الأحد، 04 محرّم 1447هـ| 2025/06/29م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
أمريكا تنقضّ مجدداً على القانون الدولي

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

أمريكا تنقضّ مجدداً على القانون الدولي

(مترجم)

 

 

الخبر:

 

مساء الأحد، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن قصف ناجح لسلاح الجوّ الأمريكي لثلاثة مواقع رئيسية في البرنامج النووي الإيراني. (بي بي سي)

 

التعليق:

 

إنّ هذه الضربة الأمريكية على الأراضي الإيرانية، بغضّ النظر عن الذريعة التي نُفذت بموجبها، تمثل مثالاً واضحاً على أنّ ما يُسمى "القانون الدولي" ليس سوى خدعة، هدفه إضفاء الشرعية على استعمار القوى العظمى للدول الضعيفة.

 

فعندما يكون هناك توافق بين أعضاء مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بشأن حلّ لمشكلة دولية معينة، يصدرون القرار المناسب ويقومون بفرض إرادتهم بالقوة تحت غطاء الشرعية القانونية. وفي مثل هذه الحالات، يتحدث الجميع عن سيادة القانون الدولي.

 

وقد حدث هذا على سبيل المثال في القرار رقم 1973، الذي سمح فعلياً بالإطاحة بالديكتاتور الليبي معمر القذافي.

 

أما إذا لم تتفق القوى العظمى فيما بينها ولم تتمكن من التوصّل إلى موقف موحّد أو تنسيق عسكري مشترك، فإنّ "القانون الدولي" يتحوّل على الفور إلى مجرد شعار فارغ يمكن تجاهله بسهولة.

 

وقد حدث شيء مشابه في عام 2003، عندما فشلت الولايات المتحدة في الحصول على قرار من مجلس الأمن، وقرّرت غزوّ العراق بشكل أحادي. وقبل ذلك، في عام 1999، غزت دول الناتو يوغوسلافيا، ثم غزت روسيا جورجيا عام 2008، وأوكرانيا في عامي 2014 و2022.

 

وفي كل مرة يحدث فيها شيء كهذا، تحاول الدولة المعتدية أن تُقدّم جرائمها في غلاف جميل من "الحرص على المدنيين"، أو "استعادة العدالة المنتهكة"، أو شعارات براقة أخرى.

 

على سبيل المثال، تمثّل الأزمة الأوكرانية صراعاً محتدماً وتنافسيا بين القوى العظمى في إطار ما يُعرف بـ"المشكلة الأوروبية". فروسيا، بعد أن اعتبرت أن الالتزام بالقانون الدولي يشكل تهديداً لوجودها، قررت غزو أوكرانيا، متجاهلة كل معاهداتها الدولية والتزاماتها.

 

أما بالنسبة للضربة على إيران، فقد قامت الولايات المتحدة مجدداً بالدّوس على القانون الدولي. وفي الواقع، فإنّ القوة النووية الأمريكية، إلى جانب كيان يهود - الذي يُفترض أنه يملك سلاحاً نووياً - تفرض إرادتها بشكل أحادي على دولة مستقلة أخرى. وجدير بالذكر أنني أستبعد في هذا التعليق حقيقة أن هذا العدوان الأمريكي على إيران يحدث رغم أن الأخيرة كانت على مدى العقود الماضية أحد أبرز منفذي السياسات الأمريكية في الشرق الأوسط.

 

من جهة، تقوم الولايات المتحدة باستخدام حق النقض (الفيتو) ضد أي قرار يصدر عن مجلس الأمن الدولي يدين كيان يهود، على الرغم من أن هذا الطفل المدلل لأمريكا يرتكب كل جريمة حرب يمكن تصورها ضد أهل فلسطين في قطاع غزة.

 

ومن جهة أخرى، وإدراكاً منها أن مجلس الأمن الدولي، بسبب حق النقض - هذه المرة من روسيا - لن يصدر أبداً قرار يجيز استخدام القوة العسكرية ضد إيران، تقوم الولايات المتحدة بتوجيه ضربة أحادية ضد منشآتها النووية.

 

الجوهر هو أن مفهوم "القانون الدولي" لا يمكن أن يوجد حقاً، لأن مفهومي "القانون" و"الدولي" غير متوافقين بطبيعتهما. وهناك ثلاثة أسباب لذلك:

 

1- القانون هو عمل قانوني معياري يصدر عن هيئة تمثيلية (تشريعية)، أي عن سلطة حاكمة. والحال أنه لا يمكن أن توجد سلطة حاكمة دولية بحكم التعريف.


2- يجب أن يكون القانون قابلاً للتنفيذ، أي يجب أن توجد آلية لتطبيقه. داخل الدولة، توجد مثل هذه الآلية في أجهزة إنفاذ القانون. أما على الصعيد الدولي، فذلك غير ممكن، لأن "قوات حفظ السلام" الحالية ليست سوى تشكيلات من جيوش دول فردية. وهذه الجيوش بدورها لن تحمي القانون الدولي أو، مثلاً، سيادة ومصالح دول أخرى إذا ما شكلت تلك الحماية خطراً على دولها أو تعارضت مع مصالحها، كما هو الحال في الأزمة الأوكرانية وفي انتهاك مذكرة بودابست من قبل الدولة المعتدية - الاتحاد الروسي - وأيضاً من قبل الموقعين الآخرين على هذه الاتفاقية.


3- القانون ينظّم العلاقات، وهذا التنظيم مناسب فقط ضمن إطار مجتمع واحد، ولا يمكن تطبيقه عندما يكون الفاعلون دولاً ذات سيادة، لأن لكل دولة الحق السيادي في إقامة علاقات أو تجنبها مع دول أخرى وفقاً لمصالحها.

 

ومنذ ظهور فكرة القانون الدولي، كان هناك خلاف بين فقهاء القانون الغربيين حول جوهر قواعده. وقد شكك كثيرون في قوته الملزمة. فعلى سبيل المثال، أنكر مفكرون وفقهاء غربيون مثل إيمانويل كانط، وتوماس هوبز، وجون أوستن، وجورج هيغل وجود قانون دولي عام.

 

لكن لاحقاً، وتحت ضغط من القوى العظمى التي كانت تروّج لهذه الفكرة، أصبح ما يسمى "القانون الدولي" واقعاً معتمداً في العلاقات الدولية.

 

ونتيجة لذلك، أصبح القانون الدولي بكل مؤسساته مجرد أداة للصراع والتنافس بين دول مثل الولايات المتحدة، وروسيا، وبريطانيا، وفرنسا، والصين. بينما تحولت بقية الدول وشعوبها ومواردها وأراضيها إلى ضحايا للاستخدام الإجرامي لهذا "القانون" من قبل تلك القوى الكبرى.

 

وهذا بالتحديد هو السبب الرئيسي لحالة عدم الاستقرار التي تعمّ أرجاء عديدة من العالم اليوم، حيث لا تعدّ معاناة أهل فلسطين أو إيران أو أوكرانيا سوى حلقة صغيرة ضمن سلسلة لا تنتهي من الجرائم التي ترتكبها القوى العظمى.

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

فضل أمزاييف

رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير في أوكرانيا

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع