- الموافق
- كٌن أول من يعلق!

بسم الله الرحمن الرحيم
القمع السياسي للمعارضة المؤيدة للفلسطينيين في بريطانيا
(مترجم)
الخبر:
في الخامس من تموز/يوليو 2025، أعلنت الحكومة البريطانية حظر منظمة فلسطين أكشن، وهي منظمة حملة سلمية تستهدف الدعم العسكري الذي تقدمه بريطانيا لكيان يهود الذي يرتكب الإبادة الجماعية في غزة، أعلنت حظرها بموجب قانون مكافحة الإرهاب، ما يجعل التعبير عن دعم المنظمة غير قانوني ويعاقَب عليه بالسجن لمدة تصل إلى 14 عاماً. وقد حظرت وزيرة الداخلية، إيفيت كوبر، المنظمة بعد أن رشّ أعضاؤها طلاءً أحمر على طائرات تابعة لسلاح الجوّ الملكي البريطاني، لكن المنتقدين أشاروا إلى أن هذا العمل كان إتلافاً للممتلكات، وليس عنفاً.
في الأسابيع التي تلت ذلك، اعتقلت الشرطة أكثر من 100 شخص في جميع أنحاء البلاد بموجب قوانين مكافحة الإرهاب، بمن فيهم قسٌّ يبلغ من العمر 83 عاماً ومتقاعدون من طائفة الكويكرز. حتى إن ضباطاً مسلحين هددوا باعتقال من يحملون لافتات كُتب عليها "حرّروا غزة" أو "إبادة جماعية".
التعليق:
كان الهدف الأول هو المعارضة الإسلامية للصهيونية، ولكن الآن جاء دور اليسار السياسي في المملكة المتحدة. إن هذا القمع الوحشي للاحتجاج السلمي ضد الإبادة الجماعية تحت ستار مكافحة الإرهاب هو جزءٌ من حملة متجذرة لتشويه أي انتقاد جدي لكيان يهود باعتباره معاداة للسامية، وهي أمّ الجرائم. وصل تقديس اليهود كغطاء لدعم المشروع الصهيوني الغربي في الشرق الأوسط إلى أبعاد خيالية هذا الأسبوع مع تعليق عضوية النائبة عن حزب العمال ديان أبوت - أقدم امرأة سوداء في مجلس العموم - بعد دفاعها عن تصريحاتها السابقة حول العنصرية.
كتبت أبوت في عام 2023 أن "اليهود والأيرلنديين والمهاجرين يواجهون تحيزاً مشابهاً للعنصرية، ولكن ليس طوال حياتهم بالطريقة نفسها التي يواجهها الأشخاص الملونون". وأثار تمييزها سيلاً من الاتهامات بمعاداة السامية، واعتذرت في ذلك الوقت ولكن لا تزال موقوفة. وصرحت أبوت لاحقاً لبي بي سي بأنها متمسكة بالنقطة الأساسية: "من الواضح أن هناك فرقاً بين العنصرية المتعلقة باللون وأنواع العنصرية الأخرى، لأنك قد ترى شخصاً من المهاجرين أو اليهود يسير في الشارع، ولا تعرف. لن تعرف إلا إذا توقفت للتحدث إليهم أو كنت في اجتماع معهم. ولكن إذا رأيت شخصاً أسود يسير في الشارع، ستدرك فوراً أنه أسود. إنهما نوعان مختلفان من العنصرية". لهذا السبب، أوقفها حزب العمال على الفور.
ووصف وزير المالية السابق في حكومة الظل، جون ماكدونيل، معاقبة أبوت على مقابلة "أدانت فيها صراحةً معاداة السامية والعنصرية بجميع أشكالها" بأنها "غريبة للغاية"، في حين لم تواجه شخصيات أكثر نفوذاً أي عقوبة لاستخدامها لغة عنصرية.
كانت جريمة أبوت هي عكس العقيدة الغربية القائلة بأنّ معاداة السامية شرٌّ فريد، والقول إنه نظراً لصعوبة التعرف على اليهود عموماً في المملكة المتحدة، فإنهم في الواقع يتعرضون لعنصرية أقلّ من الأشخاص ذوي لون بشرة مختلف. واستُخدمت المعادلة الزائفة لمعارضة كيان يهود باعتبارها معاداة للسامية لتبرير حظر بريطانيا لحزب التحرير في كانون الثاني/يناير 2024. وادّعى وزير الداخلية جيمس كليفرلي أن حزب التحرير "يروج ويشجع الإرهاب بنشاط"، على سبيل المثال من خلال الاحتفال بهجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، ذلك على الرغم من أنه من المعروف على نطاق واسع أن الحزب يعمل على مستوى سياسي بحت.
وحذر محللو مكافحة الإرهاب لسنوات من أن حظر حزب التحرير هو بالتالي لفتة سياسية وليس رداً على أي تهديد إرهابي. بعد الهجوم الإبادي لكيان يهود على غزة في أعقاب عملية طوفان الأقصى، تصاعدت الانتقادات ضد المجازر اليومية بحق المدنيين الفلسطينيين، من المسلمين والعديد من قطاعات المجتمع البريطاني الأخرى. وزُعم أن معاداة السامية زادت بشكل كبير، لكن هذا كان قائماً على كذبة خبيثة مفادها أن انتقاد كيان يهود معادٍ للسامية.
لقد قللت وسائل الإعلام الرئيسية من شأن معاناة الفلسطينيين وأمطرت التعاطف غير المتناسب مع الرواية الصهيونية. أولاً، حُظر حزب التحرير، ثم حركة فلسطين العلمانية، ومؤخراً، عوقب نائب من حزب العمال للمرة الثانية. ساد جوٌّ من الخوف، يُجرَّم فيه الكلام الباطل. لا أحد بمنأى عن تهمة معاداة السامية؛ فلا المسلمون بالتأكيد، ولا اليسار، ولا حتى اليهود، بمنأى عن تهمة معاداة السامية إذا تجرأوا على معارضة أو حتى التشكيك في العقائد المقدسة التي شوّهت الخطاب المجتمعي في المملكة المتحدة.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
د. عبد الله روبين