الجمعة، 27 ربيع الأول 1447هـ| 2025/09/19م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

هناك حبل إنقاذ للسودان فخذوه!

 

(مترجم)

 

 

لأكثر من مئة عام، يُوهَم العالم بأنّ الحروب في البلاد الإسلامية، وخاصةً في الدول الأفريقية، ناجمة عن تخلّفها الفكري والسياسي والاقتصادي. ويُصوَّرون للعالم على أنهم عاجزون عن إدارة وجودهم دون ما يُسمى بمساعدة وتدخّل الغرب. في الواقع، لم تُصبح هذه الكذبة صحيحة إلا بعد أن بدأ الغرب في استعمار الدول الأفريقية، حيث سلبوا هذه الأراضي من ثرواتها، وجردوها من إنسانيتها، ولم يحجبوا عنها جميع الفرص للتقدم الحقيقي فحسب، بل دفعوا ظروف معيشتهم إلى العصر الذي سبق التقويم الحالي. لقد ذبحوا قبائل وحضارات بأكملها، واستعبدوا الناجين المتبقين، وحملوا الآلاف من شعبها إلى قارات بعيدة، بل وعرضوهم في حدائق الحيوان البشرية، مستغلين حياتهم وكرامتهم وثقافاتهم وليس فقط مواردهم... وبعد بضع مئات من السنين، عندما أصبحت العبودية مكلفة للغاية مقارنةً بالتصنيع، منحوا هذه المناطق حريّةً وهمية واستقلالية غير موجودة بحكم الأمر الواقع داخل حدود اصطناعية رسموها حرفياً مع حاكم وألبسوها هياكل الدولة الوطنية. ولضمان كفاية هذه "المصانع الجديدة" المُربحة، بنوا شبكة أمان من القوانين والاتفاقيات وأنظمة التمويل الدولية، وما إلى ذلك، بحيث كلما طرأت تغييرات على ملكية تلك المصانع، أو برزت أرباح جديدة، كان الغرب المستعمر عديم الضمير يُطلق العنان لخيوله. وكان هذا العنان القوي، ولا يزال، هو أنظمتهم الحاكمة الفاسدة المفروضة، التي يسنّها حكامهم العملاء عديمو الروح، سهْلو الاستبدال، والذين لا يهمهم سوى نجاح شعوبهم وتقدمها. كانت سفاراتهم ومنظماتهم الإنسانية، وما شابهها، هي اليدُ الطولى على هؤلاء العملاء، المستعدة لإثارة الثورات والانقلابات، بل وحتى الإبادة الجماعية، مُؤججةً القبلية والعنصرية والطائفية - أياً كان ومتى رأت المصالح الغربية ذلك مناسباً. كل هذا، بينما يُخدّر العالم أجمع - انتبهوا، ليس فقط المستعمرات - بدواء مُخدّر ومُهلوس يُسمى "الديمقراطية والعلمانية".

 

لم يُعر الغرب الرأسمالي اهتماماً لقيمة الإنسان، فالمكسب المادي هو الخير الأسمى في مبدئه. وبالتالي، فإنّ الاستعمار هو الوسيلة التي يضمن بها المبدأ الرأسمالي وجوده، ويحمي نفسه، وينتشر إلى الآخرين. لذلك، فإنّ فرض الهيمنة العسكرية والسياسية والاقتصادية والفكرية والثقافية على الشعوب الأخرى أمرٌ حيوي لتحقيق أهدافه ورغباته. خلاصة عقود من النفوذ الاستعماري هي أن كل نظام من الأنظمة العميلة في بلادنا قد قاد بلاده إلى بؤس آخر وأكثر إيلاماً من أجل نزوات السياسة الغربية الأنانية المليئة بالتنافس. لقد شهدنا ذلك مراراً وتكراراً في رواندا، وتونس، ومصر، وليبيا، وباكستان، وبنغلادش، وتركيا، والعديد من البلاد الإسلامية الأخرى. ولم يكن السودان استثناءً. ويمكن متابعة قائمة الإخفاقات القاتلة، والرشاوى الاقتصادية والتعليمية والثقافية وغيرها من الرشاوى النظامية للأنظمة العلمانية والديمقراطية المتعاقبة لصفحات... وهكذا؛ الحرب في السودان، وما رافقها من كوارث سياسية واقتصادية، هي نتاج هذا الاستعمار، حيث وضع المستعمر البريطاني أدواته داخل الهياكل السياسية والحركات المسلحة، كما وضع المستعمر الأمريكي أدواته داخل قوات الدعم السريع وغيرها. وهكذا، تتغذى هذه الحرب من تنافس مستعمرين على الهيمنة على البلاد، كل منهما يسعى لطرد الآخر... وبالتركيز على السودان اليوم، نرى كيف أنّ البرهان ومحمد حمدان دقلو (حميدتي) قد عميت بصيرتهما في تبعيتهما للغرب... لدرجة أنهما لا يكترثان بحرمة دماء المسلمين، بل يتنافسان في الوحشية والطغيان في هذه الحرب العبثية، التي شردت أكثر من 12 مليون إنسان في أرضهم، ودفعتهم إلى الجوع والعطش، مستخدمين التعذيب والإعدام، وحتى العنف الجنسي ضد النساء والفتيات.

 

فمن سينهي حرب العمالقة هذه وينقذ الأرض وأهلها؟

 

علينا أن نتذكر أننا مسلمون، وأنّ الله سبحانه وتعالى هو القوة العظمى على هذا العالم. لذا، فإن الخطوة الأولى هي الاعتماد على الله وحده، وعدم الاعتماد إطلاقاً على المستعمرين، كما قال تعالى: ﴿وَلَن يَجْعَلَ اللهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً﴾. لذلك، فإن الحلّ والعلاج لجميع الأزمات في السودان والبلاد الإسلامية جميعها هو عقيدة الإسلام العظيمة، فهي عقيدة ومنهج حياة، وهو ما يؤسس لدولة مستقلة ذات سيادة حقيقية، وليس مصنعاً للعبودية أُقيم داخل حدود سايكس بيكو الاستعمارية. لقد أثار المستعمرون الانقسامات المناطقية والقبلية، وهو مرضٌ لا يمكن علاجه إلا عن طريق الإسلام ولا شيء غيره. على مر التاريخ، كان الإسلام هو القوة الوحيدة التي تمكنت من توحيد الناس المختلفين في أمة واحدة. ﴿وَأَلَّفْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ الله أَلَّف بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾.

 

وذلك لأن الإسلام ليس مجرد دين، بل هو عقيدة ذات نظام حياة وقوانين، وهو شامل وكامل وسلس ومثالي. ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً﴾.

 

إنّ سلطة حكم الشعب ليست لكبار المجرمين والقتلة وسفاحي الدماء، الذين غايتهم النهائية تحقيق منافع دنيوية لإرضاء أسيادهم المستعمرين. إنّ الحكم في الإسلام هو فقط للناس الصالحين العادلين والطاهرين الذين يحمون ويحافظون على أرواح وأموال وأعراض المسلمين وغير المسلمين الذين هم تحت حمايتهم، لأنهم يدركون أن الحكم مسؤولية وأمانة، وأن الشريعة تتطلب منهم أن يكونوا قادرين على القيام بواجبات الحكم. ولأنهم يتبعون أوامر الله سبحانه وتعالى فقط، وليس أهواء أصحاب رؤوس الأموال كما هو الحال في الأنظمة الديمقراطية العلمانية، الذين يحصرون رب العالمين في عبادة الشعائر: ﴿إنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ﴾. وقوله: ﴿إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾.

 

وسينهي الإسلام كل حروب القومية والقبلية والطائفية التي أجّجها المستعمرون لتحقيق أهدافهم الاستعمارية الاستغلالية، لأنّ المسلمين أمة واحدة وجسد واحد! كل الحروب الحالية في بلادنا، وخاصة في السودان، هي فقط لمصلحة الغرب الكافر، رغم تحذير رسول الله ﷺ، روى الأحنف بن قيس، قال: فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يقُولُ: «إذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا، فَالْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ» قُلْتُ: يا رَسُولَ اللهِ، هَذَا الْقَاتِلُ، فَمَا بَالُ الْمَقْتُولِ؟ قَالَ: «إِنَّهُ كَان حَرِيصاً عَلَى قَتْلِ صَاحِبِهِ». (رواه البخاري)

 

وختاماً، فإنّ إحياء الحياة الإسلامية، كما جسّدها رسول الله ﷺ، وكما ثبت عبر التاريخ الإسلامي، هو حبل النجاة الوحيد للسودان والبلاد الإسلامية جميعا. الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة وحدها هي التي ستكسر جميع قيود الاستعمار الغربي وتقتلع أدواته من بلادنا. إنّ تطبيق الإسلام ونشره في العالم هو حبل النجاة الذي يقدمه لكم حزب التحرير دون مقابل. ستجدون جميع الحلول لجميع الأزمات والمشاكل التي نشأت نتيجة عقود من العيش تحت سيطرة الحضارة الغربية، في دستور دولة الخلافة الذي أعده حزب التحرير.

 

فخذوا حبل النجاة هذا كما هو من عند الله رب العالمين: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْييكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾.

 

#أزمة_السودان         #SudanCrisis

 

 

كتبته للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

زهرة مالك

 

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع