الجمعة، 30 محرّم 1447هـ| 2025/07/25م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
اتفاقية استعمارية متزايدة

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

اتفاقية استعمارية متزايدة


(مترجم)


الخبر:


خفّض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رسمياً الرسوم الجمركية على المنتجات الإندونيسية من 32% إلى 19%. وجاء هذا الاتفاق بعد مفاوضات ثنائية سريعة بين ترامب والرئيس الإندونيسي برابوو سوبيانتو. أعلن الرئيس الإندونيسي نتائج اتصالاته مع ترامب بشأن خفض الرسوم الجمركية على الصادرات الإندونيسية إلى أمريكا في 16 تموز/يوليو 2025، وقال: "تحدثتُ مع الرئيس دونالد ترامب، والحمد لله، كان الأمر صعباً للغاية. وأخيراً، توصلنا إلى اتفاق. نحن أيضاً نتفهم مصالحهم، وهم يتفهمون مصالحنا، وقد اتفقنا الآن على خفض الرسوم الجمركية من 32% إلى 19%"، وأضاف: "لقد درسنا كل شيء، وناقشنا كل شيء، ودرسنا الأمر جيداً. ما يهمني هو شعبي، والمهم هو حماية عمالنا"، وتابع: "أخيراً، هناك توافق بين مصالح الطرفين. نحتاج أيضاً، على سبيل المثال، إلى مواصلة استيراد الوقود، والغاز، والقمح، وفول الصويا، وغيرها. وهكذا، يمكننا أخيراً أن نجد نقطة التقاء".


التعليق:


1. إن اتفاقية التعريفات الجمركية بين إندونيسيا والولايات المتحدة ليست انتصاراً كما زعم بعض المراقبين، بل هي ظلم، حيث تخضع إندونيسيا لتعريفة جمركية بنسبة 19%، بينما تخضع الولايات المتحدة لتعريفة جمركية بنسبة صفر بالمئة. وهذا يُظهر بوضوح ظلم أمريكا وغطرستها تجاه إندونيسيا. وللأسف، غالباً ما يُعدّ هذا انتصاراً.


2. كتب ترامب في منشور على منصة تروث سوشيال يوم الثلاثاء 15 تموز/يوليو 2025: "وافقت إندونيسيا على شراء طاقة بقيمة 15 مليار دولار أمريكي، ومنتجات زراعية بقيمة 4.5 مليار دولار أمريكي، و50 طائرة بوينغ 777، وتوفير وصول كامل إلى السوق الإندونيسية للمزارعين والصيادين الأمريكيين". يوضح هذا أن اتفاقية التجارة بين إندونيسيا وأمريكا تضع إندونيسيا في وضع غير متوازن، يمهد الطريق بوضوح أمام المنتجات الأمريكية من قطاعات الزراعة ومصايد الأسماك والسيارات والطاقة، للهيمنة على السوق المحلية وتقويض القدرة التنافسية للمنتجات المحلية. ونتيجة لذلك، عندما تصبح السلع المستوردة أرخص بسبب التجارة المعفاة من الرسوم الجمركية، ستواجه الشركات المحلية ضغوطاً كبيرة، وستتقلص مساحة التصنيع المحلي. إن تدفق السلع المستوردة لديه القدرة على إضعاف الصناعة المحلية، خاصة في القطاعات التي لا تتمتع بالقدرة التنافسية الكاملة بعد. ويمكن أن يؤدي هذا الضغط إلى انخفاض الإنتاج وتسريح العمال وحتى علامات على تراجع التصنيع المبكر. في ظل هذه الظروف، من المتوقع أن يتم تقليل ما يسمى بالدعم الشعبي. ونتيجة لذلك، ستهيمن أمريكا بشكل متزايد على السوق الإندونيسية.


3. ليس هذا فحسب، بل تُثقل هذه الاتفاقية كاهل إندونيسيا بالتزامات شراء ضخمة تُشبه التزامات أحادية الجانب، أكثر منها معاملات تجارية ذات منفعة متبادلة. على سبيل المثال، يُمكن أن يُؤدي التزام بقيمة 15 مليار دولار أمريكي لشراء الطاقة من أمريكا إلى إزاحة مصادر الطاقة المحلية أو البديلة من دول شريكة أخرى. ومن ناحية أخرى، يُمكن أن تُؤدي واردات بقيمة 4.5 مليار دولار أمريكي من المنتجات الزراعية، مثل فول الصويا والذرة ولحوم البقر، إلى تآكل دخل المزارعين المحليين، الذين يعيشون على دعم محدود. وسيُعاني المزارعون مزيدا من النقص. علاوة على ذلك، يُثير شراء 50 طائرة بوينغ تساؤلات جوهرية: هل هذا جزء حقيقي من استراتيجية تحديث قطاع النقل، أم أنه سيُثقل كاهل ميزانية الدولة وشركات الطيران المملوكة لها؟ وبالتالي، فإن هذه الاتفاقية ليست مجرد اتفاقية تجارية، بل هي حزمة مشتريات أحادية الجانب تُقوّض أسس الاستقلال الاقتصادي لإندونيسيا. وفي هذا الإطار، تُعدّ إندونيسيا سوقاً استهلاكية سلبية، أكثر منها شريكاً تجارياً مُساوياً وسيادياً. وهذا معناه أن الاتفاقية هي اتفاقية استعمارية متزايدة. وهذا يخالف الشريعة الإسلامية، لأن الله تعالى يقول: ﴿وَلَن يَجْعَلَ اللهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً﴾.

 


كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
محمد رحمة كورنيا – إندونيسيا

 

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع