما بدأ فطوبى للغرباء..».
خامساً: نقول إن الله وعد ووعده الحق: «وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ» وبشر الرسول صلى الله عليه وسلم بعودة الإسلام في دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة بعد الحكم الجبري الذي نعيش آخر أيامه إن شاء الله، إذ يقول المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام: «.... ثم تكون ملكاً جبرية فتكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ثم تكون خلافة على منهاج النبوة ثم سكت».
والسلام عليكم ورحمة الله..
إبراهيم عثمان (أبو خليل)
الناطق الرسمي لحزب التحرير في ولاية السودان
من المحرر
أولاً: شكراً للأخ أبو خليل ولرفاقه في حزب التحرير للمتابعة الحثيثة لكل ما يكتب في هذه الزاوية، وللجدية واهتمامهم بالرد، فقد لاحظت دأب الأستاذ أبو خليل وحزبه على مدى سنوات في هذا الصدد، وهذا في حد ذاته يستحق الاحترام.
ثانياً: أود أن ألفت نظر الأخ أبو خليل إلى أن «الإضاءة» محل رده لم يكن موضوعها قضية جدل فكري وفقهي حول كيف يكون الحكم في «دولة الإسلام» وإذا ما كان من حق غير المسلمين- الأقباط هنا- أو النساء في تولي الولاية العامة، وإنما كان احتجاجكم على قرار الرئيس مرسي بتعيين مساعدين له من الأقباط والنساء، إعمالاً للمساواة بين طوائف الأمة المصرية وقطاعاتها المختلفة بما فيها المرأة وترسيخاً للوحدة الوطنية، ونفياً في الوقت ذاته للاتهامات القائلة بإن جماعة الإخوان المسلمين تنوي الاستئثار بالسلطة وإبعاد الآخرين.
الرئيس مرسي لم يقل في أي لحظة من مراحل حملته الانتخابية إنه يزمع إقامة دولة دينية أو إسلامية، وإنما كان تبشيره المتكرر عبر كل مراحل تلك الحملة ولقاءاته العامة والصحفية إنهم في حزب العدالة والحرية يريدون «إقامة دولة مدنية ديمقراطية حديثة»، فحديثكم- الثلاثة الذين تناولتهم الإضاءة- في غير محله وينطلق من افتراض لا أساس له، لم يقل به الرجل ولم يدعُ إليه، ما يعني أن الجماعة والحزب في مصر يقدرون ظروف المرحلة ويعملون من الحكمة ما يجعلهم ينشدون المواءمة بين «الأصل والعصر» وليس «مجرد إرضاء الناس» كما خيل لكم في قراءتكم للنصوص التي لا تستصحب المستجدات ولا تحمل الاجتهاد.
أما سؤال الأستاذ أبو خليل عن أنه يريد «جواباً صريحاً عما إذا كنت أريد أن يحكم الناس بالإسلام أو بغيره» وسؤاله الآخر المرادف عن «هل يريد الكاتب أن نترك الإسلام ونحكم بأنظمة (الكفر) الديمقراطية كما هو الحال اليوم»، فهي أسئلة تذكر بـ«محاكم التفتيش» في القرون الوسطى إبان تسلط الكهنوت الكنسي على عقول الأوربيين.. ففي الإسلام وسع وحرية وحث متواتر على استخدام العقل، وقد يكون السؤال الأوفق هو كيف نفهم الإسلام وأي اسلام نريد؟ فالأمة قد تفرقت شيعاً وأحزابا، كما يعلم الأخ أبو خليل، منذ «الفتنة الكبرى» في عهد الصحابة الكرام، وتقلبت فيها دول لبست كثير منها «عمامة الخلافة» وسالت دماء كثيرة بين الفِرق، وكان كله صراع حول «السلطة» وليس حول «الدين»، وأبسط دليل على ذلك، يجده الأستاذ أبو خليل بين يديه وحوله في عدد الأحزاب التي ترفع شعارات الإسلام في بلادنا، كم هي؟ وعلى ماذا هم مختلفون؟.. أليس ما يفرقهم هو فهم للإسلام، وكيف يكون الإسلام، بما في ذلك حزبه ذاته الذي اسمه «حزب التحرير الإسلامي»، فهل وجد مثل هذا الاسم «التحرير» في عهد الرسول أو الصحابة، أم إنه اختيار لمؤسس الحزب والجماعة التي كانت حولهُ. ومع ذلك فإيحاء الاسم- «التحرير»- يجعل المرء يتوقع وسعاً وحرية أكبر في إعمال العقل مع النصوص، وليس قراءة جامدة «متخشبة» كما رأينا في رد الأستاذ أبو خليل.
ومع ذلك نعدُ الأستاذ أبو خليل بتعقيب فقهي حول النصوص التي استند إليها «لألقامنا حجراً» يكتبه شيخ ضليع في علوم الدين يسند ما ذهبنا إليه، ويوضح له ما غمض عليه، عملاً بآية «اسألوا أهل الذكرإن كنتم لا تعلمون»]انتهى