الجمعة، 03 محرّم 1447هـ| 2025/06/27م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

مع الحديث الشريف البغاة

  • نشر في من السّنة الشريفة
  • قيم الموضوع
    (0 أصوات)
  • قراءة: 462 مرات


نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته


روى مسلم في صحيحه قال:


حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ الْأَشَجُّ جَمِيعًا عَنْ وَكِيعٍ، قَالَ الْأَشَجُّ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ خَيْثَمَةَ عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ: إِذَا حَدَّثْتُكُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَأَنْ أَخِرَّ مِنْ السَّمَاءِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَقُولَ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَقُلْ، وَإِذَا حَدَّثْتُكُمْ فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ فَإِنَّ الْحَرْبَ خَدْعَةٌ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "سَيَخْرُجُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ قَوْمٌ أَحْدَاثُ الْأَسْنَانِ سُفَهَاءُ الْأَحْلَامِ يَقُولُونَ مِنْ خَيْرِ قَوْلِ الْبَرِيَّةِ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ فَإِنَّ فِي قَتْلِهِمْ أَجْرًا لِمَنْ قَتَلَهُمْ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ".


جاء في كتاب شرح النووي على مسلم:

 

قَوْله: (وَإِذَا حَدَّثْتُكُمْ فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ فَإِنَّ الْحَرْبَ خُدْعَةٌ)


مَعْنَاهُ: أَجْتَهِدُ رَأْيِي، وَقَالَ الْقَاضِي: جَوَاز التَّوْرِيَة وَالتَّعْرِيض فِي الْحَرْب، فَكَأَنَّهُ تَأَوَّلَ الْحَدِيث عَلَى هَذَا، وَقَوْله: (خُدْعَة) بِفَتْحِ الْخَاء وَإِسْكَان الدَّال عَلَى الْأَفْصَح، وَيُقَال بِضَمِّ الْخَاء، وَيُقَال: (خُدْعَة) بِضَمِّ الْخَاء وَفَتْح الدَّال، ثَلَاث لُغَات مَشْهُورَات.


قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَحْدَاث الْأَسْنَان، سُفَهَاء الْأَحْلَام)


مَعْنَاهُ: صِغَار الْأَسْنَان صِغَار الْعُقُول.


قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (يَقُولُونَ مِنْ خَيْر قَوْل الْبَرِيَّة)


مَعْنَاهُ: فِي ظَاهِر الْأَمْر


قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ فَإِنَّ فِي قَتْلِهِمْ أَجْرًا)


هَذَا تَصْرِيحٌ بِوُجُوبِ قِتَال الْخَوَارِج وَالْبُغَاة، قَالَ الْقَاضِي: أَجْمَعَ الْعُلَمَاء عَلَى أَنَّ الْخَوَارِج وَأَشْبَاهَهُمْ مِنْ أَهْل الْبِدَع وَالْبَغْي مَتَى خَرَجُوا عَلَى الْإِمَام وَخَالَفُوا رَأْي الْجَمَاعَة وَشَقُّوا الْعَصَا وَجَبَ قِتَالهمْ بَعْد إِنْذَارهمْ، وَالِاعْتِذَار إِلَيْهِمْ. قَالَ اللَّه تَعَالَى: {فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} لَكِنْ لَا يُجْهَزُ عَلَى جَرِيحهمْ وَلَا يُتْبَعُ مُنْهَزِمُهُمْ، وَلَا يُقْتَل أَسِيرهُمْ، وَلَا تُبَاح أَمْوَالهمْ، وَمَا لَمْ يَخْرُجُوا عَنْ الطَّاعَة وَيَنْتَصِبُوا لِلْحَرْبِ لَا يُقَاتَلُونَ، بَلْ يُوعَظُونَ وَيُسْتَتَابُونَ مِنْ بِدْعَتهمْ وَبَاطِلهمْ، وَهَذَا كُلّه مَا لَمْ يَكْفُرُوا بِبِدْعَتِهِمْ، فَإِنْ كَانَتْ بِدْعَة مِمَّا يَكْفُرُونَ بِهِ جَرَتْ عَلَيْهِمْ أَحْكَام الْمُرْتَدِّينَ، وَأَمَّا الْبُغَاة الَّذِينَ لَا يَكْفُرُونَ فَيَرِثُونَ وَيُورَثُونَ، وَدَمهمْ فِي حَال الْقِتَال هَدَر، وَكَذَا أَمْوَالهمْ الَّتِي تُتْلَف فِي الْقِتَال.


أحبتنا الكرام:


البغي أي (الخروج على الدولة): هو من الأعمال الهدامة التي على الدولة أن تتعامل معها بكل حزم، وهو على نوعين:


القيام بأعمال الهدم والتخريب، كالإضرابات، أو احتلال المراكز الحيوية في الدولة والاعتصام فيها، مع الاعتداء على ممتلكات الأفراد أو الممتلكات العامة أو ممتلكات الدولة .... وهؤلاء تستخدم دائرة الأمن الداخلي الشرطة لإيقاف أعمالهم الهدامة ... فإن لم تستطع إيقاف أعمالهم بالشرطة طلبت من الخليفة أن يمدها بقوات عسكرية حتى تستطيع أن توقف أعمال الهدم والتخريب التي يقوم بها هؤلاء البغاة الخارجين على الدولة.


الخروج على الدولة بالسلاح:


وذلك أن يحمل هؤلاء البغاة السلاح ويتحيزوا في مكان ويكونوا قوة لا تتمكن دائرة الأمن الداخلي بالشرطة وحدها من إرجاعهم والقضاء على تمردهم وخروجهم، فإنها في هذه الحالة تطلب من الخليفة أن يمدها بقوات عسكرية أو بقوة من الجيش حسب الحاجة لمواجهة هؤلاء الخارجين.


وقبل مقاتلة هؤلاء البغاة يجب مراعاة الآتي:


أن يسبق القتال مكاتبة هؤلاء البغاة ومعرفة ما عندهم، والطلب منهم أن يرجعوا إلى الطاعة والدخول في الجماعة والكف عن حمل السلاح


ــ فإن أجابوا وتابوا ورجعوا والتزموا بأحكام الشرع كفت عنهم


ــ أما إن أصروا على الخروج والمقاتلة بعد كل ذلك فإنهم يقاتلون ... لكن قتالهم يكون قتال تأديب لا قتال إفناء وتدمير حتى يرجعوا إلى الطاعة ويتركوا الخروج ويرموا السلاح، فهذا ما كان يفعله علي بن أبي طالب رضي الله عنه مع الخوارج، فقد كان يدعوهم أولاً فإن تركوا الخروج كف عنهم وإن أصروا على الخروج قاتلهم قتال تأديب حتى يرجعوا إلى الطاعة ويتركوا الخروج وحمل السلاح


نعم إخوتي الكرام: إن الإسلام لم يتهاون أبداً مع من يشق عصا الطاعة، أو يسعى لتفتيت الدولة، أو إحداث الفتنة بين أبناء الأمة، وكانت الشرطة هي الجهاز الساهر دوماً على توفير الاستقرار والأمن في الدولة، والمتأهب في كل وقت للتعامل مع كل ما يشكل خطراً على وحدة الأمة والدولة.


أحبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

إقرأ المزيد...

مقالة اليوم العالمي لإلغاء الرق والعبودية

  • نشر في أخرى
  • قيم الموضوع
    (0 أصوات)
  • قراءة: 1862 مرات


يصادف اليوم بتاريخ 12/2 من كل عام اليوم العالمي لإلغاء الرق والعبودية والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هل ألغيت العبودية والرق أم تحولت إلى شكل ومظهر آخر؟!


نعم لقد تحول مظهر الرق والعبودية بوجود النظام الرأسمالي إلى شكل منمق يلبس ثوب الحرية الشخصية، وإليكم هذه الحقائق الموجعة بالأرقام: يقدر مقدار ما يدر من أرباح استغلال الفتيات والأطفال جنسياً 28 مليار دولار سنوياً، وأرباح العمالة الإجبارية 32 مليار دولار، وتؤكد منظمة حقوق الإنسان أن 98% من ضحايا الاستغلال التجاري والإجباري للجنس هم من النساء والأطفال، ويتعرض حوالي 3 مليون إنسان في العالم للاتجار بينهم 1.2 مليون طفل، وتشير التقديرات أن الاتجار بالأطفال يجري بمعدل طفلين كل دقيقة ويكون شكل الاستعباد بإغراء الفتيات بوظيفة في إحدى الدول الغنية عن طريق الإعلانات في الصحف بمرتبات مغرية، وعند وصول الضحية إلى البلد المنشود تتفاجأ بسلبها كافة أغراضها من جواز سفر وبطاقات تحقيق الشخصية، وتمنع من الاتصال بالعالم الخارجي، ومن ثم تقوم بالدعارة رغماً عنها وإن رفضت تتعرض للضرب والتشويه وأحيانا القتل.


ويلجئون أيضا إلى أسلوب الخطف في البلاد التي تكون فيه الحروب والكوارث من قبل عصابات تهربهن خارج البلاد وتبيعهن في أسواق الدعارة..


ولقد تبين أن انتشار مفهوم الحرية الجنسية في الغرب أدى إلى تجارة الرقيق في العالم، ويعترف مسؤولون غربيون بالأبعاد الخفية للمشكلة، ويؤكد (سام بروان باك) السيناتور الأمريكي عن ولاية (اركنسو) أن تجارة الرقيق هي ثالث تجارة مشروعة من حيث الدخل الذي تدره على أمريكا اليوم بعد المخدرات وتجارة السلاح، وأيضا مما اعترف به السيناتور أن هيلاري كلينتون زوجة الرئيس الأمريكي السابق تزعمت حملة لإباحة الرقيق ما دامت تتم دون إكراه رغم علمها أن هذا يتنافى مع فطرة المرأة، وقد كشفت الأمم المتحدة واتحاد هلسنكي الدولي أنه يتم إجبار 75000 امرأة برازيلية على العمل في الدعارة في بلدان الاتحاد الأوروبي.


أما في دولة يهود فقد أفاد تقرير أن حجم الاتجار بالنساء فيها يبلغ قرابة مليار شيكل سنوياً وأن عضو الكنيست (زهافا جعلون) صرح أنه جرى خلال السنوات الماضية تهريب 3000 إلى 5000 امرأة من خارج كيانهم بهدف تشغيلهن بالدعارة. وأشار تقرير دولي نشر مؤخرا إلى نمو تجارة الجنس في مناطق النزاعات الدولية التي تساهم الأمم المتحدة وقوات حفظ السلام في حل مشكلاتها، فقد صدر مؤخراً تقريرا لمنظمة العفو الدولية يفيد أن تجارة الجنس وشبكات البغاء نشطت في كوسوفو بعد دخول الأمم المتحدة إليها، ويؤكد التقرير تورط مسئولين في الأمم المتحدة في جعل كوسوفو سوقا عالمية للبغاء والاتجار بالرقيق الأبيض، حيث يتم تهريب النساء من عدد من دول أوروبا الشرقية. وتقدر منظمة العمل الدولية أن أرباح استغلال الفتيات والأطفال جنسياَ يبلغ 28 مليار دولار سنوياً.


وكذلك فإن الدعارة موجودة في أي بلد توجد فيه قواعد عسكرية أمريكية مثل فيتنام وكوريا واليابان والعراق والفلبين وتايلاند، وكذلك في أفغانستان ذلك البلد المحافظ والإسلامي ومن خلال الاحتلال وجب على الدولة المضيفة أن توفر الرفاهية للجندي الأمريكي من خلال خطف الفتيات الصغيرات وإجبارهن على البغاء.


هذا ما قدمته الرأسمالية ومنطق الربح المادي بغض النظر عن نوعية هذه التجارة الخالية حتى من الإنسانية التي تتشدق بها وتحملها كشعار تخدع به ملايين الناس الذين يرون في هذه الأنظمة الحرية والرفاهية واحترام الإنسان.. والتي ما هي إلا فقاعات في الهواء فارغة خالية من أي معنى ويجعل لها يوماً تحتفل فيه هذه الأمم البائسة.


وأما من منظور الإسلام الذي رفع من شأن الإنسان امرأة وطفلاً ورجلاً وجعل التعرض له ولحياته كبيرة من الكبائر يلزم لها إقامة الحدود ولو حتى بالكلام وخاصة النساء، وأيضا جعل عتق الرقاب كفارة اليمين والظهار، وساوى بين جميع المسلمين وجعل التفاضل فقط بالتقوى، قال عليه الصلاة والسلام: «لا فضل لعربي على أعجمي ولا أسود على أبيض إلا بالتقوى» وبالإسلام اعتق بلال الحبشي وأصبح سيدنا بلال.


ويمكن تلخيص خطة الإسلام الحكيمة في معالجة هذه المشكلة الإنسانيّة على النحو التالي: فقد سد الإسلام منابع الرق وحرّمه سوى سبي الحرب، ووسّع مصارف العتق، وصان حقوق الرقيق بعد الإعتاق.


وجاء الرسول يحثّ المسلمين على عتق العبيد وتحريرهم، ففي الأثر عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من أعتق رقبة مؤمنة أعتق الله بكل عضو منه عضواً في النار، حتى يعتق فرجه بفرجه». رواه مسلم.


ولم يكتف الرسول صلى الله عليه وسلم بالحث على عتق الأرقاء بل كان عليه الصلاة والسلام قدوة في العتق، حيث أدى عن جويريّة بنت الحارث ما كوتبت عليه وتزوّجها، فلما سمع المسلمون بزواجه منها أعتقوا ما بأيديهم من السبي وقالوا: أصهار رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعتق بسببها مائة أهل بيت من بني المصطلق.


وأحصى صاحب التراتيب الإدارية ما أعتق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه من الأرقاء، من غير عتقاء أبي بكر الصديق، واحداً وثلاثين ألفاً وثلاثمائة واثنين وعشرين عبداً قد حرروا في صدر الإسلام.


هذا هو الإسلام وهذه هي الرأسمالية وفصل الدين عن الحياة وما جره على العالم من مآسٍ وظلم وقهر وعذاب..

 

 

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
الأخت أم الحارث

إقرأ المزيد...

جواب سؤال الاتفاق النووي الإيراني

  • نشر في الأجوبة السياسية
  • قيم الموضوع
    (0 أصوات)
  • قراءة: 3776 مرات

تتوالى المواقف الدولية والإقليمية والتصريحات السياسية حول الاتفاق النووي مع إيران منذ توقيعه بين إيران ومجموعة "5+1" في 24/11/2013، وهذه المواقف والتصريحات يظهر فيها اختلاط الرؤية وتعارضها... فإيران تعد ما حدث انتصاراً وأنها كسبت الاعتراف الدولي بحقها في تخصيب اليورانيوم، وأمريكا تنفي أن يكون الاتفاق ينص على الاعتراف بحق إيران في التخصيب، وتقول إن الاتفاق يجعل كيان يهود أكثر أمناً، وأنه سيؤول إلى منع إيران من أن تصبح دولة نووية، وكيان يهود يعد الاتفاق سيئاً وأنه خطأ تاريخي...

إقرأ المزيد...

سياسة السلطات الروسية السلبية تجاه العمال المهاجرين؟

  • نشر في أخرى
  • قيم الموضوع
    (0 أصوات)
  • قراءة: 1527 مرات

 

قال عمدة مدينة موسكو سيرجي سوبيانين في مقابلة مع صحيفة "كومسومولسكايا برافدا": "منذ بداية السنة تم طرد أكثر من 13 ألفا من المهاجرين غير الشرعيين الذين كانوا يعيشون في العاصمة الروسية. كما تم منع 42.8 ألفا من الأجانب الذين انتهكوا القوانين الروسية من دخول البلاد. وهذا أكثر بكثير مقارنة بالعام الماضي."


في بداية العام الحالي انتشرت في وسائل الإعلام الروسية معلومات حول المداهمات المتكررة لاكتشاف أماكن وجود المهاجرين غير الشرعيين في موسكو ومدن روسية أخرى. وقد رافق هذه المداهمات إذلال وعنف كما كان واضحا من مشاهدة مقاطع الفيديو. وهاجمت القوات الخاصة المسلحة مع كلابهم البوليسية مدججين بكل أنواع السلاح المهاجرين الذين جاءوا إلى البلاد من أجل لقمة العيش، وقادوهم في صفوف عبر شوارع المدن كما يُفعل بأسرى الحروب.


وأعقب هذه الأخبار هجمات من قبل الجماعات الإجرامية المحلية على أماكن إقامة العمال المهاجرين. وقد نشرت أشرطة فيديو على مواقع الإنترنت تصور الشتائم والاستهزاء والسخرية تجاه العمال المهاجرين. إضافة إلى ذلك فقد بدأت مجموعات من أصول سلافية بمطالبة التجار من المهاجرين بمستندات ووثائق مختلفة لبيع البضائع.


وتبع ذلك مشاهد من العنف ضد أناس من أصول غير سلافية. ويوضح مقطع فيديو كيف هاجم حشد من الناس من أصول سلافية شخصا من المارة غير سلافي وتم ضربه حتى فقد وعيه. كما بثت على مواقع الإنترنت مقاطع تظهر فيها هجمات بأدوات حادة واعتداء بالأسلحة النارية.


يتساءل الإنسان العاقل: ما هذا؟ لماذا مهاجمة الأجانب؟ ولماذا الحكومة صامتة؟


هذه السياسة تجاه التجار والعمال الأجانب التي تجري من قبل السلطات وبعض الأغبياء ليست سوى إرهاب من أجل تخويف وإذلال المهاجرين. إن السلطات الروسية والنظام فاسدان تماما وتعيشان على الرشوة والاحتيال. بطبيعة الحال فإن النخبة هي التي تتحكم بهذا الوضع ولا يحصل شيء في البلاد إلا بإذن منها. الاعتقال وعمليات الترحيل الجماعية لا يمكن أن تساعد السلطات في سياستها لحل المشكلة، فهم من أجل تحقيق أهدافهم والتأكد من نجاحهم يرون أنه يجب تخويف وإرهاب المهاجرين من أجل ألا يفكروا في العودة إلى روسيا، ويستخدمون في سياستهم تلك جميع الناس الفاشلين ومن ضمنهم مدمنو المخدرات والمجرمون. ((أُوْلَـئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ)).


إن روسيا هي بلد كبير وغني بالموارد الطبيعية وتستطيع أن تكون رائدة العالم في تطوير الصناعات وتحسين مستوى معيشة شعبها، ولكنها تفتقر للغاية والفكرة التي ترفع الناس من الفقر الأخلاقي ومن ثم الفقر المالي. إن بوتين الذي يحكم بلادا شاسعة مثل روسيا بما فيها من موارد طبيعية غنية قد حولها إلى المستوى الثاني بل ربما إلى المستوى الثالث على مستوى العالم من خلال سياساته الفاشلة وغير المجدية. فبعد وصول بوتين للسلطة ارتكب كثيرا من الأخطاء في المجال الاقتصادي حيث أوصل البلاد إلى مشاكل كارثية. فروسيا لا تعتبر بألمانيا التي هزمت في الحرب العالمية الثانية. فمنذ زمن طويل لا تستطيع السلطات الروسية الضغط على نظام كريموف المجرم في أوزبكستان من أجل طرد النفوذ الغربي في آسيا الوسطى. بل كل ما تستطيعه هو التجارة بالمواد الطبيعية كالنفط والغاز والاتجار بالأسلحة.


وأيضا فإن السلطات الروسية لا تستطيع أن تعطي الفكرة التي ترفع الناس إلى المستوى الفكري الذي يؤدي إلى تطوير الاقتصاد في البلاد. مباشرة بعد سقوط الاتحاد السوفيتي بدأ نهب ثروات البلاد من قبل كل من لديه نفوذ قوي، وهكذا ظهر الأغنياء في روسيا، وتمت مصادرة ثروات الأغنياء المعارضين لسياسة بوتين بعد استلامه للسلطة بينما أتاح الفرصة للمؤيدين له. وتبنت الدولة سياسة السوق حيث لا يستطيع السوق إنتاج السلع التي تغطي الاحتياج العام لصالح البلاد.


وأصبح رجال الأعمال هم الرأسماليين في روسيا، كما منعت السلطات تطوير الصناعة والتكنولوجيا في مصانع الدولة، وسرقت الإعانات والمساعدات المخصصة لتطوير المصانع المملوكة للدولة بسبب جشع المسؤولين، كل ذلك أدى إلى تدهور كبير في اقتصاد البلد. وبالمقابل طورت ولا تزال الشركات الخاصة المصانع والتكنولوجيا لديهم. وبسبب عدم القدرة على المنافسة تفقد مؤسسات الدولة أموالها بينما تتطور الشركات الخاصة.


هناك حاجة إلى الأيدي العاملة عندما تكون هناك صناعة ومصانع، وبالتالي تحتاج البلاد إلى المهاجرين الأجانب من أجل المساعدة في تطوير البلاد كما حدث في سنوات ما بعد الحرب العالمية الثانية، حيث تم إعادة بناء روسيا على حساب الموارد البشرية. ويوجد في روسيا مهاجرون وتجار وهم مستعدون للعمل بمبالغ بسيطة وفي أية وظيفة. وبطبيعة الحال فإن العواصم هي أكثر الأماكن التي تتوفر فيها جميع أنواع الأعمال، ويتوق الكل دائما إلى العمل هناك. وبسبب غزو المهاجرين انخفض مستوى المعيشة للسكان المحليين الذي كان متدنيا في الأصل. وبقي السكان المحليون بدون عمل أملا في وظائف في الدولة وبراتب أعلى. هذا الوضع سهل على السلطة استخدام تذمر وسخط السكان المحليين وتنفيذ التصفيات الجماعية.


السلطات الروسية تحاول إخفاء فشلها من خلال إلقاء اللوم على المهاجرين من جهة، ومن جهة ثانية فهي تحاول التخلص من المسلمين بحجة عدم الاستقرار الاقتصادي في البلاد. إن الجميع يعلم أن أعداد المسلمين في روسيا تتزايد يوما بعد يوم حتى بدون مساعدة المسلمين المهاجرين القادمين من آسيا الوسطى. لقد جاء معظم المهاجرين إلى روسيا بسبب الوضع الاقتصادي المتردي في بلدانهم، إن ممارستهم شعائر الإسلام قد لفتت انتباه السكان المحليين فبدأوا تدريجيا باعتناق الإسلام، والنتيجة هي أننا نرى كيف تمتلئ الشوارع في صلاة العيد ليس في العاصمة بل وأيضا في المدن الأخرى.


إن السلطات الروسية تستغل المشاعر القومية في توجيه العصابات الإجرامية ضد المهاجرين. وهكذا تحدث الجرائم لأسباب قومية وتنتج آلاف الضحايا بين المهاجرين بسبب السياسة غير الإنسانية من قبل السلطات. إن قادة دول آسيا الوسطى يبدون قلقا بسيطا تجاه مصير شعوبهم في الخارج، ونستطيع القول إنهم مستسلمون لما يحدث. فعلى سبيل المثال أعلن وزير الخارجية الطاجيكي أنه في عام 2012 أحضرت 1055 جثة مواطن طاجيكي من الذين سافروا إلى روسيا بحثا عن لقمة العيش، ولكن الرد على هذه الجرائم كان بتوقيع الرئيس الطاجيكي اتفاقات إضافية مع الرئيس الروسي!


هذه الأساليب الإرهابية والعنف تجاه المهاجرين تثبت مرة أخرى سياسة السلطات الروسية غير الإنسانية. ففي هذه السياسة لا توجد قيم أخلاقية ولا إنسانية بل هي فقط مبنية على المصالح المادية ولو كانت على حساب آلاف الأرواح البريئة!

 


كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
إلدر خمزين
عضو المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

 

 

إقرأ المزيد...

  الحركات النسوية تستغل من قبل الطغاة وتعيش تحت عباءة الأنظمة المستبدة

  • نشر في سياسي
  • قيم الموضوع
    (0 أصوات)
  • قراءة: 1613 مرات


في القرن الثامن عشر كتبت ماري ونستنكرافت عن تحرير المرأة مطالبة بحق المرأة في وعود الثورة الفرنسية التي حصل عليها الرجال ولم تحصل عليها النساء.

 

وقد طُرح مصطلح النسوية Feminism لأول مرة في عام 1880م من قبل الفرنسية Hubertine Auclert التي طالبت عبر جريدتها La Citoyenne بتحرير المرأة وإعطائها حقوقها حسبما وعدت الثورة الفرنسية، وانتقدت كغيرها من نساء الطبقة المرفهة الهيمنة والسلطة الذكورية التي لم تر منها النسوة في ذلك الوقت سوى التحقير والتهميش وسوء الرعاية.

 

ومثل كثير من المصطلحات والأفكار الغربية التي تم استيرادها لبلاد العرب فقد تم استيراد هذا المصطلح ابتداء من مصر في أوائل العشرينات من القرن الماضي تحت مسمى النسائية ثم انتشر لمناطق أخرى، وحين استيراد فكرة النسوية لم تراعِ أية فروقات ولم يتم تقييمها على أساس عقيدة الأمة وحضارتها، بل حتى لم تراعَ خصوصية الواقع الغربي والتباين في وجهة النظر بين الإسلام والثقافة الغربية لأن الثقافة الغربية طُرحت كثقافة جامعة لبني البشر توفر لهم سبل الرقي والازدهار.


نظرت النسوية إلى تاريخ المرأة من منظور غربي بحت؛ فأصبح تاريخ الغرب واضطهاده للمرأة وتصويرها على أنها منبع الشر ومصدر الرذيلة تاريخاً للبشرية جمعاء تقيس عليه حتى البلاد التي لا تعرف موقعها على الخريطة ولا تفقه شيئا عن ثقافتها.

 

كعادته همش الغرب بل ألغى أي تراث غير تراثه وأي ثقافة غير ثقافته (لم يقيم الثقافات من حيث الأصح والأنسب بل من منطلق فرض الهوية والحضارة على المستعمرات).

 

وعليه فقد جعلت النسوية التراث الغربي المعادي للمرأة إرثا لكل النساء وتم ربط فترة ما قبل تحرير المرأة بعصر عبودية المرأة وفترة ما بعد الحداثة بتحرير المرأة واتخذوا هذا التحرير كأهم سمات تطور البشرية ومقياساً لرقي الشعوب.


وفي الوقت الذي تشكلت فيه النسوية وبرز دورها في أوروبا وأميركا الشمالية سعت عضوات الحركة النسوية لتقديم مبررات للهجوم على المجتمعات الإسلامية والاستعلاء على شعوب العالم الثالث والسعي لإبراز التفوق الأوروبي من باب التملق للفئة الحاكمة أو تعبيراً عن نظرة متعالية مؤيدة ومبررة لفكرة الرأسمالية، ناصرت الاستعمار حتى أصبحت النسوية رمزاً ومرادفا له يستغلها كما استغل الاستشراق والإرساليات التبشيرية.

 

فمنذ اللحظة الأولى ومجلة La Citoyenne تولي جل اهتمامها لإظهار فرنسا كحضارة أعرق وأرقى من الشعوب المتخلفة غير المتمدنة، وأنه على فرنسا أن ترشد الآخرين وأن يقتدوا بها.

 

كان هذا عن قناعة بنظريات التفوق العرقي وقيادة الغرب للشعوب الهمجية وغيرها من الأفكار العنصرية التي واكبت الاستعمار وسادت في القرن التاسع عشر.

 

هذه النظرة لم تكن حكراً على دعاة تحرير المرأة في فرنسا بل كانت النظرة العامة المتأثرة بثقافة دول استعمارية وإمبراطوريات تدعي أن الشمس لا تغيب عنها.


إن النسوية في فترة الاستعمار لم تنصر نساء المستعمرات ولم تر أن لهن حقوقاً لأن النظرة الدونية لشعوب المستعمرات كانت سائدة، حتى إن الأمر لم يقتصر على نساء المستعمرات بل تعدى إلى النساء الفقيرات من الطبقة العاملة اللواتي لم يكترث لحالهن أحد في الأوساط الأرستقراطية في القرن التاسع عشر، وقد تركزت مساعي تحرير المرأة في نساء الطبقة الأرستقراطية ولم تكن مطالب حقيقية لعامة الشعب.

 

بل إن أدبيات الفكر النسوي مليئة بالأمثلة المخجلة التي تمجد المستعمر وتثني على عظيم نعمه، بل الأدهى من ذلك أن بعض الكتابات النسوية العربية تطرح المرأة الغربية كقدوة على المرأة العربية أن تحاكيها، هذه الحركات تمجد الاستعمار وتدعي تحرير المرأة من قيوده!!


إن العلاقة بين الاستعمار والاستبداد والنسوية علاقة قديمة ومتجددة، ولعل أبرز نماذج دعاة النسوية في القرن التاسع عشر في بلاد المشرق العربي هو اللورد كرومر الذي عاث فسادا في مصر خلال ربع قرن من الزمان قضاها كمندوب سامي لبريطانيا، وقد تميز كرومر بنظرته الاستعلائية الاستشراقية التي تنظر للإسلام بعين النقد خصوصاً فيما يتعلق بالمرأة ونظرة الإسلام لها.

 

يرى أن الغرب متفضل على الإسلام وأهله، وروج لمقولة أن نظرة الإسلام للمرأة وتبنيه للحجاب والانفصال بين الجنسين هما العقبة الرئيسية أمام التحاق مصر بركب الدول المتطورة، وأن تحرير المرأة والتحرر من الإسلام هو السبيل لتأسيس نهضة ترتقي بأهل مصر، وخير دليل على هذا هو مقولته الشهيرة التي سترتبط باسمه للأبد "إن المصريين لن يفلحوا أبدا طالما ظل هذا الكتاب (القرآن الكريم) بأيديهم".

 

تطاول على دين المسلمة وسفّه ثقافتها ثم ادعى أنه يحررها من قيود الرجل الشرقي الظالم وتطاول على الإسلام بصفاقة وقام بشيطنة الرجل المصري ليمارس ما بات يعرف بـ "النسوية الاستعمارية" يحمل لواء تحرير المرأة وتمكينها بينما الغرض الحقيقي هو أن تظهر حضارته كالحضارة المتفوقة، وهو بهذا يرسخ استعماره مستخدما المرأة وتحريرها مطية لذلك.

 

نماذج مكررة نراها في خطابات كرومر الرنانة ودعوة جورج بوش الابن لتحرير المرأة الأفغانية عبر قتل ذويها ودك البيوت فوق ساكنيها وتدمير البلاد، وفي خطابات توني بلير المفعمة بالنسوية والاستنصار للمرأة لا لشيء إلا لكي تجد بريطانيا منفذاً للشمس مرة أخرى ولا تترك الجمل بما حمل لأمريكا.

 

وحقيقة الأمر لم يكن أي منهم نسوياً في نظرته؛ فاللورد كرومر ترك مسوح الحريات وتحرير المرأة في الباخرة التي أقلته لبلاده ليحارب المرأة البريطانية بأفكاره المتحجرة وثقافته الظالمة فيصبح من أهم مناهضي حصول المرأة البريطانية على حق الانتخاب لأنه لم ير أن النساء أهل لذلك! بينما بوش وبلير لم يقدما للمرأة في بلادهم أي شيء يذكر ولم يتعد هذا الحماس لتحرير المرأة حدود السياسة الخارجية المتعلقة ببلاد المسلمين!

 

وبالإضافة للتعاون الصريح بين الدولة المستبدة والاستعمار والحركات النسوية فإن تقوقع الأخيرة في قضايا النزاع والتنافس بين الجنسين صرف أنظار من يعاني ضيم الأنظمة الوضعية إلى الاشتغال بملهاة الصراع بين الجنسين، والدخول في متاهات فلسفية لا تلمس أرض الواقع بل تعقده.

 

هذا الطرح للنسوية لم يتعد كونه تشتيتاً وحرفا للنقاش عن القضية الأساسية التي هي تحرير البلاد والعباد من الاستعمار وكشف مخططاته ولم يتعد كونه تبريرا للاستعمار بكافة صوره.

 

فبالتركيز على ثورة لتحرير المرأة ضد الرجل نغفل عن الثورة الحقيقية على الاستعمار الخارجي.


أعلنت الكاتبة الفرنسية المعروفة سيمون دي بوفوار صاحبة كتاب ''الجنس الثاني'' 1949، "إن الشخص لا يولد امرأة، بل يصبح امرأة" حيث لم تعترف بأي فوارق بين الرجل والمرأة ولم تقر بأي "قدر بيولوجي أو نفسي أو اقتصادي يقضي بتحديد شخصية المرء كأنثى في المجتمع".

 

فاعتبرت واقع المرأة كأنثى واقعا مفروضا عليها عبر ضغوطات مادية ومعنوية.

 

وقد سارت هذه الفكرة وغيرها بنظرة المرأة للظلم الواقع عليها والصراع السياسي لنيل حقوقها إلى زاوية مستحدثة وغير مسيسة، ومن ثم أصبح النضال الاجتماعي من أهم ركائز التغيير في وضعية المرأة، وتم اختزال الظلم الواقع على المرأة فقط في السلطة الذكورية.

 

وقد شمل هذا النضال صراعاً محموماً بين الأنوثة والذكورة في اللغة والثقافة والفكر، تصارع المرأة فيه لإثبات ذاتها والانتصار على الرمز الذكوري المستبد أينما وجد.

 

فأصبح النضال الاجتماعي من أهم ركائز التغيير في وضعية المرأة.

 

ولم تر الكاتبة الفرنسية أي تعارض بين هذا التركيز على النضال الاجتماعي وما دعت إليه مراراً من ثورية كاملة: "الطريق الوحيد أمام المرأة هو الثورة، وليس الرضوخ أو الاستسلام والهروب."

 

صراع الحركات النسوية محدود في إطار واحد واقتصر على العلاقة بين الرجل والمرأة، أي ثورة محدودة محاصرة في قفص معين ثورة منافية لفكرة التغيير الجذري للواقع.

 

إنها الثورة من أجل الثورة.. ثورة آمنة لا مخافة منها فهي لا تمس الحكم ولا تهدد ميزان الأمور.

 

بل الأبعد من ذلك أنها ربما تكون الثورة الوحيدة الموالية للأنظمة وكيف لا وقد خرجت من عباءته وناصرته على مدى التاريخ.


المفارقة الكبرى هي أن النسويات عادين الرجل بينما الحركة النسوية حركة أشرف عليها ذكور وساندوها لأغراض سياسية في مراحل حاسمة - والأمثلة على ذلك كثيرة ولا مجال لسردها هنا - سواء في الغرب أو بعد أن تم استيرادها من بلاد الغرب.

 

وقف هؤلاء السياسيون الذكور في صف المرأة لأسباب براغماتية لا لأنهم أشد الناس حرصاً عليها، وبالرغم من وضوح الأغراض السياسية لم يكن لامرأة خيار سوى مسايرة السياسيين للحصول على حقوقهن.


الحركات النسوية في البلاد العربية تضرب أفضل الأمثلة على "نسوية الدولة"، حيث يتظاهر النظام القمعي بأنه يناصر النساء ويمنحهن الحقوق.

 

ولو نظرنا نظرة فاحصة لعلاقة الحكومات مع هذه الحركات النسوية لرأينا أن الحكومات المستبدة تغض الطرف عن التمويل المشبوه لتلك المنظمات النسوية وتترك الدول الغربية لتخطط لهن ثم تتظاهر بمساندة قضايا المرأة بينما أوضاع المرأة في بلادهم من سيء إلى أسوأ، وهذا لأكثر من غرض منها: أن تلك الحكومات المستبدة تريد أن تظهر بمظهر إصلاحي مخالف تماماً لواقعها القمعي الاستبدادي، وتركيا العلمانية وتونس خير مثال لنسوية الدولة حيث تخضع الحركات النسوية لعطايا الحاكم المستبد الذي تدين له بالفضل في منح الحقوق وحماية المرأة من العدو المفترض "الرجل"، يحصلون على بعض المكاسب الشكلية مقابل السكوت على حكم الطاغية وتضييع الحقوق الشرعية، بل إن بعض الدول القمعية نجحت في احتواء قضايا المرأة وتقريب صورة الزعيم من بعض النسوة ولكنها لم تنصف المرأة أو تمنحها حقوقها مثل التمثيل الصوري للنساء في مجلس الشورى السعودي أو استجداء النظام السعودي في السماح بقيادة المرأة للسيارة.

 

الحركات النسوية في بلاد المسلمين حركات تابعة وضعيفة ومعاقة تتوكأ على أنظمة قمعية فاسدة لأن ثوريتها ناقصة وأغفلت الهدف الحقيقي لما تسميه نضالاً.

 

ومن الملاحظ أن الفئات المنخرطة في هذا الإطار غالباً ما تكون الطبقات المرفهة التي لا تخسر شيئا بالسعي وراء سراب الثقافة الغربية ومحاباة النظام الفاسد تحت مظلة حماية حقوق المرأة.

 

لم تجنِ المرأة أي حقوق تذكر وما حققته منح لها بجرة قلم وقد يسلب بجرة قلم.

 

لم تحقق النسوية سوى الشقاق والنزاع والتغريب والحرف عن المسار من أجل أن يبقى الحاكم المستبد في مأمن يجور على العباد ويحقق هدفه الأشهر "فرق تسد".

 

لم تكن غاية مصطفى كمال وبن علي وأسلافه وغيرهم في إطار "نسوية الدولة" سوى هدم ارتباط المسلمين بالإسلام ولهذا ركزوا على النظام الاجتماعي وتغريب المرأة وبعضهم أكثر الناس عداوة للمرأة مثل حال مصطفى هادم الخلافة الذي قهر النساء المستضعفات وأذاق نساء الكرد الأمرين وضيق على المسلمات ثم اختفى وراء ستار تحرير المرأة وعصرنة المجتمع وقد فضحت طليقته لطيفة هانم حياة المجون والفساد والعنف التي أخفاها وراء الزي الأوروبي الأنيق.. لم يكن سوى فرعون متصنع يسعى لتغريب المرأة المسلمة وهدم الأسرة ليحكم السيطرة على تركيا ويمحو أثر الخلافة من الذاكرة.


لعل المثال الصارخ عن البون الشاسع بين متطلبات وهموم المرأة المسلمة والحركات النسوية هو المثال المصري المتجسد في المركز القومي للمرأة، وهو المجلس الذي شكله المجلس العسكري بالتعيين في شباط/فبراير 2012 ووضع على رأسه سفيرة معروفة في أروقة الأمم المتحدة ومشهورة بمواقفها السلبية تجاه النظام الاجتماعي في الإسلام وإصرارها على تنفيذ سيداو حرفياً من أجل تلميع صورة مصر عالمياً.

 

خلال السنين الماضية لم يكن المجلس القومي للمرأة إلا وجها آخر للنظام الذي خرج أهل مصر لإسقاطه في ثورة 25 يناير.

 

تؤكد تصريحات المجلس خصوصاً بعد 30 يونيو على محاولتهم إضفاء الشرعية على نظام الانقلاب، أي محاولة إظهار هذه الدولة بمظهر المساند لحقوق النساء لتجميل وجهها القبيح وإخفاء جرائمها الأخرى من تعذيب وقتل وإهانة لنساء مصر.

 

فنجد السفيرة ميرفت التلاوي تتغنى بدور وزارة الداخلية في حفظ الأمن ومقاومة العنف الجنسي، وتدعي أن نساء مصر يرفضن الإرهاب وأن فترة حكم الدكتور محمد مرسي هي"الأسوأ في تاريخ المرأة المصرية"، بدون أن تتطرق لمطالب وطموح المرأة المصرية.

 

خرجت نساء مصر لإسقاط النظام بينما لا يزال المجلس القومي للمرأة يمدح النظام ولا عجب، فقد نشأ هذا المجلس في كنف النظام واحتمى بظل السيدة الأولى وسار وحيداً في درب الغرب بينما تشهد شوارع مصر صحوة إسلامية جامحة، مجلس المؤتمرات والندوات الذي يسعى لتغريب المرأة المصرية طوعاً أو إكراها يخاطب الغرب ويتغزل فيه بينما يملأ الدنيا ضجيجاً بأنه الممثل الشرعي لنساء مصر ومن يعترض عليه فإنما يعادي النساء.

 

إنه مجلس يدعي تمثيل النساء بينما تنظر كل مسلمة لمؤتمراتهم وضجيجهم وهي تقول "بالله عليكم من أنتم؟!".


هذا الانصياع للنظام القمعي الحاكم يشمل المؤسسات النسوية وغيرها من الهيئات إلا من رحم ربك، والحكومات تحتوي مطالبهم دون تقديم خدمات حقيقية لهم.

 

فما حاجة المرأة اليوم لحركات تخدم الحكومات ولا تخدم المرأة وتخفي ظلم وجور الطغاة وتعمل على ترقيع الواقع بدلاً من أن تسعى للتغيير الحقيقي الشامل، تمثل مصالح الحكومة لا المرأة كعضو في المجتمع لديه مصالح ومظالم وحقوق سياسية واقتصادية واجتماعية.. تلك الحركات النسوية المستأسدة لا تحرك ساكنا في قضايا مهمة للمرأة إن كان بها ما يتعارض مع الحكومة وسياستها مثلما حصل مؤخرا من تعطيل لعمل المرأة السياسي الذي يصرخون ليل نهار على أنهم يريدون تحقيقه للمرأة! فقد التزموا الصمت إزاء ما يحصل من تحرش بالناشطات السياسيات الملتزمات المحجبات، ولم ينبسوا ببنت شفة أو يحتجوا على الحكم الجائر بحق الفتيات اللواتي مارسن حقهن وقوبلن بالقمع والسجن والترهيب! أم أن الحركة النسوية تغريبية الهوى والمنشأ لا تنظر للملتزمات على أنهن نساء يحق لهن ما يحق لغيرهن.

 

ونتساءل هنا، هل يضير نساء مصر تجاهل الحركات النسوية لهن بعد هذه الصحوة المباركة؟ الحركات النسوية والت الأنظمة المستبدة لقرون طويلة وأنكرت المتغيرات والواقع الجديد الذي نعيشه.

 

لا زالت تبكي على الأطلال وتتمنى عودة أيام خوالٍ ساد فيها الاختلاط والسفور وندر الحجاب وعم التغريب.

 

مشكلة الحركات النسوية اليوم أنها تعيش نهاية عهدنا بالاستعمار الذي ألفته وعرفته وتهاب الإسلام القادم خوف المرء مما يجهل فقد وضع الاستعمار حواجز وهمية وأسوار حولها.


النسوية الثورية الغاضبة التي اجتاحت الغرب وقلبت موازيين الأمور لم تتجاوز السطح في بلاد المسلمين ولم تستطع أن تقنع المرأة بل ظلت تترنح بين حضن الاستعمار والأنظمة المستبدة، وظهر للعيان فشلها الذريع أيام ثورات ما عرف بالربيع العربي حين لم تستطع كاميرات الإعلام العالمي تفادي صور مئات الآلاف من المحجبات في مصر اللواتي خرجن لإسقاط حكم الطاغية حسني مبارك، ولم يتمكن الغرب من تصوير المنقبة كامرأة مقهورة مغلوبة على أمرها ونساء اليمن يتباهين بنقابهن وتزين به ميادين اليمن دون تذمر من طول المكوث في الشوارع.. وقد أبت صفوف النساء أن تختلط بصفوف الرجال بل ظهر الصفان منفصلين في المكان متحدين في الغاية شامخين في الإصرار والعزيمة.

 

وقعت هذه المناظر وقوع الصاعقة على قلوب من قضين عمراً في محاربة اللباس الشرعي وفصل الرجال عن النساء والزواج المبكر حتى إن بعض المتخصصات أعلن هذا وقمن بمراجعة النظرة النسوية التقليدية للمرأة المسلمة وواقعها ومن ضمن من كتب في هذا الشأن كاتبات وأساتذة في أعرق جامعات الغرب مثل ليلى أحمد وليلى أبو لغد وغيرهن.

 

الزي الشرعي لم يكن مصدر ضعف في يوم من الأيام بل هو مصدر قوة ترتديه المسلمة بثقة وإصرار لأنه فريضة من خالقها ومصورها، والنقاب الذي ادعت أمريكا أنها غزت أفغانستان لتنقذ المرأة منه فشلت الألغام في انتزاعه عن المرأة الأفغانية التي باتت أكثر إصراراً عليه.


لم تجد النسوية الغربية أي رواج يذكر في بلاد المسلمين،، لم تقنع المسلمين بنبرتها التشكيكية العالية والرافضة لكل الثوابت... لم تقنع المرأة في بلاد المسلمين أن كراهية الأب الحنون والأخ السند والزوج الشريك والابن البار هو المخرج والحل لمشاكل المرأة السياسية والاقتصادية.. لم يقبل المسلمون عداءها الصارخ للدين وكل ما له صلة بالدين.. حتى إن من نهج هذا النهج أصبح في عزلة ولا يلتفت إليه أحد سوى بعض الإعلاميين الباحثين عن خبر ملفت.

 

نموذج المرأة المسترجلة أو المرأة المعادية للرجل بضاعة كاسدة في بلاد المسلمين يقابلها مجتمع النساء قبل الرجال بالسخرية والاستهجان.

 

إن القليل الذي حققته هذه الحركات كان عن طريق المؤسسات والمنظمات الإنسانية التي ركزت على البرامج الخدمية وأخفت مقاصدها الحقيقية أو همشته مع مرور الزمن، أما إذا أردنا أن نقيم الدور الذي لعبته النسوية الغربية في بلاد المسلمين فسنجد أن النتيجة لا تستحق الذكر فنسبة الأمية بين النساء في مصر مخجلة، ومعدلات الفقر حدث ولا حرج، ربما الإنجاز الوحيد كان في المساهمة في ازدياد معدلات العنوسة والطلاق والتفكك الأسري.


لم تكن الحركة النسوية في بلاد المسلمين حركة شارع تجر الجميع وراءها مثلما هو الحال في الغرب بل هي ضعيفة بالرغم من ترويجها ومساندة الطغاة لها، بدأت وظلت حركة نخبوية بين النساء اللواتي كن مرتبطات ومنبهرات بالثقافة الغربية (الحديث هنا عن الحركات النسوية ولا يتعلق بالجمعيات الخيرية أو الجمعيات التي تقوم عليها نساء).

 

أما النقاشات النسوية حول الفروقات بين الرجل والمرأة فنظرت لها المسلمة كمجرد سفسطة فكرية لا جدوى منها.

 

لم يقنع المرأة المسلمة سوى الإسلام لأنه فكرٌ يعالج احتياجات البشر ويوائم فطرة الإنسان، الإسلام لم يترك المرأة في حالة قلق وحيرة دائمتين بين متطلبات المجتمع وضغوطاته وبين أنوثتها ورغبتها في تحقيق طموحها كأم.

 

لم يصبها الإسلام بحيرة لأن الخالق عز وجل وضع لكل من المرأة والرجل دورا ومسؤولية.

 

وكلٌ يسعى لأن يؤدي دوره على أكمل وجه، وحقوق المرأة هي منحة من الله عز وجل لم تطالب بها ولم تصارع من أجل الحصول عليها.

 

وهناك أحكام خاصة بالمرأة وأحكام خاصة بالرجل كل حسب دوره وفطرته، وقد كانت المرأة في صدر الإسلام تسعى لمنافسة الرجل لنيل رضا الله عز وجل وللفوز بالجنة، فلم تكن تفكر في أي شيء سوى ما يقربها من الله وأن لا يفوتها أجر أو تحرم من فرصة لنيل الثواب من الله.

 

هذا الإسلام العظيم هو البلسم الشافي لمعاناة المرأة وهو وحده القادر على ضمان حقوقها لأنها حقوق شرعية واجبة الأداء والتهاون فيها تضييع للدنيا والآخرة.


إن صراع المرأة المسلمة اليوم هو مع الاستعمار قديمه وجديده، هذا الاستعمار الذي نهب الثروات واغتصب الأراضي وأهان المقدسات ولوث ثقافة المجتمع وهويته ولا يزال يعيث في بلادنا الفساد عبر أذنابه وأشياعه.

 

هذا صراع الأمة بأسرها وهو ليس صراعاً براغماتياً على مناصب وتمثيل لفئات على حساب ضياع الأمة بل هو صراع يحتاج لتكاتف الأمة رجالها ونسائها لكي نعالج هذه الجذور الخبيثة الممتدة حولنا والتي تعيق سير الأمة نحو هدفها الحقيقي.

 

معالجة هذه الجذور الفاسدة تقتضي كشف حقيقتها للأمة وطرح المعالجات الصحيحة ولا يكون هذا إلا من مبدأ سماوي وضعه ربٌ رؤوف رحيم بعباده، بالإسلام وحده تداوي الأمة جراحاتها وتقوّم بموجبه ما يدور حولها.. هذا هو السبيل الوحيد للخلاص من ظلم العباد وأنظمتهم الوضعية التي جلبت الشقاء والضنك للمرأة قبل غيرها.

 

هذا الصراع يحتاج لرؤية واضحة لكي يفرق المرء بين من يسعى للتحرير ومن يجّمل صورة الفرعون ويفرق الناس ليضعفهم ويمكن الفرعون منهم.

 

انتهى عهد الفراعنة ونحن اليوم على مشارف الحكم الرشيد الذي يعيد للأمة مكانتها.


﴿إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ ﴿4﴾ وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ ﴿5﴾ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ ﴿6﴾﴾

 

 

 

 

كتبته للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أم يحيى بنت محمد

 

 

 

 

إقرأ المزيد...
الاشتراك في هذه خدمة RSS

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع