الأربعاء، 19 جمادى الثانية 1447هـ| 2025/12/10م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
  •   الموافق  
  • كٌن أول من يعلق!

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

Al Raya sahafa

 

2025-12-10

 

جريدة الراية: وحدة الأمة والدولة

قضية مصيرية

 

 

القضية المصيرية هي التي يُتخذ معها إجراء الحياة أو الموت، إما العيش بها أو الموت دونها. فقد أكد القرآن الكريم أن أمة الإسلام، أمة واحدة من دون الناس، يقول الله سبحانه تعالى: ﴿وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ﴾. وقد حرّم الإسلام تفرقة هذه الأمة وتمزيقها، وجعل وحدتها ووحدة دولتها قضية مصيرية، يُتخذ حيالها إجراء واحد، هو الحياة أو الموت، يقول النبي ﷺ، فيما رواه مسلم: «فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُفَرِّقَ أَمْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَهِيَ جَمِيعٌ، فَاضْرِبُوهُ بِالسَّيْفِ كَائِناً مَنْ كَانَ».

 

وعندما نزلت هذه القضية عن مرتبتها، استطاع الكفار، وعلى رأسهم أمريكا، وبمساعدة بعض أبناء المسلمين تمزيق السودان، وفصل جنوبه. وقد سكت المسلمون عن هذا الإثم العظيم، كما سكتوا عن دمار غزة، وإبادة أهلها، في هذه الأيام العجاف. وعن سقوط الفاشر بعد أشهر من الحصار الجائر والقصف والقتل. وكما سكتوا قبل ذلك عن إسقاط الخلافة، وغزو العراق، وأفغانستان، وتمزيق كشمير، وضياع الشيشان، والبوسنة والهرسك، وبورما، وتركستان الشرقية، واغتصاب النساء المسلمات، فقد تسربلت الأمة بالتقصير والتخاذل، فمرت هذه الجرائم على مرأى ومسمع منها.

 

ولما أكملت أمريكا فصل جنوب السودان، ها هي تعود اليوم، لتنفيذ المخطط نفسه، لسلخ دارفور، بما سمته مخطط حدود الدم، الذي نشر في تموز/يوليو 2006م وما نشرته المجلة العسكرية الأمريكية المتخصصة آرمد فورسز جورنال من خريطة جديدة للشرق الأوسط، وضعها الجنرال الأمريكي المتقاعد رالف بيترز، من خلال دراسة قسّم فيها المنطقة إلى دول "سنية" و"شيعية" و"كردية"، إضافة إلى ما سماها دولة إسلامية تضم الأماكن المقدسة مستقلة عن السعودية، ومملكة الأردن الكبرى ودويلات أخرى. فهذه الدراسة هي تطوير لمشروع التقسيم الذي وضعه برنارد لويس الذي سمي بسياف الشرق الأوسط وبسايكس بيكو جديدة منذ ثمانينات القرن الماضي.

 

إن أمريكا التي فصلت جنوب السودان؛ تحت دعاوى السلام المزعوم، وبأيدي الحكام والمتمردين، وبمباركة السياسيين، وبعض الإعلاميين، وسكوت العلماء، تسعى اليوم بعد أن هيأت المسرح في دارفور؛ الذي تسيطر عليه قوات الدعم السريع لسلخها عن السودان. فالانفصاليون يحتلون اليوم كل دارفور وقد أسسوا دولتهم المزعومة بإعلانهم حكومة موازية في مدينة نيالا؛ عاصمة ولاية جنوب دارفور. ولأن أمريكا تسعى لهدنة ثلاثة أشهر، تمتد لتسعة شهور، وذلك حتى تمكن الدعم السريع من ترتيب صفوفه وبناء دولة حسب خارطة الطريق التي قدمتها حكومة البرهان للأمم المتحدة بواسطة السفير الحارث إدريس، مندوب السودان لدى الأمم المتحدة، إلى أمينها أنطونيو غوتيريش بتاريخ 10/3/2025م.. والتي بنت عليها دول الرباعية بيانها في اجتماعها في واشنطن بقيادة أمريكا في 12/9/2025م.. ويؤكد ذلك تصريحات مسعد بولس مبعوث ترامب للشؤون الأفريقية التي يكررها دائما، وآخرها ما جاء في لقاء معه على قناة الجزيرة بتاريخ 15/11/2025م: (إن واشنطن تقدمت بمبادرة لهدنة إنسانية مدتها 3 أشهر في السودان، بدعم من شركاء الرباعية.. وأوضح أن المبادرة تهدف للوصول إلى تطبيق خارطة الطريق التفصيلية التي وضعتها الرباعية في 12 أيلول/سبتمبر الماضي للوصول إلى سلام دائم في السودان).

 

فكيف لأهل السودان المسلمين أن يتركوا أمريكا تفعل ذلك في بلادهم، لتحارب دينهم، وتنهب ثرواتهم، وتمزق بلدهم؟! أين العقلاء والحكماء من أهل البلاد؟ أين الصائمون القائمون الليل والآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر؟! أين الضباط المخلصون في القوات المسلحة، الذين عاهدوا الله على حماية الدين والأرض والعرض؟! أين العلماء الكرام ورثة الأنبياء؟! أين أهل السودان الكرام رجالاً ونساءً، شيباً وشباباً، أحفاد من وقفوا في وجه الإنجليز، وهزموهم شر هزيمة وقتلوا قائدهم في 26 كانون الثاني/يناير 1885م اللواء تشارلز جورج غوردون، الضابط ابن الضابط في جيش بريطانيا الدولة الأولى آنذاك، فقد كان والده لواء في الجيش البريطاني، وقد تلقى علومه في مدرسة فولاندز في تاونتون بسومرست، وفي الأكاديمية الملكية العسكرية. لقد كان مقتله حادثة غريبة في تاريخ إنجلترا العظيمة آنذاك.. حيث حرر هؤلاء الرجال الخرطوم من المستعمر الإنجليزي، وكسروا شوكته، وخطوا نهاية الجنرال الذي سام الناس قتلا ليوسّع من المستعمرات الإنجليزية، وهذا ما أوجع البريطانيين وجعلهم يفكرون في احتلال السودان مرة أخرى.

 

إن الفرصة ما زالت قائمة لإجهاض خطة العدو الأمريكي اليوم، ولإفشال هذا المكر الذي لن يتوقف إلا بثقة أهل السودان بالله تعالى واستمدادهم النصر منه. وإن هذا لكائن بإيمانهم، وإدراكهم لوجوب وحدة الأمة، ووحدة الدولة، وحرمة تفرقة الأمة، وتمزيق البلاد، وأنها قضية مصيرية تبذل فيها الأرواح والمهج.

 

إن العلاج الجذري هو إقامة دولة الإسلام، دولة العقيدة والشريعة، دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، فهي وحدها التي تحفظ الأمة، وتدافع عن وحدتها، وتقيم شرع ربها، فهي من أوجب الواجبات اليوم، فنحقق بذلك قول النبي ﷺ فيما روى مسلم عن عرفجة: «مَنْ أَتَاكُمْ وَأَمْرُكُمْ جَمِيعٌ علَى رَجُلٍ وَاحِدٍ، يُرِيدُ أَنْ يَشُقَّ عَصَاكُمْ، أَوْ يُفَرِّقَ جَمَاعَتَكُمْ، فَاقْتُلُوهُ».

 

ونحقق وعد الله تعالى بالاستخلاف في الأرض وتمكين الدين، وإبدال الخوف أمناً، فهو ربنا وإلـهُنا وخالقنا، ووعده الحق، ولا يخلف الله الميعاد: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾.

 

فيا أهل السودان المسلمين: هل نثق بوعد الله تعالى، وبشرى حبيبنا محمد ﷺ، القائل: «ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةً عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ»، أم نخضع لأمريكا، ونخضع لعملائها ومخططاتهم؟!

 

فإننا في حزب التحرير اخترنا أن نكون مع الله تعالى ننصره، ونصدق به، ونحقق بشرى رسوله ﷺ بإقامة دولة الإسلام الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، فهلم معنا، فإنَّ الله ناصرنا لا محالة، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ

 

 

بقلم: الأستاذ محمد جامع (أبو أيمن) 

 مساعد الناطق الرسمي لحزب التحرير في ولاية السودان

 

 

المصدر: جريدة الراية

 

 

 

 

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع