التدرج
- نشر في ثقافية
- قيم الموضوع
- قراءة: 426 مرات
نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إن أحق ما أخذتم عليه أجرا
روى البخاري في صحيحه :
حَدَّثَنِي سِيدَانُ بْنُ مُضَارِبٍ أَبُو مُحَمَّدٍ الْبَاهِلِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو مَعْشَرٍ الْبَصْرِيُّ هُوَ صَدُوقٌ يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ الْبَرَّاءُ قَالَ حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْأَخْنَسِ أَبُو مَالِكٍ عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرُّوا بِمَاءٍ فِيهِمْ لَدِيغٌ أَوْ سَلِيمٌ فَعَرَضَ لَهُمْ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْمَاءِ فَقَالَ هَلْ فِيكُمْ مِنْ رَاقٍ إِنَّ فِي الْمَاءِ رَجُلًا لَدِيغًا أَوْ سَلِيمًا فَانْطَلَقَ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَقَرَأَ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ عَلَى شَاءٍ فَبَرَأَ فَجَاءَ بِالشَّاءِ إِلَى أَصْحَابِهِ فَكَرِهُوا ذَلِكَ وَقَالُوا أَخَذْتَ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ أَجْرًا حَتَّى قَدِمُوا الْمَدِينَةَ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخَذَ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ أَجْرًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إِنَّ أَحَقَّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا كِتَابُ اللَّهِ "
(1) رقاه : عَوَّذه
(2) الشاء : جمع شاة وهي الواحدة من الضأن أو الماعز
(3) بَرَأَ أو بَرِئ : شفي من المرض
الإخوة الكرام :
هذا الحديث يبين أن إباحة الإجارة تشمل الإجارة على العبادات ...فهذا الرجل قد رقى مريضاً بالقرآن (الفاتحة) وأخذ أجرة على فعله فلم ينهه الرسول عن ذلك بل أخبر بأن الإجارة على قراءة القرآن شيء مستحب ....والإجارة على الكتاب لا تكون فقط بالرقية بل بالتعليم أيضاً فمن عمل في تعليم القرآن كان أجره حلالا زلالا بإذن الله ...ولقد عين عمر معلمين للقرأن ورزقهم من بيت المال وفي هذا دليل آخر على إباحة الإجارة على العبادات ...كما فيه دلالة على أن المنافع العامة أيضاً هي مما يجوز الإجارة عليها ....فتعليم القرآن هي مصلحة عامة للمسلمين عين لها الخليفة عمر مدرسين وعين لهم أجرا من بيت المال.
ورد في مصنف ابن أبي شيبة :
حدثنا أبو بكر قال حدثنا وكيع عن صدقة بن موسى الدمشقي عن الوضين بن عطاء قال : كان بالمدينة ثلاثة معلمين يعلمون الصبيان، فكان عمر بن الخطاب يرزق كل واحد منهم خمسة عشر كل شهر.
....كما أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد جعل فداء من لا يملك مالا من أسرى بدر تعليم عشرة من أبناء المسلمين القراءة والكتابة ....والتعليم هو من مصالح المسلمين والرسول قد أعطى من قام بهذه المصلحة من الأسرى أجرة على عمله .....وهي التحرر من الأسر ....ومن المعلوم أن فداء الأسرى هو من الغنائم التي هي حق للمسلمين فكان جعلها أجرة لمعلمي الأطفال يدل على أنه يجوز الإجارة على المصالح والمنافع العامة. ومن المنافع العامة التي تستحق استئجار الأجراء لتوفيرها التطبيب ...ولقد جعل رسول الله طبيباً لمعالجة مرضى المسلمين وهكذا .
ومصالح الناس في المجتمع كثيرة منها توفير الكهرباء والماء وطرق المواصلات ووسائل المواصلات والاتصالات والمدارس والمستشفيات ونظافة الأماكن العامة والمؤسسات وحماية الأملاك والأموال وغيرها الكثير وكلها يجوز بل يجب استئجار من يقوم عليها لأنها مصالح للناس لا تستقيم حياتهم بدونها فكان واجبا على الدولة توفير هذه المصالح وتسييرها والقيام عليها لتيسير الحياة على الناس, فما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
هكذا علمنا الإسلام ورسول الإسلام وإنه وإن لم يكن هذا الاهتمام بالمصالح العامة ملحوظاً في أيامنا فليس ذلك لأن هذا ليس من وظيفة الدولة، بل لأن دولة الإسلام غائبة ومنهجه معطل. أما حين كان للإسلام دولة تضع أحكامه موضع التطبيق فقد قرأنا لعمر بن الخطاب الخليفة الراشد قولة نقشت على جدار الدهر بحروف لم ولن تمحى أبدا ....إنها قولته الشهيرة : لو عثرت ناقة في أرض العراق لخفت أن يسألني الله لِمَ لَمْ اُسوِّ لها الطريق ....ناقة أيها الإخوة وليس إنسانا ويخاف خليفة المسلمين أن يحاسبه الله إن قصر في رعايتها...ولكم أن تتصوروا بعدها كيف كان اهتمام الخلفاء بالإنسان .....
أما يحرك مثل هذا القول شوقنا لرعاية خليفة يخشى الله فينا يرعى مصالحنا ويعين الموظفين الأكفاء لتسييرها وتيسيرها ولا منة ولا فضل.... بل خوفا من غضب الله وطمعا في رضوانه.
وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
يا شامُ مَوْعِدُنا الخِلافَةُ قدْ دَنا = فَتزيَّني كَيْ تَلبَسيْ ثوْبَ الهنَا
بُشراكِ يا عُقرَ الخِلافَةِ فَاسْمَعِيْ = مَا قَالَ عَنْكِ رَسُولُنا وَنبيُّنا
يا شامُ يا أرضَ الأمانِ إذا فُتنْــ = ـنَـا في الحياةِ وضلَّ عنَّا رُشدُنا
يا عُقْرَ دَارِ الْمُؤمِنِيْنِ وَمَنْبَتًا = لِلْقَائِمِيْنَ عَلىْ عَقيدةِ دِينِنَا
طوبىْ لِمَنْ سَكنَ الشآمَ يَحُفُّها = ظلُّ الملائِكِ ، فيِ كَفَالَةِ رَبِّنَا
يا شامُ يَحفَظُكِ العَزيزُ بِعَيْنِهِ = يَا صَفْوةَ اللهِ التي ثَبَتَتْ هُنَا
أرضُ الرِّبَاطِ رَوَىْ ثَرَاكِ دَمٌ جَرَىْ = مِنْ خَيْرِ خَلْقِ اللهِ صَحْبِ رَسُوْلِنَا
يا شامُ أنتِ العزُّ ، أنتِ المجدُ ، أنـ = ـتِ الفخرُ ، أنتِ الدارُ تجمعُ شَمْلَنا
قوميْ اصرُخيْ فيْ وجهِ منْ ظلمُوا ومنْ = فَسَقوا وَعَاثوا وَاستَباحُوا عِرضَنَا
قوميْ اقْطعيْ أعْناقَ منْ قتَلوا ومَنْ = فتَنَوا وَمَنْ فيْ الليلِ رَوَّعَ أمْنَنَا
قوميْ اْخلعِيْ ثوبَ الهوانِ فإنَّ شعْـ = ـبَكِ يَا دِمشقُ لغيرِ ربِّكِ ما انْحَنَى
قوميْ اْنبِذِيْ عَنْكِ النَّجَاسَةَ والدَنَا = سَةَ ، طهِّريْ بِالدَّمِّ تالدَ مَجْدِنَا
قُوميْ الْعَنيْهِمْ والْعَنِيْ أشيَاعَهُمْ = لا تَتْرُكِيْ كَلبًا يُدنِّسُ أَرْضَنَا
يا شامُ هَذا البَعْثُ حِزْبُ جَرَائِمٍ = مُذْ جَاءَ يَهْدِمُ بِالْمَعَاوِلِ صَرْحَنَا
يَسْتَهْدِفُ الأَحْيَاءَ يَقذِفُ حِقْدَهُ = بِمَدَافِعٍ وَقَنَابِلٍ فَتَكَتْ بِنَا
بشَّارُ ألَّبَ جَيْشَهُ مُتَوَحِشًا = فعلَ المغولِ يُحَرِّقُوْنَ بُيُوْتَنَا
بشَّارُ هَذا الوَغْدُ حَضَّ كِلَابَهُ = وَجِراءَهُ حَتَّىْ تُمَزِّقَ لَحْمَنا
مِثْلَ الذِئابِ جُنُودُهُمْ وَحُشُودُهُمْ = شَبِّيْحَةٌ لا يَنْتَمُونَ لِجِنْسِنَا
أَنْصَارُهُ دُوَلُ النَّصارىْ وَاليَهُوْ = دُ تآمَرُوا حَتَّىْ تَفَرَّقَ جَمْعُنَا
رَبَّاهُ إنَّ الرُّوْمَ قَدْ فَتَكوْا بِنَا = وَالفُرْسُ تَرْدُفُهُمْ وَتُهْلِكَ حَرْثَنَا
حَتَّىْ الذِيْنَ نَظُنُهُمْ إخْوَانَنَا = وَلَّوْا لَنَا أدْبَارَهُمْ وَوَشَوْا بِنَا
لَمْ يَبْقَ إلا أنْتَ نَلجَأ عِنْدَهُ = لَبَّيْكَ يَا أللهُ غَيْرُكَ مَا لَنَا
هيَ ثَوْرَةٌ للهِ ، يَعلوْ صَوْتُهَا = لَبَّيْكَ يا أللهُ جِئْنَا كُلُّنَا
جِئْنَا مَلايينٌ لِنَفْدِيْ دِيْنَنَا = وَلِجَنَّةِ الفِرْدَوْسِ تَاقَتْ رُوْحُنَا
لَبَّيْكَ يَا أللهُ إنَّ حَيَاتَنَا = هَانَتْ لِنُرْجَعَ مِنْ جَدِيْدٍ عِزَّنَا
لَبَّيْكَ يَا أللهُ ، إنَّ نُحُوْرَنا = رَهْنُ اْنْتِصَارِ الحَقِّ فَاقْبَلْ رَهْنَنَا
لَبَّيْكَ مَا خُنَّا وَلا عَنْ حَقِّنَا = يَوْمًا سَنَرْجِعُ أوْ نُلاقِيْ حَتْفَنَا
إمَّا الشهَادَةَ صَادِقِيْنَ نَنَالُها = أَوْ نَنْتَصِرْ ، حَقٌّ عَلَيْهِ يَقِيْنُنَا
--*-/--*-/--*-
يَا أُمَّةَ الإِسْلامِ هَلْ هَانَتْ جِرَا = حُ الشَّامِ إذْ نَزَفَتْ ، أَلَيْسَتْ جُرْحَنَا؟!
يَا أُمَّةَ الإِسْلامِ هَلْ هَانَتْ نِسَا = ءُ الشَّامِ يَغْصِبْهُنَّ وَغْدٌ بَيْنَنَا؟!
يَا أُمَّةَ الإِسْلامِ هَلْ هَانَتْ نِدَا = ءَاتُ الثَّكَالَىْ يَسْتَغِثْنَ بِجُنْدِنَا؟!
يَا أُمَّةَ الإِسْلامِ هلْ يُرْضِيْكِ هَـ = ـذَا الصَّمْتُ أَطْبَقَ مِثْلَ صَمْتِ قُبُوْرِنَا
يَا أَيُّهَا الأَحْرَارُ هَلْ يُرْضِيْكُمُ = هَذا السَّفِيْهُ يَقُوْدُنَا وَيَسُوْدُنَا؟!
يَا أَيُّهَا الأَحْرَارُ هَلْ مِنْ نَخْوَةٍ = تَسْرِيْ بِكُمْ تَحْمِيْ بَقَيَّةَ أَرْضِنَا!
يَا أَيُّهَا الأَحْرَارُ هَلْ مِنْ مُخْلِصٍ = مِنْكُمْ رَشِيْدٍ يَنْتَصِرْ لِشُيُوْخِنَا
يَا أَيُّهَا الأَحْرَارُ هَلْ فِيكُمْ غَيُوْ = رٌ يَنْتَفِضْ حَتَّىْ يُحَرِّرَ شَاْمَنَا!
يَا أَيُّهَا الأَحْرَارُ أيْنَ وَلاؤكُمْ؟! = للهِ أمْ لِلبَعْثِ صِنْوِ عَدُوِّنَا!
يَا أَيُّهَا الأَحْرَارُ هُبُّوْا وَاجْمَعُوْا = رَايَاتِكُمْ تَحْتَ اللِّوَاءِ يَقُوْدُنَا
أللهُ أكبَرُ يَوْمَ صاحَ رِجَالُنَا = بَشَّارُ وَيلَكَ إنَّ حَتْفَكَ هَهُنَا
يَا شَامُ لَنْ نَركَعْ لِغَيْرِ اللهِ مَهْـ = ـمَا دَمَّرُوْا أوْ قَتَّلُوْا مِنْ أهْلِنَا
يَا شَامُ عَهْدَ اللهِ لَنْ نَخْضَعْ وَلا = نَرْضَىْ الهَوانَ وَلا نُهَادِنُ مَنْ جَنَىْ
يَا شامُ لَوْ دَكُّوْا بُيُوتَكِ فَاثْبُتِي = إنَّ الِحجَارَةَ مِنْ قَوَاعِدِ صَبْرِنَا
هَذيْ الدِّمَاءُ زكِيَّةٌ مِهْرَاقَةٌ = فِيْ الحَقِّ لَنْ تُهْدَرْ ، وَحَسْبُكِ رَبُّنَا
يَا شَامُ لَوْ طَالَ الحِصَارُ وَشَدَّدُوْا = طَوْقَ الخِنَاقِ فَإنَّ نَصْرَكِ قَدْ دَنَا
رُغْمَ الأُنُوْفِ ، نَرَاهُ يُشْرِقُ سَاطِعًا = يُحْيِيْ النُّفُوْسَ وَفِيْهِ دِفْءُ قُلُوْبِنَا
وَبَشَائِرُ الفَجْرِ الْمُضِيءِ أُحِسُّهَا = تَسْرِيْ بِأَرْوِقَةِ الشَّآمِ تَحُفُّنَا
يَا شامُ ثَوْرَتُكِ العَظِيْمَةُ قُدْوَةٌ = لِرَبِيْعِ أُمَّتِنَا التِيْ ثَارَتْ هُنَا
يا شامُ أنتِ النُّورُ، أنْتِ النَّارُ ، أنْـ = ـتِ البِشْرُ ، أنْتِ الفَجْرُ أسْفَرَ مُعْلِنَا
يَا قَومُ إنَّ اللهَ أنْجَزَ وَعْدَهُ = لِنَبِيِّهِ ، فَتْحًا أَتَىْ بَعْدَ الضَّنَا
كُوْنِيْ القِيَادَةَ وَالرِّيَادَةَ إِنَّنَا = نَسْتَشْرِفُ العَوْدَ الحَميْدَ لِشَرْعِنَا
أَطْفَالُنَا قَبَرُوْا الهَوَانَ وَقَدَّمُوْا = صُوَرَ الفِدَاءِ فَألَّفُوْا مَا بَيْنَنَا
وَشَبَابُنَا خَطُّوْا البُطُوْلَةَ مِنْ كَلا = مِ اللهِ يَبْعَثُ فِيْ الجَوَانِحِ مَأْمَنَا
وَنِسَاؤنَا يَغْزِلْنَ ألوانَ الكَرَا = مَةِ وَالشَّهَامَةِ مِنْ شَذَىْ تَارِيْخِنَا
وَتَعَاهَدُوْا أنْ لَنْ يَعُوْدُوْا للوَرَا = حَتَّىْ يَقُوْمَ العَدْلُ فَوْقَ رُبُوْعِنَا
--*-/--*-/--*-
هَذِيْ بَشَائِرُ عِزِّنَا كُتِبَتْ عَلىْ = جُدْرَانِ دِرْعَا ، سَوْفَ تَبْعَثُ فَجرَنَا
هَذِيْ بَشَائِرُ قُوَّةٍ ظَهَرَتْ عَلىْ = أَبْوابِ حِمْصٍ، سَوْفَ تُحْيِيْ شَعْبَنَا
هَذِيْ بَشَائِرُ نُصْرَةٍ حُمِلَتْ عَلىْ = أَكْتَافِ أَحْرَارِ الأشَاوِسِ جَيْشِنَا
هَذِيْ بِشَارَةُ أَحْمَدٍ نُنْهِيْ بِهَا = حُكْمَ الجَبَابِرَةِ الطُّغَاةِ يَسُوْدُنَا
ونُمَزِّقُ اللَّيلَ البَهيمَ بِنُورِهِ = ونُزيلُ أقَذَارَ العَمَالَةِ وَالْخَنَا
أشْلاءَ بَشَّارٍ وَنَبْحَ كِلابِهِ = لِنُطَهرَ الدُّنْيَا وَنُسِمِعَ صَوْتَنَا
وَنَرُدَّ لِلشَعْبِ الكَرِيْمِ وَقَارَهُ = وَنُقِيْمَ عَدْلاً فِي الْمَدَائِنِ حَوْلَنَا
وَنُعِيْدَ أمْجَادًا وَنَرفَعَ رَايَةً = نَزْدَادُ فَخْرًا مِنْ مَنَابِعِ عِزِّنَا
وَتُوَحِّدُ الأَمَصَارَ دَوْلَةُ رَاشِدٍ = وَخَلِيْفَةٌ كُفْءٌ يُرَصِّصُ صَفَّنَا
إنَّا عَزَمْنَا أَنْ نُجَدِّدَ عَهْدَنَا = بِخِلافَةٍ تُنْهِيْ مُصِيْبَةَ قَوْمِنَا
وَنُعَمِّرَ الدُّنْيَا وَنَنْشُرَ فَوْقَهَا = رَايَاتِنَا سُوْدًا وَنَجْمَعَ شَمْلَنَا
وَتُرَفْرِفُ الرَّايَاتُ تُعْلِيْ دِيْنَنَا = وَنُقِيْمَ عَدْلاً مِنْ عَطَائِكَ رَبَّنَا
هِيَ ثَوْرَةٌ للهِ ، إنَّ اللهَ بَا = لِغُ أمْرِه ، وَاللهُ كَانَ نَصِيْرَنَا
--*-/--*-/--*-
رَبَّاهُ إنَّ صُدُوْرَنَا مَفْتُوْحَةٌ = وَظُهُوْرَنَا مَكْشُوْفَةٌ فَتَوَلَنَا
يَا رَبِّ إنَّ شُيُوْخَنَا هَانُوْا عَلىْ = أَعَدَائِنَا فَارْحَمْ إِلَهيْ ضَعْفَنَا
يَا رَبِّ إنَّ نِسَاءَنَا اْسْتُضْعِفْنَ مِنْ = وَغْدٍ لَئِيْمِ الطَّبْعِ هَتَّكَ عِرْضَنَا
يَا رَبِّ أنْتَ قَصَمْتَ كُلَّ مُكَابِرٍ = فَاقْصِمْ بِعِزِّكَ وَاقْتَلِعْ فِرْعَوْنَنَا
يَا رَبِّ لَمْ يُعْجِزْكَ طَاغُوْتٌ وَلا = النَّمْرُوْدُ ، لَنْ يُعْجِزْكَ مِسْخَةُ قِرْدِنَا
فَامْلأْ إِلهِيْ بَيْتَهُ نَارًا وَلا = تُبْقِيْ لَهُ أَثَرًا يُنَكِّدُ عَيْشَنَا
وَاجْعَلْهُ رَبِّيْ عِبْرَةً لِمَنْ اقْتَدَىْ = بِفُجُوْرِهِ مِمَّنْ تَوَلَّوْا أَمْرَنَا
يَا رَبِّ مَنْ إلَّاكَ يَنْصُرُ أمَّةً = قَامَتْ لِتَرْفَعَ فِيْ السَّمَاءِ عُقَابَنَا
يَا رَبِّ نَصْرَكَ مَا لَنَا إِلَّاكَ يَا = رَبَّ العِبَادِ وَمَنْ سِوَاكَ يُقِيْلُنَا
يَا رَبِّ إنَّ جِبَاهَنَا خَضَعَتْ لِوَجْـ = ـهِكَ يَا كَريمُ فَمَنْ سِوَاكَ يُعِزُّنَا
رَبِّاهُ جِئْنَا حَامِلِيْنَ ذُنُوْبَنَا = فَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْ فَأَنْتَ وَلِيُّنَا
--*-/**-*-/--*-
سَيْفُ الحَقِّ أبُو فِرَاس
أيها المؤمنون:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:
نتابع معكم أيها الكرام الحديث حول الإيمان بالملائكة. فنقول وبالله التوفيق:
لم يطلع الله عز وجل الناس على شيء من غيبه إلا وكان فيه نعمة عظيمة وفائدة كبيرة لهم، ومن فضل الله علينا أن عرفنا بهذه المخلوقات الكريمة. وجعل الإيمان بها من الإيمان بالغيب الذي يعد أول صفة للمتقين. قال تعالى: ( الم * ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين * الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون ). (البقرة1-3) وللإيمان بالملائكة ثمرات عظيمة، منها:
أولا: عدم الوقوع في الخرافات: فعندما أطلعنا الله عز وجل على أمر هذه المخلوقات المؤمنة وأفعالها، فإنه بذلك قد حفظنا وجنبنا الوقوع في الخرافات والأوهام التي يقع فيها من لا يؤمنون بالله، وهذه نعمة كبيرة تستحق الحمد الدائم للمولى سبحانه على عنايته بعباده.
ثانيا: الاستقامة وتقوى الله: فإن من يستشعر وجود الملائكة معه وعدم مفارقتها له، ويؤمن برقابتهم لأعماله وأقواله، وشهادتهم على كل ما يصدر عنه ليستحيي من الله ومن جنوده، فلا يخالفه في أمر, ولا يعصيه في العلانية أو في السر، فكيف يعصى الله من علم أن كل شيء محسوب ومكتوب؟ ولله در الشاعر أبي العتاهية حيث يقول:
إذا ما خلوت الدهر يوما فلا تقل: خلـوت ولكـن قل: علي رقيب
ولا تحسبن الله يغفــل ساعة ولا أن مــا يخفـى عليه يغيب
لهونا لعمر الله حتى تتابعت ذنوب على آثارهـن ذنوب
فيا ليـت أن الله يغفـر ما مضى ويأذن في توباتنا فنـتــــوب
إذا ما مضى القرن الذي كنت فيهم وخلفــت في قرن فأنــت غريب
وإن امرءا قد ســار خمسين حجـة إلى منهــل من ورده لقريـب
نسيبـك من ناجـاك بالود قلبه وليس لمن تحـت التراب نسيب
فأحسن جزاء ما اجتهدت فإنما بقرضك تجزى والقروض ضروب
ثالثا: الطمأنينة: فالمسلم مطمئن إلى حماية الله له، فقد جعل الله عليه حافظا من الملائكة الحفظة يحفظونه من الجن والشياطين ومن كل شر: (له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر اللـه ). (الرعد11)
رابعا: حب الله عز وجل: فالمسلم عندما يؤمن بالملائكة وأعمالهم ويرى كيف أن الله عز وجل وكل ملائكة بالسماء، وملائكة بالأرض، وملائكة بالجبال، وملائكة بالسحاب, وملائكة بالبحار وغيرها, وكل ذلك من أجل الإنسان وراحته؛ فتزداد محبة الله في قلبه, ويعمل على طاعته, ويتوجه إليه بالحمد والثناء.
خامسا: الصبر عل طاعة الله: ومن ثمرات الإيمان بالملائكة الصبر، ومواصلة الجهاد في سبيل الله، وعدم اليأس, والشعور بالأنس والطمأنينة، فحينما يدعو المؤمن إلى الله ويجد من أهله وقومه الصد والاستهزاء فإنه يجد من ملائكة الرحمن أنيسا ورفيقا يصحبه ويطمئنه ويشجعه على مواصلة السير في طريق الهدى؛ لأن جنود الله معه، يعبدون الله كما يعبد المؤمن ربه، ويتجهون إلى خالق السماوات والأرض كما يتجه؛ فيشعر بأنه لا يسير وحده إلى الله بل يسير مع موكب إيماني من مخلوقات الله تعالى.
سادسا: العلم بعظمة الله وقوته وسلطانه: ما أضعف الإنسان حين يصر على معصية الله، وهو يعرف أن البيت المعمور في السماء يصلي فيه كل يوم سبعون ألف ملك، وأن ملكا واحدا كان يستطيع بقدرة الله أن يطبق جبلي مكة على من فيها من المشركين. قال تعالى: (وخلق الإنسان ضعيفا) (النساء28) ولكن المؤمن يعلم عظمة الله, ويقدره حق قدره فلا يعبد غيره، ولا يطيع سواه.
روى البخاري في صحيحه عن عروة أن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم حدثته أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم : هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أحد؟ قال: "لقد لقيت من قومك ما لقيت وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة إذ عرضت نفسي على ابن عبد ياليل بن عبد كلال فلم يجبني إلى ما أردت فانطلقت وأنا مهموم على وجهي فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابة قد أظلتني فنظرت فإذا فيها جبريل فناداني فقال: إن الله قد سمع قول قومك لك وما ردوا عليك, وقد بعث إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم فناداني ملك الجبال فسلم علي ثم قال: يا محمد فقال ذلك فيما شئت إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئا".
أيها المؤمنون:
نكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة, موعدنا معكم في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى, فإلى ذلك الحين وإلى أن نلقاكم ودائما, نترككم في عناية الله وحفظه وأمنه, سائلين المولى تبارك وتعالى أن يعزنا بالإسلام, وأن يعز الإسلام بنا, وأن يكرمنا بنصره, وأن يقر أعيننا بقيام دولة الخلافة في القريب العاجل, وأن يجعلنا من جنودها وشهودها وشهدائها, إنه ولي ذلك والقادر عليه.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على إمام المتقين, وسيد المرسلين, المبعوث رحمة للعالمين, سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين, واجعلنا معهم, واحشرنا في زمرتهم برحمتك يا أرحم الراحمين.
أيها المسلمون:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد: في هذه الحلقة نواصل تأملاتنا في كتاب: "من مقومات النفسية الإسلامية". ومن أجل بناء الشخصية الإسلامية, مع العناية بالعقلية الإسلامية والنفسية الإسلامية, نقول وبالله التوفيق: عنوان حلقتنا لهذا اليوم هو: " كيف يفكر الناجح؟ وكيف يفكر الفاشل؟".
في الحلقة السابقة قدمت لكم سبعة فروق تميز تفكير الناجح عن تفكير الفاشل، وإليكم الآن سبعة فروق أخرى, وأدعوكم إلى التأمل فيها بعمق، ثم إلى تغيير نمط تفكيركم لينسجم مع تفكير الناجحين, وليتنافر مع تفكير الفاشلين.
أولا: الناجح لديه أحلام يحققها، والفاشل لديه أوهام وأضغاث أحلام يبددها: حاول المقوقس خداع عمرو بن العاص رضي الله عنه لما حاصره، فأمر الرجال أن يقوموا بسلاحهم مقبلين بوجوههم إلى الخارج أي إلى المسلمين، وأمر النساء أن يقمن على الأسوار مقبلات بوجوههن إلى الداخل؛ ليكثروا عددهم فيرهبوا المسلمين. فأرسل إليه عمرو بن العاص رضي الله عنه ليعلن عليه حربا نفسية ذكية هي أشد مما سعى إليه، حيث كتب له: إنا قد رأينا ما صنعت، وما بالكثرة غلبنا، فلقد لقينا هرقل قبلكم فكان من أمره ما كان. فلما وصل الكتاب إلى المقوقس كان له أثر عميق في نفسه، فقال لأصحابه: صدق هؤلاء القوم، أخرجوا ملكنا من مملكته حتى أدخلوه القسطنطينية، فنحن أولى بالإذعان.
ثانيا: الناجح يرى في العمل أملا، والفاشل يرى في العمل ألما.
ثالثا: الناجح ينظر إلى المستقبل ويتطلع لما هو ممكن، والفاشل ينظر إلى الماضي ويتطلع لما هو مستحيل.
رابعا: الناجح يختار ما يقول، والفاشل يقول دون أن يختار: سخط هارون الرشيد على حميد الطوسي فدعا له بالسيف والنطع، فبكى، فقال: ما يبكيك؟ قال: والله ما أفزع من الموت؛ فإنه لا بد واقع، وإنما بكيت أسفا على خروجي من الدنيا وأمير المؤمنين ساخط علي، فضحك هارون وعفا عنه.
خامسا: الناجح يناقش بقوة ولكن بلغة لطيفة، والفاشل يناقش بضعف ولكن بلغة فظة.
سادسا: الناجح يتمسك بالقيم ويتنازل عن الصغائر، والفاشل يتشبث بالصغائر ويتنازل عن القيم.
سابعا: الناجح يصنع الأحداث، والفاشل تصنعه الأحداث: فقد روي أن رجلا قصد الحج فاستودع إنسانا مالا، فلما عاد طلبه منه، فجحده المستودع، فأخبر بذلك القاضي إياس بن معاوية، فقال: أعلم بأنك قد جئتني، قال: لا، فقال: عد إلي بعد يومين، ثم إن القاضي إياسا بعث إلى ذلك الرجل فأحضره، ثم قال له: قد تحصلت عندي أموال كثيرة لأيتام وغيرهم وودائع للناس وإني مسافر سفرا بعيدا، وأريد أن أودعها عندك لما بلغني من دينك, وتحصين منزلك، فقال الرجل: حبا وكرامة، قال إياس بن معاوية: فاذهب وهيء موضعا للمال وقوما يحملونه. فذهب الرجل وجاء صاحب الوديعة، فقال له القاضي إياس: امض إلى صاحبك، وقل له: ادفع إلي مالي وإلا شكوتك للقاضي إياس، فلما جاء وقال له ذلك، دفع إليه ماله واعتذر إليه، فأخذه وأتى إلى القاضي إياس وأخبره. ثم بعد ذلك أتى الرجل ومعه الحمالون لطلب الأموال التي ذكرها له القاضي، فقال له القاضي بعد أن أخذ الرجل ماله منه: بدا لي ترك السفر، امض لشأنك لا أكثر الله في الناس مثلك.
وبعد: فهذه هي صفات الناجحين عضوا عليها بالنواجذ، كما أن هذه هي صفات الفاشلين، تعلموها, ولكن فروا منها واحذروا أن تمارسوها.
تم الكلام وربنـا محمود وله المكارم والعلا والجود
وعلى النبي محمد صلواته ما رف طير وأورق عود
سبحان ربك رب العزة عما يصفون
وسلام على المرسلين, وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
بهذه الحلقة أكون قد أنهيت تأملاتي في كتاب "من مقومات النفسية الإسلامية, فإن أحسنت ووفقت فمن الله تعالى وحده, وإن أسأت وخيبت فمن نفسي ومن الشيطان, وإن كانت الأولى فلله الحمد والمـنة, وإن كانت الثانية؛ فأرجو منه سبحانه العفو والغفران, ومن إخواني المؤمنين الذين جشمتهم قراءة وسماع تأملاتي الدعوة لي بالمغفرة والرضوان, والله أسأل أن يجعل عملي هذا خالصا لوجهه الكريم, وأن ينفعني به يوم الدين, يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم, وأن ينفع به المسلمين أجمعين في مشارق الأرض ومغاربها, وأن يجعلنا وإياهم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه, إنه سبحانه ولي ذلك والقادر عليه. "اللهم إنا نعوذ بك من أن نشرك بك شيئا نعلمه، ونستغفرك لما لا نعلمه".
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخوكم الفقير إلى عفو الله تعالى ومغفرته ورضوانه
محمد أحمد النادي